بين شهر وآخر يمني سكان محافظة الحديدة أنفسهم بعقد مجلس الوزراء جلسته في مدينتهم -اُسوة بالمحافظات السابقة-على اعتبار أنها إحدى المحافظات المهمة في اليمن، فهي الميناء الرئيس للجمهورية العربية اليمنية -قبل الوحدة المباركة-، وميناء مهم للجمهورية اليمنية حالياً، وهي سلة اليمن الغذائية والأرض الخصبة التي توصل خيراتها لبقية مناطق الوطن.
منها تُصدر بلادنا النفط -من رأس عيسى-، وترسل من رأس كثيب التغذية الكهربائية لخارجها، وأوديتها تثمر محصولات غذائية تفيض بالخير على ربوع الوطن حتى يصل سعرها إلى مستوى يستطيع فيه الجميع شراؤها، هل يكفي كل ذلك ليجعلها تليق بأن تحتضن ولو جلسة واحدة لمجلس الوزراء، برئاسة دولة الاستاذ محمد سالم باسندوة، وبقية زملائه الكرام من المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه، وهو ما نادينا به مراراً عبر هذه المساحة، وتعبنا حتى ظن البعض انها فائدة شخصية، مع أن الفائدة هي لعاصمة الزرانيق.
إذا كان سلب واغتصاب الاراضي بالمساحات الشاسعة -حتى لم يعد لحرم المطار وجود- لا يمثل ضرورة لانعقاد المجلس، فلتؤخذ بقية ما تبقى منها، فلعل ذلك يشفع للمحافظة في انعقاد المجلس ذات يوم بها.. وإذا كان استضعاف الناس على ممتلكاتهم وقهرهم عليها حتى يستدعي الامر انتحار بعضهم كالشاب -المغترب- لطفي عوض سردود، الذي اشعل النار في جسده ومات على إثرها نظراً لنهب أرضيته، فهل يحتاج المجلس لانتحار بقية الشباب ليتواجد في مآتمهم؟، علماً بأن هؤلاء الشباب هم من كانوا سبباً في وجود المجلس بناء على المبادرة الخليجية والياتها المزمنة.
هدت أرضية نادي الهلال، وتوقفت الاعمال فيما قيل عنه (استاد الحديدة الدولي)، ولم يتبق من تسمية المسبح الاولمبي سوى اللافتة فقط، فيما الملعب الوحيد بالمحافظة يشيخ ويشرف على الموت، وتستقطع الارضية التي بجواره، إضافة إلى تدهور الحال الرياضي بها، فهل ينتظر أن يعزف الشباب والرياضيون عن ممارسة أنشطتهم حتى يجدوا المجلس وقد أتى لحل مشاكلهم.
بنك التسليف سرق في وضح النهار، وقتل من بداخله، وللأسف من قتلوا فيه ليس من القبائل التي كانت ستقطع الطرق وتوقف القاطرات النفطية حتى يتم تسليم الجناة، ولكنهم وللأسف من تهامة الطيبة، فماذا ينتظر مجلس الوزراء؟ هل يريد حوادث أخرى مماثلة تدعوه للنزول سريعاً للحديدة، لتلمس مشاكلها الأمنية، التي أصبحت تؤرق المواطنين.
كل ذلك يحدث فيك يا حديدة، ولا يراك مجلس الوزراء، ويذهب للانعقاد في محافظات كثيرة آخرها على ما يبدو إب، لتسميتها كما قيل بعاصمة السياحة، وهي التسمية التي أطلقها عليها من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.. إذا كانت التسمية فقط هي المدعاة الوحيدة للانعقاد في إب، فالحديدة تناديهم ليسموها بعاصمة المجاري، واقترح على الاخوة الوزراء اذا ما اجتمعوا في الحديدة ذات يوم، أن يذهب كل واحد منهم في شارع ليرى ما وصل إليه الحال فيها.
استغرب منقيادة المحافظة برئاسة الاستاذ أكرم عطية وبقية أعضاء المجلس المحلي، كيف لا يُلّحون على عقد مجلس الوزراء لديهم، خاصة وأنه شرّق وغرّب ووسّط، فيما بعدت عليه عروس البحر الاحمر.. فينبغي على قيادة المحافظة جعل ذلك أولوية قصوى لديها، لأنها تشكوا من قلة حيلتها في تنفيذ المشاريع، ولهذا فلن ينقذها سوى انعقاد الحكومة المركزية، في ظل عجز السلطة المحلية.
إن استبعاد الحديدة من خارطة اجتماعات مجلس الوزراء -خارج العاصمة- لن يسميه السكان هناك بغير التهميش، والمصيبة الكبرى أن تصبح الحديدة بكل ما تملك من ثروات مهمة مهمشة هي ومن فيها.. إذا كان صوت سكان الحديدة لا يصل الى مسامع استاذنا العزيز باسندوة، فإن آذان الرئيس هادي ستكون هي الصاغية لصرخات وآهات سكانها، وهم متأكدون أنها ستجد الاهتمام الكامل من قبله، ولن يكون لدينا سوى مطالبة الاخ الرئيس بتوجيه الحكومة بعقد جلسة طارئة في الحديدة لتلمس همومها، وإلا سيكون ذلك مبرراً -لدى المغرضين- حتى لا يشارك ابناؤها في الحوار الوطني، وحوار بدون الحديدة سيكون منقوص الأضلاع.. فالله الله بالحديدة يا رئيسنا هادي.
* أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
أين الحديدة من اجتماعات مجلس الوزراء؟!
أخبار متعلقة