إنتاج العسل في شبوة
استطلاع/ شبوة/ إبراهيم حيدرةتشتهر محافظة شبوة بإنتاج أجود أنواع العسل اليمني, وبالذات "عسل السدر" الذي يحتل المرتبة الأولى بين كل الأنواع, وينافس من حيث شهرته عسل وادي دوعن بمحافظة حضرموت, وتكون الفترة من منتصف شهر سبتمبر إلى بداية نوفمبر هي الفترة الملائمة لإنتاجه.. وتعد مهنة تربية النحل من المهن التي تسهم في توفير فرص عمل لعدد من الأسر في شبوة, ومصدرًا رئيسيًا من مصادر دخلها, وخاصة في مديريات: جردان, حبان, بيحان، نصاب، حطيب، ميفعة.. وبعض المناطق الأخرى, وتختلف كمية المناحل من منطقة إلى أخرى, وحسب المركز الوطني للعلوم فإن عدد خلايا النحل في شبوة في العام 2009م, بلغ (169,019) خلية, وبلغت الكمية الإنتاجية للعسل (321,450) كيلو جراماً.طرق إنتاج العسل يبدأ موسم إنتاج "عسل السدر" في شبوة من الخامس عشر من سبتمبر إلى الخامس من نوفمبر كما أسلفنا, وهذه الفترة يبدأ فيها النحل ببناء العسل من ثمر أشجار السدر (العلب) الذي ينتشر في مناطق شبوة بكثافة, وخاصة مديرية جردان التي ينسب إليها العسل (الجرداني) ذائع الشهرة. ويستمر النحل في البناء لمدة خمسون يومًا أو أكثر بقليل, ومن ثم يبدأ موسم (الدبسة), أي استخراج العسل من الخلايا أو(الجُبوح) ومفردها (جبح) باللهجة المحلية, في الخامس من نوفمبر, وقد يستمر الموسم في بعض المناطق إلى نهاية ديسمبر.. أما بالنسبة لعسل "السمر" فيكون موسمه في شهر مايو. ويعتمد النحالون على الطرق التقليدية في عملية استخراج العسل من خلايا النحل, وتكون الخلايا إما ذات شكل دائري وتصنع من جذوع الأشجار, أو خلايا الصناديق الخشبية, أو (الجحال) وهي خلايا مصنوعة من الطين وهذا النوع من الخلايا نادر جدًّا؛ لصعوبة نقله من مكان إلى آخر, وأكثر ما ينتشر في شبوة هي خلايا الصناديق الخشبية التي أصبحت لها ورش نجارة متخصصة لصناعتها. وبعد إخراج العسل من الخلايا يتم وضعه في براميل بلاستيكية أو أوان معدنية كبيرة , وتصفيته من كل الشوائب, وإبعاد الأقراص التي يوجد فيها البويضات المخصبة وهي أنابيب من الشمع تكون بارزة, والتي ينتج عنها إناث (شغالات ملكات) أو تكون غير مخصبة وينتج عنها الذكور, ويسمى محليًا (العيال), ومنها يتكاثر النحل, خصوصًا أيام المواسم. وإذا تمت تصفية الأقراص وتنقيتها يتم تكسيرها إلى قِطع صغيرة ووضعها في (توانكِ) حديدية, ثم تًترك تحت حرارة الشمس لفترة من (5 - 10) أيام, حتى يتم التأكد أن العسل قد نزل بشكل كامل من الشمع, وهذا النوع يسمى بـالعسل (المشنون), وأما الطريقة الأخرى فهي وضع الأقراص في إناء كبير ويترك على نار هادئة حتى تذوب مادة الشمع ويخرج العسل منها شهيًا, وهو ما يعرف بـالعسل (المقلي) , وكل نوع له مميزاته وخصائصه وأغراضه, وأكثر النحالين في شبوة يستخدمون الطريقة الأولى؛ كونها تبقي العسل طبيعيًا.مرحلة التوزيع والعرض في الأسواق وبعد ذلك يتم توزيعه في عبوات مختلفة الأحجام, ويتم عرضها في الأسواق, وتتراوح أسعارها حسب جودة العسل والكمية المطلوبة, حيث يصل سعر العبوة (خمسة ليترات) ذات الجودة العالية إلى (120,000) مئة وعشرين ألف ريال يمني, وتُصدّر منه كميات كبيرة إلى المدن الرئيسية في اليمن, وإلى دول الخليج وشرق آسيا خصوصًا ماليزيا واندونيسيا, وتخرج منه كميات أخرى عبارة عن هدايا يبعث بها السياح الأجانب والعرب لأصدقائهم في الدول العربية والأجنبية, أو على المستوى المحلي. وهناك طريقة أخرى لحفظ العسل وهي وضع الأقراص ذات الشمع الأبيض الممتلئة بعسل السدر الخالص في أواني معدنية, أو أي أواني أخرى تحفظه, وكل إناء (طاسة) يوضع داخله قرصين, بحيث تبقى هذه الأقراص طازجة, وهو ما يعرف بــ(الغروف) ويصل سعر الغرف الواحد إلى (18,000) الف ريال يمني فأكثر.منتج استراتيجي ولأهمية العسل اليمني في دعم اقتصاد الدولة, اعتبرته الحكومة من المنتجات الإستراتيجية حسب القرار رقم (77) الذي أصدره مجلس الوزراء اليمني في العام 2003م, الذي اعتبر العسل ضمن المحاصيل الإستراتيجية التي ترفد خزينة الدولة بمليارات الريالات. وبلغ إنتاج اليمن من العسل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، نحو (5000) خمسة آلاف طن سنويًا، تستقبل أسواق الخليج منه (500) خمس مائة طن سنويًا, بقيمة قدرها ثلاثة عشر مليار ريال يمني, كما أشارت التقارير الرسمية, وبهذا تكون شبوة وحضرموت من أكثر المحافظات التي تنتج العسل اليمني عالي الجودة. وهو ما يستدعي من الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الزراعة والري, أن تساهم في مساعدة المهتمين بتربية النحل, بإيجاد الجمعيات المتخصصة بمعالجة الأمراض التي يتعرض لها النحل في بعض المواسم والحد منها, وتوفير المكافحات الخاصة للحشرات التي يتضرر منها النحل. كما يجب على هيئة المواصفات والمقاييس اليمنية القيام بدورها في محاربة ظاهرة الغش, ومراقبة من يحاولون تشويه سمعة العسل اليمني, ووضع القوانين والمواصفات التي تحفظ للعسل اليمني سمعته التي اشتهر بها على مر التاريخ.