( 14اكتوبر ) تستطلع آراء عدد من المواطنين والشخصيات المهمة حول ظاهرة انتشار البناء العشوائي في عدن:
استطلعت آراءهم/ منى قائد قد أتفهم أنا والكثيرون من أبناء عدن لجوء المواطنين بهذه المحافظة وغيرهم القادمين إليها, إلى البناء العشوائي في المدينة، ولعل هذا التفهم يأتي من باب علمنا اليقين بحاجة هؤلاء لهذه المنازل العشوائية، ومع ذلك فإن ما يحدث هذه الأيام بعدن شيء غير مقبول, كون البعض قام بالبناء داخل المدارس وبجوارها, والبعض الآخر قام بالبناء داخل حرم المجمعات الصحية وكذا حرم المقابر, وآخرون قاموا بالبناء على الطرقات ليس لغرض السكن ولكن لحجز الأرض على أمل بيعها والبعض يبنون أكشاكاً لغرض المقايل، أما الشيء الخطير فهو تدمير معالم عدن وتحديداً في كريتر, حيث تتواجد السلسلة الجبلية الممتدة من خور مكسر وصولاً إلى كريتر وجبال شمسان, التي تتواجد فيها مواقع أثرية يتم إزالتها والبناء عليها، الأمر الذي يدمر شكلاً من أشكال الحضارة العدنية، والحضارة اليمنية بشكل عام وليس بغريب إذا قلنا إن الجهل يلعب دوراً كبيراً لأن من يقوم بمثل هكذا عمل يجهل عواقبه المدمرة . صحيفة (14اكتوبر) نزلت للميدان واستطلعت آراء عدد من المواطنين والشخصيات المهمة فإلى ما تم الخروج به معهم: [c1]أثناء الأزمة[/c]بداية جولتنا الاستطلاعية كانت مع الأخ/ قاسم محمد حسين شندق مدير عام مديرية المنصورة حيث قال: بعد ما فتحت مدينة عدن ذراعيها واحتضنت الجميع وكانت تسمى (أم اليتامى) انتشرت العشوائية فيها أثناء الأزمة التي مرت بها البلاد وتفاقمت بشكل ملحوظ بعدها، حيث استغلت هذه الأزمة بما رافقها من إهمال من جميع النواحي وانفلات أمني وبنيت وشيدت العديد من المباني العشوائية فوق خدمات عامة مثل( المياه والصرف الصحي والكهرباء) إلى جانب البناء فوق بعض المناطق والمساحات التي كانت مخصصة لمناطق زراعية خضراء ومتنفسات وكذا مناطق لموقف السيارات (بارك)، وهذا البناء والتشييد سبب العديد من المشاكل منها اختناقات في حركة السير بسبب بقاء مخلفات البناء ما يؤدي بدوره إلى إغلاق الشارع وارتفاع أصوات أصحاب المركبات من أجل التمكن من العبور. لذا نناشد الجهات المختصة وكل من له ضمير حي ومحب لهذه المدينة (عدن) وكانت لها فضل عليه أن يتخذوا الإجراءات اللازمة والمناسبة للحد من تفاقم هذه الظاهرة. [c1]دوامة من الفوضى والانفلات الأمني[/c]فيما عبر الأخ/ عمر باموسى عن رأيه قائلاً: في عام 2011م دخلت البلاد في دوامة من الفوضى والانفلات الأمني ما أدى إلى بروز وتفاقم العديد من المشاكل منها ظهور وانتشار البناء العشوائي في مختلف مديريات المحافظة، من خلال السطو على الأراضي والمناطق الخالية من قبل مجموعة من البلاطجة وبيعها لأشخاص متنفذين يقومون بالبناء عليها، ناهيك عن التوسع في البناء من قبل المواطنين أنفسهم والذي بدوره اثر على انسيابية وسلاسة الحركة من قبل المارة وكذا المركبات، هذا كله يحدث أمام مرأى ومسمع الجهات المختصة والمسؤولة دون أن يتم اتخاذ أي إجراءات حازمة ضد هؤلاء الذين يقومون بالعبث بمظهر المدينة. [c1]شلل تام[/c]أما المهندس/ عبد الناصر محمد بن محمد مدير مكتب الأشغال العامة والطرق بالمنصورة فقال عن هذه الظاهرة: في البدء لابد من الإشارة إلى أننا تسلمنا مهام إدارة مكتب الأشغال العامة والطرق في مديرية المنصورة بداية شهر إبريل الماضي لعام (2014م)، وظاهرة البناء العشوائي بدأت قبل أعوام وتحديداً بعد الربع الأول من عام (2011م) وازدادت انتشاراً في الأعوام التي تليها نتيجة الأوضاع التي مر بها الوطن والتي سببت شللاً تاماً لكل مكاتب الوزارات في المديرية وبالتالي عجزها عن القيام بمهامها بحسب الأنظمة والقوانين السائدة. وأكد المهندس وجود تنسيق بيننا وبين بعض الجهات المختصة وخصوصاً إدارة الأمن وهذا يكون بشكل يومي، لافتاً إلى أنه في الآونة الأخيرة يوجد تحسن ملحوظ للحد من هذه الظاهرة وطموحنا هو أن نقضي عليها تماماً من خلال اتخاذ بعض المعالجات والإجراءات لإزالة كل ما نفذ من عشوائية في السنوات الماضية ويتم ذلك بمشاركة المجلس المحلي والمجتمع.وأشار ناصر إلى أنه((لدينا توثيق لكل حالات البناء العشوائي وبدورنا نقوم برفعها إلى الجهات العليا بصورة مستمرة لمساعدتنا في وضع الحلول للحد من تفاقمها أكثر)). [c1]الأجهزة التنفيذية تتحمل المسؤولية[/c]بينما الأخ/ علي عبد المجيد الأمين العام لمديرية الشيخ عثمان قال: الكل يتحدث عن البناء العشوائي في الوقت الذي يكون فيه المواطن والأجهزة التنفيذية بالمديريات والمحافظة يتحملون المسؤولية في انتشار هذه العشوائية في البناء، الذي بدوره طغى على المتنفسات والخدمات التحتية حيث أصبح الآن يشكل مشكلة يعاني منها المواطن السوي. وأشار إلى إن غياب تطبيق القانون وكذا غياب الانضباط الأخلاقي والتحلي بالجماليات أدى إلى تفاقم هذه المشكلة، وأضاف : صحيح أن البعض بحاجة للتوسع نظراً للحاجة الماسة لذلك ولأسباب اجتماعية. وأما إذا ذهب للجهات المختصة يكون الرد عليه: (ممنوع) مما يجبره على البناء العشوائي، لذا مطلوب من هذه الجهات القيام بعملها وعلى المواطن الالتزام بالقوانين وذلك حفاظاً على المصلحة العامة. [c1] ظاهرة سلبية[/c]ومن جانبه عبر الأخ/ ضرام عبد الله سبولة رئيس لجنة التخطيط والتنمية والمالية في المجلس المحلي بمديرية صيرة عن رأيه قائلاً: أولاً نتقدم بالشكر الجزيل لصحيفة (14 أكتوبر) على تطرقها لمواضيع في غاية الأهمية وبذل الوقت والجهد لإيصال رسائل هامة لمتخذي القرار في أعلى السلطة. وفيما يخص ظاهرة انتشار البناء العشوائي عموماً تعتبر ظاهرة سلبية، كما أصبحت ثقافة تمارس في حياتنا اليومية نظراً لانعدام الثقة بالحكومة.. وكذا عدم وجود خطط وبرامج تلبي احتياجات المواطنين من قبل الدولة وسلطاتها الثلاثة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) التي نتج عنها هذه العشوائية التي نراها ونعيشها اليوم، حيث تتلخص أسباب انتشار ظاهرة البناء العشوائي خصوصاً في مدينة عدن في أولاً انعدام وجود خطط إستراتيجية لدى الدولة بالاشتراك مع القطاع الخاص والمستثمرين وذلك لاستيعاب الزيادة السكانية خصوصاً في فئة الشباب وكذا استيعاب الطلب المتزايد للسكن جراء الهجرة من الأرياف، بالإضافة إلى عودة المغتربين.. كما يجب استغلال الأرض في البناء الراسي وفق معايير الجودة من قبل شركات المقاولات المتخصصة التي ستحقق أهدافاً عديدة في آن واحد. وثانياً غياب تطبيق القانون وعدم الثقة بالدولة جعل الاستيلاء على الأرض طريقة للإثراء والمتاجرة على حساب المواطنين الساكنين، حيث أصبح أهل المدينة يعيشون في منازل للإيجار من قبل وافدين إليها. [c1]عدم الحل السليم[/c]وأضاف: وعدم حل المشاكل الناتجة عن التأميم أضطر الكثير من أصحاب العمارات إلى الاتجاه للبناء العشوائي نظراً لعدم استيعاب المنازل للزيادة العددية، بالإضافة إلى النزوح المستمر من الريف إلى المدينة نظراً لشحة المياه أو لظروف مختلفة، ناهيك عن الباعة المتجولين الذين يقومون أيضا بالبناء في أي مكان ليصبحوا من سكان هذه المدينة على حساب أبنائها وأهلها. وواصل حديثه: كما لا ننسى عودة إخواننا المغتربين من المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي دون سابق إنذار مما ترتب عليه البحث عن سكن والبناء العشوائي في قمم الجبال. لذا أتمنى أن يتم وقف صرف الأراضي حتى نعرف احتياجاتنا أولاً فلا يجوز وضع اعتبارات للاحتياجات الخدمية وصرف الأراضي دون تخطيط واضح يلبي احتياجات السكان ووظيفة المدينة، وكذلك لمراعاة حقوق الأجيال القادمة والرؤية المستقبلية للمدينة وتلبية الاحتياجات في كافة المجالات وفقاً لوظيفة المدينة المستقبلي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وكذا ثقافياً. [c1]البناء العشوائي يخلق الصراعات[/c]وخلال وقفتنا القصيرة مع الأخ/ اسكندر محمد يوسف رئيس قسم الكفالات وسكرتير جمعية مبرة عدن استهل حديثه ببعض الأسئلة منها البناء العشوائي هل هو حاجة ماسة للناس البسطاء؟ أم هو عدم تخطيط؟ أم هو مجرد تخريب لمنظر البلد؟ ظاهرة البناء العشوائي آفة خطيرة تخلق الصراعات بين أفراد المجتمع، وإذا كان المواطن يستطيع أن يسكن في مكان آمن ونظيف هو وأسرته براحة وسلام، هل من الممكن أن يختار السكن العشوائي؟ فالسكن العشوائي يفترض أن لا يوجد فيه أدنى متطلبات الحياة من مياه وكهرباء وإن وجدت تكون كثيرة الأعطال والانقطاع، فهي عبارة عن منازل متراصة ومتلاصقة ببعض، ومنازل أخرى مصنوعة من الصفيح والنوع الثالث منها بنيت على استعجال فالمواطن البسيط الذي اختار هذه الأماكن لسكنه أجبرته الظروف على ذلك. [c1]النزوح والظروف القاسية[/c]وأضاف: فمعظم هؤلاء من سكان القرى والمدن المجاورة أو البعيدة عن العاصمة أجبرتهم ظروفهم القاسية على النزوح من مواطنهم الأصلية طلباً للحياة الكريمة التي ينشدونها، حيث لا يستطيع معظمهم أن يستأجر منزلاً أو حتى دارة نظراً لضيق ذات اليد أو لقلة موارده ومعاشه فتجده مرغماً يلجأ لهذا السكن العشوائي. وأشار: في السنوات الثلاث الأخيرة وأثناء الفوضى العامة في البلاد وكذا غياب دور الجهات المختصة في ذلك زاد الزحف في البناء العشوائي من خلال البسط على أراضي الغير وكثرة الأكشاك والاحواش العشوائية أمام المنازل وعلى الرصيف، بحيث أصبح المارة لا يستطيعون المشي عليه. وأوضح: وما شجع على تفاقم ظاهرة البناء العشوائي هي الدولة نفسها حيث للأسف تقوم بصرف الخدمات العامة من مياه وكهرباء - لهؤلاء العابثين بجمال المدينة - وبإجراءات رسمية على أن تدفع للدولة رسوم مقابل هذه الخدمات وما ينقصهم إلا التوثيق في السجل العقاري ولا ندري كيف نقول عنهم بناء عشوائي مادامت الدولة تصرف لهم هذه الخدمات؟!!!!!!. لذا نتمنى أن تقوم الدولة بعمل مشاريع بناء خطط سكنية بحيث يجد الإنسان البسيط له مأوى هو وأسرته، وذلك تجنباً لحدوث أي كوارث إنسانية في المستقبل كما حدث سابقاً في عدن من وجود بناء عشوائي في سير مجرى السيول أثناء هطول الأمطار، كما أتمنى أن يجد كل شاب منزلاً يؤويه حينما يفكر في تأسيس أسرة ويكون بسعر يتناسب مع دخله. [c1]عدم وجود التخطيط السليم[/c]أما الأخ/ عمر محمد صالح باحويرث فقد قال: قد نتكلم عن العشوائي على مستوى الوطن فهو هم كبير وعلى مستوى عدن فهو هم أكبر.. ولابد من قيام ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى على هذا الزحف القاتل الذي أصاب المرتفعات والمنخفضات والممرات وكذا الطرقات والشوارع والمتنفسات (ثورة تكون حاملة للألم جاهزة للحل باحثة عن الأسباب) من خلال حديثي مع أناس كثيرين أعرف أنهم قد زحفوا هكذا ليس حباً في الخروج عن النظام والمنظر الجميل لكنهم كانوا مضطرين أن يعملوا ذلك لعدم وجود التخطيط السليم من السلطة المحلية، بل أنه قد وصل إلى مسامعي أن أعضاء كثراً في المجالس المحلية قد بنواً (عشوائي) وخالفوا النظام. وأضاف: وأزداد ألماً عندما يصل إلى مسامعي البناء فوق الخدمات العامة أو أمام مجاري السيول في المرتفعات المعروفة التي تنزل منها مياه الأمطار، وهي مخططة من أيام الانجليز بأن لا يتم الاقتراب منها وكان الهدف من ذلك هو تجنب حدوث كارثة أو كوارث يتضرر منها الناس. [c1]مأساة يجب أن تعالج[/c]وواصل حديثه: إن مشكلة العشوائي هي في الحقيقة مأساة يجب أن تعالج بدراسة شاملة كاملة لا فيها ضرر ولا ضرار بعيدة عن القوة والحل الخاطئ، وألمح إلى أن مشكلة العشوائي ستحل بوجود البديل ووجود الأموال والتخطيط والبديل لابد منه للجميع كل في محافظته يتمنى السكن الآمن والمريح والدعم السخي لمن يريد أن يغير حاله. وأردف باحويرث: إذا وجدت النوايا الصادقة والتعويضات المجزية فسوف تحل قضية العشوائي وسوف يعود للمدن جمالها وبريقها، والحل كذلك بأن لا يكون هناك تمييز بين المواطنين ويطبق القانون على الجميع وليس على الضعيف ويترك القوي.. لذا لابد من تشكيل فرق تحمل كل الخبرات الكبيرة في التخطيط وإعادة المدن إلى جمالها وتخطيطها السليم، ولن تحل القضية إلا بمتابعة جادة ومتواصلة وبقناعة الجميع والبديل الذي يرضى به الجميع وتقييم أحوال الناس وما الذي دفعهم إلى العشوائي. [c1]ظاهرة مستفحلة في المحافظة[/c]وآخر جولتنا الاستطلاعية كانت مسكاً مع الأخت/ فاطمة مريسي رئيسة اتحاد نساء اليمن فرع عدن حيث قالت: أصبحت ظاهرة البناء العشوائي مستفحلة في محافظة عدن تلك المحافظة التي خططت بمواصفات ومزايا هندسية ومعمارية منذ سنوات طويلة ولكن للأسف الشديد ما نراه اليوم من عبث في هذه المدينة الجميلة يجعلنا نقف في تفكير عميق من وراء هذا العبث المبرمج؟ لأن العابثين ليسوا جميعهم من المستحقين للسكن مثلما يصرح البعض بذلك، فمعظم هؤلاء يقومون بالبناء العشوائي للتأجير والكسب من وراء تدمير البنية التحتية لهذه المدينة.. فقد عمرت عدن وفقاً لنمط إنشائي وبناء متميز. [c1]استباحة المدينة[/c]وأضافت: تم تناول هذا الموضوع وخطورته في العديد من اللقاءات وورش العمل منطلقين من أن هذه مسؤولية أدبية وأخلاقية اتجاه هذه المدينة الحضارية، ولكن للأسف الشديد ساهمت الأجهزة الحكومية التنفيذية في استباحة هذه المدينة، كما أن المجالس المحلية لم تقم بدورها عبر مكاتب البلديات في مكافحة البناء العشوائي الذي شوه المدينة وصارت عدن عبارة عن عشش وأزقة.. ونود هنا أن نعلن عن حملة عبر منظمات المجتمع المدني ضد طمس معالم عدن من جراء البناء العشوائي.