إن لغة العصر الآن هي الادارة وليس هناك في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي مجال للمنافسة والتفوق سوى في مجال الادارة وكلما ارتفع مستوى تنظيم الادارة في مجتمعنا وبالذات في عدن انعكس ذلك على مجمل الاداء العام للمجتمع ونعني بذلك أن النظام الاداري في أي مرفق كان هو أن يلتزم الأنسان في سلوكه وتعاملاته ومستوى أدائه لمسؤولياته بقواعد واضحة ومحددة وأسس ثابتة لامجال فيها للاستثناءات والفوضى واللامبالاة .
وفي عدن فلابد من وضع شعار النظام والانتظام، كما أن اليمن ليست أقل أهمية عن غيرها من البلدان في التاريخ والحضارة من حيث الأسبقية والعراقة ومع ذلك فإن خطواتهم التي ساروا بها وحققوا بها كثيراً من التطور التنموي الذي يثير غيرتنا لم تكن إلا نتاجاً للاحترام للنظام والادارة ، وعلى هذا الأساس فلابد من إقناع الناس باحترام النظام والادارة .
والادارة كعلم ونظام ليست محددة في العواقب والجزاءات وإنما هي علم وفن وموهبة وخصوصاً عندما ترتبط هذه الممارسات بسلوكيات الناس ومصالحهم المباشرة، وعندما يمارس بعض الناس نشاطاتهم السلبية من دون مسؤولية مثل البسط العشوائي على الأراضي وأيضاً العنف غير المبرر فذلك يؤثر على مسار التنمية الاقتصادية ، كما أن سوء الخدمات العامة وغياب الأمن وممارسة الفساد وضعف هيبة الدولة يؤكد أن الأزمات في مجتمعنا هي أزمة أدارة وربما تكون مفتعلة بحيث تصب في خدمة جماعة صغيرة من الناس وبالذات من قبل بعض الساسة الذين لايدركون أهمية الادارة في تنمية المجتمع بقدر مايعرفون إنها ينبغي أن تخدمهم هم على حساب الصالح العام للمجتمع ، كما أن نزعة التدخل من قبل بعض السياسيين في الادارة التنموية الاقتصادية يؤثر على مسار التنمية وكلنا نعرف أن رجال السياسة يتدخلون غالباً ودائماً في عملية التنمية الاقتصادية ، ولكن الآن وفي العهد الجديد الذي يمثل فرصة تاريخية فإنه يتوجب عليهم مقاومة تلك النزعة، حيث إنها قد فشلت بدرجة سيئة خلال الخمسين سنة الماضية ويسمحون لأولئك القادرين أكثر منهم في الإدارة والتركيز على العمل اليومي ،وعلى الساسة التركيز على دورهم الرئيسي في تطوير العملية السياسية وبالمقابل عليهم أن يدعوا التنمية الاقتصادية تزدهر. أنا اعتقد أن هذا يمكن تحقيقه وربما يؤدي حتمياً إلى نمو اقتصادي عال وقوي . نحن هنا لسنا ضد السياسيين ولكني أعتقد جيداً أنهم يكثرون من الكلام مع أداء عملي قليل جداً على الواقع .
إن التركيز على عدن أكثر من ذي قبل سنعتبره فاتحة خير وأمل ، فأنا مؤمن أن لها مستقبلاً اقتصادياً زاهراً، إذا هي في السنوات القليلة القادمة تمكنت من التحول نحو بناء إدارة جديدة ومفاهيم حديثة تتواكب مع متغيرات العصر. وضمنت أن المناصب الإدارية والاقتصادية الرئيسية قد شغلت بالموظفين المؤهلين والأكفاء، إن أمام الرئيس هادي أن يعطي هذا الأمر بعض التفكير الجاد، لأنه لو استطعنا بناء عدن بنجاح وعلى أحدث المناهج الإدارية المبنية على القوانين والإجراءات والنظم والمستويات الأعلى لوصلت عدن الى المراتب المتقدمة في قائمة المدن الرائدة في العالم ، فسوف يكون هذا الحل المناسب لمعالجة أزمتنا الاقتصادية، وأقول ذلك من خلال خبراتي في رئاسة منطقة عدن الحرة، حيث إنه كلما تطور العمل فهو يحتاج إلى القليل من التدخل السياسي الإيجابي واستغلال طاقات وقدرات المزيد من الأفراد الأكثر قدرةً وإبداعاً لمعالجة التحديات الجديدة والمعقدة التي تواجهها هذه المدينة المتميزة في موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية ولكسب ثقة المستثمر المحلي وجذب الاستثمار الأجنبي وتحديد الأسواق المستهدفة والتسويق والتعقيدات الأخرى في بناء قاعدة ذات مستوى إداري عالٍ.
*هذه المقالة عبارة عن ملخص لمحاضرة القيت في جامعة لندن للاقتصاديات في 26 إبريل 2012م، وهي مترجمة من الانجليزية الى العربية.
أهمية الإدارة في تنمية عدن
أخبار متعلقة