وزير الإعلام نصر طه مصطفى في حوار مع صحيفة "عكاظ" السعودية:
عمران / سبأ : أكد وزير الإعلام نصر طه مصطفى أن سياسات الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية التي تعمل على تحقيق أكبر قدر من التوافق حول القضايا المختلف عليها وفكفكة التعقيدات بتأن وبصيرة أوصلت اليمن إلى ختام ناجح لمؤتمر الحوار الوطني.واعتبر الوزير مصطفى في حوار نشرته صحيفة "عكاظ" السعودية أمس أن مؤتمر الحوار سفينة النجاة الوحيدة والممكنة لليمنيين، وأن مشروع الانفصال تراجع على الأقل من الناحية النظرية.وقال "تحقيق الأمن ومحاربة الفساد يحتاجان لإرادة سياسية جبارة وتكامل كبير بين مؤسسات الرئاسة وأجهزة الحكومة والسلطات المحلية والاصطفاف المجتمعي باعتبارهما مصلحة وطنية ومجتمعية راجحة".وأضاف "أحلام اليمنيين كثيرة وكبيرة وهم شعب حرم من أبسط مقومات الحياة الكريمة على امتداد عقود طويلة إن لم نقل قروناً، ومن حقهم اليوم أن يطمحوا ويحلموا، وعليهم أن ألا يسمحوا بعودة أمراض الماضي وألا يقبلوا مجددا بأية سلطة استبدادية سواء كانت فردية أم عائلية أو سلالية أو حزبية، وكلها مخاطر مازالت قائمة بشكل أو بآخر، فالشعب اليمني لم يقتلع الثوم في ثورته عام 2011م ليغرس بدلا عنه بصلا".وأشار الوزير مصطفى إلى أن اليمن يمر بمخاضات واستحقاقات طبيعية كنتاج لعملية تغيير قيصرية عقب حكم فردي امتد لثلث قرن تشكلت بداخله وعلى هامشه جماعات مصالح ومؤسسات فساد راسخة وممتدة على جميع هياكل الدولة وأجهزتها أفقيا ورأسيا، وكل هذه بدورها أنتجت كما هائلا من الصراعات الجانبية والتيارات التي كانت تشعر بالغبن والرؤى المختلفة حد التناقض إلى جانب ثقافة محدودة ضيقة الأفق في مجال التعايش السلمي والقبول بالآخر.وأشاد وزير الإعلام بالأدوار السعودية تجاه اليمن التي تتسم دوما بأنها مفصلية وحاسمة وذلك أمر طبيعي باعتبار البلدين الشقيقين جارين ترتبط وتنمو مصالحهما بحجم الاستقرار فيهما.وقال "لأن اليمن مر بدورات متعددة من الصراعات الدموية المؤلمة فقد كان لابد من دور سعودي مؤثر في الكثير من هذه الدورات، ونتذكر أنه لولا الدور السعودي الإيجابي عام 1970 لما نجحت المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين، وظل دور المملكة مؤثرا منذ ذلك الحين وأسهمت في مراحل عدة في دعم الموازنة العامة للدولة ومسيرة التنمية".وتابع ": ولما خرج اليمنيون إلى الساحات والشوارع يطالبون بتغيير النظام في فبراير 2011م إذا بنا نجد أن المملكة العربية السعودية انحازت إلى مطالبهم انطلاقا من إدراكها أن نظام الرئيس السابق كان قد وصل إلى مرحلة النهاية ولم يعد لديه ما يعطيه".وأردف الوزير مصطفى "ولذلك قامت المملكة مع دول مجلس التعاون بتبني اتفاق القوى السياسية اليمنية الرئيسية الذي تم في صنعاء عقب مذبحة جمعة الكرامة وبلورته ليصبح ما عرف رسميا بالمبادرة الخليجية ".واستدرك قائلا :" ولولا هذا الدور التاريخي للمملكة وتحديدا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله في عمره لما نجحت عملية التغيير في اليمن ولما تم نقل السلطة سلميا" .. مضيفا "منذ ذلك الحين ظل الدور السعودي جوهريا في كل الجوانب وبالذات السياسية والاقتصادية ويصعب علينا في هذا الحيز الإشارة إلى كل تفاصيل هذا الدور وهو أمر يعرفه كل المهتمين والمتابعين، وكان آخرها الدعم السخي الذي قدمه خادم الحرمين عند لقائه الاخ الرئيس عبدربه منصور هادي يوم الثلاثاء 8 يوليو الجاري في جده، وهو الدعم الذي سيخرج الشعب اليمني من الضائقة الاقتصادية الخانقة التي مر ويمر بها في الآونة الأخيرة.وفي ما يتعلق بمحاولات زعزعة الأمن على الحدود اليمنية السعودية، أوضح وزير الإعلام أن أطراف عدة لها مصلحة واضحة في زعزعة الأمن على الحدود اليمنية السعودية، و تعمل لمصالح أطراف خارجية منها دول كإيران وحلفائها ومنها منظمات إرهابية كالقاعدة ومنها أطراف داخلية تشعر بالقلق من أي إجراءات قوية مشتركة لضبط الحدود كتجار السلاح والمخدرات ومن يقف وراءهم.. مشيرا إلى أن على اليمن والمملكة التفكير الجاد باتجاه إنجاز رؤية للتنسيق والتكامل الأمني وكذا تقديم دعم أمني سخي مادي ولوجيستي من المملكة لليمن الذي تحول قدراته الاقتصادية الضعيفة من توفير غطاء أمني قوي لحدوده.وأشار إلى أن اليمن في ظل قيادة الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي انتقلت إلى مرحلة جادة وحقيقية في محاربة القاعدة وفي المواجهة العسكرية معها على عكس ما كان قائما في العهد السابق، موضحا أن الأخ رئيس الجمهورية جاد في خوض هذه المعركة إلى نهايتها وليس لديه أي خيارات أخرى ويدرك أنه لا مجال للتلاعب بهذه الورقة الخطيرة التي دمرت التنمية والاستثمارات والسياحة وكادت أن تعرض اليمن للتدخل الدولي المباشر.ولفت إلى أنه تم تشكيل لجنتين حكومتين لإقامة مركز خاص فكري وتثقيفي ونفسي لإعادة تأهيل أعضاء القاعدة سواء الذين سيتم إعادتهم من غوانتنامو أو المقبوض عليهم حاليا، وهو مركز سيقام بالاستفادة من التجربة السعودية الناجحة في هذا المجال وسيحظى بدعم من الأشقاء في المملكة وكذلك من الولايات المتحدة الأمريكية.وأكد وزير الإعلام عزم قيادة الوزارة على إعطاء أولوية لمتابعة استكمال إجراءات إقرار مشروع القانون الخاص بالاعلام السمعي والبصري والذي ينظم عمل القنوات اليمنية الخاصة الاذاعية والتلفزيونية قبل نهاية العام الحالي بما يمكن من ضبط أداء هذه القنوات دون المساس بحرية الرأي، مشيرا إلى أن بعض هذه القنوات تعمل على توتير علاقات اليمن بأشقائه خصوصا وأن جميع القنوات الخاصة تعمل خارج القانون منذ إنشائها وجرت عدة محاولات في السنوات الأخيرة لإقرار قانون ينظم عملها دون جدوى.وقال "للأسف من هذه القنوات من يسيء لعلاقات اليمن بالمملكة وهناك من يسيء لعلاقات اليمن بالشقيقة مصر وهناك من يسيء لعلاقات اليمن بدولة قطر وهكذا دون وازع من ضمير أو أخلاق، وذات السلوك نجده في العشرات من الصحف والمواقع الالكترونية".وحول علاقة مجلس الأمن والفصل السابع بالعملية السياسية اليمن أوضح وزير الإعلام أن اليمن لم يوضع تحت الفصل السابع وهو مفهوم ينبغي أن يتضح ويتم تصحيحه، فالعقوبات الدولية المطلوبة على معرقلي المبادرة الخليجية والتسوية السياسية هي جزء من الفصل السابع، والصحيح أن هؤلاء المعرقلين من اليمنيين هم من يقع تحت طائلة الفصل السابع وليس اليمن كدولة أو كشعب.وأضاف "لم نكن نتمنى أن تلجأ الحكومة لطلب ذلك من مجلس الأمن لولا أن مساعي بعض هؤلاء لإعاقة عملية الانتقال السياسي زادت عن حدها، وكان لابد من التلويح الجاد لهم بعصا العقوبات، لكن يبدو أنه لا توجد فائدة من مجرد التلويح فمحاولاتهم لإسقاط الوضع القائم مستمرة، ولذلك ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة ومحددة وحاسمة لدى القيادة السياسية والحكومة والدول العشر الراعية للمبادرة حول آلية وكيفية تحديد المعرقلين بدقة بعيدا عن المزايدات السياسية والابتزاز السياسي كما حدث مؤخرا في المساومات التي سبقت بيان مجلس الأمن الدولي الذي صدر عقب سقوط عمران، ولاشك أن استمرار مثل هذه المساومات لن يكون مفيدا للحل السياسي ولنجاح التجربة اليمنية في الانتقال السلمي".وفي معرض رده على سؤال عن تقييمه للوضع الأمني في اليمن أجاب الوزير مصطفى "الوضع الأمني في أسوأ حالاته للأسف الشديد، والمقصود هنا الوضع الأمني بمعناه الكلي أو الإستراتيجي وليس على مستوى التفاصيل، فهناك محافظات تحسنت أوضاعها الأمنية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة وهناك محافظات تعيش وضعا أمنيا مقبولا مقارنة بما مر به اليمن من أحداث عاصفة، لكن على المستوى الكلي فالمخاطر لازالت كبيرة فالقاعدة توسعت في نشاطها واستقطابها للمغرر بهم، وكان يفترض أن تتواصل الملاحقات العسكرية والأمنية التي تمت ضدها في الفترة الأخيرة لتشمل التضييق على عناصرها في محافظة حضرموت والمحافظات الشمالية وعدم الاكتفاء بالعمليات العسكرية ضدها في محافظتي أبين وشبوة".وقال "أيضا الحركة الحوثية المسلحة أخذت تتمدد بشكل ملحوظ وتلتهم المديريات تلو المديريات وتسلبها من يد الدولة".ومضى قائلا "الدولة والحكومة أمام اختبار جاد وقاسِ للحفاظ على هيبتها وسيادتها على أراضيها أيا كان المعتدي على هذه الهيبة والسيادة، للأسف هناك من يريد تحويل الخلاف السياسي بين حزب الإصلاح والحركة الحوثية إلى صراع مذهبي مسلح وإغراق شمال الشمال في حروب دموية لا تنتهي وهذا ما حذر منه الرئيس هادي قبل عدة أيام في كلمته أمام طلاب الكلية الحربية محذرا من تكرار ما يحدث في سوريا والعراق، وللأسف أيضا فهناك من يريد سيطرة الحوثيين على محافظات شمال الشمال المحادة للمملكة لتظل وسيلة لابتزازها".وتابع "ما نعيبه على الحوثيين هو انتهاج خط العنف لتحقيق أهدافهم ورؤاهم، ولا نعترض على وجودهم ككيان سياسي وتيار فكري بل إننا في الحكومة مع حقهم في الحضور السياسي والفكري على الساحة الوطنية، ولا أحد يريد في اليمن القضاء عليهم بدليل مشاركتهم في مؤتمر الحوار وتعاطي كل الأطراف معهم بشكل جاد، فقد أثبتت التجارب أن العنف واستخدام القوة من قبل الأنظمة لا يقضي على التيارات الفكرية، والحركة الحوثية تيار فكري سياسي وليست مجرد حركة عنف، لكنها تخطئ عندما تعتقد أن القوة والعنف هما الوسيلة الأفضل والأسهل لفرض فكرها وانتشارها السياسي، كما أن الدولة تخطئ عندما تظن أن استخدام القوة فقط ضد الحركة الحوثية هو الكفيل بتحجيمها أو القضاء عليها وقد خاضت الدولة فيما مضى ستة حروب للقضاء عليها دون جدوى".وأكد وزير الاعلام أن الحكومة مع أن تعبّر الحركة الحوثية عن نفسها عبر حزب سياسي وتثبت حضورها وتأثيرها الشعبي عن طريق الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية وليس باستخدام القوة المسلحة، لكنها حتى الآن ترفض تأطير نفسها في حزب سياسي أو انتقال قيادتها إلى العاصمة كسائر الأحزاب السياسية، والجميع يعلم أنها حركة تحظى بدعم مالي كبير وهذا يسهل لها الحركة وسرعة الانتشار في بلد يستشري فيه الفقر بنسب ضخمة تتجاوز 70 بالمائة من السكان.واستطرد قائلا "الحكومة جلست للتفاوض مع الحوثيين في عهد الرئيس السابق وهي كانت في حال أفضل اقتصاديا وسياسيا وعسكريا من الوضع القائم حاليا كون الجيش ضعيف ومازال يعاني من الآثار السلبية لانقسامه الذي حدث عام 2011م، كما أن أوضاعنا الاقتصادية أسوأ مما كانت عليه بسبب استمرار توقف التنمية والاستثمارات الخارجية إلى جانب الانخفاض الملحوظ في كميات النفط التي يتم إنتاجها، كما أن الحكومة لا ترغب في خوض حرب سابعة مع الحوثيين في ظل الوضع المشار إليه آنفا، لكن يبدو للأسف الشديد أن الأخوة الحوثيين يدركون كل ذلك فيواصلون الضغط العسكري على الدولة والانتشار المسلح وإسقاط المديريات بأعذار مختلفة وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الجغرافية والسياسية، فيما الدولة تجنح للسلم ولا تجد استجابة بذات القدر".وعبر الوزير مصطفى عن أمله في أن تقرأ الحركة الحوثية التاريخ ودروسه جيدا وألا تنصاع لغرور القوة الذي يعمي عن رؤية الحقائق فالدول تمر بحالات ضعف في لحظات معينة يغري الطامعين لكنها عندما تجد القيادات الوطنية القادرة على النهوض بها وإعادة توحيد صفوفها سرعان ما تلتئم وتتوحد وتنهض مجددا وتقضي على كل حالات التمرد ومحاولات إسقاطها ودروس التاريخ البعيد والقريب تقول ذلك.وشدد على أن اليمنيين سينهضون مجددا من كبوتهم التي أوصلهم إليها الحكم الفردي، وما عاشونه خلال السنوات الثلاث الماضية ليس إلا مخاضات لتنقية الصفوف من الذين لم يتعلموا من تجارب الماضي وكذلك تنقية الصفوف من الرافضين لمخرجات الحوار الوطني التي أجمعت عليها كل القوى ووقعت عليها جميعا عدا طرف واحد رفض التوقيع على ضماناتها ورفض القبول بقرار لجنة الأقاليم وقرر العودة للغة القوة المسلحة لفرض ما يريد.