باعتقادي لم تعد نداءات وصرخات ومعانات المواطن تجدي نفعاً فدواخلنا تعبت من الكلام الكثير ولم تلق حتى صدى يرد عليها، بل صمت رهيب يخرس العقول ولا يوجد في الأفق سوى أبخرة عالقة تحجب صراخ النور عن مسامعنا.ويبدو أن البعض لا يعلم كثيراً أن مدينة عدن تقع تحت فوهة بركان خمد منذ ملايين السنين على طرف شبه جزيرة ترتبط بباقي اليمن بلسان ضيق منخفض وبأنها ميناء بحري طبيعي ذو تاريخ عريق للملاحة الدولية منذ القدم محمي بسلسلة من الجبال البركانية.. وعن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: زلازل ثم خسوف ثم براكين وأقواها وأولها بركان عدن.. وما نحن فيه الآن أقرب إلى الشعور بأننا نشتوي فوق بركان ولكن بركان ناره من نوع آخر في ظل هذه الأشهر الأكثر حرارة (نار إطفاء الكهرباء المتواصل وعلى مدار اليوم)..ومؤخراً سمعنا الكثير من الوعود حول تحسن وضع الكهرباء في محافظة عدن خاصة وأننا قادمون الآن على شهر فضيل، ومن حقنا جميعاً أن نعيش حياتنا بدون انقطاع الكهرباء والماء، فحق المواطن على دولته أن تكفل له سبل الراحة التي انعدمت في بلادنا، وحقه برفض هذا الوضع الذي بات مفروضاً عليه.وعندما تأتي وتشهد ما حدث في دول الجوار من أجل أن ينعم مواطنوها بحقوقهم تأسف على حالك وأنت في بلدك ولا تستطيع حتى أن تطالب بحق يخصك.فهل هذا عقاب جماعي لأشياء أفتعلناها في غفلة منا أم هو حساب كان مؤجلاً لذنب لم نقترفه بعد؟ “سؤال حائر إجابته معلقة”..ولكن هذا الوضع جعلنا على حافة التساؤل: ماذا نريد بالضبط وما هي مطالبنا للخروج من هذه الأزمة الخانقة؟فما نريده فعلاً هو معرفة أسباب انقطاع الكهرباء ناهيك عن الماء بهذا الشكل الجنوني الذي أصبح العقل لا يصدقه ولا يستوعب أسبابه المتكررة ولماذا لم تلق الحكومة بعد حلاً قاطعاً وحاسماً لمتسببي تلك التخريبات. فإذا كان هناك عطل أو تخريب ما أيستحق ذلك كل هذه الأشهر والسنوات من المعاناة لإصلاحه وإيقاف متسببه؟!أوكلما سألنا أو اشتكينا عن هذا الأمر أتانا الرد سريعاً بحرماننا أكثر وزيادة الجرعات التي نرتشفها يومياً بزيادة عدد الساعات حتى لا نتذمر مرة أخرى على شيء لا يخصنا، الناس تعبت من شكوى الانفلات الأمني والبطالة وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والأمراض والأوبئة المنتشرة وإهمال الجانب البيئي والآن انقطاع الكهرباء والماء وماذا بعد؟!.أنا لا أتذمر ولكن أردت إيصال رسالة لمن هم رعاة وحامون لهذا البلد الذي غفل عنه الكثيرون وحاولوا استغلال من فيه لتفكيكه، كيف كان تاريخه في السابق وكيف أصبح الآن، فحواها ليس مني بل هو من أم فقدت أحد توأميها ومن ابنة كادت أن تفقد والدتها ومن كبار السن ومرضى القلب والسكر والضغط والفشل الكلوي والنساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة ومن يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي الذين أغلبهم تعرضت حياتهم للخطر بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وحتى من الأجهزة المنزلية التي تعطلت بسبب انقطاع وعودة الكهرباء ثم انقطاعها مرة أخرى بعد ساعات وهو ما يجعل صرخات المواطن اليمني تصعد إلى أبعد مدى تستغيث وتتساءل هل من مغيث؟فإلى متى سيستمر هذا الحال وهذه المعاناة وهل سيظل مفعول تخدير الكلام والتصريحات بأن كل شيء سينحل قريباً؟ ومتى يكون هذا القريب فشهر رمضان بات على الأبواب ولا يفصلنا عنه سوى أيام معدودات ولا أعتقد أن الواحد منا سوف يتحمل ما تحملناه في الأيام الماضية.. والشكوى لغير الله مذلة.
أخبار متعلقة