بعد نجاح ثورة يناير في خلع مبارك كانت مصر بكل ما ومن فيها يدا واحدة على أعداء الشعب، كانت مصر يدا واحدة في البناء، وكانت قلبا واحدا في التفاؤل، وكانت موجة التفاؤل ترتفع حتى تكاد تبلغ عنان السماء، ومع الوقت بدأ كل فصيل في جمع الغنائم التي يستطيع أن يصل إليها، ولا عيب في ذلك إلا على من استخدم وسائل غير مشروعة، أو من فعل ذلك على حساب المصلحة العامة. في ذلك الوقت كان الجميع يحاول أن يبدي قدرا من التعفف، وكان التوافق مطلبا يبحث عنه الجميع، على الأقل ظاهريا، وبعد أن هبت ريح انتخابات البرلمان الأول، ظهر للجميع أن نوايا جماعة الإخوان تتجه نحو استحواذ صريح كامل على السلطة. في ذلك الوقت قلنا لقيادات الجماعة إن البلد لن يتحمل ذلك، فجماعة الإخوان لن تستطيع وحدها أن تحمل هذه التركة المثقلة بالديون، ومصر كذلك لن تتحمل أن يتصدر المشهد رئيس إخواني، لذلك لا حل إلا باشتراك جميع القوى الوطنية في المغارم والمغانم، وكان المتحدثون يتكلمون بدوافع وطنية مخلصة، لا بدوافع سياسية تنتهز الفرص.
كانت القشة التي قصمت ظهر البعير هي انتخابات الرئاسة، فقد ترشح السيد خيرت الشاطر، ثم جاء المرشح الاحتياطي د.محمد مرسي، في إصرار واضح على أخذ كل ما تطاله يد الإخوان من السلطة.
قلنا لقيادات الإخوان إن مصر بوضعها الإقليمي والدولي لن تتحمل رئيسا إخوانياً، قلنا لهم إن الوضع الداخلي مضطرب، وحالة الاستقطاب مهيأة للتفاقم، وكل ذلك لن يسمح بوجود الإخوان كأغلبية في البرلمان، وأغلبية في مجلس الشورى، وأغلبية في الجمعية التأسيسية، ثم بعد كل ذلك يكون منهم رئيس للجمهورية، سوف ينظر الجميع لهذا الأمر على أنه استيلاء على الدولة المصرية، ولن يتعامل أحد مع ذلك بروح «رياضية». للأسف.. لم يستجب لنا أحد، الآن.. وبعد أن رأت البلاد الويل، ونحن على مشارف إفلاس اقتصادي، وبعض أجزاء الوطن محاصر أمنيا وعاطفيا، وبعد أن ثبت أن مصر لا تتحمل كل هذا الطمع، هل صدقنا الإخوان المسلمون؟.. ما زالت هناك فرصة، وانتخابات رئاسية مبكرة تجرى هذا العام قد تكون حلا مثاليا يرضي الجميع، ويهدئ الأوضاع، ويحفظ ماء وجه الرئيس، خاصة بعد أن ثبت أننا أمام أزمة كبرى لا يعلم أحد كيف نخرج منها.. نسأل الله السلامة.
هل صدقتمونا الآن يا إخوان؟
أخبار متعلقة