(14 أكتوبر) تستطلع وضع الطفلة (حواء) في سجن المنصورة:
استطلاع / منى قائد/تصوير/ مواهب بامعبد (حواء) طفلة في الثالثة عشرة ربيعاً متهمة بجريمة قتل غير عمد وتتم الآن محاكمتها، حيث ترجع أسباب وضعها في السجن المركزي الخاص بالنساء نظراً لعدم وجود دار رعاية للأحداث (الفتيات)، وقد تم تسليمها إلى سجن المنصورة بعد أن كانت محتجزة في السابق في سجن مخيم خرز لفترة محددة، وقد تم طرح الأمر على رئيس المحكمة وذلك بعد أن تم التنسيق مع رئيسي نيابتي(لحج وعدن) وكذا مع مدير سجن المنصورة الذين بدورهم وافقوا على نزولها واحتجازها في سجن المنصورة بشكل مؤقت إلى أن يتم إعادة فتح دار رعاية الأحداث مرة أخرى، حيث قدمت الطلبات الخاصة بنقلها إلى رئيس محكمة العارة الذي بدوره وافق على مسألة النقل وهي الآن ضمن نزيلات سجن النساء في المنصورة. صفحة تحقيقات حققت في موضوع الطفلة (حواء) وخرجت بالاتي: الاكتئاب النفسيبداية كانت مع الأخت/ هدى الصراري محامية وناشطة حقوقية حيث قالت: تعاني الطفلة (حواء) حالة من الاكتئاب النفسي بسبب إبقائها في السجن المركزي للنساء دون النظر إلى قضيتها.. فالطفلة متهمة بقضية قتل غير عمد ويفترض أن تكون في دار الأحداث وتتم الإجراءات القانونية لمحاكمتها، غير أن الوضع السيئ جعلها ضحية اللامبالاة حتى وإن كانت مخطئة، وربما تضل قضيتها معلقة هكذا حتى تتجاوز سن الحدث وبعدها يحكم عليها بالإعدام وهذا من الأخطاء الفادحة التي ترتكب بحق الحدث. الوضع النفسيوأكد ناشطون حقوقيون مطلعون على قضية الطفلة (حواء) أن الوضع النفسي للطفلة حسب ما جاء في التقرير الذي قدمه الطبيب النفسي يقول بأنها تعاني من حالة هستيريا بسبب وضعها في السجن، ونظراً لوضع السجن غير المناسب والملائم لبقاء طفلة في سنها من جميع النواحي (بحسب قولهم). إجراء غير قانونيالأستاذ/ أيوب أبو بكر مدير الشؤون الاجتماعية والعمل قال: بالنسبة لقضية الحدث (حواء) المحتجزة في سجن المنصورة والمتهمة بقضية قتل، طبعاً يعتبر هذا الإجراء غير قانوني حيث من المفترض أن لا تكون في هذا المكان أو الموقع (سجن المنصورة) والأفضل لها أن تكون لدينا في دار التوجيه الاجتماعي الخاص بالبنات. قضية شائكةوأضاف أيوب أبو بكر: إن قضية الأحداث هي قضية شائكة وكبيرة جداً وفي حقيقة الأمر حدث تراجع في السنوات الأخيرة بالنسبة للتفاعل من قبل الجهات الأمنية مع قضية الحدث نتيجة للظروف الصعبة التي مرت فيها البلاد في كثير من النواحي السياسية والاجتماعية وكذا الأمنية التي تشكل نوعاً من القلق لدى الكثير من الناس بمن فيهم نحن في الشؤون الاجتماعية والعمل لان هذه المواقع - دار التوجيه الاجتماعي للأولاد والبنات- بحاجة ماسة لوجود حارس واحد عسكري على الأقل كان بالنسبة للأولاد وجندية بالنسبة للبنات وإلى يومنا هذا وأنا على تواصل دائم مع رئيس النيابة، كما اجتمعت مع مدير الأمن ووعدونا على أن يوفروا لنا واحداً من الجنود لحراسة المكان، وذلك من أجل الحفاظ على موظفينا وعلى الأولاد الموجودين هناك .. علماً بأن المنطقة التي توجد بها الدار نائية جداً.. وتساءل أيوب كيف يطلبون منا أن ننفذ عملاً يكون فيه كثير من النواقص والتجاوب ليس من جانبنا وإنما من الجهات الأخرى. دفع مكافآت مقابل توفير الحراسة الأمنيةولفت ابوبكر: الى ان توفير الحراسة الأمنية للدار يتطلب منا دفع حوافز للحراسة ، ونحن إمكانياتنا ضعيفة جداً وميزانية الدار ضئيلة أيضا وهذه الإشكالية يجب أن تعالجها قيادة المحافظة مع إدارة الأمن، حيث إننا لا نتحمل هذه المسؤولية لأننا لا نستطيع أن نضع أي حدث في الدار إلا بتصريح من النيابة، والنيابة بحكم هذه الظروف الأمنية والاجتماعية والسياسية لم تحول أي حدث من البنات .. مضيفا بأنه يتم تحويل الأولاد ولكن قضاياهم بسيطة جداً، حيث يذهبون إلى المحكمة وتصدر القرارات فبعضهم يبقى في الدار والبعض الآخر يرجعون إلى أسرهم للمراقبة من قبلنا. وواصل ايوب ابوبكر حديثه: وبالنسبة للبنات النيابة لم تحول أي حدث إلينا منذ ثلاث سنوات ونحن نشكرها على تفهمها وتجاوبها معنا، لكن الجدير ذكره أن القضية ليس أن نستقبل الحدث ونضعه في الدار ولكن يجب أن نؤمنه أيضاً فعلى سبيل المثال قضية الحدث (حواء) هي قضية جنائية (قتل) وإذا تم قبولها في الدار ممكن أن يأتي الطرف الثاني المعتدى عليه ويقتحم الموقع وهذه من الأمور البديهية التي يجب تفاديها، فمن الذي سيحمي هؤلاء البنات الموجودات في الدار طالما ليس هناك حراسة أمنية له. وأشار أيوب: نحن في دار التوجيه الاجتماعي أبوابنا مفتوحة وجاهزون لاستقبال أي حدث والاختصاصيون موجودون سواء (لحواء) أو غيرها، ولكن يجب أن توفر الشروط الضرورية للدفاع عن الموجودين في الدار في حالة وجود أي خطر. موقع جديدوشرح أيوب: الآن نحن في الموقع الجديد لدار التوجيه الاجتماعي (للبنات) حيث كان عبارة عن أربعة أجنحة كبيرة كان يعمل منها جناح وغرفتين من هذه الدار الكبيرة، فحجم الدار كان لا يحتاج إلى كل هذه الغرف الكبيرة التي دخلتها الأرضة وتهالك كثير من الأثاث فيها فقمنا بإعادة هيكلة هذا الموقع، حيث أعطيناهم ما يكفيهم من الغرف واتفقنا بإشراف محافظة عدن مع مؤسسة تواصل للتنمية على بإقامة مشروع كبير بمبلغ قدرة (مليون ونصف مليون دولار) لإقامة ورش تدريب للشباب الأيتام وكذا نزلاء الدار الذين سيتدربون في هذا المكان الذي سيكون قريب منهم وان شاء الله سينفذ خلال الفترة القريبة القادمة، حيث ستركب هذه الورش خلال (6 أشهر) كما سيتم إضافة ملحق آخر للبنات كاحتياط إلى جانب الغرف الحالية الموجودة في الدار. وأضاف: اعتقد أن الدار جاهز ة الآن وتم إعادة ترميمها والأخصائيات موجودات هناك وهي مفتوحة لاستقبال أي حالة باستثناء الحالات الحاملة لقضايا جنائية لان هؤلاء بحاجة إلى حماية. وقال: لكن في حالة عدم التجاوب معنا بإيجاد حراسة أمنية للموقع سنسلم مفاتيح الدار إلى الجهات المسؤولة في المحافظة لان قضية الطفلة (حواء) ستخلق لنا مشكلة في حالة وصولها للدار نظراً لعدم وجود حراسة أمنية مثل السجن المركزي.. علماً بأنها ستأتي بجريمة قتل وليست حالة عادية يمكن أن نصمد أمامها في حالة أن النيابة حولتها إلينا، لكن هذه الحالة لا يمكن أن نستقبلها لعدم وجود حراسة أمنية للدار. عدم وجود دار رعايةبينما الأخ/ حسين عوض حسين العولقي وكيل نيابة السجون في محافظة عدن قال: بالنسبة لقضية الحدث (حواء) تم إيداعها في تاريخ 1/20/ 2013م في سجن المنصورة وذلك بناءاً على توجيهات رئيس نيابة استئناف عدن، حيث أحيلت من محافظة لحج بتهمة قتل طفلة حدث عن طريق التراجم بالحجارة. وأضاف: وحفاظاً على حياة الطفلة (حواء) ونظراً لعدم وجود دار رعاية للأحداث في لحج وكذا عدم قيام دار الرعاية بعدن الخاصة بالبنات بممارسة نشاطها فبالتالي لا يمكن أن تعزل فتاة صغيرة السن في مبنى كبير خال من الناس، لذا رأوا بأن أفضل مكان لها هو بقاؤها في السجن المركزي بعدن نتيجة لوجود قسم خاص بالنساء، حيث توجد لديهم عنابر منظمة تحصل فيها على التغذية والرعاية. وأوضح: فتم تحويلها إلى السجن المركزي بعدن بعد أن قدمت الرسائل من رئيس نيابة لحج إلى رئيس نيابة عدن ومنها إلى الجهات الرسمية في المحافظة وإدارة سجن المنصورة بقبولها - نظراً لعدم وجود سجن في المحافظة التي ارتكبت فيها الجريمة- وذلك للحفاظ عليها أمنياً حتى يتم حل المشكلة سواءً كان عن طريق الصلح أو عن طريق محكمة الأحداث في لحج. مشيراً: الى ان الجلسة الوحيدة التي عقدت لها كانت قبل حوالي أسبوعين تم فيها نقلها إلى لحج وقرر القاضي حجزها للحكم، ولأن قضايا الأحداث من القضايا المستعجلة سيصدر الحكم فيها خلال الأيام القادمة. وقال: في نظام الأحداث بشكل عام المحاكم سواءً كان في لحج أو في عدن تلزم المحكمة بإيجاد محام للدفاع عن الحدث، وأضاف: الطفلة (حواء) تحاكم الآن كحدث وفي تاريخ الواقعة وعندما حدثت المراجمة بينهم مباشرة تم نقلها للسجن المركزي للمحافظة عليها من الانتقام من أسرة المجني عليها لان وجودها هنا أفضل من وجودها في مركز اللاجئين (خرز)، حيث ممكن أن تتعرض للانتقام إما بالضرب أو بالاعتداء حتى يؤدي إلى وفاتها من قبل الطرف الآخر فبالتالي تم نقلها حفاظاً عليها.. علماً بأنه لا يوجد لدينا في السجن أي حدث باستثناء الحدث (حواء). أطباء نفسيون أما فيما يخص الأطباء النفسيين قال: للأسف الشديد السجن يعاني من سوء الخدمات حيث يفتقر إلى الجانب الصحي والجانب الإصلاحي وكذا التربوي وذلك يرجع للوضع المتردي بشكل عام في البلاد وداخل السجن بشكل خاص. لافتاً: بأن الأطباء النفسيين يأتون من وقتاً لآخر ولكن ليس بشكل دوري أو منظم وذلك بعد المتابعة المستمرة مع مكتب الصحة والجهات ذات العلاقة. وأفاد بأن المتابع للقضية هي أم الطفلة المجني عليها وحسب المعلومات التي لدي بأنها طلبت من المحكمة تنفيذ شرع الله، لافتاً: الى ان عقوبة الأحداث للذين يرتكبون جرائم غير عمد تكون حسب المادة (37) من قانون الأحداث هي إذا ارتكب الحدث الذي يزيد سنه على الـ(14 سنة) ولا يتجاوز سن الـ(15 سنة) عقوبته يقضيها في السجن لمدة لا تقل عن (10 سنوات) بمعنى لا يطبق عليهم حكم الإعدام هذا بالنسبة لقضايا القتل، أما بالنسبة للقضايا الأخرى لا يزيد عن ثلث الحد الأقصى للعقوبة بمعنى إذا كانت عقوبته (3 سنوات) المدة التي يقضيها في السجن هي سنة واحدة فقط. حالة نفسية صعبةوأثناء وجودي في السجن تمكنت من الالتقاء بالحدث( حواء) وخلال جلوسي معها شعرت بأنها تعاني من حالة نفسية صعبة فلم أتمكن في البداية من الحديث معها لمعرفة ما حصل وما يحصل لها إلا بعد محاولات عدة لإقناعها، تحدثت فيها معي بكل هدوء وتحفظ لبعض التساؤلات. جلسة واحدة بعد مرور سنة على احتجازهاكما التقينا بالأخت/ ذكرى علي عبده مسؤولة قسم النساء في سجن المنصورة حيث قالت: جاءت الطفلة (حواء) إلى هنا قبل سنة بقضية قتل ومنذ عام كامل حددت لها جلسه واحدة فقط في المحكمة والتي كانت قبل شهر ولم يحدد لها أي جلسة ثانية. وأشارت: أما بخصوص الزيارات والدتها هي الوحيدة التي تقوم بزيارتها لكن الطفلة لا ترغب برؤيتها، وإن رأتها لا ترغب بالحديث معها، إلا بعد إلحاح شديد عليها، إلى جانب أنها عدوانية مع الأطفال ومع والدتها التي هي متزوجة من رجل آخر ولا أعلم ربما كان يعذبها أو كما كانت تقول بأنه كان يعمل لها مشاكل مع والدتها كما اعتقد بأنها لمست من والدتها القسوة لدرجة أنها أصبحت لا ترغب برؤيتها أو حتى الجلوس معها. هادئة وتسمع الكلامأما فيما يخص وضعها في السجن قالت ذكرى: بأنه لا يصح بقاؤها هنا بل يجب أن تكون في دور الأحداث، علماً بان الطفلة المتوفاة تقريباً في نفس عمرها حوالي (10 أو 11 سنة)، لافته: أول ما وصلت الطفلة (حواء) إلى السجن كانت هادئة وتسمع الكلام أما الآن فأصبحت عدوانية ولا تسمع لأحد، حيث طالبنا أكثر من مرة بطبيب نفسي يجلس معها وينظر لحالتها النفسية لكن تم تجاهل طلبنا، علماً بأنه سابقاً كان هناك طبيب نفسي أما الآن لا يوجد طبيب لمتابعة مثل هذه الحالات. التفكك الأسري وأخيراً: في ظل تعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية وتزايد عدد السكان المستمر سواء بسبب الزيادة الطبيعية في عدد السكان بالمدن أو نتيجة الهجرة الداخلية المستمرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، تفاقمت مشكلة الأطفال الجانحين وازدادت خطورةً، ولا جدال في أن التعرف على أسبابها والعوامل المؤدية إليها وكيفية مواجهة المشكلة والحد من معدل التزايد، كل هذا سوف يهيئ الوسائل لإنقاذ آلاف الصغار من ممارسة السلوك المنحرف وحماية الفرد والمجتمع من آثاره، كما تلعب الظروف النفسية والظروف المحيطة بالحدث دورا كبيرا في توجيهه، إلا أن حالات التفكك الأسري ذات تأثير كبير على سلوكه، ونتائجها أوصلت الكثير من الأحداث إلى ارتكاب جرائم قد تكون جسيمة.