علي عبدالله الدويلةأكدت الدراسات والبحوث الموسيقية أن الأغنية الشعبية الراقصة تؤدى تماماً حسب الطريقة الممارسة في الأغنية العربية من حيث استخدام طريقة المذهب والتسليم ويأتي ذلك بانفراد المغني بأداء القسم المنوع في الأغنية وهذا يطلق عليه تسمية المذهب في حين أن القسم الثابت الذي يتكرر بعد الغناء الانفرادي تؤديه جماعة المنشدين مع مسايرة قواعد الألفاظ العربية التي يستخدمها البدوي والحضري على السواء لذلك فإن الفن الغنائي يعتبر من أهم الفنون الإبداعية التي تميزت خلفيتها الثقافية بالعطاء الفكري والنهوض الثقافي الذي يرتبط بالخصائص الموضوعية الفنية الهامة وتجسدت من خلال الأغاني السياسية والوطنية والعاطفية من حيث أبعادها ورؤيتها الثقافية التي تحمل في جوفها الكثير من الحقائق الموضوعية الهامة منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات الأخرى وكل هذه القضايا الإنسانية والمفاهيم والقيم والمبادئ الإنسانية والسلوكيات الأخلاقية يمكن تناولها عبر مواضيع اللغة الفصحى وحسب نوعية الأداء الغنائي ومن حيث منافذ العروض (الإذاعة المسموعة والإذاعة المرئية والعرض السينمائي والعرض المسرحي والحفلات العامة والمهرجانات والأنشطة المدرسية والجامعية). إن الأغنية العربية هي وحدة فنية متميزة بين أنواع الفنون المختلفة وهي أيضاً تعتبر فناً راقياً لمركب غير بسيط في تكوينها وتقوم على عناصر أربعة أساسية وهي النص الأدبي والصياغة النغمية والأداء الصوتي الغنائي والأداء الموسيقي وما توحي كلمات الأغنية للملحن إلا باللحن المناسب الذي يصور معانيها أصدق تصوير ثم يتناول الأداء الغنائي هذه الكلمات الملحنة بنغمة صوتية حسب أصول معينة متعارف عليها ومدروسة ويأتي الأداء الموسيقي محتوياً كل هذه الفنون في غلاف نغمي يجمعها في وحدة فنية متكاملة.وقد يضاف إلى هذه العناصر الأربعة عناصر أخرى مثل التصوير والسيناريو والإخراج وخاصة عندما تكون الأغنية معروضة من خلال فيلم سينمائي فالغناء في حد ذاته يعتبر فناً تعبيرياً إنسانياً من خصوصية الإنسان دون سائر أنواع المخلوقات وهو في الحقيقة ينمو مع حركة الوجدان الفكري الحر بين أفراد المجتمع ثم يتبادل هو التفاعل مع المجتمع الإنساني فيأخذ منه ويعطيه ولا ينعزل عنه فوراء الأغنية الثقافة الإنسانية العامة وراء هذه الثقافة الفنية حضارة إنسانية فكل مجتمع متحضر لابد أن يكون له غناؤه الخاص المتميز عن غيره من المجتمعات الأخرى.لقد لعبت الأغنية العربية دوراً حقيقاً في نشر الثقافة الإنسانية وخدمة الحياة الاجتماعية في جوانبها وظروفها الموضوعية المختلفة والتعبير عن العواطف والمشاعر والأحاسيس الوجدانية الإنسانية الراقية في تهذيب النفس وتربية الذوق الفني والارتفاع بهما إلى مستويات رفيعة من الجمال والتعبير عن الروح القومية والاحتفاء بالمناسبات الوطنية والدفاع الوجداني والروحي ضد الأزمات والمصاعب والآلام والهموم والمشاكل الاجتماعية التي يعانيها الإنسان العربي في ظل الظروف الراهنة الصعبة وهذه الأغاني لكل شعب تعكس في الواقع ميزاته وخصائصه الفنية وكل هذه الخصائص والمزايا التي تجتمع للأغاني نجد أن لها قيمتها وأهميتها الكبيرة على المستوى القومي والإنساني كفن راقٍ متحضر له أثره الواسع والعميق بين سائر الفنون المختلفة.لقد استطاع القلائل من الفنانين المبدعين أمثال عبد الحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان وليلى مراد، وكل هؤلاء من الفنانين العظام المساهمة بشكل فعال ومثمر في تطوير العملية الإبداعية الفنية وتركوا بصمات رائعة واضحة من الفن الراقي الأصيل في جودته الغنائية الذي يساهم في حركة التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وغيرها من المجالات الأخرى. ولكن من المؤسف أن الأغنية العربية أصبحت في الوضع الراهن في حالة ضعف بألحان الأغاني المنتشرة وقلة إنتاج الملحنين الكبار وانحسار إقبالهم وإسهامهم في مجال تلحين الغناء وأيضاً انتشار النصوص الضعيفة من حيث المعاني والتركيب اللغوي واحتوائها على كلمات هابطة المستوى وغير مهذبة أحياناً وبعيدة عن الذوق العام الغنائي ونعرف جيداً أن الأغنية العربية هي مجرد تعبير عن القضايا الإنسانية وصدى للواقع الاجتماعي وما طرأ من هبوط في مستوى الأغنية والمستوى العام للأغاني إنما هو انعكاس حقيقي لبعض المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتردية في بعض البلدان العربية وأصبح لها وصفها الاجتماعي والاقتصادي الجديد وكان من الطبيعي أن تظهر نماذج من الأغاني تعبر عنها وتخاطبها باللغة التي تفهمها وتناسب هذه الأوضاع الجديدة والسيطرة على مقدرات هذا النوع من الفن لأسباب متعددة ومختلفة.ولأجل تطوير الأعمال الإبداعية الفنية الخلاقة والنهوض بالأغنية العربية نحو المستوى الأرقى يجب تخصيص الكلمات وأفكار الأغاني العاطفية من المبالغة في تعابير المعاناة ومضامينها غير الواقعية وكذلك فيما يختص بالفهم الحسي للجمال وحب الوطن في قصر عاطفة الحب على العلاقات الغرامية.عدم إجازة الاتجاهات الفردية التي لا تعبر عن روح الجماعة فيما تعرضه النصوص من مضامين وأفكار ومراعاة التفرقة الفنية العلمية بين نصوص الفولكلور والأغاني الدارجة وعدم الترخيص في إجازة الأغاني التي توحي بمعاني الإذلال النفسي والاغتراب عن الوطن والاستهانة بقيمه.وعدم إجازة الأغاني التي تتضمن أنغاماً تعتمد أساساً على دغدغة العواطف الداخلية في حياة الإنسان وأما بالنسبة إلى ما تنطوي عليه الأغاني من الجانب الإعلامي يجعل من هذه الأغاني كمادة إعلامية لها أهميتها الاجتماعية تتضمن العمل الفني الجيد وبعض ما يتنافى مع المفاهيم والسلوكيات الأخلاقية والعادات والتقاليد والقوانين أحياناً.تشجيع الشباب الذين هم صانعو المستقبل المشرق على العمل الفني الإبداعي وتشجيعهم على الإبداع في الفن والعمل وكل مناحي الحياة لأن الشباب هم عماد المستقبل.
|
ثقافة
كيف النهوض بالأغنية العربية فنياً وإعلامياً
أخبار متعلقة