إعداد/ زكي الذبحاني :ليس في الوجود بأسره عامل هدم الصحة الإنسان أسوأ من الإدمان على التبغ، هذا ما اجمع عليه العلماء والباحثون، وما من تعسف في وصفهم أو مبالغة من يأنف التدخين ومنتجات التبغ، بل بما تأكد وثبت بشكلٍ علمي قطعي من أن أخطاره واسعة مروعة تحدق بصحة من يدمن عليه مهددة حياته.قد يقول قائل: الأمر ينطبق على السجائر، أو على الثقيل منها تحديداً، أو أن (المداعة) أو الشيشة أو (مضغة التمبول) أكثر أمناً وأقل ضرراً مما سواها، وهو ضرب من الوهم لا أساس له من الصحة، كون الحقيقة الدامغة تتجلى في الآثار التدميرية للتبغ على اختلاف أنواعه وعادات وطرائق تعاطيه، سواءً ما يدخن أو يوضع في الفم أو يمضغ وما إلى ذلك، وهو أنه في مقدمة أسباب الوفاة، ويُمثل ثاني أهم سبب للوفاة على الصعيد العالمي، يُعزى إليه السبب في إلحاق الضرر بكل من يتعرض له ويقتل نصف مُستهلكيه- وفقاً للدراسات العلمية- لما يُسببه من أمراض السرطان والقلب والأوعية الدموية والرئة وغيرها من الأمراض الفتاكة،في حين ثبت إن التبغ يحتوي على أكثر من (4آلاف) مادة كيميائية، منها(60) مسرطنة. كما يصنف بأنه أكبر سبب منفرد للوفاة في العالم, أكثر من الملاريا والسل والإيدز مجتمعة.بيد أن البعض يخطئ التقدير فيظن أن الوفاة بسبب التدخين أو الإدمان على منتجات التبغ قد تطال المتقدمين في السن وحسب، وتتجلى آثاره بقوة في التسبب بالشيخوخة المبكرة، وفي وقوفه وراء عُشر الوفيات التي تُسجل بين أوساط البالغين حول العالم، مع أنه يأتي في مقدمة ما يمكن توقيه من الأضرار التي تواجه الصحة.وليت أن الكارثة تسري على المدخنين، فقد أثبتت الدراسات - بما لا يقبل مجالا للشك- أن التدخين بالإكراه-وإذ بالمدخنين ينتهكون حرية غير المدخنين- يشكل خطراً على صحة الذين يتعرضون لدخان التبغ.فبينما تصل الوفيات عالمياً - حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية-إلى(6ملايين)سنوياً، نجد أنها بسبب التدخين القسري تصل إلى(600 ألف) حالة وفاة، وبذلك يتوقع بلوغها أكثر من (8 ملايين) وفاة بحلول عام 2030م ما لم تُتخذ إجراءات وخطوات سريعة وفعّالة.وعندما يدخن شخص ما في منزله بين أهله وأولاده أو أصدقائه أو جلسائه (4)سجائر، يُدخن جلسائه وقتها قسرياً(أي بالإكراه) ما يعادل سيجارة واحدة من الدخان المنبعث.لقد ثبت علمياً أن (35%) من نسبة الإصابة بسرطان الرئة بسبب التدخين القسري, وأن نسبة الإصابة بأمراض القلب لهذه الفئة تصل إلى (30%) تقريباً.كذلك آثار تتجلى على المدى القريب في التسبب بالتهاب الشعب المُزمن, الالتهاب الرئوي, الربو الشعبي والتهابات الأذن الوسطى . كما أن تعرض الحوامل للتدخين القسري يُبطئ نمو الجنين ويعرض المواليد الجدد للوفاة المفاجئة، وهناك أثار سريعة مثل تهيج العين والأنف والصداع والتهاب الحلق والدوخة والغثيان والحكة ومشاكل بالتنفس.أما بالنسبة للأطفال الذين يعيشون مع المدخنين فنتائج الدراسات تبدو مُخيفة للغاية, حيث تزيد لديهم نسبة النزلات الشعبية والرئوية والربو وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي المختلفة, وكذا نسبة الإصابة بأمراض والتهابات الأذن الوسطى والموت المفاجئ.ومع كل هذا فلا يزال التبغ المنتج الوحيد المُصرح بيعه رسمياً حتى القيود على تعاطيه لا تكاد تذكر،واللوائح التي تحرم استخدامه في وسائل المواصلات ومقر العمل ومختلف أماكن العمل أصبحت في مجتمعنا مجرد شعارات أو تحذيرات غير نافذة تعلق على الحيطان و لا تفعل إلا ما ندر وفي حيز ضيقٍ للغاية.فإلى متى يتعامى النافذون وأصحاب القرار عن تفعيل اللوائح الصارمة، أم أن غير المدخنين لا حرية لهم في استنشاق هواء نقي ؟والله المستعان وعليه التكلان، وإليه قصد السبيل..
التدخين.. خطر يداهم كل من يخالط مدخنا
أخبار متعلقة