إعداد/ وهيبة العريقي:أمام ما تشهده البشرية من متغيرات وما يشوبها من انقسامات ونزاعات وحروب، تظل مشكلة المخدرات هماً مشتركاً يؤرق مضاجع دول العالم .فهذه الآفة الخطيرة كفيلة بتدمير شعوب بأكملها وتمثل تهديداً لأمن واستقرار الكثير من بلدان العالم.. والأمن والاستقرار لا يُقصد بهما حدود وتضاريس جغرافية ، إنما القصد فيما قد يلحق بالشباب من تدمير . كيف لا، وهم عماد الأمة وبهم يُصنع المستقبل ، وفي ذاته الوقت هم أكثر الفئات التي تستهوي مروجي المخدرات ، سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً.ووفق دراسة أجريت على مشكلة المخدرات فإن عدد المدمنين تجاوز(300 مليون) مدمن؛ فيما يقع التركيز الأكثر على شباب طبقة الأغنياء لتمتعهم بقوة شرائية كبيرة.إن عمليات إدخال هذه التجارة الخبيثة والعبور بها عبر البلاد والتي ترمي إلى النيل من عافية وحياة البشر، تستهوي مهربي المخدرات ، إما لتوزيعها محلياً أو لتهريبها إلى البلدان الأخرى وبخاصة بلدان الجوار، مستفيدةً من الشريط الساحلي الطويل للبلاد الذي يمتد لأكثر من (2500 كيلو متر).فموقع اليمن الجغرافي المتميز كمنطقة عبور يسيل له لعاب مافيا المخدرات لوقوعها بين دول العالم الأشد إنتاجاً ، مثل أفغانستان ودول جنوب آسيا وبين دول العالم التي يشيع فيها كثيراً استهلاك المخدرات كدول الخليج ومصر، بل شجعهم على استغلال هذا الموقع ليكون لهم معبر تهريب لبلوغ زبائن ومروجي المخدرات في المنطقة ، وملجأ للبعض لتخزين المواد المخدرة .وبشكلٍ محدود مشوب بالحذر والتواري عن أنظار الناس وعن أعين السلطات الأمنية لا تزال زراعة الحشيش في المناطق الجبلية البعيدة تمارس إلى حدٍ ما حتى الآن. فمادة الحشيش- دون شك - من المواد المخدرة الرائجة لدى مدمني المخدرات ، ولها مصدران ، مصدر محلي - كما ذكرنا- ومصدر خارجي. فأما المصدر الخارجي لهذه الآفة فهو من البلدان الأكثر إنتاجاً في العالم لمادتي (الهروين) و(الكوكايين) المخدرتين ، كأفغانستان وبعض دول جنوب وجنوب شرق آسيا وذلك عن طريق البحر.ومن هنا نأتي إلى ذكر أنواع المخدرات ليكون القارئ على إطلاع أكبر ، وهنا تذكر المصادر ثلاثة أنواع منها:-مخدرات طبيعية: وهي نباتية المصدر ، مثل (الأفيون-الحشيش).- مخدرات مخلوطة: يتم إعدادها بخلط مواد طبيعية مع مواد أخرى كيميائية، (كالمورفين - الهرويين- الكوكايين).- مخدرات كيماوية: تأتي في صورة عقاقير مصنعة من مواد كيميائية لها نفس تأثير المخدر الطبيعي والمخلوط ، ومنها ما يضر بالجسم أكثر من النوعين السابقين:مثل (الإمفيتامين- الكبتاجون- عقار الهلوسة....الخ).كما أن ثمة مظاهر وآثاراً تبدو جليةً واضحة على متعاطي هذه الآفة الخطيرة حددتها المصادر الطبية المتخصصة في: - فقدان التوازن وضعف الحركة.- ثقل الكلام وترنح الخُطى.- اختلال أحجام وأشكال المرئيات والمسافات.- ارتعاش الأطراف وتغير الصوت.- الهلوسة الحسية والسمعية والبصرية كرؤية الأشباح أو الأشياء الوهمية.- البلادة والنسيان.- بعض مظاهر الخمول والقلق والحزن والاكتئاب أو الفرح من دون سبب - اضطرابات عقلية شبيهة بالجنون والعته..- الانحطاط في الشخصية والشعور الزائف بالاضطهاد.- زيادة الانفعال والخوف والاضطراب النفسي.- الحكم الخاطئ على الأشياء والإحساس بالكآبة.- ضعف التركيز والذاكرة الذي يؤدي بدوره إلى الفشل في العمل أو في الدراسة .وأكثر المدمنين على المخدرات هم الشباب - كما ذكرنا سلفاً- وأكثر ما يقود إلى الإدمان عليها على نحو ما يجمع عليه علماء النفس والاجتماع: - الترف الزائد ووفرة المال لدى الكثير من الناس.- ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى الله تعالى في الشدائد والمحن.- أصدقاء السوء الذين يزينون لأصحابهم قبائح الأعمال والأفعال .- الهروب من مواجهة المشكلات.- الفراغ القاتل ومحاولة شغله بأي وسيلة.- الفضول وحب التعرف على حقيقة ما يشعر به المتعاطي .- التشبه بمجموعة المتعاطين الذين يشكلون للبادي ضغطاً وإغراء وتيسيراتً .- القنوات الفضائية الفاسدة فيما تبثه من برامج وأفلام منحطة.- اللجوء إلى بعض الأدوية المهدئة - دون استشارة أهل الاختصاص - التي توقع المرء في الإدمان دون أن يشعر بذلك.- اعتقاد عدم تحريم المخدرات .- سوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة الأبناء تنشئة دينية سليمة.- الرغبة في زيادة القدرة على العمل والسهر والمذاكرة .- التفكك الأسري وضياع الأبناء.- تقليد بعض المشاهير من أهل الفن والطرب الذين يتعاطون المخدرات .- إغراء الشباب بأن المخدرات تعين على نسيان الألم والحزن وتساعد على الهروب من المشاكل والهموم.- الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد من القدرة الجنسية .- تهاون بعض الدول في التصدي لهذه المشكلة .- وجود عصابات متخصصة في الترويج للمخدرات وتسهيل وصولها إلى التجمعات الشبابية ، كالجامعات والنوادي.ولسنا هنا بصدد تحميل المسؤولية لجهة معينة وإن كانت المسؤولية الكبرى في مكافحة آفة المخدرات والتصدي لها ومراقبة الحدود البرية والبحرية لمنع دخولها هي بالأساس مسؤولية وزارة الداخلية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات وتتطلب تعاون الشرفاء من أبناء هذا الوطن المعطاء في إبلاغ الجهات الأمنية عن أي أنشطة تهريب أو اتجار بالمواد المخدرة متى صادفوا أعمالاً وتحركات من أي نوع . وعلى وزارة الصحة العامة والسكان تقع مسؤولية فرض رقابة دوائية فاعلة تنظم مسألة صرف الأدوية تلك إلى المنتفعين من المرضى وفق شروط وضوابط طبية محكمة بعيدة ً عن العشوائية .وبما أن علاج الإدمان ضرورة لا بد منها لا تقل أهمية عن مكافحة اتجار وتهريب المخدرات والترويج لها ، فمن الأهمية بمكان تخصيص أقسام في المستشفيات لعلاج المدمنين على المخدرات أو إنشاء مراكز متخصصة لعلاج الإدمان .كذلك تقع على وسائل الإعلام وقادة الرأي والمؤثرين في المجتمع ورجال الدين وخطباء المساجد مسؤولية توعية المجتمع بأضرار المخدرات صحياً واقتصادياً واجتماعياً ، ولابد أيضاً من أن تُتخذ أشد العقوبات صرامة على كل من يثبت عليه أنه يتجر بالمخدرات أو يهربها أو يروج لها.وعلى الوالدين تحمل مسؤوليتهما الكبرى في التربية الحسنة للأبناء وتبيين مخاطر الإدمان وتقويم سلوكهم ومتابعة تصرفاتهم وإبعادهم عن مخالطة رفقاء السوء والانخراط بينهم بأي شكلٍ من الأشكال.وختاماً.. نسأل الله العلي القدير أن يجنب أبناء وشباب بلادنا شرور المخدرات .
احذروا المخدرات
أخبار متعلقة