على أعتاب نهاية العام 2013م 28 ديسمبر يوم السبت الماضي بالتحديد تكون قد حلت علينا ذكرى من الزمن المفقود ذكرى لا تنسى ولا تسقط بالتقادم ضاربة جذورها في تاريخ حركتنا الوطنية وفي تربتها الخصبة محفورة في الذاكرة وفي قرارة النفس والوجدان الوطني رغم جحود الرفاق المقلق والتغييب المتعمد من نظام فيه (الحاكم صانع التاريخ والأمجاد ومصدرها ومدونها ولا أحد سواه) نظام تعمد أن تكون ثروتنا الوطنية الثورية التقدمية بالذات في عداد المحكوم عليهم بالإعدام طمساً لتاريخ ونضال شعبنا الشاق والمثقل بالهم والعمل المشترك.ذكرى من سجل التلاحم وملحمة النضال الوطني المشترك في معترك النضال السياسي ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في جنوب اليمن المحتل آنذاك والإمامة والمخططات الأمريكية في شمال الوطن زمن كانت المعاناة المشتركة والهم الواحد هي الزاد للتلاحم والوحدة يوم كنا شعباً واحداً في دويلات واليمن أبعد من عقبة عدن وباب اليمن وحصن حضرموت وجبال سمارة عكس واقعنا المفزع والموجع تحولنا بفعل سياسة نظام الهدم والتدمير للاستيلاء على الثروة ورقاب العباد إلى جماعات متفرقة في دولة واحدة للأسف عفواً لا دولة نأمل أن نجدها نتاج مخرجات الحوار كثمرة من ثمار بستان الثورة المتفتح المغروسة في تربتنا الوطنية الثورية الخصبة.والذكرى التي نعني والتي نحن بصدد الحديث عنها تعتبر محطة من محطات كفاح المناضل الوطني المتميز بالكلمة / الموقف التي لا تخطئ المرمى ولا تحيد عن الهدف (التحرير ووحدة الأرض الطبيعية) عبدالله عبد الرزاق باذيب رافع شعار الوحدة برؤية ديمقراطية والمقارع من أجل ذلك بكل الوسائل وفي أحلك الظروف وأصعبها “يمن ديمقراطي حر موحد” ننشده اليوم من أجل إعادة الوجه الحقيقي لحلم شعبنا (الوحدة اليمنية) التي جعلها زعيم الفساد والإفساد في الأرض اليمنية قاطبة ولم يستثن منها أحداً كابوساً في وضح النهار حتى وصلنا إلى ما نحن عليه من وضع مأساوي الكلمة الفصل فيه لصناع الموت رغم قبس النور والأمل في العتمة”الحوار الوطني الشامل”. والمتابع لتاريخ رواد مرحلة التحرر الوطني يدرك أن المناضل الوطني بل الأممي قد رافق الحركة الوطنية شمالاً وجنوباً منذ بداياتها الأولى وفي سن مبكرة من مقاعد الدراسة بل أبعد من ذلك من على جدران المدرسة للصفوف الأولى في مدينة الشحر وفي خمسينيات القرن الماضي تبلور فكره وتجذر وجسده في صيغ نضالية من أجل الاستقلال ووحدة الأرض والإنسان وحدة الوجدان قبل التهافت على المصالح الدنيوية القاتلة لكل معاني الإنسانية. ناضل في ظل حكم استعمار جائر وقوانين لا تخدم إلا المساندين لسياسته العدوانية تجاه الشعب والوطن وكانت المعارك على أشدها دفاعاً عن حق أصحاب المصلحة الحقيقية في بذل التضحيات لتحديد هوية عدن والجنوب وتحريرها من قبضة صنائع وأذناب المحتل الذين أرادوا مسخ الجنوب من يمنيته وتجريده من أصله بل واقتلاعه من الجذور باختراع هويات تفتت الوطن وتشق صف الجماهير وقد كان باذيب المقارع والأكثر شراسة للدفاع عن وحدة اليمن الطبيعي وأول من فتح أذهان واعين الجماهير على مصطلح (اليمن الطبيعي) “الحرية” و”الحقوق” و”الاستقلال” وغيرها من المصطلحات التي جعلت المحتل البريطاني وأعوانه على صفيح من نار على الدوام.وعاش المعلم الأول لوحدة القوى الوطنية قضية وطنه وشعبه لحظة بلحظة خلال حياته الحافلة بالعطاء الإنساني بأسمى ما في النفس من مشاعر وبكل ما في القلب من إيمان لذا كان لكتاباته ابلغ الأثر وما زالت وستظل التعبير الطالع من نفوس الجماهير والصوت الذي يستقبله الناس بفرح عميق وأنهم يجدون فيها أنفسهم ويشعرون معه أن الكلمة قبل أن يكتبها باذيب المتفرد بالريادة في مجال الكلمة وقدسيتها لديه جاهزة سلفاً في وجدانهم (معبرة عنهم) لأنه صاحب موقف لم تكن كلماته سوى نقل لتلك المشاعر التي يزخر بها ذلك الوجدان الإنساني وتحتشد بها طاقاته الكامنة.من أجل ذلك وما هو أقدس من ذلك قام الأذناب والعملاء بالوشاية والدس لحامل لواء الناس عند أسيادهم وراحوا يتشدقون في كتاباتهم على المحبة والتسامح مع المحتل الأجنبي لأجل ترسيخ سياسته ومن أجل أن تسود قوانينه الجائرة بحق أبناء إمارات الجنوب المحتل وأبناء شمال اليمن المستقل الذين كان يعتبرهم المحتل أجانب في بلدهم وكان باذيب بالمرصاد بقلمه اللاذع وكلماته المعبرة عن غضب جماهير شعبه من سياسة المستعمر وتلميعها من قبل عملائه فرد في مقاله الذي دخل على إثره السجن (المسيح الجديد الذي يتعلم الانجليزية) بقوله : “ إننا أشد شوقاً من السيد المسيح الجديد إلى تحقيق تعاليم الإنسانية واشد إيماناً منه بيوم آت لاريب فيه يندمج فيه البشر في وحدة إنسانية متماسكة .. ولكن متى؟ يوم ينتهي استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ويسود الحب والوئام النابع من الوجدان يوم لا يكون هناك سيد ومسود وشعوب محكومة ودول أجنبية حاكمة ويوم لا تكون هناك سياسة مرسومة موجهة ضد عروبتنا وكياننا القومي والكف عن تزييف هويتنا الأصل نحن في جنوب اليمن المحتل .. الخ” ونضيف هنا كما قالها يوماً المناضل الأممي “ تشي جيفارا:« لن يكون شيء اسمه سلام وهناك طفل جائع على وجه المعمورة ». مع الإصرار المستميت على المضي قدماً لتوعية وتحريض الجماهير ضد سياسة الاستعمار ومشاريعه ومخططاته الهادفة إلى عزل عدن عن الجنوب في المقام الأول بالمشروع الانفصالي رقم (1) “ one” الحكم الذاتي لعدن “ عدن للعدنيين” والمشروع رقم (2) two اتحاد الجنوب العربي لفصل الجنوب عن شمال الوطن لم تتحمل السلطات البريطانية كتاباته بما حملته من مفاهيم وطنية جذرية تحذر من الانجرار إلى ما يسوق له المستعمر من وضع دويلات بهويات مزيفة لشق الصف الوطني وإخماد نضال الطبقة العاملة في عدن التي كانت غالبيتها من أبناء شمال الوطن لفك رباط النضال المشترك للشعب اليمني الواحد.[c1] مواصلة النضال من مدينة تعز ( المرحلة التعزية )[/c]من تعز خاصرة الوطن اليمني الكبرى التي يتكئ عليها الشمال والجنوب اتكأ باذيب على الأرائك هناك وكانت الحالمة المستقر والمقام إلى حين والتربة الخصبة لزراعة خط التواصل للنضال الثوري التحرري تعز التي شد الرحال إليها بعد أن أحس بالخطر يداهمه وحلقة الحصار تضيق لتخنقه في ذاته وتحرمه أكسجين الحياة وممارسة العمل الصحافي بقرار نفيه من ذاته إلى “ الشحر - حضرموت” مسقط رأسه من اجل إبعاده عن مركز الحركة الوطنية في عدن وتسلل المناضل باذيب سجين الاستعمار وطريد الإمامة إلى مدينة تعز الحضن والضفة الأخرى لمواصلة النضال السياسي وكان ذلك أواخر 1958م - 28 ديسمبر ومن تعز صاحبة المشهد التاريخي الحافل بالفعل السياسي وصاحبة الشرارة الأولى لثورة 2011م صاحبة المعاناة الأكبر التي لا تنتهي .. ومنها وبها أخذ يواصل نشاطه السياسي والإعلامي من خلال أشكال عدة ففتح في المبتدأ مكتباً لتحرير الجنوب اليمني المحتل وأصدر صحيفة (الطليعة) وقدم برامج إذاعية حرصاً على أن يصل صوته لكافة أبناء شعبه ومضى بدأب يحمل لواء الدعوة إلى وحدة القوى الوطنية الشريفة من اجل مواجهة المشاريع المشبوهة المطروحة حينذاك والتي تمثلت في اتحاد إمارات الجنوب العربي المحتل والحكم الذاتي لعدن وربطها بعلاقات أوثق بالاتحاد وتعزيز القواعد العسكرية في المنطقة إضافة إلى التسلل الاقتصادي والسياسي الغربي في شمال الوطن إلا أنه بعد فترة قصيرة وبسبب فتح الباب على مصراعيه بكشف المستور لمخططات الدوائر الأمريكية في شمال الوطن أغلقت صحيفة “ الطليعة” وتم اعتقاله في تعز من قبل الإمام وعند استدعائه بادره الإمام بالسؤال وهو “ يسخر” لماذا طردك الانجليز وأنت لاتملك شيئاً فقير حتى رمق العيش تطلبه من أسرتك فقد أطلعنا على رسالتك التي تطلب فيها إرسال “ غريبات” كعك من الأسرة “ أنت ميت من الجوع ما الذي تملكه؟.. فرد على الفور بكلمة حق في وجه حاكم ظالم« املك ماهو أكبر وأثمن مما تظنون هذا القلم سلاحي سأحاربكم إلى أن تزلزل الأرض من تحت أقدامكم” فطرده الأمام من تعز وكانت العودة مرة أخرى إلى ضفته الأولى عدن مبتدأ نضاله وختامه المسك رحمة الله عليه. وسنكون بإذن الله مع تتمة للموضوع والحديث عن ثمار تجذير الموقف بعد العودة من تعز وآثارها والتدليل بشيء مما يمكن نشره من كتاباته التي أزعجت المستعمر وأعوانه آنذاك ولها نفس الرونق والفائدة بل تتعاظم الحاجة إليها لوضع حلول لما نحن فيه اليوم من صراع مع المخاض العسير لولادة ( يمن ديمقراطي حر موحد) كما حلم رفيقنا وقارع من اجل ذلك حتى أخر رمق من حياته الحافلة.
|
آراء
الذكرى (55) لاحتضان تعز الحالمة للأستاذ عبدالله عبد الرزاق باذيب المناضل الوطني الكبير والحالم بيمن ديمقراطي حر موحد
أخبار متعلقة