قرى مركز الدعيس بسرار يافع..
استطلاع / علي الصبيحيالمذرى ـ المعزبة ـ امحبلة ـ مثيبي ـ المرباح ـ الظفر ـ مجرجر الحوزة ـ الجحنون ـ اللكمة ـ سخاعة ـ ... وغيرها ) أي قلب يستطيع أن يستقر في تلك المرتفعات ساعة واحدة فلا يطير جزعا وهو يرى الغيوم في تماس حاد مع قمم الجبال حيث يصعب الفصل بين الأرض والسماء ! إلا أن هناك من قست عليهم الدنيا وحكم عليهم بالعيش في عزلة بدون خدمات .. هناك حيث يرفع الإنسان قدمه ليضعها في خروجه من باب داره لا يدري أيضعها على عتبة الدار أم على حافة الهاوية والقبر؟ .. هناك حيث المرأة شقية بائسة شاحبة صفراء ذات أسمال بالية وحذاء مرقع .. وشيوخ أعياهم ضعف الشيخوخة .. وأطفال صغار عاجزون .. وشباب حائرون تقطعت بهم الأسباب وأعوزتهم الوسائل .. وآباء شق اليأس مراراتهم بعد أن سدت في وجوههم السبل .. هناك حيث البرد والجوع والرياح ووعورة المسالك في تلك الجبال الشاهقة تعيش طائفة من فقراء يافع وبائسيهم مع الحزن الدائم .. يحاولون انتزاع أرزاقهم من بين تلك الجبال الفاغرة أفواهها .. يحيون تحت رحمة الوعود والمصادفات . تقع مديرية سرار ـ يافع ـ غرب محافظة أبين وتتبعها في التقسيم الإداري وتحد سرار من الشمال مديرية سباح ومن الشمال الغربي مديرية رصد ومن الشرق والشمال الشرقي مديرية لودر ومن الجنوب والجنوب الشرقي مديرية خنفر ومن الغرب والجنوب الغربي مديرية حبيل جبر محافظة لحج .. وتعد مديرية سرار إحدى كبرى مديريات محافظة أبين من حيث المساحة وتبعد عن عاصمة المحافظة زنجبار بنحو 120 كيلومترا .. يتوزع سكانها في قرى ومناطق صغيرة تصل إلى 300 قرية ومحل وتتناثر قراها على قمم الجبال الشاهقة ونظرا لوعورة تضاريس المنطقة وطبيعتها الجبلية شديدة الانحدار تتضاعف آلام أبنائها وتتراكم همومهم ومشاكلهم في ظل انعدام الخدمات وغياب دور المجالس المحلية وغياب الرقابة والمحاسبة ومفهوم التكافل الاجتماعي.المخاطركانت الرحلة شاقة ومضنية ... وما أن بلغنا مقصدنا مع اقتراب وقت الظهيرة مذ خرجنا من عدن صباحا باتجاه مناطق قرى امحبلة مركز الدعيس سرار متنقلين بين الجبال والملتويات المرعبة حتى وجدنا أنفسنا أمام مصاعب أكبر مما كان ، حيث كانت عملية الصعود إلى قمة جبل المناصرة مهمة شاقة تشعر معها بضيق التنفس وضيق المشاعر والشعور وضيق المكان، كنا نصعد قليلا ونتوقف لبعض الراحة فالبيوت معلقة على قمم الجبال الشاهقة وسلم الصعود أحجار غير مثبته تتحرك كلما دسنا على حجر وأطرافها حادة كالموسى وتحيط بنا هاويات مخيفة . والعجب !! كيف للجهات الحكومية أن تترك الناس يخاطرون بأرواحهم في تلك الجبال دون أن تشق لهم الطرقات ؟! البيوت تطال بشرفاتها أفلاك السماء كأنها أقراط معلقة في أذن الجوزاء ... بعد أن قطعنا نصف المسافة لبرهة تساءل رفيق رحلتي المهندس أسامة توفيق الذي صادف وجوده معي في مهمة أوكلها إليه الصندوق الاجتماعي لاستكمال مشروع بناء السقايات الخاصة لسكان جبل المناصرة تساءل متعجبا : لا أصدق أننا في يافع الذين يسميهم الناس أغنياء لتأتي الإجابة من الأهالي : يافع كبيرة وليس كل أهلها أغنياء .العين تدمعتوغلنا في المسير بين جبال يافع كلد بصعوبة بالغة فالطرق التي تصل بين البيوت والقرى المتباعدة وعرة لا تكاد تجد فيها مواطئاً لحوافر الدواب تحيط بها صخور صماء شديدة الانزلاق إذا وما وضعت أقدامك عليها .. وأصعب منها عيشة الناس النكدة وهم يحاولون انتزاع أرزاقهم ومياه الشرب من بين تلك الجبال الفاغرة أفواهها كالذئاب الجائعة تحاول التهام كل ما يدنو منها ولعل القدر الذي نخشاه على الناس هناك في هذه الساعة قد نزل بهم ولن تغني كتابتنا عنهم شيئا ولقد حدثنا الأهالي عن موت عدد من النساء والرجال انزلقت بهم أقدامهم وهم يحملون الماء أو يحرثون المدرجات المعلقة كالرفوف بحثا عن الحبوب وآخرون لقوا حتفهم وهم ينقلون الأحجار الكبيرة على ظهورهم لتشييد مبانيهم .الطرقات الهم الأكبرالشيخ / علوي محمد سعيد المنصري أوضح أن مركز امحبلة ـ المناصرة يعاني من النقص في كافة الخدمات والمناطق فيها جبلية والبيوت على قمم الجبال مشيرا إلى أن الطريق الذي يربط بين مديرية سرار ومديرية رصد وتتوسطهما المناطق لا يزال يشكل الهم الأكبر للسكان مؤكدا على أنه تم رفع العديد من المذكرات والمناشدات في عدة محاولات للمطالبة بمشروع طريق (امحبلة ـ المناصرة ) ويمر بعدد من المناطق .وقال الشيخ علوي : بعد جهود حثيثة تم التعاقد بين مدير عام مديرية سرار ـ الخضر محمد ـ والمهندس علي سالمين على أن يبدأ الأخير بدراسة للطريق مقابل مبلغ 100 ألف ريال وكان هذا المشروع ضمن 7 مشاريع طرق في المديرية تم رصد مبلغ 750 مليون ريال لها جميعا وكان نصيب طريق امحبلة 60 مليون ريال وقدم الأهالي تنازلات عن أراضيهم في سبيل الطريق وإلى اليوم لم يتم شق الطريق مع أن طوله لا يزيد عن كيلو مترين .. وأضاف الشيخ علوي : تواصلنا بدورنا مع المجالس المحلية تم إبلاغنا بأن المهندس تسلم المبلغ حسب العقد .وأكد الشيخ علوي أن الطريق في غاية الأهمية كون القرى المستفيدة منه كثيرة ( القرن ـ أمحبلة ـ المعزبة ـ الجحنون ـ المرباح ـ مثيبي ـ اللكمة ـ الظفر ـ سخاعة ـ المذرى ) .سد امحبلةيعتمد أهالي مناطق كلد على مياه الأمطار بدرجة رئيسية مما تستدعي الضرورة وجود سدود تحفظ المياه للإستفادة منها خصوصا وأنها موسمية في الوقت الذي لا توجد آبار جوفية .وبين الشيخ علوي أن بناء السدود يعجز عنه الأهالي لشدة فقرهم وارتفاع التكاليف لافتا إلى أنه تم اعتماد مبلغ 55 مليون ريال لمشروع سد امحبلة ورست المناقصة على المقاول ( زايد عبدالمجيد ) إلا أنه وحتى اليوم لم ينفذ المشروع .وأضاف الشيخ علوي : من يومها لم نر صورة للمقاول وكلما حاولنا الاتصال به نجد هاتفه مغلقا وتواصلنا بمدير عام مديرية سرار لمعرفة سبب اختفاء المقاول إلا أنه قال لنا : (لا أعلم عنه شيئاً لقد ضاع علي) ونحن نطالب الجهات المختصة بتوضيح الأسباب التي أدت إلى تعثر مشروع السد ومشروع بناء ستة فصول دراسية تم اعتمادها قبل 7 سنوات لمركز كلد الذي يضم 15 قرية . المذرى وأشياء أخرىفي منطقة المذرى لفت انتباهنا شيخ طاعن في السن ـ أبيض الشعر يبدو عليه ضعف الشيخوخة وإعياء الهرم عابسا كئيبا فاقتربنا منه ليتضح لنا أنه احد المناضلين الأحرار ضد بريطانيا وبدأ الوالد عمر قاسم بن كرم يتحدث عن نفسه : أنا من مواليد الأجدوس وأسكن هنا في هذا الجبل منذ ولدت وقد ناضلت ضد الاستعمار البريطاني حتى تحقق الاستقلال وكنا سعداء مع أننا كنا نقتات على ( كعمة دجر) واليوم وبعد الاستقلال نتضور جوعا وكل اعتمادنا على مياه الأمطار وماتجود به أراضينا ولا مصدر دخل لنا غيره .. وعن مرتبه الذي يتقاضاه ؟ أجاب الوالد بن كرم بعد أن ضحك : أنا متقاعد وراتبي 28 ألف ريال 1000 يأخذه الوكيل و27 لي هذا كل ما ما أحصل عليه وأنا الذي مشيت من صنعاء إلى عدن مناضلا ضد بريطانيا وبعدها جاء الحزب الاشتراكي و(هسنا ) وجاء بعده الخبرة و( ومهسونا ) والدولة مشغولة مع نفسها لا يهمها مناضل ولا مواطن .نريد طرقاً وسدوداً فقطالأخ عبدالسلام سعيد ( جبل آل جوير ـ محبلة المناصرة ) انتقل إلى منطقة العسكرية بسبب قسوة الحياة كما قال : السكان في الجبال لا يجدون شربة ماء لأنهم يعتمدون على مياه الأمطار وأيام الجفاف يموتون عطشا بسبب غياب السدود ( السقايات ) التي يمكن أن تحفظ المياه وفي أيام الجفاف نأتي بالماء من وادي سخاعة خلف الجبال إما على الدواب أو على رؤوس النساء ونحن اليوم لا نطلب من الدولة أن تخرق لنا الأرض أو تبلغ الجبال طولا بحثا عن الماء بل كل ما نتمناه هو توفير السدود أو السقايات الخاصة حتى نستفيد من مياه الأمطار الموسمية فالماء عندنا صار أغلى من البترول.تكاليف مضاعفة نقل المواد الغذائية إلى البيوت في المناطق الجبلية ( يافع كلد ) عملية شاقة حسب تعبير الوالد محمد فاضل : من قبل كنا نعتمد على المدرجات الزراعية في الجبل فنأخذ منها كفايتنا من الحبوب لكن عندما شحت الأمطار اضطررنا لشراء المواد الغذائية من القمح والأرز والسكر من العسكرية أو الحبيلين كل حسب طاقته لكن الأصعب من ذلك هي عملية نقلها لأن السيارات لاتصل إلى منازلنا لوعورة الطريق لذلك نترك بضاعتنا خصوصا إذا حل الليل نتركها معلقة على الأشجار حتى يحين الصباح ثم نستأجر الحمير لنقلها وتبلغ أجرة نقل الكيس الدقيق 500 ريال إلى الجبل أما الذي لا يملك المال فيتقاسم أفراد أسرته حمل المواد وأحيانا يتم تقسيم الكيس الدقيق أو السكر (بالفر اسل )أو بالكيلو ليسهل نقله وتصل قيمة الكيس الدقيق مع أجرة النقل إلى 8 ألآف ريال ونحن في مناطق كلد لا توجد لدينا مصادر دخل ولا فينا مغتربون ولا موظفون وأنا أعمل ( بتول ) من الصباح حتى المساء بــ 500 ريال ولن تصدق لو أخبرتك أنني أعمل على بناء خزان ماء لكي أستفيد من مياه الأمطار وإلى اليوم من بعد الوحدة لم أستطع إنجازه بسبب كلفة المواد ( الأسمنت ـ الأحجار ـ البردين ) مع شحة المياه وانعدام المال ومن ثم صعوبة نقلها إلى الجبل لذلك نستعمل خزاناً آخر مكشوف نشرب منه مياهاً ملوثة وحسبنا الله . الحمل على النعوشفي ظل غياب الرقابة وانعدام الضمير لا تزال مناطق يافع كلد تفتقر إلى الطبيب والمستشفى, فالخدمات الصحية في المديرية لا وجود لها بالشكل الصحيح, فمنشآتها الصحية تفتقر إلى حد كبير للكادر الطبي المؤهل, حيث تعد مديرية سرار المديرية الوحيدة في المحافظة والجمهورية التي لا يوجد بها طبيب عام في مركزها الصحي الواقع في عاصمة المديرية, مما يضطر المواطنين من أبناء هذه المديرية المحرومة والمنسية إلى السفر ونقل مرضاهم إلى مستشفيات عدن, بالذات الحالات المتعسرة في الولادة وماشابه ذلك, فإن لطول الطريق ووعورته أكثر الحالات تفارق الحياة قبل وصولها المستشفيات, ولعدم توفر طبيب عام في المركز الصحي سرار يتم نقل باقي الحالات إلى مستشفى رصد, ويحتاج المريض ليصل إلى مبنى المستشفى بـ(رصد) إلى أربع ساعات بحثا عن الطبيب, فإلى متى يبقى الناس في مناطق كلد من دون طبيب ومستشفى؟! وهو ما نوه إليه العم محمد احمد علي من منطقة ( المعزبة) في قوله : عندما يمرض أحدنا نحمله على النعش فوق أكتافنا من فوق الجبل إلى الوادي ومن ثم إلى العسكرية وحتى المواصلات لا توجد وإن وجدت ففي أيام محددة وتتحرك الساعة الرابعة فجرا أما إذا أردنا إسعاف حالة طارئة أو حالة وضع فنحتاج إلى مبلغ 10 ألاًف ريال إلى سرار أو 20 ألفاً إلى العسكرية لان المراكز الصحية عندنا معدومة ماعدا مركز في سرار خدماته محدودة. وعن دور مشايخ المنطقة أجاب العم أحمد : مشايخنا فقراء لا يملكون قيمة علبة ماء وإن بذلوا جهود لا يجدون تجاوبا أما المجالس المحلية لا حياة لمن تنادي وإذا أردنا أحد أعضائها علينا أن نفتش عنه في فندق المتحدون عدن .التعليم أ ـ عمار عمر المنصري ـ بكالريوس ـ علوم قرآن ـ معلم متطوع في إحدى المدارس ولا يزال ينتظر درجته الوظيفية منذ العام 2010م وقد وصف حال التعليم في مناطق يافع كلد بالمأساوي في شتى النواحي مفسرا ذلك بقوله : أولا من حيث قلة المدارس وإن وجدت فهي فصول غير مكتملة تتسع لعدد محدود وبقية التلاميذ يتعلمون تحت الأشجار أو على السلالم ( الدرج ) والبعض في خيمة قدمتها مشكورة اليونيسيف الأمر الآخر إذا ما أكمل الطالب الصف الثامن يتعثر لعدم وجود الصف التاسع ومن بعده الثانوية إلا في المديرية ومن ثم لا تكاد تجد مدرسة يكتمل طاقمها التعليمي فالمدير هو المعلم وهو المربي وهو الحارس وهو الوكيل نظرا لنقص المعلمين والذين هم من محافظات أخرى تم توظيفهم عندنا ولا يباشرون إلا نادرا والبعض الآخر تم نقلهم والبعض مغترب في بلاد المهجر. وعن دور مكتب التربية أوضح الأستاذ عمار بأنه يكاد أن يكون معدوماً مناشدا الجهات المختصة في وزارة التربية ومكاتبها بتدارك حال التعليم في يافع كلد وبناء المدارس وتوظيف الخريجين من أبناء المنطقة واعتماد مدرسة امحبلة التي قال إنها لا تزال ملحقة بمدرسة قرظ .قهر الرجال صالح حسين علي / عسكري ( لواء شلال ـ رماه ) منقطع من بعد حرب 94م وتم استبدال رقمه العسكري وفشلت كل محاولاته لاستعادته ومرتبه حسب تعبيره مضيفا (آخر مرة قالوا لي عليك الذهاب إلى القضاء الأعلى ربما تجد عندهم الحل وأنا لدي 8 أبناء ولا حيلة لي وكل ما اعتمد عليه بعد الله هو مواسم الأمطار فأزرع الحبوب ) كانت تلك آخر الكلمات للأخ صالح قبل أن ينكس رأسه إلى الأرض كمدا وحزنا وما إن أدار وجهه عني حتى وقعت عيني على آخر يسير بالقرب منا يحمل الأحجار الكبيرة على ظهره وأولاده الصغار يفعلون مثله فاعترضت طريقه وأوقفته ثم سألته ما الذي يدفعك لحمل الأحجار على ظهرك ؟ فنظر إلي والحجر تفترش ظهره ثم قال : هذا عملي أقتات منه أنا وأسرتي إلا أني الآن أجمع الأحجار لبناء بيت لي فنحن ننقل الأحجار ومواد البناء على ظهورنا ونادرا على الدواب للذي يملك والسبب وعورة الطريق .وأوضح أنهم ينقلون الأحجار من أسفل الجبل ويتم استخراجها عن طريق التكسير باليد باستعمال ( الخنزرة والمطرقة ) مؤكدا على أن كل تلك البيوت التي في الجبال تم بناؤها بهذه الطريقة ... وما أن أكمل حديثه حتى استأنف السير هو وأولاده وبقيت أنا مندهشا : أي عزيمة تلك التي يمتلكها أولئك ؟! وأي إصرار ذاك على مكابدة الحياة ؟المرأة في كلد المرأة في مناطق يافع كلد شقية بائسة ولا سبب لشقائها وبؤسها إلا أنها وجدت نفسها على تلك الجبال .. فهي تقوم بمهمات عظيمة وتواجهها عقبات ومشقات لن يستطيع الرجال مع كل ما أوتوا من قوة أن يبلغوا معشار ما تكابده فهي توفر لقمتها في عيشة نكدة ـ تجلب الماء من أسفل الجبل إلى أعلاه على ظهرها وتحرث الأرض وتؤدي مهامها كزوجة وأم ولا اعتراض على أمر الله .التضحيةالشيخ محمد ناجي المنصري ـ أحد أعيان منطقة امحبلة ـ هو من فتح لنا قلبه قبل بيته وأكرمنا بحسن الترحاب وسخاء الضيافة على مدى 3 أيام وهو من يحظى باحترام وتقدير وثقة الجميع لما يتمتع به من زهد وورع وبذل في أوجه الخير لخدمة الأهالي وقد سعى في تقديم المساعدات لهم وتوفير عدد من المشاريع الخدمية وبناء المساجد والعجيب أن الشيخ محمد له معاناة خاصة هي أثقل مما يعانيه أهل منطقته ولم تمنعه ظروفه من التنقل بين عدن وأبين سعيا في خدمة الأهالي كان آخرها توفير مشروع السقايات الخاصة لــ 80 حالة بدعم من الصندوق الاجتماعي للتنمية وحدة المياه والبيئة فرع عدن بتكلفة 18 مليوناً .. الشيخ محمد الذي امتلأ قلبه بحمل هموم أهل منطقته تمتلئ أرفف بيته بملفات مشكلته الخاصة والتي تؤكد انقطاعه عن عمله بعد أن تم فصله من التربية والتعليم في العام 94م ومع كل المذكرات والتوجيهات التي اطلعنا عليها لا يزال محروماً من وظيفته كمعلم في التربية والتعليم ويعول أسرته من كسب يده بعد أن بلغ منه اليأس مابلغ من تلك الوعود .مذكرات للذكرى كانت آخر مذكرة حصلنا على نسخة منها ضمن مذكرات عدة منذ العام 96 موجهة من مدير عام مكتب التربية والتعليم م أبين أـ علي محمد فضل في العام 2009م وجهها إلى محافظ أبين حينها / م / احمد الميسري وعليها تعليمات وزارة التربية والتعليم بضمه إلى كشف بدل المتقاعدين وأشارت المذكرة إلى أن الأخ محمد ناجي كان يشغل وظيفة معلم في التربية والتعليم م رصد من الفترة 1980 إلى العام 1994 وتم فصله عن العمل وأن لديه توجيهات ومذكرات عديدة من وزارة التربية بضرورة عودته إلى عمله وتوجيه مكتب الخدمة المدنية وهو يحمل مؤهل دبلوم دار المعلمين بعد الثانوية ) وإلى هذه اللحظة لم تجد كل تلك المذكرات والتوجيهات طريقها إلى صناع القرار .بصماتمع إن مناطق يافع كلد منسية في قواميس الدولة ومهملة في مكاتبها التنفيذية ومحرومة من الخدمات ودعم المنظمات المانحة إلا أن أيادي بيضاء تركت لها بصمة خير هناك في تلك البقاع المقفرة وإن قلت إلا أن لها أثرا عظيما كما يقول الشيخ محمد ناجي الذي شكر الصندوق الاجتماعي للتنمية على تقديم مشروع السقايات الخاصة وكذلك الشكر موصول للشيخ محسن العيسائي وممثله الشيخ أحمد حسين الذي قدم ملابس للأطفال والبنات على مدى ثلاثة مواسم تقدر كل دفعة بــ 20 كرتوناً تم توزيعها على الفقراء عن طريق الشيخ محمد ناجي الذي تكفل بتوصيلها وهو يتوجه إلى الدولة باعتماد المشاريع وناشد كل الداعمين والمنظمات المانحة بتقديم المساعدات لأهالي تلك المناطق بما في ذلك بناء وترميم المساجد التي بدأت تتشقق جدرانها وسقوفها بفعل الزمن وحشرة الأرضة كما هو حال مسجد المذرى الذي يكاد ينهار بعد أن تكفل الشيخ محمد بدعم محدود له وبادر إلى نقل الأحجار ومواد البناء دون أن يطلب بذلك جزاء ولا شكورا سوى مرضاة الله .نداء ليتكم من سكان الجبال لتستطيعوا أن تكونوا من الراحمين المحسنين لأناس أفقرت مناطقهم من القوت والماء في جبال مكشوفة يراها الراؤون ويسمعون صداها إلا أنهم لا يشعرون بألم ساكنيها وهم يحرقون فحم الليل بكاء وتتجدد مواجعهم مع إشراقة كل صباح جديد وهم من لا يوجد بينهم من يدخل طعاما زائدا عن حاجته وفيهم الشيخ الضعيف والطفل العاجز والمرأة المعدمة والضعفاء يجاهدون جميعا في سبيل البقاء على قيد الحياة لائذين بقمم تلك الجبال مجاورين الصخور علها تكون ألين قلبا من الإنسان .