ستظل الأمنيات تتسابق متعدية الجسور والحواجز وغير عابئة بانفجار هنا أو اغتيال هناك، إلى واحة الالتقاء بين مكونات المجتمع اليمني لتضع خارطة طريق واضحة المعالم والأهداف .. خارطة تلتقي وتتفق عندها جميع الأطراف والتيارات السياسية والفكرية وغيرها من القوى الموجودة على طول خارطة الجمهورية اليمنية.
لا أشك في أن الحلول السياسية التي احتضنها الواقع المعقد ستجد أيادي تدفع بها إلى الأهداف المرجوة التي لا يختلف عليها العقلاء وأولها تحقيق الأمن والاستقرار، أما في الواجهة المقابلة - وبدون شك ايضاً - نجد أن هناك نقاطاً مظلمة على أرض الوطن لم يزل يسكن فيها شيء من الشوائب المترسبة في الأعماق بفعل الهزة الثورية العظيمة لتظل شوائب تقتنص أي فعل يحرك الجامد والساكن لتطفو إلى السطح بهدف تعكير صفو النجاح والانجاز، بل وتسعى بكل حذاقتها المعهودة إلى تصفير العداد مرة أخرى وكذا تقزيم الإرادة السياسية المستندة على إرادة الشعب وقواه الوطنية، وهي بكل محاولاتها تلك تهدف إلى إعادة العجلة إلى الوراء المظلم وبكل الإمكانيات المتاحة لديها وما بقيّ من متاح لن يمكنها من عمل شيء إلاّ الانكفاء بنفسها إلى أسفل القعر السياسي والحياتي وهو المكان الذي أرادته لنفسها وللأسف الشديد، مهما كانت نشيطة وتتحرك في اتجاهات مختلفة ومتباينة، ومهما صافحت الأيدي الخفية وعانقت الأفكار الشيطانية ونشرت الفيروسات الخبيثة، وعدم استطاعتها إدراك حقيقة واحدة غفلت عنها وهي عين الإدراك الشعبي والوعي الجمعي الذي بات مسكوناً بآمل الانعتاق من حالة الفوضى وعدم الاستقرار .. انعتاق لا انفكاك له ولا تراجع عنه.
اليوم لم يعد فيه المستقبل القريب غيبياً فيما يتعلق بالسير في اتجاه حلحلة الأوضاع برمتها فيما عدا ذلك فإنه في علم علاّم الغيوب، فالكثير من الناس تجدهم يراهنون على المستقبل الأفضل وهؤلاء من المنتمين إلى الفئات المثقفة والواعية المدركة لماهية الواقع وأدواته الفاعلة،وهي - أي هذه الفئة - تنظر إلى اليوم بأنه بداية حقيقية للغد تاركة الماضي في طي النسيان، فيما الفئة الأخرى من البسطاء من الناس استطاعت أيادي الخراب وثقافات الفتنة أن تصل إلى نسبة بسيطة منهم محاولة إحداث حالة من الصراع النفسي لديهم، بل وعمدت إلى اغتيال أحلامهم في الآتي وكذلك فهؤلاء يذهبون إلى أن الأيام لن تأتي بأفضل مما كان !!.
في حقيقة الأوضاع إن لم تكن هناك إرادة سياسية قوية ليس فقط من قمة هرم الدولة بل ومن الأطراف السياسية والاجتماعية الناشدة للدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والقانون والحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية، فهؤلاء الأطراف وللأسف الشديد لم يزالوا حتى اليوم وراء الستار ولم يستطيعوا بعد الظهور وتقديم الدعم والمساندة للقيادة السياسية للسير بثبات باتجاه تنفيذ أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي هي الأخرى لم تزل مكوناتها تفترش القش فتاهت فيه وبات الباحث عنها كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، والغريب أن هؤلاء الشباب الذين كانت لهم اليد الطولى في إنجاح التغيير إلاّ أنهم انطفؤوا وكأن هناك يد تشعلهم متى أرادت وتطفئهم متى ما أرادت، وهذا طبعاً ليس بالمعقول فنحن على ثقة أن أولئك الشباب لم يزالوا كبركان خامد لم يحن وقت بروزه إلى السطح.
هناك - وهم كثيرون حسب ظني - من يحاول طمس ثورة الشباب وعنونتها بعناوين حزبية، بل وتذهب إلى أكثر من ذلك بأنها هي وحدها الثورة والتغيير والمستقبل وبدونها فالبلد لم ولن تكون بلداً والحياة بدونها جحيم!!.
هذه الأفكار المدمرة لا شك تؤسس لحلبة صراع جديدة بين المكونات السياسية والفكرية وحتى المذهبية والمناطقية، تجميع هذه المكونات لم تغب عن جميع مراحل إنجاز الثورة والتغيير، فلماذا نجد قوة بذاتها هي كل الوطن والوطن كله لها، فمن المعيب أن تتحول الثورة الشبابية السلمية التي ذهب ضحيتها الكثير من الشباب المستقلين وأؤكد من المستقلين وليس من غيرهم- أشبه بكعكة أبت إلاّ أن تتقاسمها السكاكين في حفلة مظلمة وبطقوس لا يخلو منها الزار، ولا التنكر ولا الندب وجرح الأجساد !!.
إذن تبقى هناك إشكالية وحيدة ولكنها خطيرة من الممكن لها أن تعيق أي تقدم وإحراز نقاط إيجابية في ظلمة الأشتات، وهذه المشكلة تكمن في عدم قدرة البعض الفاعل في الحياة السياسية على التجرد من فكرة العتيق والتجرد من الأنا العليا ولا حتى السفلى فهو يرى أنه الأقدر وهو الأحق و....الخ، وهذه الإشكالية متوافرة في الواقع الحالي بشكل يمكن للجميع إدراكه.
فهل نعي حقيقة أنفسنا قبل أن نشترط على الآخر..!! وعيدكم سعيد.
اليوم .. البداية الحقيقية للغد
أخبار متعلقة