للمعنيين فقط
ككل جريمة صريحة وبائنة يتم نشوؤها وتشكلها وتنفيذها في وبحق هذا الوطن وضد أمن واستقرار وعيش وصحة وسلامة رماله وأرضه وناسه. يسندها ويقوي من تطاولها لا بتجاهلها والتزام الصمت حيالها وغض النظر عنها وتجنب البوح باسرارها ومنازلتها، وإنما بالضجيج الذي يزدحم صداه ويتعالى مع لحظة وقوعها وانكشاف أمرها وخروجها عن السيطرة وبفيض وتبهت جديته وعزمه قبل تلاشي آثارها واندمال جراحاتها، وعلى نحو يغدو معه مؤشراً يسمح ويبارك ويحرض على مواصلة الاستمرار في ارتكاب وتماثل جرائم أنكى والعن وأصلف من سابقاتها.وهكذا أيضاً كانت جرائم التعدي على ارخبيل جزيرة سقطرى أوسع عدة وعتاداً وعدداً وابلغ اثراً بما لايقاس بالفترات التي كانت فيها تخضع للتهميش والعزل والتجاهل، ليبدأ موسم انتعاش الانقضاض عليها بشتى صور النهب والتدمير والعبث المبرمج والممنهج الذي طال أرضها وطبيعتها وتاريخها وآثارها، مع تعالي وارتفاع صرخات الاهتمام بها والتحدث عنها، ومع توالي وتراكم صدور الفرمانات والقرارات والتوجيهات والخطب والمقالات والتصريحات التي تمجد وتتغنى وتفاخر وتنادي وتعمل على حماية وصون ورعاية التنوع الطبيعي البيئي الحيواني والنباتي والتاريخي والآثاري والثراء الثقافي الانساني فيها.بدءاً من فتح مسالك الوصول إليها واعلانها محمية طبيعية، وتحويلها إلى مزار سياحي عالمي ومروراً باعتمادها محافظة كي تتمكن من استعادة وتثبيت مكانتها المطلوبة والمرجوة. وهي اجراءات وقرارات وفرمانات بدلاً من أن تؤتي أكلها لصالح تعزيز ونمو واستقرار هذه الجزيرة وتوسع مناحي الاهتمام بها وابراز مكانتها ودورها الجمالي الثقافي التاريخي البكر تحولت إلى وبال عليها وعلى وجودها وسحر تنوعها الغني والثري، ومسرح يضج بارتكاب شتى صور الجرائم المنظمة ضدها وضد مقدراتها ومواردها بدءاً من جرائم السطو على اراضيها ونهبها والاستيلاء عليها وتشويه وتدمير خصوصيتها وهويتها ووصولاً إلى نبش وتحطيم مواقعها الاثارية والسطو عليها والمتاجرة بها، وهي جرائم ما كانت لتجد طريقها إلى التوسع والتمدد والوصول إلى ما وصلت إليه لولا تلك القرارات والتصريحات والاجراءات التي تقضي بتعقب ومحاكمة المتسببين في ارتكاب تلك الجرائم بحق جزيرة أو (محافظة) سقطرى والتي ما ان يتم اعلانها وتشكيل اللجان بشأنها ومحاسبة ومعاقبة مرتكبيها حتى نفاجأ بحدوث ووقوع جريمة اخرى اشد وأثقل وزناً وأثراً وفجيعة فتضيع الجريمة السابقة في دوشة وجلبة الجريمة اللاحقة وهكذا فمنذ ان تم نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام الذي شهد تشكيل لجنة وزارية للنزول إلى جزيرة سقطرى والقاء القبض على من قاموا بالسطو على الاراضي فيها وتقديمهم إلى العدالة، مرت الشهور دون ان نسمع أو نعلم عن هذا الامر شيئاً لنصحو في اعتاب الأسابيع القريبة الماضية على تجدد وقوع جريمة نهب وتدمير ثمانية مواقع اثرية في منطقة (مومى) الواقعة شرق الجزيرة وحظيت هذه الجريمة بعدد من التصريحات والتوجيهات والمناشدات الحكومية الرسمية بسرعة القبض على الجناة المعروفين واستعادة المنهوبات وإنزال اشد العقوبة بمرتكبيها والتي استمرت قرابة ثلاثة أيام فقط لتنتهي وتبهت كالعادة جذوة هذه التصريحات لنظل نحن المتلقين والمعنيين والمتضررين من وقوع هذه الجرائم ننتظر وقوع جريمة أشد وطأة وفسوقاً لنبدأ تجدد مشوار التصريحات المنددة والرافضة التي اصبحت تعني لنا محطات شؤم ونذيراً بسوء عاقبة لا أكثر ولا أقل.