تونس / متابعات :سجلت السلطات الأمنية التونسية 23 حالة انتحار خلال شهر يونيو الماضي، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا مفزعا يدل عن حالة اليأس التي يعيشها المواطن التونسي وخاصة فئة الشباب.وكشفت وزارة الداخلية التونسية، في تقريرها الشهري حول الوضع الأمني في البلاد، عن تسجيلها لــ23 حالة انتحار خلال شهر يونيو ، بينها 11 حالة شنق أصحابها أنفسهم و9 حالات بإضرام النار في الجسد، وحالتان بتناول مواد سامّة أو أدوية.كما سجلت الوزارة في تقريرها، 3776 قضية سرقة و3652 قضية عنف و339 قضية مخدرات، كما رصدت 1001 حركة احتجاجية بكامل ولايات الجمهورية، منها 194 إضرابا عن العمل و44 حالة غلق طريق و32 حالة تعطيل لحرية الشغل و24 حالة قطع كهرباء أو ماء و10 حالات اقتحام لمقرات العمل و15 حالة حجز وسائل نقل.مؤشرات أمنية وصفها مراقبون بالمفزعة، وتدل على حالة احتقان اجتماعي واقتصادي وسياسي بالدرجة الأولى، فارتفاع حالات الانتحار والسرقة والعنف يدل على اليأس المستشري في فئات المجتمع التونسي، وخاصة فئة الشباب، وهي انعكاس لواقع اقتصادي صعب تعيشها البلاد منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 14 يناير 2011.وهو وضع جعل % 18 من الشباب التونسي يرى في عودة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إلى الحكم «حلا مناسبا للمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد حاليا في ظل حكم حركة النهضة الإسلامية وحلفائها»، بحسب دراسة قام بها المرصد الوطني للشباب، وهو مؤسسة حكومية تابعة لوزارة الشباب والرياضة التونسية، بالتعاون مع منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية بتونس، وأشارت الدراسة إلى أن «% 30 من الشباب التونسي يقترحون تنظيم انتخابات مبكرة، كحل لتجاوز الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد».وذكرت وزارة الداخلية التونسية في تقريرها الشهري إلى ارتفاع في رصد قضايا تعاطي وترويج المخدرات وخاصة لدى الأحداث وغير الراشدين، حيث كشف تقرير حكومي صدر أواخر يونيو الماضي، عن أن «50 بالمائة من تلاميذ المؤسسات التربوية بتونس جربوا مادة مخدرة بما في ذلك التدخين والكحول».ويرى الباحث في علم الاجتماع رمزي الزايري، أن «الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ سنتين والتي تعمقت خلال السنة الأخيرة أثرت سلبا على الوضع الاجتماعي والعلاقات بين الأفراد، وهو ما انعكس على الوضع النفسي للتونسيين، خاصة أصحاب البنية النفسية الهشة كالشباب والمراهقين وكبار السن».ويضيف الزايري «تنتشر حالات الانتحار والجريمة المنظمة دائما في المجتمعات التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة أو تلك التي يتعمق فيها الاختلال الطبقي بين فئات المجتمع كما تنتشر مثل هذه الحالات في مجتمعات الوفرة كفعل عبثي يعبر عن فقدان الأمل والهدف من الحياة، فالمؤشرات الأخيرة في تونس ليست بالخطيرة في الوقت الراهن غير أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إذا استمرت على هذا الحال فقد يتعمق الشرخ النفسي والاجتماعي».كما دفعت حالة اليأس التي تعيشها الفئات الشبابية التونسية إلى تأسيس حركة تمرد التونسية أواخر يونيو الماضي، والتي طرحت على نفسها مهمة إسقاط النظام القائم في البلاد، على حد تعبيرها.