- هاهو رمضان قد رحل وجاء العيد بعده ورغم الآلام والجراح والفوضى التي ضربت المدينة إلا أن هناك ماهو باعث على الأمل في إصلاح الحال.. لو اتقى الناس ربهم وفعلوا ما يرضيه واخلصوا النية لخدمة بلدهم ومدينتهم.
في هذه العيدية نهنئ القضاة على اختلافهم فهم ظل العدالة الالهية في الأرض، وهم الميزان والقسطاس، نساءً ورجالاً ولا نقصد التقليل في حقهم كما تبادر للبعض في مقال سابق..فهم هاماتنا العدلية،ولن ننتقص من أحد منهم، لأن ذلك انتقاص يعود لنا لو فعلناه ولكننا لسنا بفاعلين.
-وفي العيدية نثني على رئيس قطاع عدن المهندس محمد غانم الذي اظهر موقفا فريدا ًفي زيارته الأثيرة للأيتام، وكم ابهجنا ذلكم الموقف الذي شاركته فيه المتألقة ابنة الموسيقار العدني الراحل والخالد جميلة جميل غانم وهكذا تكون الأفراح والا فلا.
ڑ وتهنئة خاصة لماما (رحيمة قاسم) ملاك الرحمة الطيبة التي ترعى أطفالاً معاقين باذلة حياتها في سبيل إسعادهم وكم تكبر هذه الأم بأفعالها.. ما جعل كل من في جمعية الرحمة يعتبرونها أمهم وملاذهم الأول والأخير.. فلها التحايا.. ولمن يريد تعكير صفو هذا العمل الجليل نقول: اتقوا الله في هذه الفلذات البريئة التي ستضيع لو فرطنا برحيمة.
- وبقدر ما سعدنا بشهر الصوم، ولياليه الساهرة العامرة، بقدر ما كدرتنا الكهرباء والمياه (نوعاً ما) وشباب الطرقات والمفرقعون الذين لا نعلم الجهة التي تمولهم وتدفع بهم إلى الهاوية..أقول بقدر هذه السعادة ومعها التعاسة،إلا أننا تعايشنا مع ماهو موجود وقد قالوا في الأثر (مكره أخاك.. لا بطل) وعلمتنا الحياة كل شيء.
ڑ أفراح رمضان هي أفراح العيد الذي يتجهز له الجميع، ولا يتصور أحدنا فرحة الأطفال الغامرة، حتى وهم يعانون المنغصات جراء حركات الكبار الممقوتة.. لكنهم (أحباب الله) أحبابنا يفعلون أشياء قد تفتك بهم، تعبيراً منهم عن الفرحة وإظهار حركات اليفاعة وتقليد الشباب.. وهلم جرا، ولا يدرون الخاتمة!.
- أفراح العيد كانت لدى البعض أتراحاً وآلاماً، ومهما حاولنا تصوير المأساة بكل ما أوتينا من بيان وحبكة، فإننا لن نقدم حتى (1 %) من مأساة الذين فقدوا أعزاء لهم هنا أو هناك.. وهي أمور نعتبرها نقيضة للأفراح، ولكن الله وحده هو الذي يعصم الجميع بالصبر والسكينة من عنده.. أفراح العيد حملتنا مأساة دماء ذهبت هدراً في ليلة العيد، دماء بريئة تسفك..دون وجه حق.. أشلاء تتطاير وجثث قد تم رشها بالنار وربما لاقت الذبح.. جرائم يقشعر لها البدن.. وياليت لذلك مبرراً.. وانى لأمور كهذه من مبرر على الإطلاق!.
- قال لي زميل من التواهي ..كان أحد الجنود الطيبين قد حزم أمره على السفر لقضاء العيد بين أطفاله وأسرته..اشترى الثياب لهم وكان ينوي السفر فجر العيد..لكن الموت حصده مع زملائه .. الموت الأسود اللعين..كان يترصد لهؤلاء المساكين الذين يؤدون واجباً، ولم يعتدوا على أحد أبداً..إنها أتراح أسر أكلمتها هذه الجريمة.. فبدل أن يستقبل هؤلاء بين أهلهم أحياء يرزقون..كان الموت أسرع إليهم ولا نامت أعين الجبناء.
- زميل آخر حكى لي قائلاً: ظهرت الجثث بشكل محزن في ليلة العيد وكان المنظر مؤلماً للغاية.. فقد رأينا (كبش العيد) في المكان بين جثث الجنود، حياً يرزق.. يالهول المأساة.. وياترى من يشرع للدماء المسفوكة ظلماً وعدواناً؟
بالمقابل..هناك أسر في عدن عاشت وتعيش الألم والحسرة على فقدان أبنائها.. ولقد غدا الشارع الرئيسي بالمعلا ..أمام البريد يحكي قصصاً للشهداء الشباب ممن سفكت دماؤهم ظلماً وعدواناً.. مشهد لاشك يدمي القلوب.. فمن لأهالي هؤلاء الفلذات، من يسبر أغوار آلامهم، وهل بالإمكان أن ينسى هؤلاء أبناءهم..لا..لن يكون ذلك، فالألم يظل والحزن يتراكم وعند الله العوض.. سبحانه وتعالى.
- ومن أفراح العيد التي جمعت عشرات ومئات وآلاف الناس في عدن .. زائرين وسكاناً وامتلأت بهم الشواطئ والمتنزهات رأينا فرحة العيد برغم القتل والتفجيرات وغيرها،لم يعبأ الناس بما يجري، فخرجوا إلى الشواطئ مبتهجين رغم المنغصات وزار بعضهم أرحامه وقام بعض الطيبين بزيارات للمحتاجين والمرضى والأيتام .. وهي لفتة طيبة نأمل أن تتنامى ليس على مستوى العيد.. بل طول أيام السنة.
- ومن أتراح العيد التي أصابت شاعرنا الكبير عبدالله عبد الكريم، أن فقد ابنه وأسرته، إلا طفلة صغيرة كانت شاهداً حياً على إهمال رسمي أدى إلى موت هذه الأسرة الطيبة..فمن يحاسب ومن يعاقب هؤلاء الذين ينصبون افخاخ الموت على اختلافها.. فالشاب بليغ عبدالله وزوجته وابنتاه ذهبوا ضحية عمل لم يقم اصحابه به كما يجب ظن الرجل أن في النزهة فرحاً لأطفاله فذهبوا جميعاً إلى رحمة الله ..انه الحفر العشوائي تحت (جسر البريقة) كما روى لي أحدهم بغرض عمل دعامات اسمنتية في البحر لقيام جسر مواجه.. وهذا عمل مشروع لتوسعة الطريق، لكن ماهو غير مشروع عدم وجود لافتة أو إشارة توضح الخطر، وعدم الاقتراب من المكان أو حتى وضع حاجز من الزنج أو غيرة كما تعودنا في هكذا مشاريع!.
- من يعيد الفرحة لشاعرنا الكبير الذي كانت حياته كلها أتراحاً وإهمالاً ونكراناً، واجحافاً وهو التربوي الشاعر الرقيق.. لقد اهملته الدولة (سابقاً وحالياً) ولم تكتمل سعادته بعد هذا العمر الطويل، إلا بكارثة،نسأل الله له العصمة وطول الصبر ورباطة الجأش، ونعزيه في ابنه وأسرته..إنا لله وإنا إليه راجعون..ومن منغصات العيد وعدن عامة..عدم قيام المسـؤولين في عدن بما يجب ولقد أثبتوا فشلهم الذريع.. ولعل القمامة التي صارت من ملامح عدن (السيئة) عنوان لفشلهم.. ولن نتحدث عن أمور أخرى لأنها تقصم الظهر.
وعيد سعيد على الجميع..والله يحفظك ياعدن..آمين.
عدن.. متلازمتا الفرح والترح
أخبار متعلقة