لاطلاعي المستمر والبحث في محرك جوجل عن كل جديد يطرأ بعالم الطب أقف مندهشاً للباحثين الأجانب الذين يأخذون من الصعب والتحدي حافزاً للبحث عن المسببات لوفاة 100ألف مريض في أمريكا، و 30ألفا في بريطانيا، و 28ألفا في ألمانيا - ولا تسأل عن أعداد الوفيات لدينا!.. وللتخفيف من مسببات الوفاة داخل المستشفيات تبنى “معهد العناية الصحية” في أمريكا حملة جديدة للتخفيف من هذه المشكلة وإنقاذ حياة 100ألف مريض يموتون سنويا بسبب الإهمال الطبي والبيئة غير المواتية.. وقد اعتمدت الحملة (التي أطلق عليها من أجل 100.000حياة) على حصر أعظم مسببات الوفاة في المستشفيات ثم توضيحها والتأكيد على متابعتها والحد منها.. وبعد جمع الإحصائيات - وغربلة البيانات - دعا المعهد الى تبني ستة إجراءات مهمة ( أتمنى التأكيد عليها في مستشفياتنا المحلية) اعتبرها من أعظم مسببات الوفاة داخل المستشفيات:1 - الإجراء الأول: “مكافحة التهاب الرئة الناجم عن استعمال جهاز التنفس الاصطناعي”.. فاستعمال هذا الجهاز كثيرا ما يؤدي الى التهابات رئوية قاتلة ينظر إليها - حتى الأطباء - كقدر يصعب تلافيه. غير أن المعهد اكتشف أن تبني إجراءات بسيطة (مثل رفع مستوى الرأس والإخلاص في تنظيف فم المريض وتعقيم أنبوب التنفس ذاته) من شأنه تخفيف نسبة الالتهابات القاتلة حتى 65%..2 - الإجراء الثاني: “منع الالتهابات الناتجة عن القسطرة الوريدية”.. فهذه القسطرة - المسؤولة عن إدخال الدواء والغذاء عن طريق الشريان معرضة للتلوث بسرعة كبيرة ويمكنها إدخال الجراثيم الخطيرة الى الدم مباشرة.. ومجرد تغييرها باستمرار، واهتمام الأطباء والممرضات بتعقيم أيديهم جيدا، كفيل بالتخفيف من مخاطرها بنسبة 70 %!!3 - الإجراء الثالث: “مكافحة الإهمال والأخطاء التي تحدث في غرفة العمليات ذاتها”.. فالأخطاء - ومسببات الالتهاب - التي تحدث أثناء العملية ذاتها قد تسبب انتكاسة المريض ووفاته لاحقا.. ومشاكل كهذه يمكن تلافيها بمراجعة إجراءات العملية (قبل وبعد تنفيذها)، ومنح المريض المضاد المناسب، وغسل اليدين بصورة منضبطة، وعدم حلاقة شعر المريض في موقع العملية نفسه!!4 - الإجراء الرابع: “احترام شكوى المريض ورد الأطباء عليها سريعا”.. فكثير من الأطباء لا يأخذون شكوى المريض على محمل الجد - وكثير منهم يتذمر من الاستدعاءات المتكررة ويتأخرون في الرد عليها (هذا إن لم يتجاهلوها فعلا).. وفي المقابل أثبتت الإحصائيات أن رد الأطباء بنسبة 100 % كفيل بتخفيض عدد الوفيات بنسبة 20 % (ولعل هذا مايفسر نجاة المرضى المهمين أو ال VIP بنسبة أكبر من المرضى العاديين)!!5 - الإجراء الخامس: “التعامل الوقائي مع مشاكل القلب والأمراض الخطيرة كما لو حدثت فعلا”.. فعلى سبيل المثال ؛ لايجب انتظار حدوث نوبة قلبية خطيرة كي يبدأ الأطباء بتطبيق إجراءات العلاج المناسبة (كإدخال قسطرة عن طريق الشريان).. كما أن تطبيق المعالجة الصحيحة (لمرضى النوبات القلبية) كفيل بتخفيض نسبة الوفيات بينهم من 10 % (المعدل المعتاد) الى 4 % فقط!6 - الإجراء السادس: “توحيد العقارات التي يأخذها المريض وتحاشي الوصفات الخاطئة”.. فبالاضافة الى احتمال وصف أدوية خاطئة يحصل المريض غالبا على وصفة طبية مختلفة كلما زار طبيبا جديدا.. والمطلوب هنا هو “مواءمة الدواء” ومراعاة أدوية المريض السابقة - ناهيك عن احترام الأطباء لقرارات زملائهم السابقين قبل وصف علاج مختلف!!... وكما قلت في بداية المقال هذه الإجراءات تعد من بدهيات ومسلّمات العمل الطبي غير أنها تظل معرضة للقصور كونها تعتمد على أمانة وضمير العاملين في هذا المجال. ورغم ثقتنا الكبيرة بأمانتهم إلا أن وزارة الصحة لا يجب أن تعتمد على (هامش الضمير وحسن النية) بل يجب أن تتبنى الإجراءات السابقة كإجراءات رسمية وتبلغها للمستشفيات كبروتوكولات إلزامية تحاسب عليها..أنا شخصيا على ثقة بأن وزارة الصحة (بعد أن أمنت على أخطاء الأطباء) ستتبنى أفكارا جديدة لتأمين حياة المرضى في اوروبا...الا اننا في اليمن مازلنا نبحث عن الصفر... مئات الاف من المرضى اليمنيين يموتون لاسباب عديدة قد تكون نتيجة الاهمال او اخطاء طبية ووزارة الصحة تتجاهل واتساءل الى متى سنظل حبيسي الجهل والعالم يتطور من حولنا.
ستة إجراءات تنقذ آلاف المرضى
أخبار متعلقة