آخر كـلام
صار الاتفاق سلعة نفيسة باهظة الثمن هذا فضلاً عن كونها سلعة نادرة فهي الحسناء التي تكبل مريدها بالمهر الذي يفوق ثروة الخاطب، فإليها يحج المتخاصمون طمعاً في إصلاح ذات البين وتفعيل الاتفاق فيما بينهم وكسر شوكة النزاع الذي نهانا عنه الله سبحانه وتعالى في محكم آي التنزيل بقوله جل من قائل (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، والنبي والرسول الأعظم (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).فنظراً لاختلافنا وتفرقنا اصبحنا شعبين تحت سماء واحدة، فلم ننشغل بقضايا التنمية والاعمار ـ بقدر ما شُغلنا بالقضايا والمسائل الخلافية، وبالاعداد والتجهيز للنيل من الطرف الآخر، فدفعنا بالبلاد في طريق الهلاك فتعاظمت آلام الأمة وتفاقمت مشكلاتها وازدادت حسراتها، فالجميع يعمق الانتماء لمكونات محدودة بذاتها ولا يسأل عن الوطن وراهن حالها، فإذا صحا ضمير البعض وأراد أن ينشغل بالبناء واجهه الطرف الآخر بالهدم والهدم المنظم إذ لا يتضرر من تلك السياسات الباعثة للاحتقان سوى المواطن الفقير الغلبان الذي يتجرع الغصص والأكدار والمتاعب.ان السباحة ضد التيار فيها من المغامرة ما فيها، وفيها من مشاق المغامرة ما فيها، فتلكم السباحة العكسية لا تمكن الأمة من سبر أغوار القضايا المصيرية الموجهة ومنها قضايا الأمن والاستقرار، وقضايا الصراع والنزاع المجتمعي والوقوف عند بواعثه ومسبباته، فنحن أمة واحدة جبلت على طاعة الله عز وجل بشتى أشكال وصور الطاعة لا يجب ان يرانا الله عز وجل في المكان الذي نهانا عنه ولا يجب ان يفتقدنا سبحانه في المكان الذي أراد لنا أن نكون فيه، فالاتفاق مطلب شعبي وجماهيري من أجل الخروج بالبلد من الدوامة المتهالكة أمام رغبة الجميع في استثمار ما تبقى من وقت للإسهام الشامل في تعزيز النهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة من خلال تحرير الشارع الشعبي والمحيط الجماهيري من سلوك الاهتراء والتماهي عبر الاتفاق الحبي والناجز بين مختلف المجاميع والقوى السياسية على ما يعيد مستقبل الشعب اليمني العظيم حيث يكون الاتفاق بهدف تأمين مصالح ومنافع شعبنا اليمني العظيم لا من أجل تأمين مصالح ومنافع ما عداهم.فهيا نتفق من أجل اسعاد شعبنا بفتح صفحة جديدة وإغلاق كشاكيل وملفات الماضي البغيض، وهيا نتفق من اجل استعادة الكرامة للمواطن اليمني الذي يئن تحت طائلة الجوع والفقر، وهيا نتفق ليكون التعدد السياسي في البلاد تعدد تنوع لا تعدد اختلاف، وهيا نتفق ونقلص مساحة التباين والاختلاف فيما بيننا ونرعى العهود والمواثيق ونحقن دماء اليمانيين جميعاً، فنحن على متن سفينة واحدة، نأمل الا تخرق كي لا نغرق جميعنا.فالتحريش الشيطاني يقف حاجزاً وسداً منيعاً امام تعميق جذور الاتفاق والتفرغ للبناء والاعمار والتنمية الشاملة إذ يجب على مختلف الفعاليات السياسية في البلاد ان تصغي لمطالب الشعب في الاتفاق والتعايش السلمي الآمن من اجل الخروج من الأزمات وتهيئة الطريق لنهضة اقتصادية وسياسية عامرة.