تضارب الآراء حول قضية مقبرة القطيع:ـ
تحقيق/ منى قائد - تصوير مواهب بامعبد لم تعد زيارة عديد من الناس إلى المقابر لفرض قراءة الفاتحة، بل إما تكون لنبش القبور بحثاً عن كنوز أو التأكد من إمكانية الاستحواذ على أجزاء من المقبرة وتحويلها إلى أملاك خاصة، فيما بعض مقابر المدن تتحول مع ظلام الليل إلى أماكن لممارسة الرذيلة وبعض مقابر المسلمين في اليمن تتحول إلى أماكن لتصريف مياه الصرف الصحي ومساكن للمجانين واستراحات (للبلاطجة) ومتعاطي الحبوب المخدرة وأماكن آمنة للشواذ يمارسون فيها أفعالهم السيئة.ولأهمية هذا الموضوع صفحة (قضايا وحوادث) نزلت للميدان وحققت مع جميع الأطراف في القضية وإليكم الجزء الأول من نتائج التحقيق.[c1]الإهمال في مجنة القطيع:ـ[/c]في بداية تحقيقنا هذا ألتقينا بالأخ/ محمد عبدالله السدح عاقل حارة العيدروس ومسؤول عقال الحارات فقال: من المشاكل التي نعاني منها في مجنة القطيع الإهمال والتلاعب في بناء سورها علماً بأننا منذ (خمسة أو ستة أشهر) لم نشاهد أي تقدم في بناء السور.. حيث قاموا فقط بعمل أساس بسيط جداً لسور ولم يستكمل بناؤه إلى الآن.وأضاف أن المجنة الآن أصبحت معرضة لانتهاك حرمتها من قبل شباب الكيف (الحبوب المخدرة والحشيش) وأصبحت مكاناً لماضغي القات (مقيل) بالإضافة إلى وجود إهمال واضح للقبور من قبل مكتب الأوقاف الذي لم يهتم بإعادة بناء وترميم القبور المهدمة والمنهارة.وواصل حديثة: كما أنها أصبحت عبارة عن طريق مختصر للمارة من المواطنين ومرتع للحيوانات (الحمير والكلاب) بالإضافة إلى أنها أصبحت متنفساً للأطفال الصغار يلهون ويلعبون فيها إلى جانب استخدامها مثل الحمامات العامة من يريد أن يقضي حاجته بداخلها.وأفاد: كل هذا الإهمال وكل هذه الفوضى التي تحدث بداخلها والسلطة المحلية تقف متفرجة ( مكتوفة الأيدي) لم تقدم شيئاً إلى الآن لحمايتها رغم تكرار مطالبنا بحمايتها عن طريق استكمال بناء السور التابع لها.وأضاف: طالبنا بنزول لجنة إلى المجنة من قبل مكتب مدير المديرية وذلك للنظر إلى حالها وإلى عمل المقاول الذي لم يستكمل إلى الآن، ولكن دون جدوى.. علماً بأن المقبرة تتسع لاستقبال العديد من الموتى.[c1]نبش القبور[/c]أما عن موضوع نبش القبور قال السدح: هذه جرائم كانت ترتكب في عهد القبار أو المسئول القديم بالمجنة، حيث كان يقوم بنبش القبور والعبث بجثث ورفاة الموتى.. فقد كشفنا عن وجدود سرداب في أحد القبور كان يوجد فيه قواريد توضح بداخلها جثث الأطفال الصغار (أطفال غير شرعيين وأطفال السقط) وذلك لبيعها والاستفادة منها.. علماً بأنني تسلمت شخصياً جثة فتاة كاملة وسلمتها لشرطة كريتر وذلك تقريباً قبل عام ونصف، كما قبضنا على الجناة الذين قاموا بنبش القبر وإخراج الجثة وسلمناهم للشرطة ولكن للأسف تم الإفراج عنهم بكل سهولة وكأنهم لم يعملوا شيئاً.وأضاف: كما قمنا بالقبض على شخصين كانا يمارسان الرذيلة (الفاحشة) في داخل أحد القبور وقمنا بتسليمها للشرطة وللأسف ومثل كل مرة تم الإفراج عنهما في اليوم الثاني دون أن تتخذ ضدهما أي عقوبة رادعة.وواصل السدح حديثه: كما تم منع جريمة كانت سترتكب في المجنة، بعد القبض على شخص كان بحوزته ديك يريد وضعه في أحد القبور لكن الحمد لله لحقناه وقبضنا عليه قبل أن يخفي جريمته في القبر، لهذا وبسبب كثرة هذه الأعمال والجرائم البشعة وذلك بتواطؤ المسؤول القديم عن المجنة قمنا برفع رسالة إلى مكتب الأوقاف نطالبهم فيها بتوقيفه عن العمل وتعيين مسؤول جديد عنها أكثر أمانة وإخلاصاً وبالفعل تمت الموافقة من قبلهم والحمد لله توقفت هذه الأعمال الإجرامية التي كانت تحدث.[c1]المشكلة الأساسية[/c]وعن المشكلة الأساسية قال: الآن أصبحت مشكلتنا الأساسية هي استكمال مشروع سور المجنة وكذا المباني التي بنيت بداخلها إلى جانب الإهمال الحاصل فيها من قبل المارة وشباب المخدرات.لهذا نناشد محافظ محافظة عدن الأخ/ وحيد علي رشيد بالتحرك السريع لبناء السور وتغيير المقاول الحالي للمشروع بسبب عدم مبالاته بالبناء، علماً بأن له حوالي خمسة أو ستة أشهر منذ أن أستلم المشروع ولم ينجز منه شيئاً.وأضاف: إلى جانب أننا نناشدهم بتخصيص مبلغ رمزي تحفيزي لمسؤول المجنة الحالي وذلك مقابل الجهود المبذولة من قبله في حماية المجنة والحفاظ عليها.كما نعود ونطالب من خلال صحيفتكم بنزول لجنة تحقيق من مجلس المحافظة إلى المجنة للنظر والتأكد من صحة ما أقول بالنسبة لموضوع التلاعب الحاصل في سور المجنة.[c1]البناء العشوائي[/c]ومن جانبه قال الأخ/ عبدالله سالم عبده محسن المسؤول عن مقبرة القطيع الذي يعمل بها منذ عام قال: نتيجة للبناء العشوائي داخل المقبرة فقد أصبحنا نعاني من طفح مياه المجاري إلى داخلها، لهذا أطلب من الجهات المعنية والمختصة أن يسارعوا في استكمال بناء سور المجنة، وكذا إصلاح أبوابها وذلك لحمايتها من الانتهاكات التي تحدث فيها.. كما أتمنى توفير حراسة للمقبرة علماً بأن الحارس الوحيد لها رجل كبير في السن ولا يقوى على حراستها بمفرده.[c1]تسجيل بلاغين[/c]ومن ثم توجهنا إلى شرطة كريتر والتقينا بمديرها الرائد عمار العماري حيث قال: تم تسجيل بلاغين فيما يخص الاعتداء على حرمة الموتى، واحدهما كان في عام 2011م وتم ضبط شخص وإحالته للنيابة أما الشخص الآخر فمازال هارباً وكان البلاغ مقدماً من الأوقاف.. والبلاغ الآخر كان بتاريخ 4/7/2004م وتم إحالة القضية للنيابة.وأضاف: تحدث الكثير من القضايا ويتم إبلاغنا من قبل المواطنين في بعض الأحيان ومنها نبش قبور الموتى، ودفن جثة فوق جثة أخرى، وكذا إحراق عظام الموتى.. وغيرها، حيث تقدم إلينا المجلس المحلي ببلاغ عبر شخص يدعى (أ.ج) يقول فيه بأنه يتم نبش القبور وإحراق العظام، فتم النزول من قبلنا إلى موقع الحدث (المقبرة) وبعد التحقيق والتدقيق في ملابسات القضية اتضح لنا بأن عملية الحرق لم تكن لعظام الموتى وإنما هي بقية أخشاب كانت موجودة في المقبرة، لهذا ونتيجة لأن المقبرة تعاني الكثير من المشاكل فقد أصبح الناس يبلغون عن أي شيء يحصل بداخلها دون التحقق من صحة ما يحدث.[c1]لا تتسع للموتى[/c]كما حضر إلينا قبل سنة تقريباً مجموعة من أهالي العيدروس يبلغوا عن أنه تم نبش أحد القبور حتى ظهرت الجثة ومن تم عاودوا الحفر في مكان آخر.. طبعاً تم النزول من قبلنا إلى هناك وبالفعل تم حفر القبر وعندما شوهدت الجثة حاول أن يطمر القبر إلا أن الشباب منعوه من عمل ذلك.وأضاف: لهذا طالبنا الأوقاف بعمل رسالة رسمية وذلك لأنه تابع لها على أساس أن المقبرة لم تعد تتسع لاستقبال العديد من الموتى ولابد من التوجه إلى مقبرة (أبو حربة) كما تم ترتيب مجموعة من أفراد الأمن للمقبرة وتم سجن المسؤول عنها في حينه.. إلا أن أهالي المنطقة لم يتجاوبوا مع القرار وقاموا بحمل جنازة رمزية هاتفين عليها (لا إله إلا الله العماري عدو الله).[c1]القضايا المخلة بالآداب[/c]وواصل العماري حديثه وقال: أما فيما يخص القضايا المخلة بالآداب والأخلاق التي تحدث داخل المقبرة فيتم من قبلنا ترتيب مجموعة من أفراد التحريات وبما أنهم أصبحوا معروفين في المنطقة فبمجرد عملية ترتيبهم لا احد يقوم بدخول المقبرة.وأوضح: صحيح ان واجبنا منع الجريمة قبل وقوعها لكن نحن لا نستطيع ان نتدخل ما لم يكن هناك بلاغ مقدم.. وطالما هناك جهات معنية ومختصة في هذا المجال فمن واجبها التحرك لحل هذه الاشكاليات.. وأفاد: كل دائرة او جهة مسؤولة عن عملها واذا نحن كجهات أمنية تدخلنا في الموضوع قبل الجهات المعنية نصبح جهة خارجة عن القانون.[c1]تقديم المساعدة الأمنية[/c]واشار الى ان المقبرة تابعة لمكتب الاوقاف والمجلس المحلي وهذا من صميم عملهم واختصاصهم من حيث استكمال بناء السور وضبط الموجودين فيها.. اما نحن كرجال أمن فدورنا يكمن فقط بمساعدتهم أمنيا وتوفير الحراسة لهم وذلك لمنع الناس من دخول المقبرة بشكل عشوائي والعبث بها.. وافاد: اذا المسؤولية الاولى والاخيرة هي مسؤوليتهم وهم اصحاب القرار الرادع ومفتاح حل هذه المشكلة بايديهم باعتبارهم الجهات الاقرب اختصاصا.وأضاف: انه اذا تم ابلاغنا من قبل المواطنين او المسؤولين عن المقبرة بان هناك مشاكل تحدث بداخلها غير اخلاقية فنحن مستعدون للنزول في أي وقت، علما اننا سنقوم بالنزول والتفتيش المفاجئ للمقبرة ان شاء الله قريبا.[c1]تراخيص البناء[/c]وقال العماري: اما بخصوص تراخيص البناء فهذا ليس لنا به أي علاقة.. لكن اذا قدمت الينا بلاغات بخصوص البناء العشوائي داخل المقبرة او أي قضية اخرى فنحن في هذه الحالة نتدخل لحل القضية، علما بانه قدم لنا بلاغ قبل ستة اشهر من المأمور بوجود بناء عشوائي داخل المقبرة في اتجاه الجبل وفعلا تم ترتيب حراسة مع البلدية وتم النزول الى الموقع وهدم البناء.[c1]كلمة أخيرة[/c]وفي كلمته الاخيرة معنا أكد العماري ضرورة استكمال سور المقبرة ومنع الناس من الدخول اليها، كما لابد من تحديد زيارات رسمية لها مثلها مثل باقي المقابر وذلك لتفادي المشاكل.[c1]سعينا للاهتمام بها[/c]اما الشيخ فؤاد البريهي مدير عام مكتب الاوقاف والارشاد بعدن فقد قال حول اوضاع مقبرة القطيع: سعينا جاهدين بالاشتراك مع السلطة المحلية في مديرية صيرة للاهتمام بهذه المقبرة قدر المستطاع، حيث كانت اولى اعمالنا ان نزلنا مع السلطة المحلية في الاعوام السابقة وبدأنا بقطع الاشجار التي كانت مأوى للثعابين والهوام المختلفة في داخل المقبرة، كذلك قمنا بهدم السور السابق وإعادة بناء السور الموجود حاليا على الطريق بما يمثله من شبوكات الحديد بحيث تكون المقبرة مرئية بدلا من السور السابق الذي كان يحجب الرؤية وبالتالي من السهل القيام باي اعمال مخالفة للقانون او الاخلاق داخل المقبرة وذلك بالتنسيق مع السلطة المحلية وقيادة المحافظة.وأضاف: أما هدف المرحلة الثانية فقد كان بناء السور الذي يفصل البيوت العشوائية في أعالي المقبرة من الاتجاهين الجنوبي والجنوبي الغربي وذلك لانها ترتبط بالمساكن العشوائية التي تعتبر اكبر مشكلة تواجهنا سواء كان من خلال رمي المخلفات من هذه البيوت الى المقبرة او طفح المجاري او استخدامها كممرات للطرقات.[c1]مسألة أخلاقية[/c]وواصل حديثه: فالمسألة في الاول والاخير هي مسألة أخلاقية تتعلق بثقافة الناس وبأهمية المقبرة لانها شيء عظيم يجب ان يعظم ويحترم ويكرم من الجميع وهي المأوى الذي سنأوي اليه جميعا.[c1]الحل الوحيد[/c]وأضاف: كان الحل الوحيد لهذه المشكلة يتمثل في عملية بناء السور، وقد تم رصد المبالغ المالية له وذلك بالاتفاق مع السلطة المحلية في مديرية صيرة باعتبارها المديرية المختصة.. والان تواجهنا اشكالية التنفيذ العملي لهذا السور، علما بانه لا توجد لدينا مشاكل مالية ولا مشاكل فنية واقعية وانما مشكلة عملية تتعلق بفرض هيبة الدولة.وافاد: بان هناك بعض الناس يعملون على الاعاقة المتعمدة وذلك باستخدام القوة وغيرها من الاساليب في ظل ان السلطة تحاول ان تراعي هذا الجانب حتى لا يثمر نتائج سيئة.واستطرد قائلا: يجب الا يستمر هذا الوضع لان كل يوم يمر يجعل من الصعب علينا ان ننفذ العمل، وذلك نتيجة ما يمكن ان يستحدث من اعمال بناء وغيرها التي بدورها يمكن ان تعيق عملية بناء السور.[c1]الحفاظ على المقبرة بإقامة السور[/c]واوضح البريهي: ببساطة لن يتم الحفاظ على المقبرة ما لم يقم هذا السور، لهذا نناشد الاخوة في السلطة المحلية ونحن منهم والى جانبهم والاخوة الشخصيات الاجتماعية باعتبار أن المقبرة تهم المحافظة بصفة كاملة ان يساعدونا في استكمال السور وذلك وفقا للمخطط الفني من قبل المهندسين باعتبار ان السور سيشكل الحاجز والحامي الفعلي والواقي للمقبرة.[c1]إغلاق المقبرة[/c]وقال: اما فيما يتعلق باستخدام المقبرة وبقاء مساحة من عدمها فقد سبق خلال الازمة التي مر بها الوطن ان استغلت الظروف من قبل بعض ضعفاء النفوس، حيث اتخذنا قرارا باغلاق المقبرة لان المساحة المخصصة للقبور انتهت ولم تعد تستوعب الموتى باستثناء المساحة الجبلية الاخيرة (شرق الجبل) وهي منطقة صعبة اما دون ذلك فالمقبرة ممتلئة وقد وجهنا مذكرة الى السلطة المحلية ولكن كما قلت سابقا ان الخارجين عن القانون حاولوا بسط نفوذهم بالقوة داخل المقبرة.[c1]جريمة قانونية وأخلاقية[/c]وأكد ان المقبرة امتلأت ولا يمكن ان يقبر فيها أي شخص آخر وأي نوع من أنواع المحاولات للدفن في هذه المقبرة معناه الخوض في قبور الناس السابقة وهي جريمة قانونية وأخلاقية.واضاف: وكفانا قول النبي صلى الله عليه وسلم «لأن يجلس أحدكم على جمر أهون من أن يجلس على قبر» فاذا أكرمنا الموتى سنكرم في الغد.[c1]دور الأمن[/c]أما عن دور الأمن فقد قال: طبعا مررنا بعض المذكرات لكن للأسف الشديد كان دور الأمن سلبيا سواء بالافراج عن بعض المتهمين الذين حاولوا مع بعض الاشخاص ان يثيروا القلاقل وان يثيروا الرأي العام وذلك من خلال احضار عظام حيوانات واحراقها وتحميلها احد القبارين الذي كان يمنعهم من القيام بهذه العمليات.[c1]للقبر حرمة عظيمة[/c]وعند لقائنا باحد شيوخ دار الافتاء في مكتب الاوقاف والارشاد لمعرفة حكم الشرع في هذه القضية صرح بان للقبر في الشريعة الإسلامية حرمة كبيرة ولا يجوز لاحد التهاون فيه ولا الاعتداء عليه ولقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الجلوس على القبر تحريما شديدا فقد جاء في الحديث «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر». وهذه الحرمة تقتضي من المسلمين العناية بالقبر بالقدر الذي يحفظ للميت حرمته ويصون كرامته ولا يعرضه للأذى والامتهان وينبغي إحاطة المقبرة بسور يحفظها ويميزها عما حولها ويقيها من أذى العابثين.[c1]كلمة أخيرة[/c]وقال: نشكر كلا من الاخ مدير عام مديرية صيرة والاخ الأمين العام للمجلس المحلي في المديرية على الجهود الطيبة التي يبذلانها باعتبارهما السلطة المحلية الاقرب منا، مضيفا: اننا مستعدون للجلوس معهم ومع أئمة المساجد وكذا مع المشايخ والوجهاء لحل هذه الاشكالية بأقل ما يمكن، وافاد بان الأسوأ منها هو عدم بناء السور، علما باننا نريد ان نبني السور بأي طريقة كانت.. وذلك للتخفيف من الأعباء والمخاطر التي تحدث ومن ثم سيتم اصلاح ابوابها كاملة.