إعداد/ وهيبة العريقيأملٌ بدا صعب المنال في بادئ الأمر، وبمثابرة وعزم تحقق لليمن ما كان ينشده، فبفضل الله ثم بفضل حملات التحصين وروح المسؤولية المغمورة بالعطاء تخلص البلد من فيروس الشلل عام 2006م، ولم يكن حصاد هذا الإنجاز الكبير سهلاً، وكذلك الحفاظ عليه ليس بالأمر الهين، مع بقاء خطر هذا الفيروس ماثلاً لم ينتهِ؛ طالما لم يُستـأصل من العالم بأسره.تواصل وزارة الصحة جهودها الحثيثة للحفاظ على خلو البلاد من الفيروس ومنع عودته مرة أخرى، ووضع كهذا عزز المخاوف من إمكانية عودة فيروس شلل الأطفال إلى اليمن من خلال المتسللين إليها القادمين من القرن الأفريقي الذي شهد امتداداً واسعاً لفيروس شلل الأطفال اجتاح العديد من بلدانه؛ بدءاً من الصومال ثم كينيا وبعدها أثيوبيا، وانتهاءً بظهور الفيروس مؤخراً في دولة جنوب السودان، في ظل تدني نسبة الإقبال على استكمال الأطفال دون العام والنصف من العمر للقاحات التحصين الروتيني ضد أمراض الطفولة القاتلة والتي من ضمنها لقاح شلل الأطفال. صحيحٌ أن اليمن تخلصت من فيروس الشلل تماماً منذ عام 2006م وحصلت على شهادة خلوها من هذا الفيروس من قبل منظمة الصحة العالمية عام 2009م، إلا أن هذا الإنجاز الصحي الكبير لا بد من الحفاظ عليه لأجل سلامة أطفال هذه الأرض الطيبة.وبالتالي، فإن حملة التحصين الاحترازية ضد شلل الأطفال الحالية في الفترة من (6 - 8 أكتوبر الجاري) تستهدف جميع الأطفال دون سن الخامسة حتى من سبق تحصينهم؛ في كلٍ من (أمانة العاصمة، عدن، تعز، حضرموت المكلا، أبين، الحديدة، لحج، البيضاء، حجة،عمران، شبوة، المهرة، صعدة)، وهي المحافظات الأدنى في نسبة استكمال جرعات التطعيم الروتيني والتي لم ترقَ إلى النسبة المطلوبة في تغطية المستهدفين من الأطفال دون الخمس سنوات في الحملات الماضية، علاوة على أنها تشكل مقصداً لعبور أو إقامة المتسللين بطريقة غير شرعية القادمين من القرن الأفريقي والذي يشهد اليوم وضعاً متأزماً - وخصوصاً الصومال- بسبب انتشار فيروس شلل الأطفال على نطاقٍ واسع.وقد حرص البرنامج الوطني للتحصين الموسع ومكاتب الصحة بالمحافظات على تخصيص فرق تطعيم متنقلة كالعادة مهمتها تحصين الأطفال دون سن الخامسة من منزلٍ إلى منزل.كما أن المرافق الصحية تقدم خدمات التحصين ضد شلل الأطفال خلال الحملة؛ بمعية مواقع مستحدثة ومؤقتة للتحصين تتخذها فرق تطعيم لأداء هذه المهمة.وقد يقول قائل: ما موقع لقاح شلل الأطفال في بناء المناعة البشرية ضد الفيروس الرخو المسبب للإعاقة أو الوفاة؟ وما أهمية تعدد جرعاته؟الجواب: إن لقاح فيروس شلل الأطفال الفموي فعال جداً، يسهم في تأمين مناعة كافية تجنب الأطفال الإصابة بفيروس الشلل الرخو، وحتى يؤدي دوره هذا يتطلب حصول الطفل على جرعات متعددة منه، حيث لا تكفي جرعة أو اثنتين أو حتى ثلاث جرعات لتأمين المستوى الأدنى من الحماية والوقاية، خصوصاً أن الكثير من أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية الذي يُعد المسؤول عن ضعف المناعة الطبيعية لدى الأطفال، الأمر الذي يفرض تزويدهم بالمزيد من جرعات لقاح الشلل عبر تحصينهم باللقاحات الروتينية الاعتيادية التي تؤمنها المرافق الصحية للأطفال دون العام والنصف من العمر، وذلك بمعية المواظبة على تحصين من هم دون سن الخامسة في الحملات، وهو ما نعتبره المرتكز الأساسي لمنع عودة هذا الداء الخطير.وأؤكد على كفاءة هذا اللقاح الفموي وعلى عراقته الممتدة لعقودٍ طويلة من استخدامه، حيث بدأ استخدمه في اليمن منذ تأسس البرنامج الوطني للتحصين الموسع عام 1978م، وعلى مر (35) سنة من استخدامه ثبت أنه لقاح فعال وعالي المأمونية.كما أن هذه المنزلة الرفيعة للقاح تساندها تجربة جميع الدول التي تستخدمه والتي يصل عددها إلى أكثر من (150) دولة حول العالم، في حين، حققت اليمن الخلو من فيروس شلل الأطفال- بتوفيق من الله- منذ العام 2006 م وحتى الآن باستخدام هذا النوع من اللقاح، وكذلك غيرها من الدول التي تستخدم اللقاح نفسه، بينما يتم شراؤه عبر منظمة اليونسيف، وبإشرافٍ مباشر من منظمة الصحة العالمية.إننا نعول على المجتمع بفئاته وأطيافه المختلفة وكذلك جميع الجهات المعنية لمؤازرة ومد يد العون لحملة التحصين الاحترازية.ونعول كثيراً على إسناد أكبر للحملة من السلطة المحلية في سائر المحافظات المستهدفة مع تفاعل الإعلام بمختلف وسائله وعبر رسائله التوعوية البناءة بالمستوى الذي يضمن نجاح حملة التحصين وتغطيتها الشاملة للمستهدفين من الأطفال دون سن الخامسة بلقاح شلل الأطفال.ونتوجه- في الأخير- بالشكر والتقدير إلى منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونسيف لدعمهما السخي وإسنادهما المتعدد الأوجه لحملة التطعيم الاحترازية الحالية.
حملة تحصين احترازية.. وروح المسؤولية المغمورة بالعطاء
أخبار متعلقة