الأمم العظيمة تحقق الانتصارات العظيمة وهذه المرة ياتينا الدرس من الهند التي أحرزت انتصارا جديداً في القضاء على مرض شلل الأطفال كواحد من أخطر أمراض الطفولة الذي يهدد المجتمعات التي ينتشر فيها ويحول الأجيال الصاعدة فيها التي يعتمد عليها في البناء والتنمية إلى أجسام معاقة ومشلولة وتحتاج إلى الرعاية والدعم النفسي وجهود مضاعفة لاستيعابها ودمجها في المجتمع الذي تعيش فيه..نعم لقد أحرزت الهند انتصاراً كبيراً على هذا المرض الخطير فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية خلو الهند من هذا المرض بعد مرور ثلاث سنوات دون أن يبلغ عن حدوث أي حالة له في الهند لذلك فقد اجتمع عدد من خبراء المنظمة العالمية في الهند ودرسوا هذا الوضع من جوانبه المختلفة وتوصلوا إلى الإعلان عن خلو الهند ودول شرق آسيا من هذا المرض الخطير.لا شك في أن الهند لم تصل إلى هذه النتيجة العظيمة وتحقيق الوقاية الكاملة من مرض شلل الأطفال إلا بوضع إستراتيجية محكمة استطاعت أن تنفذها بصورة دقيقة وفعالة على الرغم من إنها تمثل ثاني أكبر دولة في العالم من حيث السكان بعد الصين إذ يصل عدد سكانها إلى نحو مليار وثلاثمائة مليون نسمة تقريباً وهي تمثل أكبر ديمقراطية في العالم ومع هذا العدد الهائل من السكان وتعدد الديانات واللغات واللهجات والأعراف والقوميات والمساحة الجغرافية الكبيرة استطاع الهنود أن ينفذوا برامج التحصين بكل كفاءة واقتدار حتى تخلصوا من هذا المرض الخطير.لقد استطاعت الهند خلال العقود الثلاثة الأخيرة أن تحقق قفزات هائلة وإنجازات كبيرة في المجالات المختلفة وخاصة في المجالات التنموية والصناعية والعلمية حتى أصبحت مصدراً للكثير من السلع الغذائية والدوائية والإلكترونية والمنسوجات المختلفة بعد أن حققت الاكتفاء الذاتي منها وتقدمت في مجال البحث العلمي حتى بدأت في إرسال أقمار هندية إلى الفضاء بعد أن استوعبت ما شهده العالم من تغيرات كبيرة وخاصة بعد انتهاء الحر ب الباردة وتعاملت مع هذه المتغيرات بما يحقق مصالحها المختلفة.وما أحوجنا في اليمن ـ حكاما ومحكومين ـ إلى أن نستفيد من التجربة الهندية وأن ندرك أن الأمم العظيمة لا تتقدم إلا بالإخلاص للوطن والعمل الجاد والدؤوب لتحقيق النهوض الشامل وإحداث التنمية الدائمة التي يستفيد منها الجميع، أما المجتمعات التي تسود فيها الخلافات والصراعات ويكثر فيها الجدال ويقل العمل وتنتشر فيها ثقافة الكراهية والجهوية فلن تتمكن من إحراز أي تقدم يذكر ولو كانت على بحر من الثروات المتعددة حتى تتخلص من هذه الأمراض المدمرة للمجتمعات التي تجعلها تعيش على هامش الحياة ولا تبرح مكانها في طابور المتسولين.
درس آخر من الهند..!
أخبار متعلقة