تنشط بعض منظمات المجتمع المدني المعنية بالحقوق السياسية للمرأة اليمنية هذه الأيام من أجل ما تسمية دسترة الحقوق السياسية للنساء ، أي تضمين الدستور اليمني الجديد مواد تكفل الحق السياسي للمرأة ، وتضمن تمكينها من التمتُّع بهذا الحق من خلال تحديد نسبة محدّدة للنساء في هيئات السلطة ومؤسسات الحكم. وإذ نقدّر هذا النشاط النضالي ونؤيده دون تحفظ أو اعتراض؛ فإننا نحاول من خلال التعبير عن الرأي المساهمة بتنوير الرأي العام بهذه القضية وأهميتها من جهة ، والإسهام في ترشيد الحركة النضالية التي تنتصر لحقوق النساء وتعمل على تمكين المرأة اليمنية من حقها السياسي من جهة أخرى؛ ذلك أن الأساس الجامع للحق السياسي بين الذكور والإناث مبني أو قائم على وحدة النوع الإنساني وواحدية وجوده الحياتي على الأرض وفيها. قبل الخصوصية التاريخية الغالبة على مسألة التهميش السياسي للنساء وما يرتبط بهذه المسألة من قضايا نسوية ، نقول إن الحق السياسي قائم على إنسانية النوع كحق إنساني ، ومرتكز على مبدأ المواطنة كحق عملي ، ولذلك ينبغي على النشطاء الساعين إلى دسترة الحق السياسي للمرأة اليمنية التنبُّه والعمل على تأصيل الأساس الإنساني للحق السياسي في الدستور وإسناده إلى المواطنة بحيث يشمل كل إنسان وكل مواطن بغير تمييز أو امتيازات. ذلك أن الوضع التاريخي للشأن السياسي في اليمن يصادر الحق السياسي للذكور كما للإناث انتقاصاً من إنسانيتهم ومصادرة لمواطنتهم تحت عنوان عريض يتجسّد في التمييز بين اليمنيين على أساس العرق واللون والجنس وفي الامتيازات القائمة على تقسيم المواطنة بين رعوي محكوم وشيخ حاكم على الدوام..!!. إن تخصيص الحق السياسي للنساء بنصوص دستورية لا يكفي لضمان هذا الحق في التنفيذ مالم تتجسد المشاركة النسوية في المجال السياسي بشمول يتجاوز الهيئات الرسمية والمؤسسات إلى الخارطة الحزبية والتكوين المجتمعي حتى يكون لوجود المرأة في السلطة السياسية قاعدة مجتمعية وأرضية تنظيمية. وهذا يعني العمل على هدم كل العوائق الثقافية والعراقيل المجتمعية التي تحدُّ من وجود المرأة في الشأن العام وتعيق حركتها في الأنشطة العامة من خلال قواعد نمطية تقسم العمل بين الذكور والإناث على أساس جنسي في التمييز بين ما هو ذكوري وأنثوي بما في ذلك الحضور في المطاعم والأجزاء المخصّصة منها للعائلات؛ ثم ـ وهذا هو الخطر ـ العمل على تحرير المرأة من ظلمات اللثام . الدسترة عمل عظيم، لكن الحالة اليمنية في مسألة المرأة تبدأ من المجتمع وتنطلق منه وبه نحو آفاق أوسع حتى من نصوص الدستور. [email protected]
|
ومجتمع
دسترة حقوق النساء
أخبار متعلقة