لقد عاش اليمنيون على مدى التاريخ وخلال القرون الماضية حالة من البؤس والحرمان ردحاً من الزمن تحت حكم الائمة والسلاطين المستبدين والاستعمار الأجنبي الذين جعلوا من الوطن والشعب على امتداد الساحة الوطنية في فقر مدقع لم يترك وراءه سوى الجهل والمرض والجوع وعانى منهم الأمرين في ظل أوضاع مأساوية لم يتمكن من اللحاق بركب الدول المتقدمة لينال موقعه الطبيعي كبقية بلدان العالم والعيش بظروف مناسبة على الأقل من الناحية الإنسانية والبشرية كما يوافقه العقل. مرت سنوات طويلة عجاف لم يعرف فيها الشعب اليمني أي نوع من الاستقرار والهدوء جيلاً بعد جيل والنقص الحاصل في التعليم واسع النطاق لا يدري كيفية التخلص منه والخروج من المأزق الذي هو فيه ومواجهة تلك الحالة التي كان يسيطر عليها الحكام وعبثوا في الأرض فساداً بسبب الانعزال التام من العالم وجعلوا أعزة اهلها في مهانة ومذلة على الدوام بالرغم من كل ذلك فقد عُرف الشعب على مدى التاريخ القديم والجديد برباطة الجأش وقوة الصبر وتحمل الصعاب الذي لا مثيل له صنعت منه نموذجاً نادراً من الصمود والتحدي في ظل أوضاع معقدة وتناقضات الحياة المعاصرة حيث ظل يقاوم بكل ما لديه من قوة وعزيمة لا يستهان بهما من اجل البقاء والعيش في حياة حرة كريمة في مرحلة هامة تمكن من صناعة التاريخ عبر الزمن وتراه يقف شامخاً لتحديد مسار حياته وفق الزمان والمكان يعبر عنها بما فيه الكفاية ووضع الأسس الكفيلة لتأخذ بها الأجيال وتصنع منه ما تشاء من اجل البناء والتواصل في مسيرة الحياة الطويلة. وفي كل الأحوال يظل صمود الانسان اليمني علامة مميزة وبارزة من اجل التواجد الإنساني والاخلاقي دون منازع يشهد له العالم بما خلفته الأجيال من موروث شعبي مسجل عبر مختلف الوسائل القديمة ما يدل على ان هناك حياة متنوعة قد سطرها الإنسان في سلسلة زمنية من تاريخه لم تأت من فراغ بل تكونت على مدى قرون طويلة منذ نشأة الخلق في الأرض. لقد تركت شعوب العالم قاطبة والأمم جامعة مكتسبات هامة من العادات والتقاليد والثقافات المتنوعة الاخرى على مدى الزمن وفي كل مرحلة كان لها اسلوبها وانماطها في التعبير عكست معنويات مشجعة وتاريخية لدى الاجيال المتعاقبة تستمد منها تراثها الشعبي الذي يتطلب حمايته من الانهيار المقصود وغير المقصود بكل الوسائل والحفاظ عليه ليحتل بذلك موقعاً مهماً في البلدان التي سبقتنا في هذا المجال وعلينا الاستفادة القصوى من اجل الاحتفاظ بكل ما تبقى لدينا وما قد فات نحسبه في طي النسيان بسبب ما حصل من عوامل طبيعية واهمال بشري طال كل ما خلفته الاجيال السابقة. والمهمة الصعبة اليوم هي كيف نحافظ ونحمي كل ما هو في ايدينا دون تكرار اخطاء الماضي وتفويت الفرصة على أعداء الحياة في ان يدمروا كل شيء طيب وجميل في الوطن اليمني، وهذا لن يتأتى إلا من خلال استحداث طرق جديدة لاعادة الحياة العامة إلى طبيعتها الانسانية مصحوبة بالأمن قبل الايمان وإرساء أسس العدالة المدنية الحضارية والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بموارد الشعب والوطن، ومن السهل جداً الوقوف امام العديد من العقبات مهما كان حجمها بفعل الارادة الشعبية القوية يصبح عندئذ السيطرة عليها واجباً انسانياً لا مناص منه حتى يصل إلى مسامع الداني والقاصي ويعرف العالم أجمع ان هناك شعباً حياً لا يموت وانه على استعداد للتضحية والشهادة من اجل العيش بحرية وكرامة أسوة ببقية الشعوب المتطورة وهاهي اليوم قد برزت المؤشرات واشرقت بنورها وتبدو ملامحها واضحة للعيان نحو تصحيح الأوضاع العامة على طريق التخلص بجد من الفساد بأنواعه في كل بقاع الوطن.لقد حان الوقت حقاً للتخلص من كافة الشوائب والنواقص والسعي الحقيقي باتجاه عملية البناء حتى وان رافقتها مختلف المصاعب فانها سوف تزول لا محالة بعزيمة الشعب ولا تكفي النوايا الحسنة لوحدها إذا لم يصاحبها العمل الدؤوب والخلاق واستغلال الوقت إلى اقصى درجة من المسؤولية وعدم ضياعه في امور لا فائدة منها خاصة إذا ما عرفنا قيمته الحقيقية والمعنوية وما علينا إلا التحلي بالتفاؤل والشعور بالمسؤولية الحقة باستمرار لان الفساد مهما بلغت درجته وقسوته يزول بانتهاء الاسباب مهما طال عمره ويظل في اسفل السافلين وينتصر الحق في الاخير ولو بعد حين.
وأشــرقـــت شمس الحرية
أخبار متعلقة