فــــــــي دراســـــــــــــــــــــة لمــــــــــــــركــــــــــــــز نشـــــــــــــوان الحــميــــري (1 - 3)
متابعة/ يحيى البعيثينفذ مركز نشوان الحميري للدراسات والاعلام دراسة علمية موضوعية بعنوان: تنظيم القاعدة وتوجهات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن. وقد اشتملت الدراسة على مجموعة عناوين أهمها (اليمن في فكر القاعدة - الجنوب اليمني في استراتيجية القاعدة - جيش عدن أبين- تقسيم اليمن إلى دويلات - الوحدة في فكر القاعدة - القاعدة والحراك - القاعدة و«استدراج العدو» - تفكيك الدولة المركزية - تهديد حقيقي أم ذريعة للتدخل الأجنبي - القاعدة، إيران، روسيا ).صحيفة14 أكتوبر تنفرد بنشر نتائج هذه الدراسة نظراً لأهميتها .طاولة القضايا المطروحة عادل علي الاحمدي رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والاعلام قال إن الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية المنظِّمة للتسوية السياسية في اليمن جراء ما عرف بثورة التغيير 2011م، ربطت مستقبل اليمن بمخرجات ورشة تأسيسية كبرى تسمى «مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وقد تم تبويب المؤتمر على أساس مجموعة من القضايا التي اعتُبر الوقوف عندها ومعالجتها أمراً هاماً قبل انتقال اليمن الى واقع جديد. وتم بالتالي تقسيم أعضاء المؤتمر الى فرق عمل تبعاً لهذه القضايا «فريق القضية الجنوبية، قضية صعدة، العدالة الانتقالية، بناء الدولة، الحكم الرشيد، بناء الجيش والأمن، استقلال الهيئات، الحقوق والحريات، التنمية الشاملة».وأضاف : رغم أن قضية الإرهاب المقرون عالميا بتنظيم القاعدة يعد من أبرز الملفات الحيوية في اليمن، وكذا يعد أحد محددات السياسة الخارجية تجاه اليمن، إلا أن هذا الملف غاب تماماَ (كعنوان وكمضمون، وكطرف) عن طاولة القضايا المطروحة في هذه الورشة المنوط بها رسم ملامح اليمن الجديد.ونحسب في مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام أن وجود ملف القاعدة على طاولة الحوار كان سيؤثر بشكل جوهري على طبيعة المخرجات الناتجة عنه. ولأهمية ذلك أسهم المركز بتوفير دراسة موضوعية حول خيارات مؤتمر الحوار مركزين على الملف الغائب عن أجندة المؤتمر وهو ملف الارهاب والقاعدة.الصيغة الفدرالية وقال الاحمدي : رغم انطلاق هذه الدراسة التي بين أيدينا من فرضية أن توجه مؤتمر الحوار لإقرار الصيغة الفيدرالية للدولة اليمنية بدلاً عن الوحدة الاندماجية سيصب، في ظل أوضاع اليمن الهشة التي لا تخفى على أحد، في صالح الجماعات المسلحة الخارجة عن الدساتير والأعراف المحلية والدولية.يعد موضوع شكل الدولة وأطروحات العدول عن الوحدة الاندماجية والانتقال إلى نظام الاتحاد الفيدرالي هو العنوان الأبرز للنقاشات التي تجري حالياً في الساحة السياسية اليمنية، باعتباره سيتدخل في بنية الدولة وخارطتها الجيوسياسية، وتبقى جميع الملفات والعناوين الأخرى مجرد تفاصيل. واسترسل قائلاً : وإذا كان مؤتمر الحوار، وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، هو النقطة الثانية الأهم في الفترة الانتقالية بعد عملية نقل السلطة، «من الممكن أن يقيم أو يهدم نقل السلطة في اليمن»، بتعبير المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر،فإن الملف الأهم بين يدي هذا المؤتمر، كما تؤكد المعطيات والمجريات خلال الفترة الماضية، هو ملف «شكل الدولة» الذي أوكلت مناقشته إلى فريق بناء الدولة في هذا المؤتمر.وقبل الدخول في مناقشة هذه النقطة وتأثيراتها المحتملة على وضع تنظيم القاعدة في اليمن، من المهم وضع صورة مختصرة عن الوضع السياسي في الجمهورية اليمنية في هذه المرحلة. وضع الدولة في العام 1990 ألغيت الدولتان الشطريتان في اليمن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية) بوحدة اندماجية، ليكون الكيان الجديد هو الجمهورية اليمنية دولة كاملة السيادة عاشت فترة انتقالية ائتلافية بين الحزبين اللذين كانا حاكمين في الشطرين قبل الوحدة، وبموجب اتفاقية الوحدة فقد زالت شخصيتا الدولتين السابقتين. وأصبح الكيان الموجود على الواقع والمعترف به دوليا هو الجمهورية اليمنية. شهدت الجمهورية اليمنية صراعات وخلافات بين المكونات السياسية الشريكة في الوحدة، أدت إلى خروج أحد الشريكين وهو الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة في العام 1994 بقيادة علي سالم البيض كنتيجة للحرب، ثم خروج الطرف الآخر وهو نظام الرئيس علي عبدالله صالح في العام 2011م كنتيجة للاحتجاجات الشعبية بعد أن استفرد حزبه بالحكم منذ العام 1997، وقد انتهت المرحلة السابقة (1994 - 2012) بمرحلة انتقالية جديدة قامت بموجب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي جاءت لحل الأزمة بين القوى المؤيدة أو المشاركة في ثورة التغيير (أحزاب اللقاء المشترك وشركائه) وحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح (المؤتمر الشعبي العام) وحلفائه، وقامت على إثرها حكومة انتقالية بالمناصفة بين الفريقين (7ديسمبر2011)، وتسلم رئاسة الجمهورية الرئيس عبدربه منصور هادي بانتخابات توافقية 22فبراير2012 وفقاً للمبادرة وآليتها الأممية. كمبادئ فوق دستورية أو مكملة. وكان اليمن وُضع تحت وصاية دولية غير معلنة منذ مؤتمر لندن 2010م. بعد أن أخفقت الحكومة في تحقيق نسبة مقبولة من مطالب حددتها مجموعة أصدقاء اليمن من أجل مساعدته، وكذا بسبب اعتبار اليمن ثالث دولة مصدرة للإرهاب (بعد أفغانستان وباكستان).. ثم مع مجيء احتجاجات 2011 المطالبة بإسقاط نظام صالح وضعت اليمن عبر المبادرة الخليجية تحت وصاية دولية بشكل واضح. الوضع العام خلفت الصراعات السياسية وضعاً اقتصادياً وأمنياً هشاً، جعل اليمن يعيش على فوهات مخاطر محدقة، خصوصاً مع وجود جماعات مسلحة خارجة عن القانون والدستور، تسيطر على محافظات بأكملها كـ«الحوثيين»، وأخرى تقوم بعمل تنظيمي تخلط فيه العنف والفعالية الاحتجاجية للدعوة إلى الانفصال في بعض مناطق الجنوب (الحراك)، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة، الذي ينشط وسط هذا الصراع على أكثر من جبهة، ويتخذ من بعض المحافظات الجنوبية والوسطى معقله الرئيسي. وسنأتي عليه في فقرات قادمة. من ناحية أخرى، تراجع أداء مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية التي تعيش مرحلة دمج وهيكلة، في ظل قيادة توافقية، ومحاصصة بين مجموعة من الأحزاب والقوى المتفقة والمختلفة، وقد نجحت القيادة السياسية مدعومة من المجتمع الدولي خلال الفترة المنصرمة من المرحلة الانتقالية في إضعاف وإزاحة جزء كبير من نفوذ النظام السابق وبعض مراكز القوى التقليدية المؤثرة. في حين أسهمت المساعدات المالية والنفطية من المملكة العربية السعودية منذ 2011 في إنقاذ الاقتصاد اليمني الذي كان على حافة الانهيار.وبشكل عام، يمكن القول إن وقوع البلاد بين الأحزاب والقوى السياسية الشرعية والجماعات المسلحة والانفصالية الخارجة على القانون، قد جعلها ساحة مفتوحة للتدخلات الأجنبية، بشقيها الداعم للعملية السياسية أو الداعم للجماعات المسلحة. وهي بذلك لم تزل مرشحة لمرحلة من الفوضى التي تعتبر البيئة الحيوية للجماعات الإرهابية.ولعل ضعف القوى السياسية الشرعية المترتب على الخلافات الحادة خلال السنوات الأخيرة إضافة إلى فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق التنمية وتطويق الفساد، وكذا وجود قوى تسعى إلى ابتتار أجزاء من الأرض اليمنية تحت دعاوى متعددة، قد جعل النخبة تنقاد إلى حلول تتعلق بشكل الدولة وبالخارطة الجغرافية، وبدلاً من دعم قوة الدولة تم الاتجاه لشرعنة القوة الخارجة على القانون بحجة الأمر الواقع، وتم الانتقال من طموح بناء الدولة القوية إلى طموح التقاسم. ومن هذا الحساب برزت الفيدرالية لتصبح أقوى المفردات حضوراً في مؤتمر الحوار. الفيدرالية لا يوجد شكل واحد للفدرالية، لكنها إجمالاً تعرف بأنها «نظام دستوري وقانوني يهدف إلى توحيد عدة دول مستقلة بحيث تصير دولة متحدة بغرض التمهيد لقيام دولة مركزية قوية. وفي إطار هذا النظام تقوم مجموع الدول المكونة للاتحاد الفدرالي بإلغاء شخصيتها (المستقلة) لصالح الدولة المتحدة. أي أنها دولة مركبة، أي مكونة من عدة دول لا دولة واحدة، وبهذا الشرط تصبح الفدرالية خطوة نحو الوحدة، لكن إذا طبقت الفيدرالية في دولة واحدة (بسيطة غير مركبة) فإنها تكون عامل تمزيق لا توحيد». والاتحاد الفيدرالي في علم النظم السياسية هو «مجموعة من الدول، تربط بينها علاقات قانون داخلي، هو القانون الدستوري. وهذه المجموعة من الدول تجد على رأسها دولة، تحتجز لنفسها أهم اختصاصات السلطة العامة».وفي اليمن بدأت الفيدرالية كمصطلح سياسي يتردد في فترة ما قبل استعادة الوحدة، كصيغة ممهدة للوحدة بين الشطرين اللذين اندمجا وذابت شخصيتهما في 22 مايو1990، ثم عادت مطالب الفيدرالية مع الخلافات بين الائتلاف الحاكم (الاشتراكي والمؤتمر)، وخفتت بسيطرة أحدهما وخروج الآخر من السلطة 1994، ثم عادت الفدرالية كمقترح من جديد فيما سمي «رؤية الانقاذ الوطني»، التي أعلنها تحالف المعارضة في العام 2009م. بعد اندلاع الاحتجاجات في بعض المحافظات الجنوبية مستفيدة من آثار التشطير وأخطاء النظام، وفي العام 2011 أعلن الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن استعداده لتقاسم السلطة مع المعارضة والانتقال إلى نظام حكم فدرالي، وذلك بعد أن خرجت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاطه مطلع العام 2011م .ومن ذلك، يتضح أن المطالبة من قبل بعض الأحزاب بالفدرالية جاءت كنتيجة للخلافات بين الائتلاف الحاكم بعد قيام الجمهورية اليمنية (المؤتمر والاشتراكي)، ثم جاءت من المعارضة في العام 2009، كنتيجة لاستفراد نظام صالح بالسلطة، وهذان الطرفان أصبحا جزءا من الماضي بشكل او بآخر، باعتبار الاثنين قد خرجا من السلطة وأصبح الواقع اليوم هجيناً من قوى جديدة وقديمة. هذا الواقع يتكون من عنصرين أساسين: شرعية الدولة ومؤسساتها الدستورية والقانونية القائمة بما تعانيه من ضعفٍ وانقسام، والعنصر الآخر المتمثل في القوى والتنظيمات السياسية التي تسيّر هذا الوضع، لا نحو غايةٍ واحدة، وإنما كلٌ بحساباته وأهدافه، وهذه القوى لا تختلف في طريقة الإدارة ولا تتنافس على السلطة كما يحدث في البلدان التي تتخذ النهج الديمقراطي، بل اتجه بعضها إلى اقتراح إلغاء الوحدة وبدء دولة جديدة يرون إنها ستكون مناسبة لتقبل وضع القوى المتصارعة على حكم البلد. ومنه جاء مؤتمر الحوار. فكرة الحوار أمريكية لم يكن بند مؤتمر الحوار الوطني وارداً في صلب المبادرة الخليجية. التي جاءت لحل الخلاف بين حزب صالح ومؤيديه وقوى الثورة التي على رأسها تحالف اللقاء المشترك، وقد أُضيف هذا البند في ما سمي «الآلية التنفيذية للمبادرة» والتي وضعها المبعوث الأممي جمال بن عمر وبملاحظات من سفراء الدول العشر المشرفة على المبادرة، وتحديداً السفير الأمريكي جيرالد فايرستاين الذي اعترف أن فكرة مؤتمر الحوار أمريكية بحتة. وضعت الكثير من العناوين التي يضطلع بها مؤتمر الحوار لتقرير مصير اليمن، ويجمع مراقبون ومشاركون في هذا المؤتمر على أن العنوان الرئيسي (شكل الدولة) هو موضوع «الحوار»، وما عداه مجرد قنوات يراد أن تؤدي إليه. وخلال الشهور المنقضية من مؤتمر الحوار (انطلق في 18 مارس2013) بدا الأمر أكثر وضوحاً، واتضح من خلال الرؤى أن أغلبية المشاركين قد تواطأت على العدول عن الوحدة اليمنية بشكلها الحالي والتوجه إلى أقاليم أو دويلات محلية. ويبدو أن اختيار القوى والمكونات الحقيقية والافتراضية والشخوص المشاركين في مؤتمر الحوار ونسبة تمثيل كل مكون، قد تم وفق استراتيجية للوصول إلى هذه التركيبة التي توافق جزء كبير منها على القول بفشل دولة الوحدة القائمة واختلفت في نوع الفدرالية . قوى خارج الحوار حراك البيض: القوى خارج الحوار تتمثل في التيار البارز لنائب الرئيس السابق علي سالم البيض، وهذا الطرف يرى أن الفدرالية بأشكالها غير مقبولة، إذ لا يقبل بغير ما أسماه «فك الارتباط» واستعادة الدولة. تنظيم القاعدة: خارج صالات الحوار وعلى واقع الأحداث والبرامج، هناك التنظيم المختلف عن كل ما سبق، وهو التيار المصنف على رأس قائمة الحركات الإرهابية عالمياً، المتمثل في تنظيم القاعدة، موضوع الدراسة، من حيث موقعه من الأحداث في قادم الأيام حال إقرار التوجه الفيدرالي الذي اتضح بمؤتمر الحوار.ومن المثير للاستغراب أن موضوع الإرهاب رغم كونه موضوعاً يهم المجتمع الدولي، ويتحكم في جزء كبير من علاقات اليمن الدولية، عدا عن حضوره الأمني المتفاقم الخطورة، لم يدخل في أجندة مؤتمر الحوار، لا كطرف مشارك (باعتبار الحوار قد ضم أطرافاً مسلحة لا تقل إرهاباً عن القاعدة إن لم يكن أكثر خطراً منها، ولا كقضية أمنية وسياسية لها جذور وحضور وضحايا في الواقع ومخاطر في المستقبل، ويؤدي وجودها إلى عمليات عسكرية وغارات الطائرات بدون طيار التي تخترق السيادة وتقتل خارج القانون، بما يصاحب ذلك من أخطاء واختلالات ومخاطر مستقبلية، وتضعضع هيبة الدولة وعلاقتها بالمواطنين. خصوصاً أن بعض هذه الغارات الجوية تستهدف عناصر هم مجرد مشتبهين بالعلاقة مع التنظيم ولكنهم على استعداد للتجاوب مع الدولة. مراقبون غربيون مراقبون غربيون يتساءلون هم أيضا، عن غياب ملف القاعدة عن الحوار، ففي تقرير للصحفية الهولندية جوديت سبيخل تقول»يتضح شيء واحد: القاعدة والجماعات المنسوبة إليها ليست من بين المحاور التسعة التي سيتم نقاشها».. «يبدو هذا غريبا بالنسبة للعالم الخارجي. اسأل أي أجنبي عن مشكلة اليمن الأساسية سيقول لك تنظيم القاعدة وعملياته الإرهابية. السبب الأساسي الذي يدفع الأجانب للإحجام عن زيارة اليمن أو الاستثمار فيه هو تنظيم القاعدة».مع الإشارة إلى أن التنظيم عبر ما يعرف بـ»أنصار الشريعة» طلب في يونيو 2012 إشراكه في مؤتمر الحوار بوساطة عبر منظمة حقوقية .لكن السلطات اليمنية رفضت، معللة بأن التنظيم مطلوب لقضايا جنائية.وفي فترة لاحقة سبتمبر2012م دعا الرئيس/عبدربه منصور هادي إلى حوار مشروط مع التنظيم. وقال إنه «يمكن الحديث عن فتح حوار شريطة أن تعلن القاعدة عن موافقتها على تسليم أسلحتها وإعلان توبتها من أفكارها المتطرفة البعيدة عن الإسلام وتخليها عن حماية العناصر المسلحة من خارج اليمن»وهو -الشرط- الذي لم يطلبه الرئيس هادي من جماعة الحوثي المسلحة أيضا.ويبدو أن تصريحات الرئيس هادي هذه قد جاءت في حين كانت تجري مفاوضات سرية، إذ كان علماء وشيوخ قبائل يقومون بوساطة مع السلطات.