كان أصدقائي الإسرائيليون يسألونني عما إذا كان أوباما _ في حال إعادة انتخابه _ سينتقم من رئيس الوزراء بيبي نتنياهو وصديقه الخبير المالي المتهور شيلدون أديلسون لتأييدهما الصريح لميت رومني ؟
وجوابي للإسرائيليين هو : يجب أن تشعروا بأنكم محظوظون جدا . يجب أن تشعروا بأنكم محظوظون جدا أن يشعر الرئيس بأن لديه الوقت الكافي والطاقة ورأس المال السياسي لينفقها في مصارعة نتنياهو لدفعه لصياغة حالة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. أنا ما عدت أرى هذا الآن وشيكا . لدى أوباما أوامر قوية من الشعب الأميركي : ركز على بيت لحم بنسلفانيا لا على بيت لحم فلسطين ! وركز على إخراجنا من مستنقعات (أفغانستان ) لا على إدخالنا فيها ( سوريا ) ! كلا يا أصدقائي الإسرائيليين ! الأمر أسوأ مما تظنون ؛ وهو أنكم وحدكم في البيت . طبعا لن يقول لكم هذا أحد في أميركا . بالعكس ؛ سيكون هناك وزير خارجية جديد يزوركم في العام القادم مع خريطة طريق “ لإجراءات بناء الثقة “ بين الإسرائيليين والفلسطينيين .وهو _ أو هي _ سيخبركم أن “ هذه سنة القرار “ .
حذارِ !
كنا في الشرق الأوسط من قبل . إن فتحتم جوجل على “ سنة القرار في الشرق الأوسط “ فستتلقون أكثر من مائة مليون رابط . هل هذا جيد لإسرائيل ؟ كلا . هو ضار لها ، فالتركيز الأميركي على الداخل ، وقلاقل ما بعد الانتفاضات العربية ، والإعياء الذي دهم الفلسطينيين، كل ذلك يعني أن إسرائيل قادرة على البقاء في الضفة الغربية إلى ما لا نهاية وبثمن بخس في المستقبل المنظور ، لكنه في المستقبل البعيد سيكلفها خسران هويتها كديمقراطية يهودية . وإذا أراد الإسرائيليون السلامة من هذا المآل فمن المهم لهم أن يدركوا أننا ما عدنا لهم “ الجد أميركا “ .
وبادي الرأي أقول : القوة السياسية الصاعدة في أميركا الآن ليست تلك القوة التي جعلها بيبي إسرائيل تصطف إلى جانبها يوما . ومثلما قال كاتب العمود الإسرائيلي آري شافيت في صحيفة “ هآرتس “ الأسبوع الماضي : “ في الماضي ، حرصت الحركة الصهيونية والدولة اليهودية على أن تصنفا مع القوى التقدمية في العالم ، لكن في العقود الأخيرة مال الإسرائيليون بصورة متنامية إلى الاعتماد على القوى الرجعية في المجتمع الأميركي. وكان الاعتماد عليها مريحا، فالإنجيليون لا يسألون أسئلة صعبة في شأن المستوطنات، وأعضاء حزب الشاي لا ينبسون بكلمة حول إقصاء النساء والأقليات في إسرائيل أو عن هجمات المستوطنين وأعمال التخريب التي يقومون بها ضد الفلسطينيين ونشطاء حركات السلام . كما أن الجناح الأبيض الديني المحافظ في الحزب الجمهوري لم ينفعل حين هوجمت المحكمة الإسرائيلية العليا ووطئت الأقدام حكم القانون في إسرائيل “ ، وأردف شافيت يقول : افترضت إسرائيل أنه “ في ظل حماية أميركا الراديكالية اليمينية يمكننا اتباع سياسة يمينية راديكالية دون أن ندفع الثمن “ . ولا أزيد على ما قاله شافيت .
وسيكون في وسع نتنياهو مواصلة الحظوة باستقبال حماسي من اللوبي الإسرائيلي في أميركا ، لكن ليس في الـ (يو . سي . إل . أيه).
لقد تعلمنا شيئا آخر من تدخلنا في أفغانستان وليبيا: حددنا الأهداف ولم نحدد الوسائل .
والأهداف كانت بذل كل شيء لتطوير تلك المجتمعات . وهذا سبب مغادرتنا أفغانستان وبقائنا خارج سوريا ، واعتمادنا على العقوبات ــ طالما أمكن ذلك ــ لإثناء إيران عن صنع قنبلة نووية ، وإثناء سوريا عن دعم حزب الله والجماعات الراديكالية المسلحة في غزة .. هذه بلدان من الصعب جدا وقفها عند حدها ، لكن تجاهلها من الخطورة بمكان . سنواصل محاولة المساعدة إلا أننا سنتوقع من القوى الإقليمية والمحلية تحمل المزيد من المسئولية . وأخيرا : لدينا عمل حقيقي نؤديه في الوطن . حالا سيطلب من الأميركيين دفع مزيد من الضرائب مقابل تدخل حكومي أقل في شئونهم . هذا آتٍ ، وهو لن يجعلنا انعزاليين ، لكنه سيغير مزاجنا ويجعلنا أكثر انتقائية للمكان الذي سنتورط فيه . ومن شأن ذلك ألا يعيدنا للانشغال الكامل بمشكلات الشرق الأوسط سوى تحول جذري في مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين .
أمس ؛ صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية في مقابلة مع القناة الإسرائيلية الثانية قائلا : “ فلسطين تعني لي حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمةً . هذه هي فلسطين . أنا لاجئ أعيش في رام الله . الضفة الغربية ، وغزة هما فلسطين ، وما سواهما هو إسرائيل “ . تصريحه كان إشارة كبرى ، لكن نتنياهو سخر منها .
وقد كتب الروائي الإسرائيلي ديفيد جروسمان رسالة مفتوحة إلى نتنياهو في “ هآرتس “ يستحثه فيها على العمل حيث قال : “ هذا محرج قليلا ، بيد أنني سأذكرك يا سيد نتنياهو أنه تم انتخابك لتقود إسرائيل بالتحديد لتحديد هذه اللمحات النادرة من الفرص بأمل تحويلها رافعة تنتشل بلدك من المأزق الذي توحل فيه منذ عقود “ . ومن ثم فنصيحتي المثلى للإسرائيليين هي: ركزوا على انتخاباتكم في يناير القادم لا على انتخاباتنا ! وإنني لأجد أنه من المحزن جدا أن بلدا فيه كل هذا القدر من العبقرية الإنسانية ما زال الوسط واليسار فيه عاجزين عن الاتفاق على شخصية وطنية يمكن أن تتحدى نتنياهو وشريكه قاطع الطريق وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان الذي يقترب في التزامه بالديمقراطية من فلاديمير بوتين أكثر مما يقترب من توماس جيفرسون . لا تعتمدوا على أميركا في المخاطرة بإنقاذكم ! اعتمدوا على أنفسكم ! رئيسنا مشغول !!!! ..
نيويورك تايمز
إلى أصدقائنا في إسرائيل .. رئيسنا مشغول .. لاتشغلوه بالمستنقع الأفغاني في سوريا
أخبار متعلقة