شعور متضارب بين الحرية الذاتية والعبودية الأسرية
استطلاع/ دنيا هانييعتبر الطلاق قراراً صعباً يعتمد على وضع الزوجين فيما إذا كانا متفاهمين ولا يستطيع أحد التأثير على حياتهما أو التدخل فيها، أما إذا كان هناك سبب ولو بسيط وهو أن هناك خللاً في العلاقة والاستمرار يكون أشبه بالمستحيل فهذا يجعل الأمر معقداً وتكون الحياة شبه مستحيلة.. ويختلف الطلاق من أسرة إلى أخرى بالإضافة إلى اختلافه في عمر العشرة الطويلة التي جمعت بين الزوجين، فكثيراً ما نسمع عن حالات الطلاق في مجتمعنا العربي ونعرف جيداً أن «ابغض الحلال عند الله الطلاق»..ولكن قد يكون الطلاق من وجهة نظر البعض خيرا للطرفين والسبيل الوحيد لإنهاء الترابط لا سيما إذا توقفت بينهما سبل العيش معاً تحت سقف واحد وعندما يضيع الاحترام بينهما وتذهب المحبة والمودة والثقة ولا يعود أحدهما يتقبل العيش مع الآخر.وقد يكون الطلاق خراباً ومأساة إذا كان بين الزوجين أولاد فهم من سيضيعون في الوسط وتعود نتائجه على حياتهم ومستقبلهم وتتأثر نفسياتهم خلال مشوار حياتهم سواء أكانوا يعيشون في كنف الأم أو الأب.فلماذا يحدث الطلاق وهناك عشرة ومحبة دامت لأعوام ولماذا تطلب المرأة الطلاق ولا تفكر بمصيرها بعد اتخاذها هكذا قرار.. الكثير من التساؤلات تم طرحها على بعض النساء اللاتي خضن هذه التجربة ولنتعرف على أسباب طلاقهن ودوافعهن خرجنا معهن بهذه الحصيلة ..[c1]تحديت أهلي وندمت[/c]تحدثت الأخت مروى من محافظة تعز عن تجربتها وقالت: أحببت زميلا لي في الجامعة وبعد التخرج طلبني من أهلي ورفضوا كونه غير مستعد لفتح بيت ولدفع المهر الذي طلبوه منه وتضايقت جداً من موقفهم.وتابعت: بعد فترة قصيرة اتفقت مع حبيبي أن نتزوج دون علمهم ورتب هو كل شيء وهربت معه وتزوجت ووضعت أهلي بالأمر الواقع وغضبوا مني بل تبرأ والدي مني ولأني كنت نائمة بالعسل مثل ما يقال لم اهتم وتجاهلت.وأضافت: لا أخفيك سراً فلم يمر عام على زواجنا حتى بدأت المشاكل بيني وبين زوجي تظهر لم يعد كما كان في بداية أيامه معي ومعاملته لي تغيرت وبدأت نبرة المعايرة تظهر كلما اختلفنا بشيء يذكرني بفعلتي بأني تركت بيت أهلي وتزوجته بدون رضاهم وهذا الأمر حز في نفسي كثيراً، وحينها هانت علي نفسي كيف وضعت حالي بهذا الموقف المحرج وأين كان عقلي عندما لم أسمع نصيحة أهلي فهم يعرفون مصلحتي أكثر مني ولكن عنادي وطيشي منعاني من التفكير السليم وتصرفت بشكل خاطئ.واختتمت حديثها: الآن أنا في بيت أهلي وطلبت الطلاق من زوجي بعد أن أصبحت الحياة بيننا مستحيلة ولم يكن هناك تكافؤ من البداية والحب ( ما يأكل عيش).وقالت: يجب أن تعلمي جيداً أن هناك أمورا والتزامات أخرى أهم من الحب حتى تنجح الحياة الزوجية وأنا تعلمت درسا من الحياة سوف أحفظه جيداً كي ينفعني في المستقبل.[c1]استغل سذاجتي ونصب علي[/c]أما الأخت أم ياسر 34 سنة فقالت: بالأول دخل علي بالحنجل والمنجل حتى أمنت له ووثقت به, فقد كنت أعطيه وأدعمه ولم أقصر معه بشيء ولم أكن أتوقع أنه في يوم من الأيام وبعد عشرة سنين يفكر بأن يسرقني ويأخذ مني كل ما ما أملك (ذهب وأثاث البيت وحتى أشيائي الشخصية الخاصة وكل شيء ولم يترك لي أي شيء). وتضيف: حصل كل هذا عندما كنت راقدة في المستشفى أثناء حالة السقط التي تعرضت لها، ولم أكن أتوقع أنه كان يدبر لي كل هذا وأن مشاعره تغيرت فهو من جعلني أسقط من غير علمي ولا أعلم لماذا فعل بي هذا.وتابعت والغصة تخنقها: فقد كنت ( قايدة أصابعي العشرة ) له وصابرة معه على الحلو والمر وكنت أحبه كثيراً ولم أقصر معه بأي شيء وضحيت بالكثير لأجله وخسرت ناسي وأهلي بسببه وبالآخر يجازيني بالسرقة وإنزال طفلتي التي لم تكمل شهرها السابع. ودخلت بمشاكل مع أهله وبعد ما فاض بي الكيل وبعد عملته وإبلاغي للشرطة كي تأخذ حقي انتهت حكايتنا معاً إلى هذا الحد وتطلقت منه واسترجعت حريتي لكن بعد ماذا !!.وقالت: بالبداية كان رافضا أن يطلق ويتهرب وطلب مني أن أتبرأ من أهلي وسوف يقوم بإرجاع ذهبي وكل ما أخذ ويعود كما كان لكني رفضت فكيف بإمكاني أن أأمن له وأثق فيه بعد ما خذلني وكيف أتبرأ من أهلي وهم من بقوا لي بالآخر ووقفوا إلى جانبي فلا أحد يستحق أن تضحي بأي شيء لأجله وللأسف هو من فصيلة الرجال المحتالة الذين يستغلون النساء وطيبتهن وحبهن.وأكملت ولكن هذه المرة بابتسامة: وضعي بعد الطلاق أصبح أفضل وارتحت كثيراً صحيح في الأول لم أستطع تجاوز المحنة وخسرت الكثير لكن كل شيء يتعوض ويهون فحريتي منه كانت الأهم وأنا الآن عايشة حياتي وأحاول نسيان ومحو تجربتي المرة وبدأت بحياة جديدة «وربنا هو المعوض» وهو من سوف يأخذ بحقي منه ولن يلقى أي خير في حياته لأنه ظلمني من غير سبب والظالم يظلم ولو بعد حين.واختتمت حديثها: بعد هذه التجربة أصبح عندي وعي أكثر وتغير تفكيري اتجاه كثير من الأمور وأصبحت لا أثق بالناس بسهولة وقبل أن أنفذ أي خطوة أعمل لها ألف حساب وأفكر ملياً قبل الخوض بأي شيء فالحياة تعلم الكثير ومنها نستفيد الدروس وبالآخر نقول أنه نصيب ومكتوب، وعلينا أن نرضى به وبما قدره الله لنا.[c1]إنسان مستهتر ولا يتحمل المسؤولية[/c]أما الأخت (ش.م) 52 سنة فقالت: بالنسبة لي طلبت الطلاق بعد ما فاض بي، فقد كان إنساناً مستهتراً ومن النوع الذي لا يتحمل مسؤولية ويصرف كثيراً من المال على مزاجه غير أنه كان سكيراً ولا يعطي لأولاده شيئا، حاولت معه كثيراً وصبرت عليه وعلى معاملته معي لأن بيننا أولادا وكان كل همي هو تربيتهم ولكن عندما وجدت أنه لا يوجد أمل بأن يصطلح حاله وكل يوم حالته تزداد سوءاً وعدم اهتمامه، قمت بتبليغ والده وأخوته وحكيت لهم عما يفعله بنا وبأني أريد الطلاق منه وطلبت منهم أن يلقوا لي حلا معه، وفعلاً تم ذلك وتنازلت على كل حقوقي في سبيل أن يطلقني وبعد عناء وتعب وتهربه من كل شيء رفعت قضية بالمحكمة وحكمت لي بنفقة من راتبه وبهذا أخذت حقي منه فحياتي معه كانت لا تطاق (الله لا يرده).[c1]تعلمت من الحياة دروسا [/c]بينما الأخت أم محمد 24 سنة قالت: تزوجت وأنا صغيرة في السن وكان بالأول يعاملني معاملة طيبة وكنت سعيدة معه ولكن عندما بدأت زوجته الأولى تفتعل المشاكل وتحرضه علي بدأ يتغير بمعاملته معي وكان يجعلني مثل (الشغالة) وحينها إنصدمت بالحقيقة وتبين لي أنه تزوجني لغرض آخر وليس للاستقرار وتكوين أسرة ولم أستطع إكمال حياتي معه على هذا الشكل فكل يوم إهانات ومعاملة قاسية واستفزاز حتى طلبت الطلاق منه ورجعت لبيت أهلي.وأضافت: كان وضعي صعبا جداً بعد الطلاق لأني كنت حاملا ومرت هذه الفترة صعبة وحاولت تجاوز كل ما حدث وبعد إنجابي لطفلي لم أعد أهتم بأي شيء آخر سواه، ودخوله إلى حياتي وعالمي غير كل شيء ونضجت بما فيه الكفاية لأتعلم من الحياة دروسا لم أتعلمها من قبل.[c1]الحمد لله الذي أباح الطلاق[/c]بالعنوان نفسه تتحدث الأخت أنسام عن تجربتها المريرة وروت تفاصيل مؤلمة خاصة خاضتها في حياتها الزوجية التي لم تدم طويلاً: فقد كانت مشكلتها ليس مع زوجها وإنما عمتها (أم زوجها) التي كانت السبب الرئيسي في طلب الطلاق والتخلص من حياتها القاسية التي كانت تعيشها.تقول أنسام: مررت بسنوات مريرة كرهت فيها حياتي في بعض الأوقات فربي رزقني بزوج صالح ومحترم وطيب العشرة كان يحبني ويعاملني جيداً لكن ما نغص علينا حياتنا أننا كنا نعيش في بيت أهله ومع والدته التي لم تتقبل فكرة زواج ابنها وكانت تضايقني كثيراً أثناء خروجه وتتعمد جرحي وتعاملني مثل الشغالة وليس كابنة لها.وتتابع حكايتها: تحملت عدة أشهر في الأول حتى لا أخرب على نفسي وبيتي وقلت انه وضع مؤقت وسوف يتغير لكن للأسف استمرت أم زوجي بمضايقتي وكانت تتعمد التدخل في حياتنا الزوجية حتى أنها لا تعطينا فرصة للخروج معاً لوحدنا كانت تأتي معنا بحجة إنها تريد أيضاً أن تغير معنا جو، ولكن هذا الوضع لم أحتمله وأخبرت أهلي وقلت لهم أريد حريتي فأنا لم أعد أتحمل أكثر فحاولوا إصلاح الأمر معي وتهدئتي والتدخل بين أم زوجي وزوجي إلا أنني رفضت وبشدة وطلبت الطلاق على الرغم من أن زوجي كان رجلاً طيباً لكن أمه للأسف كانت على العكس وهي من خربت علينا حياتنا فهو لا يستطيع أن يختار بيني وبينها لأنها أمه في الأول والآخر ولم أحبب أن أضعه في موقف محرج.وأكملت: أخذت حريتي وتحررت وبدأت في التفكير بمستقبلي وحالياً أفكر في تحضير الماجستير والاهتمام بحياتي العلمية والبحث عن عمل.[c1]ما بعد الطلاق حكايات أخرى[/c]* هناك بعض النساء بعد الطلاق كنوع من العقوبة لطليقها تسعى للاستئثار بالأطفال، ويساعدها في ذلك ما يمنحه لها القانون من حق الحضانة، حتى سن الـ15 عاماً، وبعضهن تمنع الأب من حق رؤية أولاده، وهو ما يؤدي إلى قطيعة وجفوة بين الأب وأطفاله، وبالتالي ضعف مستواهم التربوي والخلقي، فتتراجع عندهم مفاهيم صلة الأرحام والتواصل مع الأهل من أقارب الأب، ويكون محيط معارفهم وصداقتهم محصوراً في محيط أسرة الأم وهذا ما يسبب عند الطفل خللا.وهناك بعض من الرجال الذين يطالبون بحقهم في رؤية أولادهم، سواء بقوة القانون أو بتدخل المصلحين وهذا يترك أثر وجرحا لشعوره، فضلاً عن الجرح الأكبر لشعور الأطفال.* وهناك من تحمل لقب مطلقة وتتعرض لكثير من المضايقات والمشاكل من قبل الأهل وما أن يتقدم شخص للزواج بها حتى يدفعونها للقبول ونتيجة للتسرع قد تتعرض لتجربة طلاق فاشلة للمرة الثانية ويسبب لها ذلك إحباطا ومشاكل نفسية قد لا تستطيع تجاوزها.[c1]علاقة عكسية بين الرجل والمرأة[/c]من ناحية أخرى هناك دراسة كشفت وقد تكون دليلاً جديداً على رقة المرأة وخشونة الرجل عن أن الطلاق يؤذي قلوب النساء، بينما تخرج قلوب الرجال سليمة معافاة دون أي ضرر. وأضافت الدراسة التي أجريت في جامعتي (بولينج جرين) و(تكساس) في الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر ما يؤثر على قلوب النساء بعد الطلاق هي الظروف الاقتصادية الصعبة والتعاسة. وقالت الدراسة أن النساء المطلقات أو المترملات أو اللاتي تزوجن مرة أخرى كن أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب. وهناك من يقول أنه وحده الرجل لا تثريب عليه في معركة الطلاق فهو غالباً يخرج منتصراً.[c1]تعددت الحكايات والمواقف والسبب واحد[/c]مشكلة الطلاق التي اوجزناها في هذا الاستطلاع تعتبر جزءا بسيطا من مآس أكبر تعرضت لها الكثير من النساء، وبعض النساء اللاتي يعشن في القرى والمناطق البعيدة اللاتي ربما يعشن حياة كارثية لأنهن لا يعرفن لمن يشكين ولا توجد لديهن محاكم أو مراكز لعرض الشكاوى والبحث عن الحلول! وبذلك تذهب حقوقهن مهب الريح وكل ذلك تحت عرف القرية أو القبيلة أو حتى أعراف خارجة عن القانون وغير مبررة.ويبقى الأطفال هم الضحية جراء التفكك الأسري فمنهم من يجتازون الوضع ويهتمون بمستقبلهم ومنهم من يتأثرون ويضيع مستقبلهم ويتشردون ويلجأون إلى الشارع الذي يتخرجون منه مروجي مخدرات ولصوصاً وشحاذين وأطفال شارع وكل ذلك بسبب أن أهالي البعض منهم تعرضوا للطلاق في وقت مبكر . ولا يزال الطلاق.. شعورا متضاربا بين الحرية الذاتية والعبودية الأسرية.