للمعنيين فقط
في حين مازلت اعتبر نفسي من المعارضين المتشددين لمعظم سياسات واجراءات حكومة الوفاق المتسمة بالنعومة والارتخاء والترهل، والتي ظلت تنعكس سلباً على مستوى ادائها وتراجع قدرتها على مواجهة ومعالجة كثير من القضايا المنوطة بها، إلا أنني مع ذلك لم افكر يوماً في ان اتخذ من معارضتي تلك حقيبة أو خزينة لجمع وتكديس هنات وسقطات هذه الحكومة، والقيام ببرمجتها وتبويبها ضمن قوائم وخانات ووضع خطط مدروسة مسبقاً لتناولها وطرحها والتلويح بها في الوقت المناسب وعند الحاجة.فكل ما الفيت نفسي فيه هو التعاطي مع تلك السقطات والاختلالات بصدق ووضوح ومباشرة متناولاً اياها أولاً بأول وفقاً لإمكانياتي وقدراتي، وبحسب ما تصلني وتردني وتتوفر لي من معلومات، لا ألوي على شيء غير التعريف بالاسباب التي تقف وراء بقاء وتنامي الهنات والممارسات الخاطئة، وبيان أهمية وضرورة الاحاطة بها ومحاربتها وإيقافها تقدمها وتوسعها. وربما هذا هو ما جعلني ومعي الكثيرون من زملاء المهنة ابدو في نظر البعض ممن يمتهنون الصحافة والكتابة، مجرد كاتب صحافي خائب وجاهل تنقصه الحنكة والذكاء والفطنة في ادارة واقتناص واستغلال واستثمار الفرص المواتية التي يجب التفكير بها وعمل حسابها قبل الاقدام على الكتابة من خلال معرفة واجادة وتعبيد قنوات التواصل للتنبيه ولفت الانظار، واعطاء المؤشرات والاستعداد للقيام بما يراد ويلزم للحكومة أو لأحد من اطرافها أو مع من هم خارجها من معارضين ومتربصين افراداً كانوا أم احزاباً أو تجمعات أو مليشيات أو حركات أو .. أو للطرفين معاً وبحسب الطلب والاستعداد للتقبل والاستجابة.كمثل ذلك النائب الذي اخذ بمناسبة وبغير مناسبة يفرض نفسه على مشهد مساءلة الحكومة ناطحاً شاطحاً بطريقة المجاذيب والدواشين وهو يتأخر ويتقدم كاشفاً عن راسه غطاءه ملوحاً به رامياً به عند قدميه صارخاً مولولاً امام عدسة الكاميرا التي دخلت عليه(زوم) لتنقل تفاصيل ثورته (البركانية) المهتاجة وهو يزعق بهستيريا فارداً يديه هيا .. هيا .. هيا داعياً الحاضرين من حوله والغائبين عنه والمشاهدين له إلى التحرك سريعاً ودونما ابطاء أو تأخير ضد الحكومة التوافقية التي يشارك فيها .. وبشكل كدت أجزم على انه لن يبات ليلته في داره بل سيتوجه إلى أقرب معسكر أو حصن ليقود ثورة بركانية تكتلية ضد الحكومة وعلى نحو يرغم فيه الرئيس شخصياً للرضوخ لطلبه والنزول عند ارادته التي لم تكن في حقيقة الامر سوى صرخات وارادة غيره التي بدت جلية على شاشات القنوات الفضائية ذات الصلة وهي تدعم وتشرح وتبين صحة فبركته وهيجانه وانفعاله الذي لم يكن الهدف من ورائها الا شخص رئيس الحكومة والذي تعرض منزله بعد ساعات من ذلك المشهد لاطلاق نار كثيف من (مجهولين) في رسالة تحذيرية له مفادها لا الاعتراض على رفع الدعم عن المشتقات النفطية بل على الحرب الدائرة ضد الجماعات والمليشيات القاعدية والاسرية والمذهبية والقبلية الارهابية المسلحة.