مشكلتنا في اليمن أننا لا نحسن التعامل مع بعضنا البعض عندما نختلف في أمور اجتهادية تحتمل الصواب والخطأ ويكون الاختلاف والتباين فيها واردا ومشروعاً بل ومحمودا لأنه اختلاف ناتج عن بحث واجتهاد في التوصل إلى الأفضل في القضايا التي نختلف حولها، ولكن المشكلة تكمن في أننا عندما نرى الأكثرية تؤيد موضوعاً أو اتجاها يخالف رأي الأقلية فأن هذه الأخيرة لا تحترم ما ذهبت إليه الأكثرية وتخضع له بل نجدها تتعصب لرأيها المخالف وترمي الأكثرية بالخيانة والتآمر وعدم الفهم وتتبنى المواقف المعادية لكل من يخالفها في الرأي، وعند هذا الحد من التعصب الأعمى فإننا ندخل في الاختلاف المذموم وهو ما يطلق عليه اختلاف التضاد الذي يؤدي إلى الفرقة والتمزق والانقسام وتدمير المجتمعات التي يسود فيها. لقد عاش الشعب اليمني ظروفاً مأساوية من الحروب والصراعات خلال عهود التشطير سواء في شمال الوطن أو جنوبه حتى وصلت إلى حد التصفية للمواطن على أساس البطاقة التي يحملها أو المنطقة التي ينتمي إليها دون أن يقترف أي ذنب يستحق عليه مثل هذا العقاب ناهيك عن السجون والملاحقة والتهميش التي كان يعاني منها المواطن اليمني في الشمال والجنوب وإذا دخلنا في تفاصيل الممارسات الإجرامية التي مورست ضد المواطنين في عهود التشطير الشمولية البغيضة فسوف نغرق في كثرتها ولكننا نكتفي بالإشارة والتلميح فقط والحليم كما يقول المثل تكفيه الإشارة وخاصة لمن يحاولون جرنا إلى الماضي والعودة إليه فهم كمن يحاول الهروب إلى المجهول دون أن يفكر في العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك. ولعل مرحلة ما بعد إعادة تحقيق الوحدة الوطنية في الـ(22) من مايو 1990م لم تكن أقل سوءاً من عهود التشطير التي سبقتها حيث أنها قامت وتأسست منذ البداية على أساس المحاصصة والتقاسم بين الحزبين الحاكمين في الشمال والجنوب قبل الوحدة وبعد بضع سنوات قليلة من الممارسة السيئة للسلطة بين هذين الحزبين وباسم الوحدة قامت حرب 1994م ليتسلط على اليمن نظام ديكتاتوري مستبد تعامل مع اليمن كإقطاعية خاصة ولم يتحقق خلال هذه الفترة سوى قفزات إلى الوراء حيث توقفت الحياة في مختلف المجالات الأمر الذي جعل المواطن اليمني يتوجس خيفة من الوحدة ويصاب بخيبة امل من الإساءة إليها كقيمة وطنية عظيمة كانت تتطلع إليها الأجيال لتحقيق العدل والمساواة والمشاركة الواسعة في السلطة والثروة وبناء اليمن الحديث. ولقد قامت ثورة الـ 11 من فبراير 2011م كنتيجة طبيعية لما وصلت إليه اليمن من ظلم وطغيان وفساد واستبداد حيث أدرك الجميع أنه لم يتحقق لهم أي شيء يذكر سوى الشعارات الجوفاء التي كانت ترددها أجهزة الإعلام المختلفة في مختلف المراحل وتعمل ليل نهار على اقناع الشعب بحدوث منجزات عملاقة لاينكرها إلا اعداء الثورة وأصحاب النظارات السوداء! بينما في حقيقة الأمر أنه لم يتحقق للشعب شيء يذكر سوى المزيد من التخلف والاختلاف. ولاشك أن الشعب اليمني اليوم على أبواب مرحلة تحول عظيمة يقود مسيرتها الأخ الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي بعد أن نجح في ظل قيادته الحكيمة مؤتمر الحوار الوطني الشامل وخرج بوثيقة شاملة تتضمن المعالجات المناسبة لما تعاني منه اليمن في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية حيث بدأ الأخ الرئيس ومن واقع شعوره بالمسؤولية تنفيذ واحد من أهم مخرجات الحوار وهو تشكيل لجنة تحديد الأقاليم التي اتفق أعضاء مؤتمر الحوار على أن قراراتها نهائية ولا تقبل الاعتراض حيث بالفعل أنهت اللجنة عملها بتحديد شكل الدولة الاتحادية بستة أقاليم إلى غير ذلك من التفاصيل التي أقرتها في إطار مهمتها وعلى الرغم من أن الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة تحقق مصالح الوطن والمواطن وتقضي على المركزية الشديدة وتركز السلطة والثروة في المركز وتساعد على جلب رؤوس الأموال للاستثمار وهي الأسلوب الأمثل الذي يناسب اليمن لمعالجة مشاكله المختلفة إلا أنه على الرغم من ذلك فإن الثورة المضادة ومن خلال إعلامها الكاذب والمضلل تشن حملات عدائية ضد خطوات التغيير العظيمة صوب بناء اليمن الاتحادية ومن أكاذيبهم التي يرددونها إن فكرة الأقاليم الستة تؤدي إلى التمزق والانقسام في اليمن ويحاولون إقناع البلهاء من الناس بهذه الكذبة مع العلم أن ذلك مجرد تقسيم إداري مثله مثل المحافظات في تقسيم الدولة البسيطة وهم لا يكتفون بذلك بل يحاولون فرض آرائهم على الآخرين بالقوة. فلماذا ينظر مثل هؤلاء إلى الأمور من زاوية واحدة ويتركون الزوايا الأخرى.؟!
هذه مشكلتنا في اليمن !
أخبار متعلقة