تعددت سيناريوهات الحرب على سوريا وللأسف كلها لم يحركها المجتمع العربي وكلها تنصب في بوتقة واحدة هي مصالح أمريكا في المنطقة لذلك علينا ألا نفرح كثيرا من أن يد أمريكا غلت إلى حين عن قرار توجيه ضربة عسكرية لسوريا فرغم المناورات السياسية والإعلامية لأمريكا وحلفائها وما يبدو من محاولات تشويش الخيارات العسكرية لأمريكا، ولكن مازال هناك مخطط لقلب موازين القوى في المنطقة يطمحون إلى تحقيقه بضرب أهداف إستراتيجية في سوريا ونقاط أساسية ومحورية.ومع كل ما سمعنا من تمرد البرلمان البريطاني ضد خطة ديفيد كاميرون والمصاعب التي يلاقيها باراك أوباما أمام تنفيذ مخططه من الكونجرس, إلا أن هناك إصرارا من أوباما وأتباعه في المنطقة وعلى رأسهم تركيا مما دفع أردوغان إلى عقد مؤتمر صحفي يعلن فيه أن قيادة العالم الموجودة في مؤتمر العشرين يحفزون توجيه ضربة إلى سوريا , إلى جانب أن كلمة أوباما وهولاند صبت في اتجاه الحرب على سوريا لذلك اعتقد أن الكونجرس في نهاية المطاف قد يعطي الترخيص بضربات جوية.والغريب أن قوى العالم تتحد ضد سوريا , وفي الوقت الذي ذكرت فيه صحيفة دي فيلت الألمانية اليومية نقلا عن خبراء أمنيين أن المخابرات الألمانية لديها تقرير رسمي حول جنسيات المقاتلين في الجيش السوري الحر من الأعداد الدقيقة وحول تمركزهم في أنحاء سوريا، وقال عضو في المخابرات الألمانية للصحيفة إن نسبة المقاتلين السوريين في الجيش الحر لا تتعدى الـ 5 % ممن يحملون الجنسية السورية، وهناك من تقدم للكونجرس الأمريكي بوثائق تثبت براءة الدولة السورية من استخدام الكيماوي، لذلك تم الإعلان مسبقا بأن الملف السوري لن يطرح على طاولة الحوار في قمة الدول العشرين.وفي الحقيقة أن بعض العالم الغربي الرافض لضرب سوريا يخشى من انقلاب السحر على الساحر كما حدث في أفغانستان وخاصة أنه أصبح معروفا أن جماعات أصولية تأتي من ليبيا ودول أفريقيا للجهاد في سوريا بدعم رسمي من دول تتحمل كافة أعباء الدعم اللوجستي.وبعض المجموعات التي تأتي إلى سوريا هي في تنسيق كامل مع تنظيم القاعدة إلا أن الجماعات الأصولية اشد خطورة من تنظيم القاعدة، فهي تعمل على عقيدة إبادة للأطفال واستخدامهم كدروع بشرية لتحقيق اكبر عدد ممكن من الخسائر البشرية بينهم خبراء في مجالات عديدة ومنها تحضير العبوات الناسفة، وسبق لهم أن شاركوا في هجمات عدة في العراق وأفغانستان إلا أن الخطر الأكبر هو مساعدة دول مثل تركيا.واليوم تصاعد هذا الاحتمال بعد التهديدات التي أطلقها أوباما بشن عدوان عسكري على سوريا، وما أعقبه من رد لافروف عليه مشيرا إلى ضرورة التسليم بتعدد القطبية في العالم وإدراك خطورة المعركة المندلعة على الأرض السورية والتي ستحسم الصراع وترسم خريطة المشهد السياسي الدولي. ومع أن حلفاء الولايات الأمريكية مثل دول الخليج وتركيا مصدومون بسبب تراجع أوباما عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا حتى الآن إلا انهم لم يفقدوا الأمل بعد.. فمازالت النار مشتعلة تحت الرماد وهذا ما يؤكد تعويلهم على سياسة أمريكا في المنطقة، ومن هذا المنظور نرى أن سوريا لا تخوض معركة داخلية بين العناصر المتمردة والدولة، وإنما هو حراك عالمي ضد سوريا بسبب دورها الدراماتيكي وجغرافيتها، وطبيعة المعركة تشير إلى ارتكاز دول المنطقة كإيران والعراق ولبنان على الموقف السوري رغم المحاولات المستميتة من قبل حلفاء أمريكا لتشويه الإعلام وتزييف الحقائق.ومما لا شك فيه أن سوريا تحاط بشبكة أمان إقليمية ودولية، تبدأ من الفيتو الروسي الصيني، مروراً بالمواجهة الفذة لمظاهر الإرهاب المسلح على الأرض السورية، إضافة لما يمكن أن تفتح به من جبهات أخرى لقوى عسكرية تستعد لخوض الصراع، ولذلك فإن من يدعي أنه يستطيع تقديم حسابات دقيقة لمجريات الأحداث وما تنتجه من تداعيات مخطئ، لأن الأمور ضبابية بالمطلق بالنسبة لأمريكا أيضاً. وانتهاء الصراع في سوريا لن يحدد فقط موازين القوى وإنما سيفرض سياسة تحالفات جغرافية المنطقة للعقود القادمة, لذلك لا تزال كل الدول تتمتع بحرية التعبير عن موقفها فقط فرنسا حريصة على فرض املاءات سياسة حربية على زمرتها الحاكمة. الأمر الذي ليس بوسع بريطانيا ولا الولايات المتحدة القيام به قبل تصويت الكونجرس, ورغم ان غالبية دولة العالم تدرك مسبقا حجم النتائج الكارثية لأي تدخل غربي في الشرق, أيا كان موقفها من سوريا, ووفقا للمذكرة التي نشرتها الحكومة البريطانية, فإن تدخل القوى الكبرى يمكن أن يكون مشروعا من خارج مجلس الأمن, إذا حصرت هذه القوى هدفها النهائي بحماية المدنيين, ومنعت استخدام أسلحة الدمار الشامل, والتزمت باستخدام الوسائل الملائمة وصولا إلى هدفها. كما حصل في ليبيا, أنهم لا يسعون لأكثر من تبرير الذهاب إلى الحرب..وفي الغالب ستكون الضربة عن طريق الصواريخ وليست الطائرات.إننا أمام حالة من الشيزوفرينيا العالمية التي أصيبت بحالة من الهياج أفقدها العقل والقدرة على تقييم الأمور واصبح همها الأول والأخير هو تدمير دولة ولن تردعهم المصلحة العامة لتلك الدولة وشعبها ولكن الخسائر التي قد يصابون بها من قبل القوى المتأسلمة إذا توحشت واتجهت اليهم بعد الاستيلاء على سوريا.. هذا فقط ما قد يمنع الهجوم على سوريا الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ لأننا في عالم لا عقل له!
الهجوم على سوريا قاب قوسين أو أدنى!
أخبار متعلقة