بداية اعترف أن عنوان هذا الموضوع ليس من عندي وإنما هو عبارة عن صرخة مدوية أطلقها الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) في رهط من الأنصار من الأوس والخزرج، فبعد أن هداهم الله إلى الإسلام وأصبحوا في ظله أخوة متحابين ويكرهون ما كانوا فيه قبل الإسلام من حروب وصراعات وعدوان أملتها عليهم عصبيات الجاهلية، إذا بمجموعة قبل منهم تلتقي في المدينة ومعهم أحد اليهود فإذا بذلك اليهودي - وكعادة اليهودي في نشر الفتن - يذكر تلك المجموعة بما كان بينهم في أيام الجاهلية وخاصة يوم ( بعاث ) وهي معركة كبيرة ومؤلمة دارت رحاها بين الأوس والخزرج حتى أوغر ذلك اليهودي صدور الحاضرين من الفريقين فما كان منهم إلا أن تعالت أصواتهم وتمايزوا فيما بينهم وأخذ كل منهم سلاحه وأنحاز إلى فريقه حيث بلغ الخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم مسرعاً ووعظهم وقال لهم: ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم) ثم قال لهم: (دعوها فإنها منتنة ) حتى رجعوا لصوابهم وندموا على ما كان منهم ولم يعودوا إلى مثل هذه العصبية الجاهلية. واليوم - وللأسف - نلاحظ أن الكثير من الأصوات التي ترتفع في مجتمعنا وهي تحرض على العنصرية وتذكي نيران العصبية والمناطقية والجهوية وتروج لثقافة الكراهية والتمزق والانقسام، ظنا من أصحابها أنها ستكون العلاج لما نعانيه في مجتمعنا اليمني من تخلف واختلاف، بينما الواقع والتجارب تؤكد أن مثل هذه الشعارات ماهي إلا عبارة عن أمراض تدمر الأمم والشعوب والمجتمعات التي تتائر بها وفي ذم مثل هذه الأمراض والنهي عنها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية). كما يؤكد عليه الصلاة والسلام أن المسلم الحقيقي هو من سلم المسلمون من لسانه ويده وربما أن البعض منا في المجتمع اليمني لا يتعظ من الماضي، فاليمن منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر شهد صراعات مريرة اتصفت بالمناطقية والحزبية والمذهبية سواء على مستوى الشطرين قبل الوحدة أو ما بعد الوحدة التي أضيف إلى ما سبق في ظلها الدكتاتورية المطلقة وهذه الأمراض الخطيرة حكمت على اليمن بالتخلف عن ركب الحضارة ولم يتحقق لليمن شيء يذكر منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر وحتى الآن ويتضح ذلك من البنية التحتية الهشة للخدمات في اليمن ناهيك عن جعل النسبة الكبيرة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
|
آراء
دعوها فإنها منتنة !
أخبار متعلقة