اعداد المحامي/ محمد عبدالمجيد روشانإن الشريعة الإسلامية وبهدف تحقيق الأمن النفسي والسكينة الروحية حرمت الاعتداء على النفس وما دونها ووقفت ضد أساليب التعذيب التي تقع على الانسان بشكل مباشر أو غير مباشر حيث قال (صلى الله عليه وسلم): (إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ..).وقوله (صلى الله عليه وسلم): (كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه).ومع ان كافة الأنظمة والقوانين حظرت اللجوء إلى التعذيب أو الإكراه بأي وسيلة إلا ان التعذيب مازال يمارس كوسيلة لتدمير شخصية وكرامة الضحية مع التعمد باصابته بخلل وعاهات جسدية ونفسية مزمنة ترافقه إلى نهاية عمره إن لم يكن قد مات تحت العذيب، ولم يبق التعذيب منحصراً في فئة خاصة أوجماعة معينة من الناس، وإنما أخذ يشمل الأطفال والعجائز والنساء والحوامل والمرضى والاصحاء والمتهم والبريء دون مراعاة أي نوع من الاعتبارات الانسانية أو العقائدية أو الدينية.[c1]من هم ضحايا التعذيب؟[/c]عرفت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا انسانية أو المهينة والتي اعتمدت وصدق عليها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 39 / 46 في 10 ديسمبر 1984م وانضمت إليها اليمن في 5 / 11 / 1991م، التعذيب في مادتها الأولى بأنه (أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو ارغامه هو أو شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الاسباب يقوم على التمييز اياً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها).وفي إعلان حماية جميع الاشخاص من التعرض للتعذيب أو العقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة ورد تعريف التعذيب بالمادة الأولى منه بأنه (أي فعل يحل باجرائه الم مبرح أو معاناة شديدة جسدية أو معنوية، يقوم بانزاله عمداً أو تم بتحريض من موظف عمومي لشخص من الاشخاص وذلك لبعض الاغراض مثل الحصول على معلومات أو اعترافات منه أو من طرف ثالث أو لمعاقبته على فعل ارتكبه أو فعل يشتبه في انه قام بارتكابه أو بارهابه أو لارهاب غيره من الناس).والملاحظ على التعريفين السابقين الأخذ بالمعنى الواسع للتعذيب بحيث يشمل التعذيب المادي والمعنوي، وكذلك عدم قصر غايته على الحصول على اعتراف وكذلك توسيع نطاق المساهمة الجنائية بحيث تشمل الفاعل والمحرض وكل من يوافق على فعل التعذيب أو يسكت عنه. والحقيقة ان المنظمات الدولية بما تقرره من مواثيق ومعاهدات تسعى إلى الأخذ بالمفهوم الواسع للتعذيب بل توجب ان يكون التعريف الذي تنص عليه هو الحد الأدنى لتغطية كل اشكال التعذيب الممكنة.أما ضحايا التعذيب: (فهم الاشخاص الذين لحق بهم ضرر بشكل فردي أو جماعي، بما في ذلك الضرر البدني أو العقلي، أو المعاناة النفسية، أو الخسارة الاقتصادية، أو الحرمان بدرجة كبيرة من التمتع بحقوقهم الاساسية، وينبغي اعتبار شخص ما ضحية بصرف النظر عما إذا كان قد جرى التعرف على مرتكب فعل او قبض عليه او قوضي أو أدين، وبصرف النظر عن أي علاقة اسرية أو علاقة أخرى بينه وبين الضحية، ويغطي مصطلح (الضحية) ايضاً افراد اسرة الضحية الاقربين أو مُعاليه المتضررين فضلاً عن الاشخاص الذين لحق بهم ضرر عند تدخلهم لمساعدة الضحايا أو منع الاذى).[c1]تجريم التعذيب في التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية[/c]يعد التعذيب واستعمال القسوة صورة من صور الاعتداء على الحرية الفردية بل أن اللجوء إلى وسائل الاكراه والتعذيب واستعمال القسوة من اجل غرض ما كأن يكون للحصول على اعتراف أو القيام بأداء عمل معين أو الامتناع عن أداء عمل معين أو للحصول على معلومات انما يعد عملاً يتنافى مع الاخلاق ويحط من كرامة الانسان وينتهك كافة الحقوق والحريات واساسها الحريات الفردية.لذلك تقرر مختلف التشريعات حظر اللجوء إلى التعذيب واستعمال القسوة وتعاقب فاعليها وتجرم افعالهم التي يقومون بها.وتشريعات الجمهورية اليمنية حرمت تحريماً مطلقاً كافة اشكال التعذيب وأكدت في دستورها التزامها بما جاء في ميثاق الأمم المتحدة وبميثاق الجامعة العربية والإعلان العالمي لحقوق الانسان وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة.ونستعرض أهم النصوص الواردة في القوانين اليمنية وكذا الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها اليمن.[c1]دستور الجمهورية اليمنية:[/c]المادة (48)ب ـ لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتشيه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقاً لاحكام القانون، كما لا يجوز مراقبة أي شخص أو التحري عنه إلا وفقاً للقانون، وكل انسان تقيد حريته بأي قيد يجب ان تصان كرامته ويحظر التعذيب جسدياً أو نفسياً أو معنوياً، ويحظر القسر على الاعتراف أثناء التحقيقات، وللانسان الذي تقيد حريته الحق في الامتناع عن الادلاء بأية أقوال إلا بحضور محاميه، ويحظر حبس أو حجز أي انسان في غير الأماكن الخاضعة لقانون تنظيم السجون، ويحرم التعذيب والمعاملة غير الانسانية عند القبض أو اثناء فترة الاحتجاز أو السجن.هـ ـ يحدد القانون عقاب من يخالف احكام أي فقرة من فقرات هذه المادة،كما يحدد التعويض المناسب عن الاضرار التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة، ويعتبر التعذيب الجسدي أو النفسي عند القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها.القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الاجراءات الجزائيةمادة (5): المواطنون سواء امام القانون ولا يجوز تعقب انسان أو الاضرار به بسبب الجنسية أو العنصر أو الاصل أو اللغة أو العقيدة أو المهنة أو درجة التعليم أو المركز الاجتماعي.المادة (6): يحظر تعذيب المتهم أو معاملته بطريقة غير انسانية أو ايذاؤه بدنياً أو معنوياً لقسره على الاعتراف وكل قول يثبت انه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة شيء مما ذكر يهدر ولا يعول عليه.المادة (71): يحجز المقبوض عليه في مكان منفصل عن المكان المخصص للمحكوم عليهم ويعامل بوصفه بريئاً ولا يجوز ايذاؤه بدنياً أو معنوياً للحصول على اعتراف منه أو لأي غرض آخر.[c1]القرار الجمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994م بشأن الجرائم والعقوبات[/c]المادة (166): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات كل موظف عام عذب اثناء تأدية وظيفته أو استعمل القوة أو التهديد بنفسه أو بوسطة غيره مع متهم أو شاهد أو خبير لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الادلاء بأقوال أو معلومات في شأنها وذلك دون اخلال بحق المجني عليه في القصاص أو الدية أو الارش.المادة (241): يعاقب بالدية المغلظة والحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات من اعتدى على سلامة جسم غيره بأي وسيلة ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الاعتداء أفضى إلى الموت.المادة (242): تتحقق العاهة المستديمة إذا أدت الاصابة إلى قطع أو انفصال عضو أو بتر جزء منه أو فقد منفعته أو نقصها أو تعطيل وظيفة احدى الحواس تعطيلاً كلياً أو جزئياً بصورة دائمة ويعتبر في حكم العاهة كل تشويه جسيم لا يحتمل عادة زواله.المادة (243): يعاقب بالقصاص بمثل ما فعل كل من اعتدى على غيره بأي وسيلة والحق بجسمه عمداً عاهة مستديمة بان قصم له مفصلاً أو قلع له عيناً أو صلم له اذناً أو أحدث به جرحاً يمكن ضبط مقداره فإذا اقتصر فعل الجاني على اذهاب معنى طرف أو حاسة مع بقاء الصورة أو اذا امتنع القصاص أو سقط بغير العفو بالمجان عوقب بالدية أو الارش والحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات، اما اذا افضى الاعتداء إلى عاهة مستديمة دون ان يقصد الجاني احداثها فانه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات فضلاً عن الدية والارش على حسب الاحوال.المادة (244): يعاقب بالارش والحبس مدة لا تزيد على سنة أو الارش والغرامة من اعتدى على سلامة جسم غيره بأي وسيلة وأحدث به جرحاً لا ينضبط مقداره أو تسبب في ضرر بالصحة إذا لم ينجم عن الاعتداء مرض أو عجز عن الاعمال الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً، وتكون العقوبة الحبس مدة اقصاها ثلاث سنوات أو الغرامة فضلاً عن الارش أذا افضى الاعتداء إلى مرض أو عجز عن الاعمال الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً.المادة (245): يعاقب بالدية أو الارش على حسب الاحوال من تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره وبالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة إذا نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة واذا وقعت نتيجة اخلال الجاني بما توجبه عليه اصول وظيفته أو مهنته او حرفته أو مخالفته للقوانين واللوائح او كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث كانت عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو الغرامة.المادة (254): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من هدد غيره باي وسيلة بارتكاب جريمة أو بعمل ضار أو بعمل يقع عليه أو على زوجه أو أحد اقاربه حتى الدرجة الرابعة اذا كان من شان التهديد ان يحدث فزعاً لدى من وقع عليه.المادة (313): يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات أو بالغرامة كل من يبعث قصداً في نفس شخص الخوف من الاضرار به أو بأي شخص آخر يهمه امره ويحمله بذلك وبسوء قصد على ان يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال او سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بامضاء او ختم يمكن تحويله إلى سند قانوني.
|
اشتقاق
طرائق ووسائل حماية ضحايا التعذيب ومساعدتهم
أخبار متعلقة