في يوم الجمعة الماضي وعند الساعة الـ 11:30 مساء اختطف الموت زميلاً عزيزاً يعمل مهندساً بإذاعة عدن ولم اعرف بهذا الخبر المحزن الذي نزل علي كالصاعقة إلا بعد فجر الليلة التي توفي فيها زميلنا الحبيب/ قاسم صالح الشقي من خلال رسالة بعث بها إلى هاتفي الزميل العزيز المهندس/ فضل السباعي الذي يعمل مع المرحوم في الإدارة العامة للصيانة والتشغيل بالإذاعة ومما زاد في شعوري العميق بالألم والحزن تلك الصورة الباسمة للعزيز الراحل التي أرفقت برسالة النعي حتى ليخيل إلى وكأنه حي يرزق ويريد التحدث إلي من خلال تلك الصورة الوضيئة الباسمة حيث تواردت إلي الكثير من الخواطر التي أربكتني ولم استطع معها التركيز على معنى واحد من المعاني التي جلبتها لي تلك الخواطر الحزينة في لحظة لم أفق فيها من هول الصدمة فتارة يأخذني هول المفاجأة لهذا الرحيل المباغت لإنسان عزيز لم نتمكن حتى من زيارته في زحمة الانشغال والأنفاس في معترك هذه الحياة الفانية ولم نعلم حتى بمرضه، وتارة يشدني معنى من معاني التفكر في هذه الحياة التي هي عبارة عن مسرح كبير وكل إنسان يؤدي فيها دوراً معيناً ثم ينتهي دوره ويختفي ولكنه يصبح مرهوناً بهذا الدور الذي قدمه وما يتضمنه من الخير والشر وتارة أخرى يهجم علي معنى آخر مفاده لم يتعظ الإنسان من رهبة الموت وهو يرى قافلة الموتى تمر من أمامه ويسمع عنها الكثير وينضم إليها كل يوم الكثير من الأقرباء والأحباب والأصحاب بل ويدرك أن الموت متربص به في كل لحظة وأنه أقرب إليه من حبل الوريد أو كما قال الشاعر:كل امرء مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعلهفلماذا لا يعيد الإنسان ترتيب أوضاعه مع الله والناس ومع مختلف الكائنات على أساس هذه الحقيقة ويبتعد عن الظلم والفساد وإيذاء الناس بالقول والفعل ويخلص العمل والعبادة لله وحده.إنها خواطر كثيرة ألمت بي وتزاحمت على تفكيري ولا استطيع التطرق إلى تفاصيلها جميعاً ولكن في الأخير أود أن أشير وأتحدث عن من كان رحيله سبباً في إثارة مثل هذه الخواطر والمواجع وهو الزميل الراحل المهندس/ قاسم صالح الشقي فقد كان - رحمه الله - يتمتع برصيد كبير من التقدير والاحترام لدى زملائه ورؤسائه في العمل ولقد رأيته والابتسامة تعلو محياه حتى في الظروف الصعبة التي قد يمر بها الإنسان وتعكر مزاجه وكثيراً ما يبادر زميله عندما يلتقيه بالسؤال عن صحته وأحواله الأمر الذي يوحي بالاهتمام والاطمئنان لقد زاملته في العمل بالإذاعة وكانت نوبات العمل المختلفة تجمعنا في أوقات مختلفة من الليل والنهار حسبما تتطلبه طبيعة العمل الإذاعي ولم أعرف يوماً ما أنني كنت معه على خصومة أو حتى سوء فهم وما ذلك إلا دليل على حسن تعامله ودماثة أخلاقه، نحسبه كذلك ولا تزكي على الله أحد.رحم الله زميلنا المهندس/ قاسم صالح الشقي وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أخبار متعلقة