الإرهاب في أبسط تعريفاته هو مجمل الأنشطة التي تهدف إلى إشاعة جو من عدم الاستقرار في المجتمع، باتباع جملة من وسائل العنف المنظم والمتصل بقصد خلق حالة من التهديد العام الموجه إلى دولة أو إلى جماعة، وترتكبه جماعة منظمة لغرض تحقيق أهداف سياسية أو غيرها، فتلجأ إلى الاغتيالات والتفجيرات في الأماكن العامة، والهجوم المسلح على المنشآت والمعسكرات، أو الأفراد والممتلكات، واختطاف الاشخاص واحتجاز الرهائن، واشعال الحرائق، واعمال القرصنة الجوية أو البحرية، وغير ذلك من الاعمال التي تتضمن المساس بمصالح الدول والأفراد.وقد انتشر مصطلح الإرهاب في وسائل الإعلام المختلفة، ويكثر تداوله عند ظهور أي عمل تخريبي، أو القيام بأي فعل اجرامي تحركه دوافع مختلفة، ويرتكبه فرد أو جماعة من الأفراد باسلوب يعتمد على نشر الرعب في النفوس، بغية تحقيق هدف معين، وهو ما يعرف بالمفهوم الإسلامي بالحرابة وترتبط تهمة الارهاب بكل شخص ينحرف في سلوكه أو معتقداته، غير ان بعض وسائل الإعلام تعمد إلى ربط الارهاب بالاسلام، فتقوم بابراز بعض التصرفات الشاذة أو المنحرفة التي يمارسها بعض الغلاة والمتطرفين الذين يدعون الانتماء إلى الإسلام، في حين ان الاسلام في حقيقته وجوهره يحرم اعمال الحرابة والارهاب تحريماً قاطعاً، بل انه يفرض عقوبات صارمة على كل فرد أو جماعة تقوم باعمال الحرابة، والتعرض للناس بالسلاح، واستخدام القوة بالهجوم على مؤسسات الدولة ومعسكرات الجيش، كالذي حصل يوم الخميس 5 ديسمبر 2013م الجاري، حين قامت مجموعة ارهابية بالهجوم على مجمع العرضي بصنعاء، واسفر عن قتل العشرات وجرح المئات من الابرياء، بمن فيهم أطباء وممرضون ومرضى صادف وجودهم في مستشفى العرضي اثناء عملية التفجير الارهابي، وهو ما يتنافى مع مبادئ الإسلام السامية التي تحرم تحريماً قطعياً ان يقتل الإنسان نفسه، أو يعرض نفسه للهلاك باستخدام السيارات المفخخة أو نحوها، بدليل قوله تعالى: (ولا تلقو بأيديكم إلى التهلكة) (البقرة 195).فالاسلام يحرم تحريماً قطعياً قتل النفس البشرية، وقد جاء في الاثر: (ان الانسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيانه) وكما جاء في الحديث الشريف: (لايزال العبد في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً) رواه البخاري.ومن طبيعة الاسلام انه يحرم الاعتداء على الغير تحريماً قطعياً ويقف بكل صرامة ضد كل من يهدد الناس في حياتهم وأمنهم أو ممتلكاتهم أو معتقداتهم بدليل قوله تعالى: (ولاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (البقرة 190)، أي ان الاعتداءات الاخيرة التي حصلت في بلادنا مؤخراً هنا أو هناك من قبل بعض العناصر الارهابية محرمة، ولا يجوز التعاطي معها أو تبريرها، لأن ذلك يتنافى مع طبيعة الاسلام الذي يحرم سفك الدماء، ويدعو إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمعات البشرية، مصداق ذلك قوله تعالى: (انه من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) (المائدة 32).من اجل ذلك أكد الإسلام على منع الجريمة في المجتمعات الاسلامية ووضع عقوبات رادعة صارمة ضد مرتكبي الجريمة، أو من يتعاطون مع الارهاب لتحقيق اهداف معينة، كما وضع نظاماً صارماً للحد من انتشار جرائم الارهاب، وهو ما يعرف بالحدود الشرعية، بهدف ايجاد مجتمع مستقر خال من الجريمة على اختلاف الوانها، ودعا في الوقت نفسه لتطبيق تلك الحدود حتى لا تكون هناك ثغرات يمكن من خلالها ان يتاح للمجرمين فرص مناسبة لارتكاب جرائمهم.والمفهوم السائد للحدود هو العقوبات الصارمة لكل من ارتكب فعلاً فاحشاً يستوجب عليه الحد، وهذه العقوبات إذا ما طبقت في الواقع، فانها خير ضمان للسلام الاجتماعي.
|
آراء
الإرهاب والحرابة
أخبار متعلقة