القاصة والشاعرة الذمارية أمة الله الحجي :
حوار/ صقر أبو حسن « أشعر أنني لا أعرفني لأنني كل يوم أكتشف شيئاً جديداً في.. فأمة الله الطفلة لا تزال بين جوانحي «..ما تزال الأديبة الذمارية الشابة امة الله الحجي , تنظر إلى غدها بتفاؤل ، وتبحث عن ذاتها في وطن الذي يحملها وحلمها نحوها.. وترى الحاضر الثقافي في اليمن «مغيبا كليا»، وترى أن الجانب السياسي طغى على الساحة اليمنية,,, أمل وهي تشدو في بوح خاص لـ«14 أكتوبر» تحلق بنا على أجنحة حبها الوطن رغم كل ما يعانيه، لترسم بالكلمات بسمة أمل هنا وهناك علها تخفف آلام وأوجاع الناس ، أمل وهي وجه المرأة الأديبة الشاعرة في مدينة ذمار تقول أمل « لا أريد أن أرى احدا يشقى أو أن اسمع أنات وطني وأبنائه » ..- عرفينا أكثر على امة الله الحجي ؟ -- في عام 1995م، و بالتحديد في أكتوبر رحبت الدنيا بأمة الله, تلك الطفلة التي كانت ترى الدنيا ملونة ، مبهرجة، سعيدة ، لطالما حفت الوان الطيف عالمي الصغير ومدينتي الجميلة و وطني الذي ساهم في تنشئتي وأرضعني حبه فصرت , أهواه بكل إيجابياته وعلمتني سلبياته وأناته وأوجاعه كيف ألوذ بقلمي وأكتب عنه لعل حبري يخفف ذاك الألم الذي ظل يخفيه عني أو ما كنت أدركه إلا حين وقفت في منتصف عمري الحادي عشر بدات اشعر بما يدور حولي .. وما يعانيه هذا الوطن الحبيب كل يوم بسبب ديجور يجثم على سمائه ويتمخض كل يوم أزمة جديدة وألما جديداً .. بدأت مشواري الثقافي كرسامة وحصلت على مراكز أولى بلوحاتي التي فازت بمسابقات مدرسية كانت تقام في ذمار يتبناها مكتب التربية ..ثم تحولت فرشاتي إلى قلم يرسم الحرف على ورق .. شعراً ونثراً .. سرداً وقصص .. ثم مقالات .. ولا زلت أمضي في درب الحرف ومشوار مداواة الم الوطن الحبيب .. كم يحيرني سؤالك هذا اشعر أنني لا اعرفني لأنني كل يوم أكتشف شيئاً جدياٍد فيّ .. فأمة الله الطفلة لا تزال بين جوانحي .. بكل حركاتها ، وسكناتها ، وملامح دهشتها من كل شيء جميل ، وضحكاتها التي تعانق السماء بفرح ، وتفاؤلها ، و عصبيتها ..وحبها للحياة والوطن .. حبها لرسم البسمة في كل مكان ولو على حساب وقتها وجهدها ومالها .. لا أريد أن أرى احدا يشقى أو أن اسمع أنات وطني وأبنائه. - عرفينا على منتدى الرابطة القلمية وأنشطتها؟ -- منتدى الرابطة القلمية الثقافي هو أول مؤسسة في اليمن يديرها الشباب بأفكار ونشاطات ثقافية وأدبية وفنية متعددة فمنذ أن تأسس في أواخر شهر نوفمبر واُشهر في 14/ديسمبر /2013م و نحن نمضي بخطوات متسارعة نحو إدراج الثقافة اليمنية في أعالي السماء لتنافس نور الشمس ، فحقاً هنالك مبدعون يمنيون من فرط إبداعهم وتمكنهم أكاد اسميهم أساطير واعني الشباب الواعد الذي يتوارى خلف زوايا العتمة بسبب حزبية المؤسسات الثقافية وخدمتها لانتهاكات وتهميش المبدعين الشباب المستقلين .. فأتى المنتدى ليتيح لهم الفرصة كبارقة أمل أسسته لنا الأستاذة الشاعرة آمنة الموشكي وأديره أنا وأخي أديب الحجي باستقلالية تامة عن كل طائفة وحزب لأن الوطن وأخوتنا المبدعين هم مقصدنا و أسمى من أن يميلون بأقلامهم وفرشاتهم وألوانهم وأصواتهم العذبة إلى أي توجه يعيق بنا مستقبلهم ووطنهم الذي أنهكته الأحداث القاتلة كل يوم.بصفتك قاصة كيف تنظرين إلى الحركة الثقافية والأدبية في ذمار ؟ الحركة الأدبية والثقافية في ذمار تتضخم يوما بعد يوم وهذا ما حققه منتدى الرابطة القلمية الثقافي وعدد من روابط وجمعيات ثقافية في ذمار ولو أنها بعدد الأصابع التي تعمل بفاعليه ..رغم شحة الإمكانيات وعدم اهتمام الجهات المعنية بالمؤسسات الفاعلة وإغفال دورها في صناعة الق المستقبل ونور الحاضر هذا بالنسبة للمؤسسات الثقافية أما بالنسبة للمبدع نفسه فكل يوم يولد في ذمار حرف جديد بأسلوب جديد.- كيف ترين الواقع الثقافي في اليمن؟ -- الواقع الثقافي في اليمن مغيب كلياً إلا من خفقات موهنة تنطلق بين الحين والآخر .. اشعر أن عصور اجترار الأدب تعود من جديد في حين طغى الجانب السياسي على الساحة اليمنية وصراعاته وما سببه لليمن من أنات موجعة تنطلق بين الفينة والأخرى تشتكي عقوق أبنائه بسبب هكذا سياسات خاطئة تمارس على وطني فأحالت ملامحه الجميلة إلى أحزان تغتال كل شهقة هواء نتنفسها .. مما ادى إلى إنهاك المثقفين واختفائهم من الساحة الأدبية بسبب تعصباتهم إما لأحزاب أو لجماعات والبعض الآخر طوته الدنيا ومتطلبات عيشها خلف قضبان العمل والبحث عن يوم آخر للبقاء .. الواقع الثقافي كل يوم يزداد سوءا .. هذا ما جعلنا نواصل مسيرتنا الثقافية في المنتدى بخطوات حثيثة للارتقاء بالأدب والأدباء ولم شمل الثقافة واليمنية وإعادتها إلى توهجها وشن حراك ثقافي كبير لندحض الصراعات ونرفع راية القلم والثقافة لأن المبدعين والادباء هم رسل السلام ورسالتهم السامية يحتاجها الوطن في مثل هذا الوقت بالذات وحتى أولئك العاقون لليمن لو التفتوا إلى الثقافة والحرف لتغيروا كلياً .. لو آمن المثقفون المتعصبون لأحزابهم وطوائفهم وجماعاتهم بأقلامهم ووطنهم لكان اليمن بخير .. الأدب رسالة عظيمة والأدباء رسل السلام والقلم الذي اقسم الله به.- ماذا قدم الأدب النسوي للحركة الثقافية اليمنية؟ -- المرأة التي أعتبرها قبضة فولاذ في قفاز مخمل دائماً منتجة لكل شيء مهما غيب واسقط تاء تانيثها عمداً .. الأدب النسوي قدم الكثير للحركة الثقافية لأن المرأة هذه الكائن المغلف بالرقة والوعي والثقافة وأعني الأديبة والمثقفة متفردة بكل جميل .. فالجدية والعمل الدؤوب والاخلاص شعارها .. حين تكتب بمشاعرها وقلمها الذي ارتوى من دمها تكتب بصدق لأنها أنثى واليمن انثى تعرف كيف يعاني وطنها وكيف يعاني مجتمعها .. قدمت المرأة الكثير في الأدب وأثرت الحركة الثقافية بالكثير من الكتب في مجالات الأدب والثقافة والدراسات رغم كل المعوقات التي تثبطها وأولها عدم وعي المجتمع وتقبله للمرأة رغم أنها كل شيء ولولاها لما كان شيء !! ويليه شحة الإمكانات التي تثبطها عن المشاركة والتفاعل واصدار كتبها أو عدم توفر دور نشر في كل محافظات الجمهورية .- هل يتأثر الأديب والمثقف بالمحيط السياسي على إنتاجه الأدبي؟-- أعتقد ذلك .. لأن الساحة الأدبية تتأثر بالمحيط السياسي مما يؤدي إلى تأثر الأدباء خصوصاً المنتمين إلى المحيط السياسي والمتعصبين له .. أنا لا أحبذ ذلك ولا أحبذ أن يتعصب الحرف أو كاتبه إلى أي توجه لأن لنا جماهيرنا ويتأثرون بكلامنا .. والأدب أمانة في أعناقنا كما الوطن .. ولأن أدبي وقلمي أمانة فأنا لا انجر نحو المحبط السياسي إطلاقا وابتعد بقدر الإمكان عنه.- غيب كثيرا الأدب الشعبي ، من وجه نظرك كيف يمكن أن نعيد الأدب الشعبي إلى الواجهة؟-- الأدب الشعبي اليمني هو أدب متنوع صاغه الشعراء والحكماء الضاربون في الزمن والحقب الماضية و دونوا فيه من خلال تجاربهم ومآسيهم وأفراحهم وأتراحهم كل هذا الأدب الذي نقرأه ونسمعه. كتب جمعوها ودرسوها كبار الأدباء وكذلك نسمعه في الأمثال الشعبية وفي الحكم وفي القصص الشعبية التي كانت تحكيها لنا الجدات ونتداولها بيننا كأطفال في أوقات المساء . فالأدب الشعبي لا يزال حتى اليوم له حضوره وإن كان بسيطاً فهو طابع يمني وهوية وطن ولا يجب أن يُغيب أبدا ففي كتاب الأديب عبد الله البردوني ( فنون الأدب اليمني ) تحدث وبشكل ملفت ومتقن عن الأدب الشعبي اليمني من شعر وحكايات وأقوال لعلي بن زايد حكيم الشعب وفن الزامل والمهاجل والأغاني الشعبية والأمثال .. فاليمن تزخر بالكثير من الحكماء والعلماء كيف لا وقد قال عنا رسول الله أن الإيمان يمان والحكمة يمانية ..ولا أنسى الحكيم الحميد بن منصور وكذلك أبو عامر وابن زامل وغيرهم من حكماء اليمن الذي لا تزال أقوالهم وحكمهم تردد ها سماء اليمن وارضها ودورها .. وكذلك الشعراء الشعبيون اليمنيون والمغنون كلهم كانوا وما زالوا هوية شعب وطابع يمني يجب الحفاظ عليه كما في دول الخليج التي تؤمن بهويتها وتراثها البدوي وتقيم جوائز تشجع مثل هكذا أدب وهوية أرض.اعتقد أن من الأفضل أن لا يُغيب الأدب الشعبي لأن كل أطياف وطبقات المجتمع اليمني على تباين ثقافاتها يميلون له كثيراً ويلاقي اهتماماً بالغاً من قبل كل الناس لانه يُدرك لألبابهم فهو بلغتهم العامية ويلامس شغاف قلوبهم ..متحدثا عما تريد انفسهم .. ونحن في منتدى الرابطة القلمية الثقافي نهتم بالأدب الشعبي و رواده الشباب المبدعين كما أننا احتفينا باليوم العالمي للملكية الفكرية واهتممنا بجانب الملكية الفكرية اليمنية وهويتها في الشعر الشعبي والزامل وغيرها من موروثات أدبية وإثراء الاحتفاء عدد من الشعراء الشباب الذين يجيدون الشعر الشعبي .. يمكن أن يعاد الأدب الشعبي إلى الواجهة بإصرار رواده الشباب والشعراء على ان يبقى إيمانا منهم بهذا اللون الأدبي والفكري لليمن .- دخلت أصناف جديدة إلى الأدب ، وبدأت تخبو الأساليب الأدبية التقليدية ؟ هل تعتبرونه تطوراً يخدم الأدب أم آنه يجاري التطور والسرعة في حياة الناس؟ -- كل تجديد يعني تطورا والأصناف الجديدة التي دخلت على الأدب باعتقادي هي أجناس أدبية مشتقة من الأجناس التي عهدناها - الشعر والنثر - فالقصة تطور وتجديد للحكاية وطابعها التقليدي والأقصوصة أو القصص القصيرة جدا ( الومضات القصصية ) أتت لتضيف تطورا جديدا إلى ادب القصة فهي قصص مختزلة لفكرة لا تتعدى الأسطر أو الخمسة عشرة كلمة كما في كتاباتي لتجاري عصر السرعة الذي نحن فيه والأفكار والهواجس التي تراودنا لنكتبها في ظل هذه المناهل الحياتية التي تخلصت من الروتين فكل يوم بتنا نتوقع حدثا جديدا .. وكما ان الشعر الحر والتفعيلة في المدرسة الواقعية كان فنا دخيلا على الشعر العربي الموزون .. ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب وغيرهما قد كانوا من رواده وشقوا لهذا الأدب طريق النور وبتنا ننتهج نهجهم في الكتابة الشعرية التي تحتوي موسيقى داخلية وأخيلة متعددة ،(و الق .ق .ج) فن ربما دخيل على القصة وبعض النقاد لا يعتبرونها قصة لعدم توفر أساسيات القصة فيها من سرد و وصف وحوار إلا أنني من مناصري هذا الأدب الذي يجب أن نشق له طريق النور ليستمر .. نعم نعتبر هذا التطور يخدم الأدب ويجاري عصر السرعة في حياتنا في آن .. ففي كلا الحالتين الأدب لا يظل راكد لأنه شلال أفكار متدفق وكل يوم هو في تطور وتجدد كما الحياة وهذا العصر ينتهي فيه اليوم بسرعة بانشغالات متعددة والتزامات كثيرة مما يلح علينا بحاجتنا إلى كتابات قصيرة وأفكار مطروحة بكلمات مختزلة بعيداً عن الرتابة والملل وانتهاج المجلدات والإسهاب في الكتابة الأدبية.- ماذا عن الصعوبات التي تواجه الأدب والثقافة في اليمن؟-- لن أتحدث عن الصعوبات فالقارئ سيطلق زفرة محزونة تتلوها هموم متجمعة في صدره .. الصعوبات معروفة جداً بقي أن نعرف كيف نتغلب عليها .. الثروة البشرية عماد كل شيء والثقافة اليمنية بموروثاتها وتاريخها وعاداتها بحاجة ماسة إلى اهتمام منا كابناء وطن له ماض زاخر وثري بالخير ومن الجهات المعنية ايضاً بمشاركة الجميع سنحافظ على ثقافتنا اليمنية وطابعنا الحضاري منذ عهد سبأ .. لو عدنا إلى ديننا حين شبه رسولنا الكريم المسلمون بالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعا له سائر الجسد بالسهر والحمى دليل على التراحم والتعاطف والتكاتف بين المسلمين .. ولو تقبل كل منا الآخر وأخذ بيد ه واعترف بوجود ه لكان كل شيء بخير ولتكسرت الصعوبات والمعوقات التي تواجه الثقافة اليمنية وادبها وغيرها من شؤون حياتيه وسياسية .. لأننا حين يؤمن كل بالآخر ويدرك أن ذاك الآخر جزء من جسده كمسلمين نرحم بعضنا وننشر الود والسلام حولنا .. سنواجه كل المنعطفات بقوة ولن يكسرنا أو يثنينا شيء .. عندما نؤمن بأنفسنا ونعتز بثقافتنا وأدبنا ونصر على أن نكون الأفضل ونتكل على الله بكل شئوننا ستنحني لنا كل الصعوبات وتذلل أمامنا .. هي دعوة مني للجميع بنبذ الخلافات والعصبية و الاتجاه إلى الحرف والثقافة ولندرك ما تعنيه ثقافة وأدب فليس كل إنسان مثقف ولا أي صاحب قلم أديب .. فالأدب رسالة عظيمة والأدباء أرواح متفردة بالتواضع والود والصفاء وحب الخير والعطاء .. بما أصفهم ؟ فقد عجزت حروفي عن التعبير فالجميع بوسعه أن يميز الأديب عن غيره .. ما بوسعي الآن أن أقوله هو أن حمائم السلام التي كانت في حديقة دارنا قد قطفت الورود البيضاء وحلقت إلى سماء هذا الوطن لتنثر السلام وتبلسم جرحا نازفا يحتاج إلى كل حمامة سلام في أرواحكم .. فالوطن يؤلمنا جميعاً .. أتمنى أن يعود كما كان ملونا في طفولتنا !.