لا يزال هناك ملايين الفتيات حول العالم يتعرضن لخطر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، على الرغم من الجهود التي بذلت على مدى قرن من الزمان لوضع حد لهذه الممارسة. ففي 29 بلداً في أفريقيا والشرق الأوسط حيث يتركز انتشار هذه الممارسة، تعرضت للبتر 125 مليون فتاة. ووفقاً لتوقعات صندوق الأمم المتحدة للسكان، هناك 86 مليون فتاة أخرى في مختلف أنحاء العالم يحتمل أن يخضعن لهذه الممارسة بشكل أو بآخر بحلول عام 2030 إذا ما استمرت الاتجاهات الراهنة بمعدلاتها الحالية.وليس من المقبول الاستمرار في هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان التي تشكل تهديداً لحياة ومستقبل العديد من النساء والفتيات، وتعد إهانة لكرامتهن الإنسانية، واعتداء على صحتهن، وعقبة أمام رفاه أسرهن ومجتمعاتهن وبلدانهن. فلا سبيل إلى تحقيق التنمية البشرية الكاملة إذا ما استمرت حياة النساء والفتيات في ظل هذا الانتهاك لحقوقهن أو الخوف من تعرضهن له.ولقد تحققت بعض أوجه النجاح في التعجيل بالتخلي عن ممارسة تشويه/بتر الأعضاء التناسلية للإناث في بعض المجتمعات المحلية والبلدان: فقد اعتمدت أوغندا وغينيا بيساو وكينيا مؤخراً قوانين تجرِّم هذه الممارسة. وفي إثيوبيا، صدرت عقوبات على إحدى الممارسات التقليديات لهذه العملية ووالدي ست فتيات أجريت عليهن هذه الممارسة إثر قضية شهيرة ساعدت على زيادة الوعي بهذه المسألة. واعتمد عدد آخر من البلدان برامج مراعية للاعتبارات الثقافية بهدف تغيير العادات الاجتماعية وذلك، في معظم الأحيان، من خلال أنشطة يشارك فيها القادة المجتمعيون جنباً إلى جنب مع الرجال والفتيان. بيد أن التحدي المتمثل في القضاء على ممارسة تشويه/بتر الأعضاء التناسلية للإناث في كل مكان لا يزال تحدياً هائلاً يستلزم منا جميعاً مضاعفة الجهود تحقيقاً لهذا الغرض. فتلك الممارسة إنما تترتب عليها آثار مدمرة على المديين القصير والطويل بالنسبة لصحة النساء والفتيات على السواء. ولابد من حمايتهن وتوفير الدعم لمن تعرضن لهذه الممارسة الوحشية ومعالجة ما يعانينه من آثار ضارة على صحتهن الجنسية والإنجابية. إن التزام صندوق الأمم المتحدة للسكان بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الشباب، وبخاصة حقوق المراهقات، هو التزام صريح لا لبس فيه. فإننا على يقين بأنهم لو تمكنوا من المطالبة بحقهم في الصحة، بما في ذلك فرص الحصول على الصحة الجنسية والإنجابية، وحقهم في التعليم وفي العمل اللائق، فإنهم سيصبحون عناصر قوية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وكانت أهمية تعزيز وحماية وإعمال حقوق النساء والفتيات قد جرى التأكيد عليها في القرار التاريخي الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 بشأن تكثيف الجهود العالمية من أجل القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وجرى التأكيد على الدعوة بالتعجيل بالجهود المبذولة في هذا المجال مؤخراً في المؤتمر الدولي الذي عقد في روما في تشرين الأول/أكتوبر 2013 بشأن مكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ونظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، واستضافته حكومة إيطاليا. إن إنهاء هذه الممارسة هو رهن بالاستجابة لتلك الدعوة العاجلة. ويشارك صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف في تنفيذ أكبر برنامج للأمم المتحدة للتعجيل بالتخلي عن ممارسة تشويه/بتر الأعضاء التناسلية للإناث. على أن التحديات التي تواجهنا ليست بتلك التي يستعصي التغلب عليها. ذلك أنه بالعمل معاً، سيكون بمقدورنا زيادة التعجيل بالتخلي عن هذه الممارسة وتعزيز قوة الدفع صوب إحداث التغيير من خلال جهودنا الجماعية والمتضافرة. وفي هذا القرن الحادي والعشرين، لا ينبغي لأي امرأة أو فتاة أن تتعرض للمعاناة أو الموت من جراء ممارسة تشويه/بتر الأعضاء التناسلية للإناث. إن إنجازنا الذي لم يتحقق بعد إنما يتمثل في التصدي لضروب الإجحاف الدائبة التي تؤثر سلباً على صحة النساء والفتيات وعلى رفاههن. إن كل فتاة وكل شابة، أيًّا كان المكان الذي تعيش فيه، وأيًّا كانت ظروفها الاقتصادية، لها الحق في تحقيق إمكاناتها البشرية، دون قسر أو ضرر أو عنف. وبمقدورنا، بل ومن واجبنا أن نكفل لها ذلك. وما نصبو إليه جميعاً من مستقبل مستدام ومنصف وشامل للجميع إنما يعتمد على ما نتخذه اليوم من إجراءات تكفل الكرامة والصحة والرفاه لكل الفتيات. * المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان
تشويه الأعضاء التناسلية للإناث تهديد للحياة وإهانة للكرامة الإنسانية
أخبار متعلقة