لا شك ان أخطر داء يُهدد الإنسانية منذ نشأتها وحتى وقتنا الراهن ، هو ذلك المرض اللعين الذي تُمثله الطائفية بمختلف أشكالها ومستوياتها.فالطائفية البغيضة ، هي الخطر الداهم الذي يُراد من خلالها تفتيت وحدة وتماسك وانسجام المجتمعات العربية ، وزرع الفتنة والبغضاء بين مكوناتها وشرائحها المختلفة التي تعايشت كل تلك القرون بحب ووئام وتآلف.إن الطائفية الكريهة التي بدأت تظهر وبشكل مكثف وسريع في الكثير من تفاصيلنا الصغيرة والكبيرة ، خاصة على بعض المواقع الالكترونية الوهمية والتابعة لسماسرة ، وصفحات التواصل الاجتماعي أشد خطراً من العديد من المظاهر المجتمعية السلبية الاخرى لأنها - أي الطائفية - ظاهرة أممية وكونية ، ولا يُمكن لأحد أو جهة الوقوف أمام تمددها وانتشارها ، فهي لا تعترف بالحدود أو الجغرافيا ، وتنتقل في كل الاتجاهات والمسافات ، على عكس تلك المظاهر الاخرى -رغم خطورتها- التي غالباً ما تتمركز في بيئتها المحدودة .إن مسألة الطائفية الآن ، هي العنوان الأبرز والأكبر والأخطر بين كل المواضيع والقضايا والمجالات الأخرى، السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية أيضا بل إنها الظاهرة العابرة لكل الحدود فضلاً عن العقول والقلوب المريضة.لكن، من أين جاءت كل هذه المظاهر الطائفية ؟ ، وكيف استطاعت أن تجد لها حاضنة تدعمها وتمولها وتروّج لها؟، ومن هو المستفيد من طغيان هذا التسونامي الطائفي المقيت الذي يكاد أن يُغرق وسطنا العربي وخاصة مدينتنا الناصرة في بحر من الاحتقان والتأزم والانقسام ؟ .الأسئلة كثيرة جداً ولا نهاية لها ، لكن الإجابات لم تخرج بعد من التردد والخوف، نحن بحاجة لتشخيص حقيقي وشفاف لهذا المرض القاتل الذي ينخر في جسد مدينتنا التي تعاني أصلاً من حزمة كبيرة من المشاكل والأزمات .كثيرة هي الأسباب التي أدت لهذا الاحتقان الطائفي الذي تعاني منه أغلب مجتمعاتنا العربية . أصحاب الفكر المتشدد والأقلام الرخيصة التي تعزف على وتر الطائفية، والإعلام الطائفي المسيّس والمواقع الالكترونية الوهمية وجهات مشبوهة كلها تؤجج الطائفية بل وحتى الإنسان البسيط جداً يُشارك في دعم وتمويل وتسويق هذه الحالة الطائفية الخطيرة التي تُهدد سلم وأمن واستقرار مجتمعنا العربي.كم نحن بحاجة ماسة لمكافحة ومحاربة هذا المرض الفتّاك الذي يهددنا جميعا، وهذا لن يتم إلا بتضافر كل الجهود والطاقات والإمكانيات، إضافة إلى وجود عمل مؤسساتي ضخم لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة، وكذلك إلى تحرك كبير من قبل القيادات ورجال الدين .الطائفية، هذا الوباء اللعين الذي عانينا منه بالسابق وتسبب في تعطيل عجلة التنمية والتطور والازدهار في الكثير من المجالات، لا بد من صده، بل وقلعه من جذوره وهذا لن يكون إلا بنشر الوعي الوسطي، والقبول بالآخر كما هو، وصد الخطابات الطائفية ومحاربة مروجيها بكل الوسائل المتاحة.وأنني كمواطن أطالب بعقد مؤتمر على أعلى المستويات تتبناه الدول العربية ويشارك به رجال دين كافة الديانات وكل القيادات العربية والحركات السياسية والجمعيات لنبذ ظاهرة الطائفية ووضع خطة للقضاء عليها.. وأدعو كل المواطنين العرب بالبلاد لتأييد المؤتمر لقطع الطريق على مسوقي هذا المرض الخبيث.
|
آراء
المجتمع العربي .. وخطرالطائفية
أخبار متعلقة