(34 %) من أصحاب المهن الحرة هم من الطبقة المتوسطة
لقاء/ أحمد الطيارقال الباحث والمحلل الاقتصادي نبيل الطيري إن انهيار الطبقة المتوسطة في اليمن يعني انهيار أهم صمام أمان اقتصادي اجتماعي للبلد وسيقود لانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها، وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها.وأكد الطيري أن الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية هي قوة وماكنة تغيير اقتصادي فعال والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أسطعها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، والفترة الأخيرة في الصين والهند.وأشار الباحث الطيري إلى إن زيادة الطبقة المتوسطة في اليمن تتطلب جهدا كبيرا من كافة الجهات سواء من القطاع الخاص وقوى المجتمع المدني، وقبل ذلك من الحكومة، فالطبقة المتوسطة أهم من أن تترك لآليات السوق وقوى العرض والطلب فقط، ويتطلب ذلك استراتيجية اقتصادية وسياسية واضحة من الحكومة موجهة لأبناء هذه الطبقة تستوعب مطالبهم وآمالهم وتسعى لتنفيذها من خلال السياسات العامة المختلفة للدولة .[c1]تعريف[/c]> نريد أن نعرف ما المقصود بالطبقة المتوسطة ؟ ثم ما وضع هذه الطبقة حاليا في اليمن؟> > الطبقة المتوسطة ليست فئة اقتصادية بحد ذاتها ، بل تمثل مفهوما واسعا يتم تحديده من خلال المهنة ومستوى التعليم والمؤهلات المهنية ومستوى الدخل والإنفاق والقيم والمعايير ، وهذا يعني أن الانتماء للطبقة المتوسطة يعتبر أسلوب حياة فهي ليست بالثرية التي تشغل بالها قضية تنمية ثرواتها، وليست بالفقيرة التي تشغل بالها قضية تأمين أساسيات معيشتها، تتألف من فئات المجتمع وشرائحه المثقفة من أطباء ومهندسين وإداريين وأساتذة جامعات وسواهم، وعليها يقع عبء إدارة الحياة اليومية في أي بلد، وأي مجتمع. تشغل بالها قضايا الوطن وهمومه أكثر من سواها. وعادة تشكل التعداد الأكثر سكاناً في أي مجتمع. لذلك، ونظراً لأهميتها ودورها الاقتصادي والاجتماعي والمسؤوليات التي تتحملها تسعى كل طبقة لأن تأخذها إلى جانبها، فتقوى بها وتوظفها لصالحها، سواء أكانت غنية أم فقيرة.[c1]قياسات[/c]> كيف يتم قياس حجم ومستوى الطبقة المتوسطة في اليمن ؟> > لقياس حجم الطبقة المتوسطة في بلادنا اعتمدت دراسة الطبقة المتوسطة في اليمن في العام 2010 على معيار الدخل والإنفاق ، من خلال منهجية تقوم على تحديد مجموعة الدخل المتوسط بوصفها تلك التي يكون دخل أفرادها ما بين ضعفين وستة أضعاف خط الفقر الوطني. وهي منهجية عالمية تم استخدامها في العديد من دول العالم ، كما أنها تناسب وضع اليمن وتُبنى على البيانات الإحصائية المعتمدة لثلاثة مسوحات لميزانية الأسرة 1992 و1998 و2005 /2006 تظهر محددات الطبقة المتوسطة على مؤشرات الدخل والإنفاق لمسح ميزانية الأسرة التي توفر بيانات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية ترتبط مباشرة بالأوضاع المعيشية للأسرة والفرد ومستويات الإنفاق الاستهلاكي للأفراد والأسر كمقياس للرفاهية واستخدام المهنة والوضع الوظيفي لتقدير حجم الطبقة المتوسطة في اليمن .[c1]نتائج[/c]> أجريت في اليمن دراسات على الطبقة المتوسطة ما نتائج تلك الدراسة ؟> > وأظهرت النتائج أن حجم الطبقة المتوسطة حسب فئات الدخل تمثل أقل بقليل من نصف المجتمع اليمني أي 48% ، وفق مسح ميزانية الأسرة 2005 /2006 ، ومن المتوقع أن يكون حجم الطبقة المتوسطة حاليا أقل من ذلك بكثير ، حيث تراجع حجمها من 54 % في مسح 1992 إلى 47% في مسح 1998 نتيجة الآثار السلبية لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية خلال تلك الفترة . كما أن ضعف عدالة توزيع الدخل قد أدى إلى تآكل الطبقة المتوسطة حيث أتجه نمط توزيع الدخل في اليمن بصورة حادة لصالح المجموعات الخماسية الأكثر ثراء (الغني يزاد غنى والفقير يزداد فقرا) ، من المفترض أن يمتلك كل 20 % من السكان 20 % من إجمالي الدخل ولكن الفئات الخماسية الثانية والثالثة والرابعة والتي تمثل 60% من إجمالي السكان تبلغ حصتهم من الدخل 37 % من إجمالي الدخل.كما أن 46.3 % من المهنيين المتخصصين في سوق العمل اليمني هم من الطبقة المتوسطة والتي تضم العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا والمديرين وأصحاب المهن الاختصاصية كالمدرسين والأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين وكبار ضباط الجيش والأمن والفنيين العاملين في قطاع المعلوماتية، والمديرين العامين في القطاع العام. وهو ما يظهر أهمية الطبقة المتوسطة لتحفيز التنمية الاقتصادية في اليمن فرغم أن هذه المجموعة ليست مالكة لوسائل الإنتاج وغير ذلك من الأصول الرأسمالية، إلا أن أفراد هذه المجموعة أعادوا استثماراتهم في المجتمع، من خلال شراء ملكية وسائل الإنتاج الزراعي والعقاري والصناعي.وتزداد أهمية الطبقة المتوسطة في اليمن لأن أكثر من 34 % من أصحاب المهن الحرة هم من الطبقة المتوسطة.[c1]دور المجتمع[/c]> ما دور المجتمع نفسه ومنظماته الاقتصادية في المساهمة بتنمية الطبقة المتوسطة ؟> > إن الطبقة المتوسطة تشكل جزءا رئيسيا من القطاع الخاص من حيث المهن الكثيرة التي يمتهنها أصحاب الأعمال والمهن الحرة، حيث أن هناك علاقة جدلية بين نمو القطاع الخاص ونمو الطبقة المتوسطة في المجتمع. فانتعاش القطاع الخاص يعني صعود المزيد من أصحاب المهن الحرة والأعمال في مستويات دخولهم ليصبحوا جزءا من الطبقة المتوسطة أو ربما أعلى من ذلك. في حين أن نمو وتعزيز وضع الطبقة المتوسطة سوف يسهم في إنعاش القطاع الخاص ليس لأن جزءا منهم سيصبح جزءا من هذا القطاع فحسب، بل ونظرا لنمط معيشتهم وإنفاقهم الذي يشكل طلبا قويا على خدمات وسلع أصحاب الأعمال المهن الحرة. ويتطلب ذلك تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص .ويلعب القطاع الخاص دورا متزايدا في إيجاد فرص عمل تتطلب مهارات وبأجور تسهم في تحقيق أسلوب حياة الطبقة المتوسطة. ويعكس هذا تحولا بعيدا عن الطبقة المتوسطة التقليدية التي كانت مكونة من موظفي الخدمة المدنية ، وبعيدا عن الدعوة لزيادة وظائف وأجور ومنافع القطاع العام . فإن التحدي الأكبر يتمثل بتعزيز نمو القطاع الخاص من حيث العمالة وتشجيع إيجاد ظروف عمل مماثلة من حيث الأجور والمنافع والتأمينات الاجتماعية والوظيفية لتلك الموجودة في القطاع العام .[c1]الانهيار[/c]> ماذا لو انهارت الطبقة المتوسطة في اليمن؟> > إن انهيار الطبقة المتوسطة يعني انهيار أهم صمام أمان اقتصادي اجتماعي، وانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها، وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها. وبالتأكيد فإن انهيار الطبقة المتوسطة يعني أن تصبح فقيرة في معظمها! وهنا مكمن الخطورة! ذلك أن انهيار الطبقة المتوسطة مؤشر خطير لما ينتظر أي مجتمع من انقسامات طبقية ليست ولن تكون في صالحه، وتهديد لتماسك ولاستقرار اجتماعي واقتصادي مطلوب الحفاظ عليه وحمايته.[c1]واجبات الحكومة[/c]> ما الواجب على الحكومة تجاه المحافظة على وجود طبقة متوسطة وهل تسير خططها حاليا في هذا الاتجاه؟> > على اعتبار أنّ الطبقة المتوسطة تمثّل عنصرا مهماً في تثبيت مقومات التنمية الشاملة وفي تحقيق التماسك الاجتماعي وتوفير السلم الاجتماعي فإن الأمر يتطلب السعي خلال المرحلة القادمة إلى دفع نسق النموّ تعزيزا لمناعة الاقتصاد ورفعا للقدرة التنافسية، ما سيمكّن من الحفاظ على النسبة العالية للطبقة المتوسطة في المجتمع وتمتين قاعدتها ودعم مكتسباتها، والنهوض بالتشغيل ومزيد من تقليص الفقر المدقع وتحسين ظروف المعيشة.على الدولة تبني البرامج التي تستهدف استعادة قدرة أبناء هذه الطبقة على التمتع بنمط حياة وأسلوب معيشة الطبقة المتوسطة، ومنها على سبيل المثال القدرة على تملك مسكن وما يتطلبه من قيام الدولة بتوفير أراض لهذا الغرض بأسعار معقولة، وتطوير نظام التمويل العقاري بما يسمح بتوفير قروض ميسرة لهذا الغرض تتناسب مع دخول أبناء هذه الطبقة، ومنها على سبيل المثال أيضا التوسع في تبني سياسات واستراتيجيات التمويل المتوسط والأصغر .[c1]فائدة اقتصادية[/c]> وما فائدة وجود طبقة متوسطة في اليمن من الناحية الاقتصادية؟> > الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية هي قوة وماكنة تغيير اقتصادية فعالة. والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أسطعها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، والفترة الأخيرة في الصين والهند ،إن زيادة الطبقة المتوسطة في اليمن تتطلب جهدا كبيرا من كافة الجهات سواء من القطاع الخاص وقوى المجتمع المدني، وقبل ذلك من الحكومة، فالطبقة المتوسطة أهم من أن تترك لآليات السوق وقوى العرض والطلب فقط، ويتطلب ذلك استراتيجية اقتصادية وسياسية واضحة من الحكومة موجهة لأبناء هذه الطبقة تستوعب مطالبهم وآمالهم وتسعى لتنفيذها من خلال السياسات العامة المختلفة للدولة .وعلى الرغم من تراجع حجمها في اليمن إلا أنها تمثل الرافد الرئيسي للتنمية الاقتصادية في اليمن حيث أظهرت نتائج مسح ميزانية الأسرة 2005 /2006 أن الطبقة المتوسطة تنفق 45.3 % من إجمالي النفقات ،كما أن نسبة 49 % من أرباب الأسر الحاصلين على مستوى تعليمي جامعي(دبلوم - بكالوريوس- ماجستير -دكتوراه) تنتمي إلى الطبقة المتوسطة في حين كانت نسبة 27 % تنتمي إلى الطبقة الغنية .[c1]التوجهات الحكومية[/c]تظهر التوجهات الحكومية من خلال البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 - 2014 أن هناك العديد من الاتجاهات التي تصب في دعم الطبقة المتوسطة من الأسفل واتساع حجهما وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة ومن أهم هذه التوجهات برنامج إنعاش اقتصادي متوسط المدى يركز على تنشيط النمو الاقتصادي للحد من البطالة من خلال السياسات التي تستهدف القطاعات الواعدة في القطاع الزراعي والسمكي والسياحي وتعزيز الجوانب الاستثمارية ،و تحسين فاعلية برامج ومناهج التعليم الفني والتدريب المهني، ورفع كفاءتها بما يتوافق واحتياجات سوق العمل على المستويين المحلي والإقليمي. و تحقيق المواءمة بين مخرجات مؤسسات التعليم العالي مع متطلبات التنمية وسوق العمل بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتحسين بيئة أداء الأعمال .وإيجاد شراكة حقيقية فاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص .