صحيفة ( 14 أكتوبر ) تستطلع آراء أبناء حضرموت حول الأطباء والتطبيب :
استطلاع / ياسر عليما إن تسأل حضرمياً عن الأطباء، حتى يباشرك بالحديث عنهم بسوء، ويذكر لك قصصاً لاتعد ولا تحصى من الأخطاء، أو الإهمال الذي تعرض له مرضى في المستشفيات الحكومية والخاصة، وهذه الأخيرة أصبحت استثمارية سياحية أكثر منها خدمية طبية.وأصبحت هناك صورة نمطية عن الأطباء الحضارمة مفادها أنهم فاشلون ، ولايجيدون عملهم. فلماذا هذه السمعة السيئة للأطباء بين الناس؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الصورة النمطية؟ التي قد تكون صحيحة وقد تكون غير صحيحة، فهناك الآلاف يتعالجون عندهم.. من خلال الاستطلاع الآتي نسلط الضوء على هذه القضية ..عبدالله سعيد التميمي (عمل خاص) يصف الأطباء بأنهم صفر على الشمال (أي لايفقهون شيئاً في مجال عملهم) ومعظمهم مستثمرون يسعون خلف النقود ، وتشخيصهم بعيد عن المرض الذي يعاني منه المريض. ويصف عبدالله الاطباء غير اليمنيين الذين يعملون في المستشفيات الحكومية والخاصة، بأنهم لايختلفون عن المحليين في شيء. ولايختلف رأي عوض صالح مسجدي (سائق تكسي) كثيراً عن رأي التميمي، ويحكي تجربة مر بها بقوله: خسرت الآلاف من الريالات اليمنية لعلاج زوجتي المريضة عند هؤلاء الأطباء، دون جدوى إلى أن سخر له الله (بحسب قوله) امرأة عجوزاً من إحدى مناطق أرياف المكلا التي نصحته باستخدام علاج (الكي بالنار) ويؤكد بأنه استفاد من هذا العلاج الشعبي وبأقل سعر يتخيله إنسان. بينما سالم سعيد (عمل خاص) يقول ودون تردد أو تفكير إن الأطباء في حضرموت فاشلون.أما سمير(موظف حكومي) فيقول عنهم: همهم الحصول على الشهادة فقط وليس العلم، ويزيد بقوله: حرام الذهاب اليهم،وبعض الاطباء لايجب أن يمارسوا مهنة الطب لعدم توفر قيم الطب الحقيقية لديهم، واكثر الاطباء اليوم مبتلون بالـ(القات) ويتساءل سمير بقوله: طبيب يمضغ القات وقت الظهيرة إلى الساعة الخامسة مساءً بعدها يذهب الى عيادته؟ كيف يثق به المريض؟ وكيف سيعمل هذا الطبيب؟ ويجاهر هشام محسن اليهري(موظف حكومي) برأيه دون تحفظ، وبصوت مرتفع يقول: إنهم صفر على الشمال،(أي فاشلون) وهمهم الأول الكسب المادي فقط، وهو لايثق فيهم. أما عبده عوض(معلم) فيقول: هناك قصور في الجانب الخدمي المرتبط بالدولة، وهناك قصور في الخبرة العملية لهؤلاء الأطباء في مختلف التخصصات، فالعبرة ليست بحمل الشهادات العليا ولكن بالجانب التطبيقي المرتبط بالمرضى فكم رأينا ولازلنا نرى عدم فائدة الأدوية المعطاة للمرضى ، وفشل بعض العمليات الجراحية وخاصة في قسم العظام، ويومياً يذهب الكثير من المرضى للعلاج خارج البلاد، والحل من وجهة نظر المعلم عبده الاهتمام بالجانب التطبيقي ،وفحص أطبائنا عند بروفسورات من الخارج قبل إجازتهم العمل. ويستغرب عبدالقادر سعيد (سائق تكسي) من اطلاق لفظة أطباء، بقوله لا يوجد لدينا اطباء، يوجد عندنا أشخاص يدّعون أنهم أطباء بينما هم في الأصل أناس لديهم شهادات فقط.[c1]استأصلوا مرارتي وهي سليمة[/c]في أحد أزقة المكلا القديمة يحكي لنا خالد عوض، وهو انسان بسيط، يحصل على حفنة من الريالات من عمله في بيع الليمون الطازج بجانب مسجد عمر ، هذا العمل بالكاد يغطي احتياجاته اليومية، يتحدث عن تجربته مع هؤلاء الأطباء بألم وحسرة وندم بقوله:إنهم فاشلون، فتشخيصهم غير سليم، ويضيف: أنا ضحية هؤلاء الأطباء الفاشلين ، لقد استأصلوا مرارتي وهي سليمة في أحد المستشفيات الخاصة بالمكلا، وعلى يد طبيب جراح، وبتوصية من طبيب باطني، معروف عنه بأنه أحسن طبيب في المكلا، لإجراء هذه العملية، وبرغم تردد الطبيب الجراح لإجراء هذه العملية، إلا أن الطبيب الباطني أصر على إجراء العملية مع معرفته بوجود الصفار(فيروس الكبد) لدي في مرحلته الاولى. ويصمت خالد برهة ينفث خلالها زفرة طويلة، ثم يسترسل في الحديث بقوله: إلا أن حالتي لم تتحسن بعد العملية، فاضطررت للسفر إلى القاهرة، وأنا شخص فقير معدم، وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى، وبتضحية من عائلتي ، وبدعم من الخيرين من أبناء حضرموت، سافرت إلى خارج البلاد، وهناك كانت الصدمة كبيرة علي، حيث تم ابلاغي بأن مرارتي سليمة، ويوجد فيها حصوة صغيرة، هذا ما بينته الأشعة القديمة التي كنت احتفظ بها للمرارة، وأكد لي الأطباء في القاهرة إنه كان بالإمكان التخلص من هذه الحصوة بالعلاج فقط ، كذلك أكد لي هؤلاء الأطباء بأنني أعاني من جرثومة في الكبد عولجت منها ببعض الأدوية الرخيصة. بعد هذه التجربة يقول خالد: حالياً أثق في الممرض القديم، وليس في الطبيب، ويعلل ذلك بأن الممرض اكتسب خبرة كبيرة من خلال عمله في المستشفى ، واحتكاكه بالأطباء المحليين والأجانب. هذه النظرة السلبية عن الطبيب في حضرموت راسخة في ذهن الإنسان الحضرمي بكافة شرائحه، فماذا يقول العاملون في المستشفيات عنهم؟[c1]الكسب السريع[/c]احد العمال في مستشفى حكومي يعمل إدارياً(فضل عدم ذكر اسمه) يقول: يعمل الطبيب في المستشفى الحكومي لأجل مصلحة معينة وتحقيق أهداف شخصية له، ولايلتزم بقوانين وأنظمة العمل الصحي في المستشفيات الحكومية، اما عمله في المستشفيات الخاصة والمستوصفات فهو لأجل الكسب السريع على حساب مهنة الطب الشريفة لأن عمله هناك مرتبط بالمال، من خلال النسبة التي يحصل عليها من المبالغ التي يدفعها المريض ، مع التزامه بأنظمة العمل فيها، ويضيف هذا العامل أن بعض الأطباء يصل دخلهم الشهري إلى أكثر من ثلاثة ملايين ريال يمني. ولا يختلف رأي ممرض قديم متقاعد (فضل عدم ذكر اسمه) عن العامل سالف الذكر، بقوله:الأطباء في حضرموت أساؤوا لمهنة الطب، فلم يعد الطبيب طبيباً بل تحول إلى مستثمر يعمل ليلاً ونهاراً وفي أكثر من جهة في اليوم الواحد ، ويتساءل :ماذا سيقدم هذا الطبيب أو كيف سيعالج؟ ويجيب في نفس الوقت: هذا الطبيب لابد أن يقع في الكثير من الأخطاء الطبية الناتجة عن سوء التشخيص، كذلك سيهمل مرضاه في المستشفيات الحكومية، ولن يمر عليهم لأيام.ويضيف: أنا لا أثق بهم اطلاقاً. ولايخالفه زميله الممرض الآخر الذي شارف على الانتقال إلى المعاش (يفضل عدم ذكر اسمه) ويروي قصة حصلت في أحد المستشفيات الحكومية بالمكلا بقوله: وقعت حادثة مرة في غرفة العمليات في مستشفى حكومي، حيث أجرى طبيب جراح عملية جراحية لمريض في البواسير وهو لايشكو منها، وأجرى عملية أخرى لمريض آخر يحتاجها المريض الأول في نفس الوقت، ويأسف هذا الممرض لعدم محاسبة هذا الطبيب والاكتفاء من قبل إدارة المستشفى في حينه بوقفه عن العمل لفترة زمنية.هذه الصورة النمطية للأطباء في حضرموت لم تقلل من ارتياد العيادات في المستشفيات الحكومية والخاصة والمستوصفات، ويومياً تجرى العمليات الجراحية، وفي المقابل يزداد عدد الأطباء العاملون المحليون.فماذا يقول الأطباء عن هذه الصورة النمطية عنهم في الشارع الحضرمي؟ [c1]خطأ أو مضاعفات[/c]الدكتور عبدالقادر بايزيد،اختصاصي أمراض الصدر،يقول: يجب أولاً أن يتم تحديد الخطأ الطبي ، هل هو خطأ أو مضاعفات مابعد العلاج أو ما بعد العملية؛ فالخطأ الطبي له أسباب، قد يكون المريض هو السبب في هذا الخطأ الطبي، وقد يكون الطبيب هو المتسبب في هذا الخطأ، وهو أنواع منها ما قد يكون ناتجاً عن اهمال الطبيب نفسه ، وقد يكون عدم معرفة من قبل الطبيب ويقوم بتشخيص المرض تشخيصاً خاطئاً نتيجة جهله أو قلة معرفته.والطبيب ليس هو المتسبب الوحيد في الخطأ الطبي، فهو يحتاج إلى اشعة ومختبر وفحوصات أخرى ، وقد تكون النتيجة التي وصلت للطبيب من المختبر هي السبب ، وقد يكون ناتجاً عن صرف علاج من قبل الصيدلي غير الذي كتبه الدكتور للمريض.أما عن عدم الثقة في الطبيب المحلي فهي ظاهرة في كل دول العالم تقريباً ، فنجد المواطن السعودي مثلاً يفضل العلاج في أوروبا ، والأوربي يفضل العلاج في أمريكا والأمريكي يفضل العلاج في كندا وهكذا فهي ظاهرة شائعة في كل بلدان العالم،تعود لأسباب نفسية اكثر منها موضوعية.أيضاً سبب آخر مهم وهو عدم توفر الأجهزة الحديثة في المستشفيات المحلية الحكومية والخاصة والمراكز الصحية التي تشخص المرض.ويقول الدكتور بايزيد إن المواطن يتحدث عن الأخطاء الطبية التي تقع وينسى الحالات التي يتم معالجتها.ويحكي قصة بعض من مرضاه سافروا إلى الخارج للعلاج ، إلا أن الأطباء في تلك الدولة أكدوا لهم صحة العلاج الذي تم صرفه لهم في الداخل.ويشدد الدكتور بايزيد على انشاء المجلس الطبي المتخصص للبت في مثل هذه الأمور ويحقق فيها بكل شفافية وحيادية لتحديد من المتسبب في الخطأ الطبي ومحاسبته أياً كان.ويضيف بقوله: أيضاً يتسبب المريض نفسه في الخطأ الطبي فمثلاً بعض المرضى لايخبرون الطبيب بأنهم يستخدمون علاجات أخرى او يعانون من أمراض معينة ، فعند صرف علاج لهم قد يسبب لهم العلاج الذي تم صرفه مشكلة صحية بسبب استخدامهم لعلاج آخر يتعارض مع العلاج الجديد.[c1]خدمات تمريضية[/c]الدكتور زكي فرج صعنون،اختصاصي باطني، يقول:الأخطاء الطبية نتيجة للهرم الطبي نفسه المكون من الطبيب والممرض والصيدلي وصاحب المختبر.وتوجد في مستشفياتنا مشكلة ضعف التمريض الصحيح ، حيث يوجد عدد قليل من الممرضين يقومون بتقديم خدمات التمريض لعدد كبير من المرضى ، أيضاً عدم توفر الكادر التمريضي ذي الخبرة في الأقسام أثناء النوبات والاقتصار على الممرضين الجدد أو قليلي الخبرة، لذا ينتج عن هذا تقديم خدمات تمريضية ضعيفة ، مصحوبة بالأخطاء في اخذ العلاجات من قبل المرضى مما قد يسبب لهم مضاعفات تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان. ويعيب الدكتور صعنون على عدم توفر اختصاصي في الطوارئ الذي إن توفر سيساهم في انقاذ أرواح كثيرة في أقسام الطوارئ ، لأن اختصاصي الطوارئ يكون على دراية بمعظم الاختصاصات الطبية كالباطني والجراحة والعظام وغيرها.ويحمّل الدكتور صعنون طبيعة النظام الطبي في المستشفيات الحكومية كل الأخطاء الطبية التي تحدث، ولايجب أن يتم تحميل الطبيب كل الأخطاء التي تحدث.ويزيد بقوله:أيضاً قد يسبب الإهمال من قبل الممرض أو الطبيب في حدوث مضاعفات ؛ فالممرض قد يقصر في تقديم العلاج للمريض ، والطبيب قد يقصر في حق المريض في عدم مراجعة المريض أولاً بأول.ويقول إن الأطباء في الوقت الحاضر تحولوا إلى تجار أكثر منهم أطباء ، ففي بعض الدول المجاورة الطبيب الذي يعمل في المستشفى الحكومي لايعمل في مستشفى خاص أو يفتح عيادة خاصة به.بينما الطبيب عندنا يعمل في أكثر من جهة في نفس الوقت مما ينعكس على تقديم خدمات صحية ممتازة للمريض.[c1]إمكانيات مادية وبشرية[/c]الدكتور نبيل مسيعان، اختصاصي باطني،يقول:هناك نظرة خاطئة عن الطبيب المحلي بأنه غير متمكن في عمله وسبب القصور في أداء الطبيب يرجع إلى ضعف الامكانيات البشرية والمادية في المستشفيات، ويضرب مثلاً بتوفر الأشعة المقطعية في المستشفيات الحكومية منذ فترة وجيزة، والتي لم تكن متوفرة في السابق، ويقول إن أشعة الرنين غير متوفرة حالياً في المستشفيات ولايستطيع القطاع الخاص أن يوفرها. أيضاً يقع اللوم على ضعف أداء الأطباء وعدم توفر كادر تمريضي مؤهل يستطيع أن يواكب الجديد في مجال التمريض وتقديم خدمات طبية راقية.كل هذه الأسباب وغيرها تؤدي إلى ضعف التشخيص الطبي ، والطبيب غير معفي من خطأ التشخيص الإكلينيكي الذي يتحمله مباشرةً ولا علاقة له بالتمريض أو بضعف الامكانيات.كما يلوم الدولة ممثلة في الجهات المرتبطة بالجانب الطبي على عدم توفير الإمكانيات البشرية والمادية، ويضرب مثلاً بواقع حال الطب في الأردن،الذي عمل فيها فترة من الزمن.[c1]وضع متخلف[/c]الدكتور ماهر السقاف،استشاري أمراض النساء والولادة، يتحدث عن الوضع العام لمهنة الطب بقوله: الوضع الطبي في البلاد بشكل عام متخلف مقارنة بدول الجوار وبمدة لاتقل عن عشرين عاماً. ويضيف أن الشهادة التي يتحصل عليها الطبيب وحدها لاتكفي لممارسة مهنة الطب فلابد من أن يحصل الطبيب على المزيد من المعرفة والتدريب والدورات وخصوصاً في الخارج؛ والبلاد في حاجة ماسة إلى الجانب الخدمي والطبيب، ولابد أن يكون مدرباً تدريباً مهنياً وليس حامل شهادة فقط.وسبب هذا التخلف يرده الدكتور السقاف إلى غياب منح التدريب للأطباء من قبل الدولة، وقلة المؤتمرات العلمية داخل البلاد والتي لاترفع المستوى المهني للطبيب،لأن المستوى المهني يحتاج إلى تدريب مستمر.كما يصف الدول التي يتخرج منها معظم الأطباء العاملون حالياً في حضرموت والتي في مجملها دول عربية ليست بالمستوى الممتاز، عكس ما هو موجود في أوروبا وأمريكا وكندا.وعن أداء الأطباء يقول الدكتور السقاف:كل طبيب يؤدي عمله بحسب مستواه، وبتقديم خدمات للمريض كل بحسب خبراته.وعن الألقاب التي يضعها كل طبيب أمام اسمه يقول: لا توجد جهة رسمية أو علمية تمنح هذه الألقاب ولا بد من وجود لجنة تكون مهمتها منح الألقاب وليس تركها للأمزجة ، وكل من هو حامل شهادة عليا هو اختصاصي فمثلاً دبلوم سنتين اختصاصي والدكتوراه اختصاصي. والاستشاري بحسب الشهادة وليس بحسب الخبرة ، ولايوجد لدينا أي معايير تنظم هذه الأمور.والحل لرفع مهنية الأطباء مما هي عليه من وجهة نظر الدكتور ماهر السقاف، يكمن في إقامة برامج تدريب على حساب الدولة في الخارج حتى يتم تطوير قدرات الأطباء.[c1]الممرض مرآة للطبيب[/c]يتعذر الأطباء بالجانب التمريضي، الذي حمّلوه جزءاً من الفشل الطبي الذي يتعرض له المريض،فماذا يقول المختصون في مجال التمريض؟سالم باحسين،مدير دائرة التمريض بمستشفى المكلا للأمومة والطفولة،يقول: المريض مسئولية الطبيب أولاً ويتحمل أي خطأ يقع على المريض أو تقصير، ومن حق الطبيب أن يشكو الممرض في حالة تقصيره وليس أولياء المريض.ويضيف: الأخطاء التمريضية قليلة جداً وتنحصر في حالات محددة فقط ، مثل زيادة جرعة العلاج، أو ضرب حقنة بالخطأ أو اعطاء المريض علاجاً مشابهاً للعلاج الذي وصفه الطبيب.والممرض مرآة للطبيب. ويزيد باحسين بقوله: أبرز مشاكل التمريض هي قلة الخبرة وقلة المهارة لدى الكادر التمريضي ، أيضاً غياب التأهيل للممرض وإكسابه المهارات التمريضية الحديثة.[c1]الاستمارة لاتحمي الطبيب[/c]المستشار القانوني بمكتب وزارة الصحة العامة والسكان، سالم ابوبكر العوبثاني ،يقول أن الاستمارة التي توقع قبل العملية من قبل المريض أو ولي أمره ليست حماية للطبيب ، ولكن تعني أنه لايجوز اجراء أي عملية إلا بموافقة المريض ، أي انها موافقة من المريض للطبيب وليست حماية له.فإذا وقع خطأ طبي أو اهمال من قبل الطبيب يحاسب عليه.ويزيد بقوله: هناك فرق بين المضاعفات والاهمال أو الخطأ الطبي ، فالقانون يعاقب على الإخلال من قبل الطبيب في عمله أو اهماله؛ والخطأ الطبي غير محصور في اشكال معينة والمقصود بالخطأ الطبي هو إذا خالف الطبيب واجبه المهني، ويقرر هذا المجلس الطبي،وهو المخول قانونياً بالنظر في الشكاوى الطبية. فالمجلس الطبي موجود ولكنه مركزي أي أنه موجود في صنعاء فقط ولا يوجد له فرع في حضرموت.وعمله محصور في صرف تصاريح مزاولة المهنة للأجانب فقط. وعن كيفية تقديم شكوى، يقول سالم العوبثاني:إذا اراد مواطن تقديم شكوى فعليه أولاً قرع باب مدير المستشفى فإذا لم ينصفه بعد تشكيل لجنة وإجراء التحقيق فعليه بتحويل شكواه إلى مدير عام مكتب الصحة بالمحافظة فإذا لم يتم انصافه من قبل المدير العام للصحة عليه حينها التوجه للقضاء.وعن مزاولة المهنة يقول:لا يجوز لأي طبيب مزوالة المهنة إلا بتصريح من قبل المجلس الطبي، وهذا التصريح يصرف بعد تخرج الطبيب من الجامعة وحصوله على البكالوريوس أو انهاء الدبلوم ، وتصرف رخصة مزاولة المهنة بعد اتمام سنة الامتياز للطبيب.وأول ما يتخرج الطالب من كلية الطب فهو طبيب، وتصرف له مزاولة مهنة طبيب عام ويعمل تحت اشراف الطبيب المقيم أو الاختصاصي.والمجلس الطبي اذا تم تفعيله سيقضي على الكثير من الأمور منها المسميات التي يطلقها الأطباء على انفسهم فنجد هناك طبيباً متخصصاً في أكثر من عشرين مرضاً.يمتاز الانسان الحضرمي بإيمانه العجيب والغريب بالقضاء والقدر ، فإذا وقع عليه خطأ طبي فهو يرده إلى القضاء والقدر ويذهب في حال سبيله. [c1]الإبلاغ حال حدوث الخطأ[/c]توجهنا صوب مستشفى المكلا للأمومة والطفولة ، وفيها التقينا بمديرها العام الدكتور سالم يسر مفتاح، ووجهنا له سؤالاً حول إذا وقع خطأ طبي على مواطن ماذا يعمل؟ ويرد بقوله:في حالة وجود خطأ طبي أو شكوى أو ملاحظة فعلى المريض أن يسارع في تقديم شكواه إلى رئيس القسم ، فإذا لم يستجب للشكوى،عليه أن يتجه إلى الإدارة ، وبمجرد وصول الشكوى سنعمل على التحقيق فيها بحسب النظام والقانون. وكل من أخطأ عليه أن يحاسب.ويضيف إذا تم تقديم شكوى ليست متعلقة بخطأ طبي فقط حتى في القصور في تقديم الخدمة للمواطن فإننا نعتبرها ملاحظات تساعدنا في تحسين أداء عملنا لنقدم خدمة تمريضية وطبية للمواطن بأفضل صورة. ويزيد بقوله إن مستشفى المكلا للأمومة والطفولة يحظى بثقة المواطن وخاصة في قسم الوضع والولادة. ومعظم الكادر الطبي والتمريضي وغيرهم هو كادر محلي وبنسبة (99%).ويقيّم الدكتور مفتاح طاقمه الطبي والتمريضي ويصفه بأنه كادر يستحق الشكر والتقدير وبأنه كادر ممتاز وذلك لتراكم الخبرة الطبية والتمريضية لديه ، يساعدهم في ذلك قدم المستشفى الذي يمتد لعشرات السنوات.مكتب وزارة الصحة العامة والسكان يمثل الجهة العليا المسئولية عن العملية الصحية في حضرموت ، كيف يرى انعدام الثقة في الطبيب المحلي من قبل المواطن؟[c1]مسألة نسبية الدكتور عبدالله بن غوث،المدير العام للمكتب يقول:أحد المعايير المهمة في جودة تقديم الخدمات هي توقعات الناس وآراؤهم لأنهم المستفيدون من هذه الخدمات الطبية، وهي على درجة من الأهمية عندما تتساوى توقعات الناس مع الأداء المهني للفريق الصحي من الكادر الطبي والتمريضي والمهني.وعن القدرات الفنية للأطباء ، فهي مسألة نسبية بمعنى أن الطبيب عند تخرجه من الكلية عليه اتقان بعض القدرات المعرفية الأساسية وهناك خط فاصل بين ما يقدمه الطبيب من قدرات ومهارات وبين الحد المفترض الذي يجب أن يحيط به فنياً وأخلاقياً وبمن هو أكثر اختصاصاً في مجاله؛ فاذا تجاوز الطبيب هذه الخطوط تقع عليه المسؤولية. ولا أتوقع أن طبيباً في مجال تخصصه ليست لديه المهارة.[c1]ضعف مهارة التواصل[/c]وعن الأخطاء الطبية يقول الدكتور بن غوث: لا ننزه الأطباء وتوجد أخطاء وهي نوعان النوع الأول خطأ ناتج عن اهمال والنوع الثاني خطأ ناتج عن عدم معرفة، وهذه الأخطاء لها جوانبها القانونية التي تحددها وكيف تتعامل معها. ويضيف:ومن خلال عملي في مكتب الوزارة العامة للصحة والسكان وتعاملي مع الناس لم يتقدم أحد بشكوى بخطأ طبي ولكن المسموع هو الحديث عن سلوكيات ، وهذه السلوكيات لايمكن أن تحكمها بقرار ولا بتعليم ولكن تحكمها قرارات الناس وتحكمها العلاقة مع الطبيب.ومعظم المشاكل تتعلق بضعف مهارة التواصل بين المريض والطبيب أكثر من تعلقها بالضعف في المهارات والقدرات.والأخطاء التي تأتي نتيجة الاهمال محدودة جداً و الأخطاء الناتجة عن التأخر في المتابعة محدودة جداً ونحن نركز على ما يتعلق بالمخرجات نتيجة اجراء طبي ، ولايتم التعامل معها من جانب اعلامي أو معلومات ولكن من جانب قانوني ، والكثير من المشاكل لم يتم التقديم في شأنها.[c1]كثير من الحالات تشخص تشخيصاً دقيقاً[/c]وعن تصاريح مزاولة المهنة يقول الدكتور بن غوث: مكتب الوزارة يصرف التراخيص الخاصة بالمنشآت الخاصة فقط ، ومزاولة المهنة هي من اختصاص المجلس الطبي بحسب القانون وسابقاً كانت تصرف من قبل النقابة ، وقد تم معالجة الموضوع بصورة مؤقتة من قبل مكتب الوزارة بالمكلا إلى حين التوصل إلى اتفاق بين النقابة والمجلس الطبي، الذين يختلفون على من يحق له صرف مزاولة المهنة. ويضيف بقوله:ولا يقلل عدد المرضى الذين يتعالجون في الخارج من قدرة اطبائنا ولكن ضعف الامكانيات والتجهيزات تجبرهم على السفر للخارج؛ وكثير من الحالات تشخص تشخيصاً دقيقاً من قبل أطبائنا.[c1]الخطأ الطبي في القانون اليمني[/c]هل المشرع اليمني عرّف الخطأ الطبي؟ وماهي المواد القانونية التي تحمي المريض في حال وقوع خطأ طبي عليه ؟ للإجابة على هذا السؤال التقينا المحامي عادل سالم باقحوم، فرد قائلاً:حيثما يكون الخطأ ، يكون القصد الجنائي مستبعداً في الفعل ، وحيث إن القصد الجنائي هو السلوك الخفي في الواقعة ، فإن وقائع الفعل هي التي تكشف عنه إن لم يكن هناك اعتراف. ونحن هنا بصدد الأخطاء الطبية وكيفية معالجتها وهل لها من تعريف في القانون اليمني؟ إن المشرع اليمني قد نظم ذلك تحت احكام قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية رقم(22) لعام 2002م ، ولكنه لم يبين فيه أي تعريف للأخطاء الطبية ، وقد استعاض عن ذلك بأهداف للقانون منها ماقررته أحكام المادة (3/ب) وضع الأسس والمعايير اللازمة للحد من الممارسات المضره والمخلة بأداب وأخلاقيات المهنة.وقد انعكس ذلك ايضاً في أحكام المادة (21) بماهية الأمور المحظورة على الطبيب والتي يجب الالتزام بها وإن أي اخلال بها يعطي المتضرر اللجوء للقضاء أو الجهات ذات العلاقة.ثم نجد في القانون سالف الذكر أحكام المادة(5) المتعلقة بشروط مزاولة المهنة ، وماجاء في الفقرة (3) أن يكون الطبيب قد أدى القسم الطبي. وهنا يعني إن القادم على الحياة العملية في مجال الطب مدرك تمام الإدراك أن في مهنته العملية قد تظهر له فيها أخطاء تقع على المرضى، واجب الوقوف أمامها إن هو بذل عناية المختص الحريص ملتزماً بذلك القسم الطبي. وإلا لماذا يطرح الأطباء قبل اجراء أي عملية نسبة نجاح؟ وما ذلك منهم إلا استبعاداً للمسئولية التقصيرية بسبب الفشل ، وتجنباً للعقوبات المشار إليها تحت احكام المادة (32) من القانون المشار إليه سلفاً والذي حدد كذلك مع عدم الاخلال بأي عقوبة اشد تنص عليها القوانين الأخرى النافذة.أما عن حق اللجوء الى القضاء فذلك حق دستوري مكفول وبالقيود الإجرائية للمحاكم ومثل هذه المواضيع الصحفية لها دور في نشر الوعي القانوني لدى أصحاب الحقوق وهم هنا المرضى المعرضون للأخطاء الطبية خصوصاً مع تزايد المشافي الخاصة والعيادات وكل حق يقابله واجب.ويشير إلى أن العملية الاستكشافية التي تجرى في بلادنا هي جريمة بحق المواطن ، لأنه لايوجد شيء في مجال الطب اسمه عملية استكشافية بحسب وصفه ، فهناك أجهزة تحدد المرض والعلاج الذي يحتاج إليه المريض، فإذا فشل الطبيب في معرفة المرض ، فعليه أن يحيله إلى من هو اقدر منه ، لا أن يجري عملية استكشافية.[c1]الخلاصة:[/c]إن غياب التشريعات الرادعة ساعد على تمادي الكثير من الأطباء في الوقوع في الخطأ الطبي مراراً وتكراراً ، وكذلك غياب اللوائح المنظمة لمهنة الطب، كذلك عدم تفعيل هذه القوانين، إنها مصيبة أن تنعدم الثقة في الطبيب الذي من المفترض أنه يهب الحياة ، ويصبح في نظر المواطن بأنه يسلبها ، وهذه النظرة السلبية سببها غياب الأنظمة والقوانين التي تحدد عمل الطبيب وما هي حدوده في مزاولة مهنته، أيضاً ضعف الجانب الانساني لدى الكثير من الأطباء جعلهم عرضة لعدم الثقة فيهم ، فبين فترة وأخرى يلمع نجم طبيب ما وبعد فترة يأفل هذا النجم ويسطع نجم آخر.ولايمكن للطبيب أن ينجح من دون الممرض والفنيين في المختبرات والأشعة الذين يؤدون دوراً مهماً لايقل عن دور الطبيب ، ولكن الطبيب يتحمل الخطأ الطبي لأنه هو صاحب القرار والمسئول عن الطاقم الطبي المساعد،كذلك لايمكن أن ينجح إن لم تتوفر له الإمكانيات والمعدات الطبية التي تساعده على تأدية مهامه.