* أد .محمد عبد العزيز يسر*:ما أحوجنا في الجمهورية اليمنية وفي كل مناحي الحياة إلى استخدامنا للإحصاء والأرقام الصحيحة التي تخدم الباحثين ومؤسسات الدولة على حد سواء. فنحن متهيئون على مستوى الدولة والمجتمع للعام القادم 2014م الذي تم فيه تحديد البدء بعملية التعداد السكاني الثالث لسكان الجمهورية اليمنية بعد تحقيق الوحدة منذ العام 1990م ، فقد جرى أول تعداد عام 1994م، ثم التعداد السكاني الثاني 2004م ، ثم التعداد السكاني الثالث عام 2014،حيث يتوقع أن يصل سكان الجمهورية اليمنية إلى 26 مليون شخص تقريبا وفقا للإسقاطات السكانية الحديثة بفارق 6 ملايين عن التعداد السابق عام 2004م.ولعل القارئ سيفاجأ أن 6 ملايين من البشر هم حصيلة عشر سنوات وهي من أعلى النسب في العالم، حيث يشار إلى أن الزيادة السكانية السنوية بلغت 3.0 % وهي كما ذكرنا من أعلى النسب في العالم - فما بالنا إذا قسنا أنفسنا ببعض المجتمعات التي تتناقص فيها أعداد السكان السنوي بنسب مئوية متدنية فمصر والأردن وتونس يمثل النمو السكاني فيها 2.2 % ، أما في الدول الأوروبية فالنمو يمثل نسباُ بطيئة جداً. فعلى سبيل المثال 1.1 % في فرنسا، 0.08 % في الدول الإسكندنافية أما في بريطانيا فالنسبة تقل عن 0.06 % - فهل نعني ما معناه الزيادة السكانية؟ في بلد كاليمن التي تتميز مساحتها ، بتنوع التضاريس ما بين جبال وهضاب وصحارى لا تمثل الأرض الصالحة للزراعة فيها إلا 5 أو 10 % فقط لكي نطعم هؤلاء القادمين إلى هذه الأرض .نعم إن الرزاق هو الله عز وجل ، والآيات القرآنية كثيرة تشير إلى أن((الله هو الرزاق ذو القوة المتين)) ولكن هل للام والأب الاستطاعة في التربية ؟ وهل للوالدين الاستطاعة في رعاية 5 أو 7 أو 10 من الأولاد والبنات؟؟ فهم يحتاجون إلي الطعام والملبس والمسكن - فكما قلنا أن الله هو الرزاق المتين - وبدون شك ، ولكن هل الأم والأب قادران على تدريس هؤلاء ، وهل هما قادران على تنظيف هؤلاء ، وهل الوالدان قادران كذلك على الصبر عند مشاكسة هؤلاء الأبناء الخمسة أو العشرة ، بل الخمسة عشر ولدا وبنتا؟؟فإذا ما اعتمدنا على ربنا في مسألة الرزق والإطعام دون الأخذ بالأسباب - فان النفس البشرية تضيق من تلبية احتياجات هؤلاء الأعداد من الأبناء والبنات في المدارس والمستشفيات والمسكن المريح والمتطلبات والاحتياجات الأخرى ، فنحن لا ندعو لا سمح الله إلى الإجهاض أو تحديد النسل - كما يقال - ولكن ندعو إلى ما جاء به القرآن والسنة النبوية المطهرة من التعقل في كل شيء - فهل نريد لشعوبنا أن تكون كغثاء السيل ؟؟ أو أن تكون عالة على الغير في تسديد احتياجاتها ؟ نسأل الله الصلاح لمجتمعنا والتوفيق الى ما فيه خير هذه الأمة .ومن المهم جداً أن ننصح أفراد مجتمعنا اليمني أن يستعد من الآن وحتى ليلة الإسناد الزمني في شهر ديسمبر من العام 2014م أن يكون حريصا ومستجيبا لتعليمات الجهات الرسمية التي ستقوم بعملية التعداد . وهنا أحب أن ألفت إلى شيء غير منطقي ولا وطني فيما يقوم به بعض أفراد المجتمع - وهي نسبة قد تصل إلى 30% ممن يقع عليهم التعداد من الذكور والإناث -فهؤلاء ينزحون ليلة الإسناد الزمني إلى قراهم ومدنهم ومحافظاتهم حتى يزيدونا من إعداد حجم السكان في تلك المناطق ونجد مدينة صنعاء على وجه الخصوص أقل عدداً مما كانت عليه في الأيام السابقة ، حيث يريد هؤلاء زيادة العدد في محلاتهم حتى تظهر للدولة أنها بحاجة إلى مشاريع تنموية ، وهذا لا بأس به ولكن سيعودون في اليوم الثاني إلى صنعاء أو بعد اكتمال التعداد فإذا بهم يعيشون هم وأولادهم في العاصمة ، والتي نراها تكتظ بمئات الآلاف من البشر الذين هم بحاجة إلى الطعام والمسكن والماء والمدرسة والمستشفى ،ولم يعتدوا فيها بل كان التعداد في مواطنهم السابقة على أن معظم الأبناء والبنات من مواليد العاصمة فكيف ينتقلون ليلة الإسناد الزمني إلى مناطق أخرى بحيث تصبح العاصمة شبه خالية من السكان . يجب على المواطن أن يعي أن كل اليمن هي موطن الجميع ، فالقرية والمدينة والعاصمة والمحافظة في الشمال وفي الجنوب وفي الشرق وفي الغرب هي موطن الجميع ، وفق الله الدولة والمواطن إلى سبيل الرشاد ، وأن نحسن جميعا التعامل مع هذا الوطن لأنه لا وطن غير هذا الذي نعيش فيه ، خاصة بعد أن عرفنا جميعا إبعاد المواطن اليمني من بلد الجيران . * عميد كلية الآداب جامعة صنعاء
الإحصاء وعلاقته بالتنمية
أخبار متعلقة