في دراسة لمركز نشـــوان الحمـيري
متابعة / يحيى البعيثينفذ مركز نشوان الحميري للدراسات والاعلام دراسة علمية موضوعية بعنوان : تنظيم القاعدة وتوجهات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن. وقد اشتملت الدراسة على مجموعة عناوين أهمها (اليمن في فكر القاعدة - الجنوب اليمني في استراتيجية القاعدة - جيش عدن أبين- تقسيم اليمن إلى دويلات - الوحدة في فكر القاعدة - القاعدة والحراك - القاعدة و«استدراج العدو» - تفكيك الدولة المركزية - تهديد حقيقي أم ذريعة للتدخل الأجنبي - القاعدة، إيران، روسيا).صحيفة(14 أكتوبر ) تنفرد بنشر نتائج هذه الدراسة نظراً لأهميتها .[c1]القاعدة) والحراك[/c] وقد أعلن تنظيم القاعدة الأربعاء 12مايو 2009 دعمه للحراك في جنوب اليمن؛ وذلك عبر تسجيل صوتي لأمير التنظيم في جزيرة العرب أبو بصير ناصر الوحيشي. وفي مقابلات وتصريحات لقيادات أخرى قد يتناقض هذا الموقف، لكنها ظلت تصريحات تكتيكية وبعضها يخص جوانب تفصيلية، لا تقلل بأي حال من الأحوال الحقيقية العامة، بوحدة أي قطر عربي.وتعتبر القضية الجنوبية في فكر وأيديولوجيا القاعدة قضية مقدسة، والتعبئة النفسية والخطط البرامجية لها ليست مختصة بها القيادة الإقليمية للقاعدة فقط، بل هي قضية تهتم بها القيادة المركزية. وهذه المنطقة الجغرافية التي حددتها (القاعدة) كأكبر معسكر لها في الجزيرة والخليج هي المنطقة التي تشهد استعصاء مسلحا وصراعا دمويا مع السلطة المركزية في صنعاء، وتمتد على شريط ساحلي قريب من تمركز قوات الناتو قبالة خليج عدن والبحر العربي.ألقت القاعدة بحبالها مستغلة الأوضاع المرتبكة، ونجحت في اللعب بأوراق سياسية رغم إدراكها بأنها ستؤجج نزعات انفصالية، فهي لا تعير الوحدة اهتماما كبيرا إلا ما تراه من زاويتها «الوحدة تحت راية التوحيد»، وليس على أساس قطري.ويؤكد ذلك، الخطابُ الذي أعلنه أمير القاعدة الإقليمي من مسقط رأس زعيم شبكة القاعدة الدولية بن لادن الحضرمي -ابن المناطق الجنوبية، ومن بلد تشبهها دوائر استخباراتية أمريكية قلقة بأنها أفغانستان أخرى. في وقت تحولت الساحة اليمنية فيه إلى مسرح لتداخلات استخباراتية إقليمية ودولية يتقاطع فيها العامل الاقتصادي للاستحواذ على مناطق النفط وإمداداته، بالعامل الأمني بسبب سواحله الواسعة المفتوحة على القوافل التجارية والأساطيل العسكرية الدولية المارة والمتمركزة قبالة السواحل اليمنية، بالأطماع التاريخية التوسعية التي تعود للنفوذ الفارسي فترة الإمبراطورية. وأذيع الخطاب متزامنا مع الذكرى التاسعة عشرة للوحدة، مع تصاعد مطالب الانفصال التي تتزعمها قيادات جنوبية كان لها دور بارز في ذلك الحدث وترى اليوم «ضرورة فك الارتباط عن الشمال»، في نفس الوقت الذي تكاد الحركة الحوثية الشيعية أن تنفصل بأقصى الشمال وتستحوذ على منطقة جغرافية لحكمها.[c1]منطلق ايديولوجي[/c] ومع تركيز القاعدة على قضية الجنوب من منطلق أيديولوجي إلا أنها تضم جنسيات من كل المنطقة الإقليمية في الجزيرة والخليج، فهي تتحرك في المساحة الجغرافية كلها، وتتمركز في شريط النفط والشريط الساحلي الممتد من صعدة شمالا إلى حضرموت جنوبا، ومنها إلى الحديدة غربا.. مما يجعل المصالح الحيوية الدولية، وفي مقدمتها الغرب، عرضة للتهديد المفتوح على الزمان والمكان.وخطاب القاعدة الخاص بقضية الجنوب يحمل مصطلحات ثورية، وينادي أبناء الجنوب الذين خرجوا في مظاهرات بـ»الأحرار»! مشيدا بحركتهم أنها «ثورة على الظلم»! وأن أهل المناطق الأخرى سيقتدون بهم في ثورتهم على الظلم.إن نفي العلاقة بين الحراك والقاعدة لا ينفي أن كلا المكونين (الحراك والقاعدة) يساعدان بعضهما، إذ تقوم القاعدة بمهمة إجلاء النفوذ الأمني والعسكري للدولة المركزية في مناطق الجنوب، في حين يقوم الحراك بمهمة إجلاء النفوذ السياسي للدولة في ذات المناطق. ويتصرف كل طرف منهما وفق حساباته الخاصة لميزان القوى المترتب عن مرحلة الاجلاء التام لنفوذ الدولة في الجنوب. إلى ذلك ثمة قراءات تذهب إلى أن ثمة أطرافاً أخرى خارجية لديها حساباتها ، وهو ما سنصل إليه في قادم الفقرات. [c1](القاعدة ) و«استدراج العدو»[/c] من خلال استقراء أدبيات القاعدة يتضح لنا أنه من ضمن استراتيجيتهم استدراج القوى الغربية إلى معارك في أقطار عربية وإسلامية بغرض إنهاك تلك القوى، ولا يعترفون بالأنظمة السياسية القائمة في أي من هذه الدول، بل يرون أن أي بؤرة صراع هي البيئة الخصبة الصالحة لتواجدهم وتوسعهم، ومن هذا المنطلق يشجعون كل ما من شأنهِ أن يخلق صراعاً يسقط السلطات الرسمية ويضعف سيطرة الدول ويكشف مقربون من القاعدة عن جانب من نظرة التنظيم تجاه الحركة الانفصالية التي يقودها مختلفون معها، وهو أن لديهم اعتقاداً أن جميع القوى التي تطالب بالانفصال والفيدرالية ليس لها عمق شعبي ولن تتفق فيما بينها، مع ذلك يتجهون لتشجعيها، لاعتقادهم أن الأمور لن تؤول لصالح أي منهم، وهي من يعرف كيف يستفيد من ذلك الوضع. [c1]تفكيك الدولة المركزية[/c] من المعلوم أن البيئة الحاضنة لنشاط تنظيم القاعدة هي بؤر الصراعات وحيثما تضعف الدولة وأجهزتها الأمنية، الأمر الذي يجعل من تفكيك الدولة وإضعاف نفوذها هو الهدف الأول الذي يعمل لأجله التنظيم لكي يستقر على بقعة جغرافية معينة تتمتع أيضاً ببيئة اجتماعية وثقافية مناسبة. ومما يدلل على أن تفكك الدولة هو الهدف المرحلي الأبرز الذي يسعى إليه التنظيم معتقداً أنه سيساعده في تحقيق غاياته؛ هو الدراسة التي قدمها الخبير في شؤون القاعدة عبدالاله حيدر شائع في العام 2010م. ويذكر في سياق حديثه عن «مستقبل (القاعدة)في اليمن وشبه الجزيرة العربية» أنه مرهون بعوامل ذاتية وعوامل خارجية، العوامل الذاتية تتعلق بمدى قدرة التنظيم على التطوير من خطابه بحيث يصبح مفهوما للعوام والنخبة على السواء، ومكشوفة وواضحة أهدافهم وبرامجهم وعلاقتها بالحالة الراهنة للمواطنين في شبه الجزيرة العربية، ولا يبقى الخطاب محصورا فقط على طلبة العلم الشرعي أو متبنيا قضايا فقط من خارج الحدود».. و»العوامل الخارجية: «تفكك السلطة المركزية في اليمن وقيام سلطات على أنقاضها وليس دول، وضعف التحالف الدولي في حرب الإرهاب بسب الاستنزاف في أفغانستان والعراق والتهديدات العالمية للقاعدة والأزمة المالية، وتمكُّن (القاعدة) من صناعة حدث كالحادي عشر من سبتمبر أو يقترب منه في أمريكا أو العواصم الغربية».وهي تمنيات يراهن عليها التنظيم. وبعد ثلاث سنوات من الدراسة التي قدمها حيدر، ووفقاً للواقع الجديد، فإن تفكك السلطة المركزية في اليمن لم يعد في خانة الأمنيات، بل أصبح من الأمور الوشيكة، إذ تتجه مختلف الأطراف السياسية اليمنية المتناقضة لتقديم خدمة جليلة للقاعدة متمثلة في تفكيك الدولة المركزية التي تعاني أساسا من فقدان سيطرتها على إجزاء من البلاد وضعف سيطرة على الاجزاء الاخرى. [c1]تهديد حقيقي أم ذريعة للتدخل الأجنبي؟[/c]بعد التطرق الى طبيعة توجهات مؤتمر الحوار السائرة باتجاه تفكيك اليمن واقرار دول فدرالية اتحادية بدلا عن الدولة الواحدة البسيطة، وكذا بعد المرور على موقع الجنوب اليمني في استراتيجية القاعدة باعتباره يمثل خيارا استراتيجيا لعملياتها المستقبلية وكذا باعتباره ذا بعد ديني مقدس في ادبياتها، وايضا باعتباره المنطقة التي ينحدر منها مؤسس التنظيم ويتواجد فيها الكثير من قياداته الاقليميين، حري المرور على بعض القراءات التي تعتبر أن السياسة المتبعة لمواجهة (القاعدة ) في جنوب ووسط اليمن من قبل النظامين اليمنيين السابق والحالي ميدانيا ونظريا بإملاءات غربية، هي جزء من خطة أمريكية لتهيئة تفضي إلى تمكين الجنوب اليمني من السقوط في يد القاعدة ومن ثم يتم تحريك الاساطيل الدولية تحت ذريعة حماية حركة الملاحة الدولية وخطوط إمداد الطاقة عن طريق التواجد العسكري الأجنبي في اليمن أو جنوبه على الأقل، وممارسة نفس مقاصد القاعدة من إسقاط الجنوب، وكذا ابتزاز الدول المجاورة المصدرة للطاقة متمثلة بدول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.هناك تيار قوي في الولايات المتحدة، أبرز وجوهه المفكر نعوم تشومسكي، يميل إلى الاعتقاد بنظرية المؤامرة واتهام الإدارة الأمريكية، أو جناح الصقور فيها، بالتواطؤ مع القاعدة وتضليل الرأي العام الأمريكي. وفي كتابه «أمريكا الدولة الفاشلة» إدارة البيت الأبيض بتضخيم الإرهاب بل وتغذيته. يقول نعوم تشومسكي: «كل استخدام إضافي للقوة يخلق كادراً جديداً من الإرهاب». مضيفاً «إن المقاتلين الأجانب في العراق ليسوا إرهابيين سابقين بل صاروا متطرفين بفعل الحرب». يعلِّق الصحفي اليمني محمد عبده العبسي: «وهذا باعتقادي حجر الزاوية أيضاً في اليمن: إن كثيراً من مقاتلي أنصار الشريعة ليسوا متطرفين و»قاعدة» بالفطرة بل صاروا متطرفين بفعل حرب أبين وأخطائها ووحشيتها. وما لا يؤخذ بالقوة قد يؤخذ بالحوار»! [c1]قراءته النقدية[/c] وفي قراءته النقدية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، تحدث الباحث والصحفي المتخصص عبد الإله حيدر شائع، من وجهة نظره، عن نقاط قوة وضعف (القاعدة ) تنظيمياً وفكرياً وعسكرياً، مرجعاً الاهتمام الغربي الحاصل في موضوع (القاعدة ) في اليمن، إلى كونه ذريعة للتدخل والوجود الأجنبي، وليس تهديداً حقيقياً على الأرض، معرجاً على خطة الجنرال الأميركي «ديفيد بترايوس» قائد القيادة الأميركية الوسطى، في إدارته للحرب على (القاعدة ) في اليمن. وفي هذا السياق تذهب إحدى الفرضيات المفسرة لقضية اعتقال وسجن الباحث عبدالإله حيدر شائع، إلى الربط بين تحذيرات حيدر الأخيرة للقاعدة ألا تكون ذريعة للتدخل الأجنبي ومسألة سجنه وإصرار الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» شخصياً على عدم الإفراج عنه، وتقول الفرضية بأن تحذيرات حيدر تتمتع بمصداقية لدى قيادة (القاعدة)، الأمر الذي يصادم رغبة دوائر نافذة في الادارة الأمريكية، في استمرار مضي (القاعدة) على نهجها المفضي للتدخل الخارجي.. وهذه الفرضية لا تنسجم مع تصريح مسجل لعبدالإله حيدر نفسه يقول فيه إن قرار اعتقاله اتخذ في ديسمبر 2009 بسبب فضحه تورطَ الأمريكان في «جريمة المعجلة». وهو ما يستدعي تجريجاً من نوع «أن حيدر إما أنه لا يزال يجهل حقيقة السبب الكامن وراء سجنه، أو أنه يفضل عدم الإفصاح عنه!». وإضافة إلى الاستدلال بكتاب مايكل شوير «اليمن في استراتيجية القاعدة» الصادر عام 2008 وتصريحات الجنرال بترايوس بأن (القاعدة) في اليمن صارت أخطر من أفغانستان يذهب أصحاب هذا الرأي إلى الاستدلال بمقولات مسؤولين أمريكيين منهم مديرالاستخبارات الوطنية جيمس كلابر الذي اعتبر أن (القاعدة ) في اليمن هي بلا شك «عدو خاص» وأضاف «لدينا قلق فعلي حيال قدرة هذه الجماعة على شن هجمات جديدة داخل الاراضي الأمريكية وضد مصالح أمريكية في الخارج، اضافة الى قدرتها على مواصلة حملتها الدعائية لدى المتشددين الذين يقيمون في الدول الغربية لدفعهم الى التحرك داخل بلدانهم.» وبدت هذه التصريحات إشارة واضحة إلى محاولة تفجير الطائرة التي كانت متجهة من امستردام الى ديترويت يوم عيد الميلاد العام 2009م.[c1]إشكالات أمنية خطيرة[/c] وبدوره يذهب الكاتب السعودي «يوسف الكويليت» في افتتاحية صحيفة «الرياض» 14 مارس 2012، تحت عنوان «هل تقوم دولة (القاعدة) في اليمن»، إلى القول: «تنامي دور القاعدة يدخل اليمن ومحيطه في إشكالات أمنية خطيرة، وأمريكا ليست خارج دائرة التداخل مع القضية، لابد من فهم مصادر تمويلها ومن يدفعها إلى العمليات الخطيرة، وهل الحوثيون على تحالف معها، بحيث تتضح معالم دول عديدة تريد أن يكون اليمن أول دولة للقاعدة، والظروف الراهنة قد تساعد على تنامي الوجود العملي لها وخاصة في الجنوب».وللتوسع أكثر في وجهة هذا الرأي يمكن العودة لكتاب مهم بعنوان «حروب البترول الصليبية.القرن الأمريكي الجديد»، للمستشار الاقتصادي الدولي برفيسور«عبدالحي يحيى زلوم» الذي خصص جزءاً معتبراً فيه لإثبات أن لافتة «الحرب على الإرهاب» ما هي إلا عنوان خادع لاستراتيجية الاحتلال الأمريكي لمنابع النفط .[c1](القاعدة) - إيران - روسيا[/c] إذا وضعنا القاعدة في إطارها الاستراتيجي والدولي فإننا نجد أن هناك قوى وتيارات إقليمية ودولية تفاعلت وأثرت وتأثرت بنشاط وعمليات القاعدة ذلك أن أطرافاً وقوى إقليمية ودولية كانت في صميم دائرة التأثر والتأثير بظاهرة ونشاط (القاعدة) ومن ثمّ حصدت دولٌ إقليمية ثمار ما زرعته ألغام (القاعدة ) في حين وُجدت دول أخرى وقوى وجماعات تدفع كشف الحساب حتى غدت وكأن لسان حالها يقول: «من أعادينا ومحسوبٌ علينا».عموماً فقد كانت إيران هي المستفيد الأول من عمليات ونشاط وظاهرة (القاعدة) بالإجمال لقد أتاحت التحولات الدولية ومحدد الاستراتيجيات الكبرى في الحرب على الإرهاب، أتاحت فرصة تاريخية لإيران؛ فبسبب أحداث سبتمبر تم إسقاط طالبان ونظام صدام حسين، وبهذا أزيلت وإلى الابد في نظر الإيرانيين أخطر عناصر التهديد للمشروع الفارسي وبسقوط بغداد في العام 2003م دشن الأكاسرة الجدد عودتهم وانتفضوا من تحت رماد قادسية «صدام» وأعلنوا حضورهم كفاعل أساسي في صنع التحولات وفرض خارطة الصراع في المنطقة.لقد سُلمت العراق للإيرانيين ودشنت عملية «تصدير الثورة» هذه المرة ليس من إيران بل من العراق. على أن هذا لم يكن هو المكسب الوحيد الذي جناه الإيرانيون من تداعيات وارتدادات الحادي عشر من سبتمبر أيلول؛ وإذا كانت مكاسب الإيرانيين قد جاءت بهذا الحجم فهل جاءت بالصدفة أم جاءت نتيجة جهد ورسم وتخطيط.في الواقع أن الإجابة على هذا التساؤل تحيلنا إلى علاقة قديمة تعود إلى أواخر السبعينيات وامتدت مع الثمانينيات وما تلاها عندما هرع الإسلاميون المصريون يهللون بقيام الثورة في إيران ويعتبرون خميني هو المخلص للأمة وللعصر ويمكن للاطلاع على موقفهم هذا، العودة إلى أدبيات الإسلاميين ومنشوراتهم ومجلاتهم الصادرة في تلك الفترة وقد كافأهم خميني على هذا الولاء أن سمى أحد شوارع بلاده باسم «خالد الإسلامبولي» القاتل المباشر للسادات.جاء قادة الجماعات الإسلامية المقاتلة إلى أفغانستان يحملون تاريخا من الودية مع الإيرانيين ولأن قادة الجماعات التي أسست «الجبهة العالمية» مع بن لادن، لأنهم من خلال القدرة النظرية والكفاية الفكرية، كانوا المهيمنين على وضع تصورات الاستراتيجية العامة للجبهة بمعنى أنهم كانوا يمثلون «عقل التنظيم» لدى الجبهة، فقد حددوا إيران كحليف استراتيجي في مواجهة الأمريكان. وهو بالفعل ما تم اعتماده طيلة الفترة الماضية وإلى الآن.[c1]مربعات توليد الأفكار[/c] من هنا يبدو جلياً سبب وتفسير نشوء علاقة إيجابية بين (القاعدة) وإيران، ومن هنا تمكنت إيران من أن تكون المستفيد الأول من عمليات ونشاط (القاعدة) لكنها لم تكن المستفيد الأخير.تبدو استفادة الإيرانيين من عمليات القاعدة واضحة بواسطة هيمنة بعض من حلفائهم على مربعات توليد الأفكار الموجهة للتنظيم،ويبدو أن هذه الاستفادة أخذت بعدا دراماتيكيا أكثر تعقيدا وتشابكا منذ استواء الحلف الروسي الإيراني الصيني؛ إذ لاتزال جدلية «القاعدة، روسيا» أحد الملفات الغائرة والمسكوت عنها إلى الآن.. فالواقع يدلل إنه مثلما يحاول الحلف الأمريكي بشكل أو بآخر الاستفادة من لافتة «الحرب على الارهاب» في مد النفوذ وبسط الهيمنة على منابع النفط؛ فإن ثمة في المقابل إدارة روسية ذكية في سياق مضاد يهدف إلى «إذاقة الامريكان وحلفائهم العرب وخصوصا السعودية، من ذات الكأس الذي ذاق منه السوفييت خلال حربهم في افغانستان». ولتأكيد ما سبق يمكن الاستدلال بأدبيات القاعدة التي تضع في مقدمة أهدافها الحالية استهداف السعودية وإسقاط نظام الحكم فيها، وهو هدف لا يخدم من الناحية الاستراتيجية سوى المشروع الإيراني في المنطقة المنطلق من نزعة شعوبية بالغة القتامة تجاه العرب أرضا وبشرا وعقيدة.والرؤية أعلاه، لا تتعارض مع حقيقة وجود توافق روسي أمريكي على تمكين إيران في المنطقة لإضعاف الممالك والجمهوريات السنية العربية، والحالة السورية تُترجم إلى حد كبير هذا التوافق الذي تغذيه لدى الطرفين الروسي والأمريكي دوائر يهودية نافذة. ولا يبدو إلى الآن أن لدى قيادات القاعدة (خصوصا المتأثرة بفكر «أبومصعب الزرقاوي» المعروف باستيعابه العميق لأبعاد وخطورة المشروع الإيراني)، وقتا كافيا لمراجعة الحسابات، إذ تبدو أجندات المشاريع العالمية العملاقة أسرع إيقاعاً وأقدر على فرز أولوياتها والعمل بموجب تلك الأولويات.[c1]خلاصة[/c] كتابات وتحليلات كثيرة تشير الى جملة من المخاوف التي لا ينبغي على اليمنيين اغفالها وهم يعدون لرسم عقد اجتماعي جديد يعيد النظر في شكل الدولة دون اكتراث بمجموع المخاطر الماثلة والمحتملة.. تلك التي يفرض كل منها عليهم ألا يتسرعوا في إقرار خيارات يكتنف عواقبها الكثير من الخطر.وبكل بساطة، وبعيدا عن الدوران في فلك صوابية هذه التحليلات التي تستقرئ موقع «القاعدة» في لعبة الصراع الدولي من عدمها، فإن تفكيك الدولة البسيطة في اليمن الى دولة اتحادية مركبة سيؤدي في ظل وضع الدولة الهش أمنياً وسياسياً واقتصادياً وعسكرياً، الى سيطرة جماعات مسلحة على مناطق من البلاد ومنها القاعدة التي تركز على الجنوب المشرف على طريق الملاحة بما يشكل مع «شباب المجاهدين» الصومال كماشة للسفن التجارية والحربية العالمية وهو أمر لا يستطيع العالم الوقوف أمامه موقف المتفرج، وبالتالي سيتخذ إجراءات لا يستبعد أن يكون من بينها تحريك الأساطيل واحتلال الجنوب.. هذا سواء كان الشرطي العالمي يخطط لذلك أو لم يكن، وسواء كانت القاعدة تعي تبعات فعلها أو لم تعِ.. وفي هذا الإطار علينا إلا نغفل دلالة تراجُع اليمن في مؤشر الدول الفاشلة 2013 الخاص بمجلة الخارجية الأمريكية (فورين بوليسي Foreign Policy) الذي ذهب إلى أن اليمن هي سادس أفشل دولة في العالم في 2013 بعد ان احتلت في العام 2012 المرتبة الثامنة في ذات المؤشر.. علما أن معامل سيطرة الدولة على اراضيها يعد الاساس في قياس فشل الدول عند مجلة الخارجية الأمريكية. وهو ترتيب غير متوقع لهذا العام، اذ يعتبر اليمن في 2013 افضل وضعا من العام الماضي بعد استعادة الجيش اليمني مناطق بأسرها كانت تسيطر عليها القاعدة![c1]توصيات[/c] نظرا للموقع المقدس لليمن عموما وجنوب اليمن على وجه الخصوص في أدبيات وفكر واستراتيجية تنظيم (القاعدة) ، وتواجد (القاعدة) القوي والملموس في الجنوب والشرق اليمني، ولضعف وهشاشة سيطرة الحكومة المركزية على كامل اراضيها وخصوصا مناطق نفوذ وسيطرة الجماعات الارهابية المسلحة كالحوثيين والقاعدة، ووجود دعوات انفصالية في الجنوب (الحراك) وميليشيا شيعية مسلحة (الحوثي) تسيطر على جزء من الشمال وتهدد الجزء الاخر وتعمل على تغذية نزعات الانفصال في الجنوب، ولوجود اطراف إقليمية معادية لليمن وجواره الخليجي تدعم الحركة الانفصالية في الجنوب وتغذيها بالمال والسلاح (ايران)، ولما يمثله اليمن عموماً وجنوبه خصوصاً، من أهمية جيوسياسية لأي مشروع ذي بعد عالمي، بسبب إطلالته على واحد من أهم خطوط الملاحة البحرية وقربه من أهم منابع الطاقة النفطية في العالم.والانقسام السياسي الداخلي في اليمن وانتشار السلاح الفقر والبطالة ، ونظرا لانتفاء مبررات حقيقية وملحّة للجنوح الى نظام الفدرالية في اليمن وانتفاء مقومات نجاحها، ونظرا لوجود إشارات ومؤشرات تتحدث عن رغبة طرف أو أطراف عالمية في دفع الامور في اليمن عامة والجنوب خاصة ليقع بيد القاعدة واستخدامه كمبرر لاحتلال جنوب اليمن والتواجد العسكري بخليج عدن وباب المندب، فضلا عن القرائن الدامغة بوجود «استفادة وتوجيه» من قبل طرف اقليمي معادٍ لليمن وللإقليم، للخارطة العملياتية للقاعدة..لذلك كله،يوصي طاقم إعداد هذه الدراسة القيادة السياسية اليمنية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، ويوصي أعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل والأحزاب الوطنية الفاعلة في الساحة اليمنية والدول الراعية للمبادرة الخليجية.. يوصيهم بضرورة الحفاظ على الصيغة الحالية للدولة اليمنية والسعي لتقويتها لبسط سلطانها على كامل أراضيها، وانتاج حلول حقيقية وواقعية للقضية الجنوبية لا تمس شكل الدولة الحالي، والتوجه نحو لامركزية إدارية تجنب المواطنين عبء الروتين السابق كما تستدرك أخطاء ومساوئ تجربة الحكم المحلي الذي شرع فيه اليمن منذ 2001، كما يوصيهم بضرورة الاعداد لخطة شاملة أمنية وعسكرية وفكرية واقتصادية تعمل على تفكيك الشبكات الارهابية سواء ذات الطابع الاقليمي الطائفي كالحوثيين أو ذات الطابع العالمي كالقاعدة وبما يؤدي لتفكيك هذه التنظيمات وليس تفكيك الدولة. ويهيب معدو الدراسة بالأطراف أعلاه، النظر بعين المسؤولية لما ورد في هذه الدراسة من نتائج وتوصيات، مرحبين بكل الملاحظات التي تثري الدراسة أو تصوّب ما ذهبت إليه.والله تعالى الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.