في الندوة الدولية الخاصة بـ(تقييم الاحتياجات الإنسانية في اليمن) بلندن :
لندن / سبأ:اكد وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي إن أن قضية هشاشة الوضع في اليمن قضية قديمة ناتجة عن غياب الحكم الرشيد وتفشي الفساد وانعدام التنمية وغياب العدالة في التنمية وتوزيع الثروة بين مناطق اليمن المختلفة، مشيرا إلى أن مخرجات الحوار الوطني جاءت بحلول لكل هذه المشكلات.جاء ذلك في الندوة الدولية الخاصة بـ « تقييم الاحتياجات الإنسانية في اليمن» والتي نظمت مساء أمس الأول في العاصمة البريطانية لندن على هامش الاجتماع السابع لمجموعة أصدقاء اليمن بحضور وزير التنمية الدولية البريطاني الن دانكن ووزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور محمد السعدي والمدير التنفيذي للجهاز التنفيذي لتسريع لتسريع استيعاب المساعدات وإصلاح السياسات أمة العليم السوسوة ورئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصنعاء السفير سعد العريفي، وممثلي عدد من المنظمات الدولية الإنسانية.وقدم الدكتور القربي في الندوة عرضا تقييميا لتطورات الأوضاع الإنسانية في اليمن وطبيعة الاحتياجات الملحة وكذا السياسات الاقتصادية والمالية وخطة الإصلاحات المطلوبة واللازمة لوضع حد لإهدار موارد الدولة وخصوصا المتعلقة بدعم المشتقات.ولفت إلى أن تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين كان نتيجة حتمية لضعف موارد الدولة الناتجة عن أعمال التخريب التي تستهدف أنابيب النفط والغاز وانحسار الاستثمار، وتوقف السياحة مما يهدد السلم الاجتماعي، فضلا عن أعمال العنف التي شهدتها بعض المحافظات اليمنية خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع تفاقم ظاهرة اللجوء من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن والنزوح الداخلي للمواطنين اليمنيين في بعض المناطق التي شهدت أعمال عنف في الفترة الماضية .وأوضح وزير الخارجية أن الحكومة اليمنية تبنت برنامجا طموحا لإعادة تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني بما ينعكس إيجاباً على الأوضاع الإنسانية في البلد، وجعلت من قضية معالجة الأوضاع الإنسانية في مقدمة أولوياتها، كما عملت على تيسير وتأمين وصول المساعدات الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني، وكذا تقديم كافة التسهيلات للمنظمات العاملة في هذا المجال طبقاً للقوانين والأنظمة ذات الصلة.ولفت إلى اعتماد مجلس الوزراء يوم 26 يونيو 2013 السياسة الوطنية لمعالجة النزوح الداخلي في الجمهورية اليمنية والتي تعالج النزوح الداخلي الناجم عن الكوارث الطبيعة او النزاع المسلح، فضلاً عن معالجة النزوح في مراحله المختلفة .. مبينا أن هذه السياسية تطرقت لمجموعة واسعة من الحقوق الأساسية للنازحين، كما تضمنت أدوارا ومسؤوليات الجهات المختلفة بما في ذلك المجتمع المدني والمجتمع الدولي.وقال : «إن الحكومة اليمنية احتضنت خلال شهر نوفمبر 2013 مؤتمرا إقليميا حول اللجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن تمخض عنه إعلان صنعاء الذي تضمن عدداً من التوصيات التي تسهم في إيجاد حلول لقضايا اللجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن». وأشار إلى أن النهوض بالوضع الإنساني في البلد كان احدى اهم القضايا التي كانت على بساط البحث في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اختتم أعماله بنجاح يوم 25 يناير الماضي، وقد تضمنت وثيقته الختامية العديد من التوصيات ذات الصلة ولاسيما تلك التي خرج بها فريق قضايا ذات البعد الوطني والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وفريق الحقوق والحريات.وقال إن هذه الأوضاع لم تحظ بالاهتمام الكافي من أصدقاء اليمن لانشغالهم بالعملية السياسية وحرصهم على نجاح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية متجاهلين أن الخطر الحقيقي على مخرجات المبادرة يمثل في طريقة الحفاظ على نتائجها وضمان استدامتها.وزير التنمية الدولية البريطاني الن دانكن أكد من جانبه استمرار دعم الحكومة البريطانية لجهود التسوية السياسية في اليمن التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي بجانب دعمها لكل المشاريع الهادفة إلى بناء مستقبل أفضل لليمن.وقال المسؤول البريطاني : «إن الأوضاع في اليمن كانت في العام 2011 هشة وخطيرة، وأن اليمن يحقق اليوم تقدما نحو السلام والاستقرار بعدما انخرطت كافة القوى السياسية في اليمن في عملية حوار ناجحة أفضت إلى نتائج كانت محل توافق كل القوى في اليمن».ولفت إلى أن اليمن يعاني من مشكلات اقتصادية عميقة، وخصوصا مع تصاعد عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ، مشيرا إلى أن تصاعد الاضطرابات في جنوب اليمن وأعمال العنف في شماله ساهما في تصاعد حاجة السكان إلى الخدمات الإنسانية.وشدد المسؤول البريطاني على أهمية احترام حقوق الإنسان وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الأفراد الأكثر احتياجا إليها، موضحا أن الحكومة البريطانية قدمت لليمن خلال العامين الماضيين نحو 70 مليون جنيه استرليني كما زودت نصف مليون شخص بالمياه وبرامج الحماية من العنف.وأكد أن دعم المجتمع الدولي لليمن سيمنع وصول الأوضاع في هذه البلد إلى الكارثة.وأردف الوزير البريطاني قائلا: «نعترف أن تقدما كبيرا حصل في الحوار الوطني ويجب أن نعرف أن اليمنيين اجروا حوارات ستؤدي إلى يمن مستقر وموحد وهذا سيضع الأسس المتينة للدولة ويجب أن نعمل جميعا لتحقيق الاستقرار في هذا البلد».وأشار إلى أن التقدم السياسي في اليمن لا يمكن أن يتحقق من دون حصول تقدم في الجانب الاقتصادي، ما يعني أن هناك ضرورة للمضي بعملية إصلاحات تشمل كافة القطاعات الاقتصادية والإدارية في اليمن، وخصوصا في مجال تخفيض معدل النمو السكاني.بدورها دعت المدير التنفيذي للجهاز التنفيذي لتسريع لتسريع استيعاب المساعدات وإصلاح السياسات أمة العليم ، المجتمع الدولي إلى دعم جهود تنمية المجتمعات الريفية باعتبارها الركيزة الأساسية لتحقيق نجاحات في حل المشكلات الإنسانية التي يعانيها اليمنيون في الوقت الراهن.وأكدت السوسوة أن الحديث عن المستقبل الأفضل في اليمن يجب أن ينطلق من المناطق الريفية التي تعد من أكثر مناطق الفقر في اليمن، في حين أنها تستوعب 70 في المئة من السكان.وتابعت قائلة « علينا أن نبدأ من هذه المناطق.. حتى لو كان لدينا حالات عنف، فاليمن يعاني من حالات مختلفة من الفقر والعنف وعلينا أن نتعامل مع المشكلات في تلك المناطق من خلال ربط العمل الإنساني بالتنمية المستدامة وإلا سنبقي هذه الفئات في دائرة الاحتياج من دون أن نوفر فرصا لهؤلاء في إيجاد حلول تساعدهم على الخروج من أوضاعهم الحرجة».ومضت قائلة: «ما ينبغي علينا عمله هو أن نمد لهؤلاء يد العون إلى حين يكون لديهم القدرة على الإنتاج».وقدمت السوسوة للمشاركين في الندوة عرضا مدعما بالصور عن أوضاع المرأة اليمنية أثارت تعاطف أكثر الحاضرين ولا سيما في إظهار معاناة النساء في المناطق الريفية لجلب المياه من مناطق بعيدة فضلا عن قيامهم برعاية الأبناء وإعداد الطعام والتعاون مع الزوج في العمل سواء في الحقول أو في الصناعات الحرفية اليدوية الهادفة إلى زيادة الدخل، مشيرة إلى أن ابرز معاناة المرأة اليمنية الريفية تتمثل بانعدام الخدمات وفي المقدمة الكهرباء والمياه والرعاية الصحية.وأكدت السوسوة أن الحوار الوطني حدد نقاطا أساسية بالنسبة للاحتياجات الأساسية لليمنيين والاحتياجات الطارئة للأطفال والمرأة، كما اقر سن الزواج بــ 18 سنة، غير أن هذه المقررات تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، كون اليمن يعاني من حالة الانقسام السياسي في حين أن دعم الجهود الإنسانية ربما يكون له صدى أفضل في المستقبل في حال غادر اليمنيون هذه الأزمة، ما يعني أن ثمة حاجة كبيرة وماسة للتنمية والاستثمار في المناطق الريفية.وقالت السوسوة: «إن الأجواء الأمنية المستقرة لا يمكن أن تتحقق ما لم يتم دعم جهود التنمية وتخفيف حدة الفقر»، مشيرة إلى ضرورة أن تكون التنمية في المناطق الريفية في رأس أولويات المنظمات التنموية الدولية للخروج من هذه الدائرة.وأضافت « لا حلول سهلة للمشكلات في المناطق الريفية اليمنية والحلول الجديدة التي يجب أن نصل إليها هو التمويل والاستثمار والذي يمكن أن يعطي اليمنيين فرصا لتحسين أوضاعهم في المستقبل كما أن من شأن هذا الدور القضاء نهائيا على ظاهرة الإرهاب».من ناحيته عبر رئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي السفير سعد العريفي عن شكره للرئاسة المشتركة ممثلة في الجمهورية اليمنية والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية على أفراد مساحة على هامش الاجتماع السابع لمجموعة أصدقاء اليمن، لمناقشة واستعراض خارطة الأوضاع الإنسانية في اليمن ، والوقوف المسؤول على طبيعة الاحتياجات الإنسانية التي تمثل بامتياز أحد ابرز التحديات التي تواجه منظومة الجهود الإقليمية والدولية المستمرة والهادفة إلى تعزيز استقرار اليمن .واعتبر السفير العريفي في كلمته التي ألقاها في الندوة الدولية الخاصة بــ «تقييم الاحتياجات الإنسانية لليمن» النجاح الذي رافق تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية اسهم في خلق حالة من التحسن النسبي للأوضاع السياسية والأمنية السائدة في الجمهورية اليمنية مقارنة بما كان عليه الحال في العام 2011م الذي شهد فيه اليمن أزمة سياسية عاصفة هي الأشد من نوعها خلال الخمسين عاما الماضية من تاريخه المعاصر.وأشار رئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي إلى أن دول مجلس التعاون حرصت وما تزال على إيلاء الجوانب المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية في اليمن اهتماما بالغا سواء من خلال موائمة اتجاهات الدعم الاقتصادي والتنموي المباشر مع الأولويات الحكومية اليمنية وبخاصة ذات الطابع الإنساني عبر تمويل تنفيذ الكثير من المشاريع والبرامج الهادفة إلى التخفيف من معدلات البطالة في أوساط الشباب ودعم الجهود الحكومية اليمنية في مكافحة الفقر ، أو من خلال تشجيع أنشطة الجمعيات والهيئات الحكومية والأهلية التابعة لدول مجلس التعاون في تمويل الكثير من المشاريع والبرامج الخيرية المستهدفة للشرائح والفئات الأشد فقرا واحتياجا في مختلف المناطق اليمنية .وقال : «وقد أسهمت هذه الجمعيات والهيئات بدور فاعل في دعم خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن ، خلال الأعوام الأخيرة وأيضا العام الجاري الذي شهد تسجيل زيادة نوعية في إسهامات الجمعيات والهيئات الخليجية في دعم خطة الاستجابة الإنسانية ».ورأى أن الارتفاع المضطرد لسقف الاحتياجات الإنسانية في اليمن جعله من أكبر حالات الطوارئ الإنسانية عالميا، حيث بات ملايين من اليمنيين في احتياج إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية خلال العام الجاري2014 م ، بحسب ما تؤكده تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي التي تشير إلى أن ما يزيد عن عشرة ملايين و500 ألف مواطن يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي وأكثر من مليون وطفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد .وقدمت خلال الندوة عدد من المداخلات من قبل ممثلي الدول والمنظمات المانحة .. مؤكدين أن تفاقم حدة الأوضاع الإنسانية في اليمن يستوجب تكاتف جهود الدول والمنظمات المانحة لدعم برامج الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية الناشطة في اليمن لتنفيذ البرامج المكرسة لمعالجة تلك الأوضاع وبما ينعكس بآثار إيجابية في مساندة العلمية الانتقالية الجارية في البلد.