عرض / طارق عابدأثبتت المرأة على مر العصور حضورا مميزا في عدة مجالات ولم تكن اقل من اخيها الرجل في المجال العلمي فكثيرات برزن على الساحة العملية فمازالت ذاكرتنا تحتفظ بماري كوي عالمة الفيزياء والكيمياء البولندية المولد، التي عرفت بسبقها وأبحاثها في مجال «اضمحلال النشاط الإشعاعي» وهي أول امرأة تحصل على جائزة نوبل..وكثيرات لم يغفل التاريخ الاختراعات والابتكارات الّتي قدّمنها للبشرية وساهمن بها في تنمية المجتمع وحياة النساءِ والرجال على حدٍّ سواء، واليوم نعرض لكم مجموعةً أخرى من هذه الاختراعات.ممسحة زجاج السيارات بحلولِ بدايات القرنِ العشرين، ذهبت السيدة «ماري اندرسون» إلى مدينة نيويورك لأول مرة وفي ذلك الوقت لم تكن نيويورك كما نعرفها اليوم، حيثُ كان انتشار السيّارات قليلًا ولم تكن سيارات الأجرة بالشّيء الّذي تراه دومًا في الشّارع. ركبت ماري الترام (القطار) حيث شقّ طريقهُ عبرَ المدينة أثناء تساقط الثّلوج ولاحظت أنّ السّائق يَضطرّ للتّوقف كل عدّة دقائق لإزالة الثّلج عن النّافذة الأماميّة ليتمكّن من الرّؤية، في الواقع، في ذلك الوقت كلّ السّائقين كانوا مضطرّين لنفس الفعل.عندَ عودتها قامت ماري بتطويرِ مِمسحةٍ مطّاطيّةٍ وتركيبها على عمودٍ مَوصولٍ بمتحكم داخلَ السيّارة، وعندما يرغبُ السّائقُ في إزالةِ الثّلجِ أو المطر من على زجاج السيّارة، ليسَ عليه سِوى سحب المُتحكّم بيديه لتحريك المِمسحة وإزالة العوالق ليستمتع بالرّؤية مجددا، وحصلت ماري على براءة اختراعها الّذي لا تخلو منه أيّ سيّارة في عام 1903.النظام الضوئي الملون عندما أصبحت السيدة «ماري اندرسون» أرملة في عام 1847، كانت في الحادية والعشرين من عُمرها ولديها أربعة أطفالٍ لتنفقَ عليهم ولكنْ لم تكن تعرف كيف بعد. عندما كانت تتصفّح مذكّرات زوجها وجدت تصميم وطريقةَ صُنع نِظامٍ ضوئي ملونٍ لتستخدمهُ السّفن للتّواصل والإضاءة أثناء اللّيل ولكنّه فشل في الاختبارات قبل التّصنيع.أمضت مارثا السنوات العشر التالية في مراجعة وتصحيح أخطاء نظامِ زوجها وقامت باستشارة بعض العلماء وضبّاط الجيش ولكنّها لم تتمكن من إيجاد طريقة لإنتاج توهجات مضيئةٍ بالقدر الكافي وتستمر فترةً أطولَ وسهلة الاستخدام في نفس الوقت. في إحدى اللّيالي اصطحبت أطفالها لمشاهدة الألعاب النارية وعندها خطرت لها فكرةَ تطبيقِ نفس التّقنية المُستخدمة في صنع الألعاب النارية لتطوير نظامها الضّوئيّ، وتمكّنت من النّجاح. اشترت البحريّة الأمريكيّة حقوق الاختراع منها حيث استُخدمت خلال الحرب الأهليّة بشكلٍ كبيرٍ وفي الحروب التي تلتها.لسوء الحظّ لم يكفِ نظام مارثا الجديد لدعم عائلتها. وفقا للمستندات العسكرية، أنتجت مارثا 1,200,000 شعلة للقوّات البحريّة خلال الحرب الأهلية، وكانت تكلفتها 120.000 دولار في حين تقاضت مارثا 15.000 دولار فقط وذكرت في سيرتها الذاتية أن القوّات البحريّة رفضت دفع المبلغ كاملا لها لأنّها كانت امرأة! سلة القمامة ذات الدّواسة قامت «ليليان جلبرت» بإدخال تعديلات صغيرة على الاختراعات الموجودة، لكن تعديلاتها تميّزت بالعبقرية. في بدايات القرن العشرين، قامت بابتكار الرفوف الّتي يتم تركيبها في باب الثلاجة، وأضافت تعديلاتٍ أيضا لفتاحة العُلب لتجعلها أسهل وأدق، وابتكرت خلاط الطّعام الكهربائيّ، وقامت بإضافة دواسة لسلة المهملات لفتحها بالقدم. اشتهرت ليليان بأعمالها الرائدة في تحسين بيئات العمل المختلفة والإدارة الفعالة. من الجدير بالذكر أن ليليان كانت مهندسةً صناعيّةً ومؤلّفةً وكاتبةً وعالمةَ نفسٍ وأمّا لاثني عشر طفلا! سلم الحريق والطوارئ هذه الفكرة ليست منتشرة كثيرا لدينا في الوطن العربي، ولكنها شرط من شروط ترخيص أيّ بناءٍ بعدد طوابقَ محدد في الولايات المتحدة. يعودُ الفضل في هذا الابتكار إلى « انا كونلي» صاحبة فكرة وتصميم سلّم الطوارئ أو الحريق والّتي حصلت على براءة اختراعه عام 1887، الرّائع في هذا الابتكار ليس فقط القدرة على تركيبه في المباني الجديدة، وإنّما القُدرة على تركيبه في المباني القديمة أيضًا الّتي ليس لديها سلّم، أي أنّ سلّمًا واحدًا يُمكنُ تركيبهُ على مبنيين. الشريط اللاصق ومواد بناء مقاومة للنار تخيل لو أن هناكَ مواد بناء غير قابلة للتلف وقوية لدرجة يستحيل معها كسرها ومقاومة للنار وغير سامة، قد تظن أنها مجرد مواد من وحي الخيال، ولكنها اختراع حقيقيّ بالفعل مسجل باسم الأمريكية باتريشيا بيلينجس . تعرف هذه المواد باسم Geobond . كانت باتريشيا تعمل في النّحت وتستخدم الجص لصنع منحوتاتها ورأت في عام 1970 أن تبحث عن إضافةٍ للإسمنت لتحافظ على منحوتاتها لفترة أطول، وقد توصلت بالفعل بعد فترةٍ للمادة التي ذكرناها، ولاحظت أنها مقاومة للنار أيضا وغير سامة، وفتحت بذلك مجالا أوسع للتطبيقات التي يمكن استخدامها فيها بدءًا من موادّ البناء وانتهاءً بالشّريط اللّاصق.حافظت باتريشيا على سر مكونات مادة Geobond ولم تستطِع ملايين الدولارات التي قدمتها الشركات لشراء حقوق المادة من إقناعها بالتخلي عن هدفها في أن تحدث هذه المادة ثورة في مجال مواد البناء. اللّيزرحصلت ماري سبث على درجة الماجستير بعد إنهاء دراستها الجامعية، ومنذ ذلك الوقت قدمت لتكنولوجيا اللّيزر العديد من الاختراعات، منها نظام تعديلِ الألوان، حيث يمكن ضبط مصدر الضوء بأطوالٍ موجية مختلفة وبالتالي تنتجُ ألوانًا مختلفة تَسمح بتعدّد التّطبيقات التي يمكن استخدامه فيها. من اختراعاتها أيضًا العاكس الرنان resonant reflector المستخدم في عدة تطبيقات عسكرية وبالنسبة للمدنيين فيُستخدم في قراءة الـ Bar Codes الموجودة على المنتجات المختلفة لمعرفة تفاصيل المنتج والسّعر. عصّارة الملابس من البديهي أن تكون أغلب إبداعات المرأة وابتكاراتها في مجالات تَمس حياتها وشؤونها مثل غسيل الملابس مثلا وعصرها، فهو أمر يتطلب مجهودا بدنيا لا قبل للنّساء به. في عام 1880 ابتكرت «ايلن ايجلاين» عصارة للملابس المبللة ولكنها لم تسجل براءة اختراعها وقامت بعدها بثماني سنوات ببيعها لرجلٍ أبيض البشرة مقابل 18 دولارا فقط، وعندما سُئلت عن السبب كان ردها: ” أنت تعلم أنني سوداء ولو علمت النساء ذوات البشرة البيضاء أنّني صاحبة هذا الاختراع لن يشتروه، لقد خشيت أن يكون لون بشرتي سببًا في عدم انتشار اختراعي في الأسواق”. السّرير القابل للطّي كانت أول أمريكية من أصلٍ أفريقي تحصل على براءة اختراع باسمها في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1885، وهذا إنجاز في حد ذاته، أما الإنجاز الثاني فكان السرير القابل للطي ليتحول إلى خزانة أو مكتب، الأمر الذي ساهم وما يزال إلى يومنا هذا في تقليل المساحات المُستخدمة في المنازل وكان مصدر إلهام للكثير من الابتكارات المشابهة بعد ذلك. الزّجاج الخفي أول عالمة تعمل في شركة General Electric وقد اكتشفت في عام 1935 أثناء عملها طريقة لنقل طبقات رقيقة أحاديّة الجزء (سمك الطّبقة مساوٍ لسمك جزء واحد فقط) إلى الزجاج والمعادن والنتيجة كانت زجاجا غير عاكسٍ للضوء ولا يسمح بالسّطوع أو انعكاس الضوء وانكساره من خلاله، وهو مستخدم بكثرة في كاميرات المراقبة والمايكروسكوب والنّظارات وناطحات السّحاب وغيرها الكثير. نظام تحويل المكالمات الهاتفية في عام 1954 أصبحت «ايرنا سنايدر هوفر» باحثة في معامل شركة بيل (Bell Laboratories) وهناك قامت بتطوير نظامِ تحويلٍ للمُكالماتِ الهاتفية يعتمد على الكومبيوتر، حيث يعمل النّظام على مراقبة معدل المكالمات القادمة ليقوم بتعديل معدّل قبول المكالمات بحيث يتجنب المشاكل الناتجة عن ضغط المكالمات، هذا النظام هو نفسه المستخدم اليوم في كافة شركات الهواتف الأرضية. الألياف الصّناعية والنّسيج هل تعلم أن هناك امرأة حصدت أكثر من 125 براءة اختراع؟ إنها «جوليانا تيسورو» التي حققت إنجازاتٍ عظيمةً في مجال الألياف الصناعية والنسيج. حصلت جوليانا على درجة الدّكتوراه في الكيمياء العضوية من جامعة يال الأمريكية ورأست بعد ذلك عدة مراكز أبحاث حققت من خلالها الكثير، فقد تمكنت من ابتكار طريقة لمنعِ تكدس الألياف الصناعية أثناء التصنيع، وتمكنت من تطوير ألياف صناعية مقاومة للنّار. سجلت خلال فترة عملها أكثر من 125 براءة اختراعٍ في هذا المجال. تطوير أفلام التّصوير في وكالة ناسا للفضاء، كانت هناك كيميائية تدعى» بربارة اسكينس» قامت بعملية تطوير جذرية لأفلام التصوير الفوتوغرافي، حيث تضمن التطوير استخدام مواد مشعة لتحسين النيجاتيف، وكان بإمكانها تحسين الصّور أيضا حتى بعد الانتهاء من إعداداتها. استخدم ابتكار باربرا من قبل ناسا لمعالجة صور الفضاء واستخدم أيضا في المجال الطّبي لتحسين صور الأشعّة السينيّة.
اختراعات وابتكارات مميزة قامت بها المرأة
أخبار متعلقة