رواية
الفصل الخامس/ الجزء التاسع عشرالتفت من في القاعة تجاه مدحت الذي استمر في ضحكته وكأنه أصيب بالجنون ثم نهض وهو يشيح بيديه قائلاً :-لا تلقوا بالا لما يجرى، أكملوا فقرات الحفل .ثم استدار لمواجهة حسن وهو يقول في لهجة غامضة وغريبة على شخصيته :-اعتقد أن بيننا حديث طويلأجابه حسن بابتسامة عريضة وهو يحاول أن يفهم ماالذي يجرى بخلد مدحت :-بكل تأكيد يا صديقي التفت مدحت إلى السيدتين وهو يقول بحركة استعراضية :-هل تتفضلون معنا لنكمل حفلتنا الخاصةوتحرك بسرعة إلى الغرفة الخاصة بالتجهيزات وبإشارة منه لتخلوا القاعة من العاملينلتبدأ المواجهة الأخيرة .... والحاسمةدلف الأربعة إلى الغرفة والتوتر يجتاح إسراء حتى أنها جلست على أول مقعد صادفها بعد أن عجزت قدماها على حملها وأغلق مدحت الباب وهو يلتفت إليهم بابتسامته العريضة :-حسن الصواف ... عدوي اللدودانعقد حاجبا حسن وهو يكمل :-والمنتصر عليك دائما يا مدحتغمز مدحت زوجته منال بشكل خبيث وهو يشير إلى منال قائلاً :-بالطبع والفضل يعود إلى زوجتي منال وعشيقتك الجديدةارتفع حاجبا حسن الصواف في دهشة وانفجر ضاحكا بدوره هذه المرة وابتسمت منال في سخرية وهي تجيب مدحت :-عشيقة من أيها الغبي، أنه أخي ... حسن الصواف أخيوهنا ارتفعت ضحكة حسن أكثر وأكثر وكانت المفاجأة من نصيب مدحت هذه المرة**************حاولت هند أن تحافظ على هدوئها أمام الضابط المسؤول في المطار ولكن جسدها ظل يرتعش كالعصفور في ليلة ممطرةورمقها الضابط في نظرات صارمة حتى سألها في خشونة :-هل توقعين على أقوالك يا آنسة هندأومأت هند برأسها ، فتراجع الضابط في مقعده ثم التقط سماعة الهاتف وأجرى اتصالا قصيرا لم تمض دقيقتان حتى دخل رجل ضخم الجثة إلى المكتب وهو يضع عددا من الأوراق أمام الضابط على مكتبه وهو يقول في سرعة :هذه قائمة المسافرين على الرحلة المتجهة إلى بروكسل سيادة العقيدأومأ العقيد برأسه وهو يجيبه قائلاً :-صلني بأحد المسئولين في هيئة الآثار واحضر مندوبهم الخاص في الحال.والتقط الأوراق من أمامه وهو يفحصها بدقة، فسألته هند في صوت خافت:-هل في مقدوركم أن تقبضوا عليهنظر الضابط إليها وهو يجيب في حزم-إننا لن نترك قطعة من تراب مصر تغادر بلادنا ... أبداًوكان يعنى ما يقول .تدلى فك مدحت السفلي كالأبله وهو يحدق في وجه زوجته وهو يكرر :-أخوك، ولكن، ولكن كيف ؟أجابه حسن في شماته :-أنها اختي من والدتي فقط أيها الأحمق، لم أكن أتصور انك بهذا الغباء الذى صور لك اننى اخونك مع أختىهز مدحت رأسه في قوة وكأنه ينفض الفكرة من رأسه وهو يصرخ :- ولكنها لم تخبرنى يوما بهذااجابته منال في كراهية :-هذا لأن والدك لم يرغب يوما في معرفة هذا، كما انه كان يرغب في حمايتك من أخي ألقى مدحت بجسده على المقعد وهو يكرر :-أنني لم اعد افهم شيئاابتسم حسن وهو يأخذ نفسا عميقا في استمتاع وهو يقول :-سأشرح لك يا صديقي، أن منال أختي من والدتي المصرية ولقد توفت والدتي منذ زمن بعيد كما تعرف، وكان والدي يتاجر في الآثار، وكان هذا سبب ثرائه الفاحش والمباغت، وعندما غادرت البلاد ، كانت هي من تتصل بي على فترات طويلة وقد علمت بأمر زواجك من أختي وكان تحت علمي وموافقتي منذ البداية، ونظرا للظروف الاقتصادية العسيرة التي مررت بها في الخارج، فقد كنت احتاج لتلك القطعة التي وضع والدك يده عليها منذ البداية ليضمن بها حياته وحياتك بعد زواجك بأختي ولكنه توفى بعد زواجكما بعام واحدثم التقط نفسا عميقا وهو يتأمل ملامح مدحت في شماته :-وكنت أنا في حاجة إلى ذلك الخاتم لأقوم ببيعه وأغطى تلك الديون التي أدين بها لبنوك بروكسل وكانت العقبة الوحيدة هو كيف الوصول إليه ... وكان هذا هو دورهاأتبع حديثه بالإشارة إلى إسراءهتف مدحت في خفوت :-ولكنها لم تكن تعلم بأمر الخاتم الأثريابتسمت منال وهي تقول :-لقد أخبرتها بكل شيء أيها الخائن، وكان هذا دليل خيانتك لي ولعائلتك ثم رفعت يدها لتخلع الخاتم الذي يزين إصبعها وتلقيه في وجه مدحت :-أما خاتمك أنت وعشيقتك لم يكن ذا معنى سوى لإثبات خيانتكنظر مدحت إلى إسراء وهو يرى دمعتها الصامتة على جبينها فسألها في لهجة تحمل الكثير من الرجاء :-هل هذا صحيح يا إسراء ؟أومأت إسراء برأسها في انكسار، فدفن مدحت رأسه بين يديه في صمت، فتابعت إسراء :-لقد احكم حسن الصواف حصاره علي، وقام بابتزازي بعد أن دفع احد الأشخاص إلى في مكان عملي ولفق إلي تهمة مخلة بالشرف واستخدم نفوذه للضغط علي، وعندما رفضت هددني بأنها سيقوم بخطف أختي وأخذ ابنتي مني وإدخالي السجن وصمتت قليلا ، ثم أكملت في صوت متهدج :-وكنت واثقاً انه لن يتورع عن فعل أي شيء للوصول إلى هدفهقاطعة حسن في شماتة :-ولكنك كنت تخفي الخاتم بمهارة تحسد عليها وأنت تعتبره كنزك الثمين ، وكان لا بد من إدخال إسراء إلى حياتك حتى تكشف لنا عن مكانهرفع مدحت رأسه إلى زوجته منال وهو يسألها :-ولماذا لم تخبريني ؟ضحكت منال في سخرية مريرة وهي تجيب :-أخبرك بأمر أخي الذي فر هاربا من بروكسل، أم أخبرك بأمر خيانتك لي وساد الصمت على المكان معلنا نهاية الجولة الأخيرة ***********ارتفع رنين الهاتف في غرفة الضابط والتقط سماعة الهاتف في سرعة واستمع في تركيز واهتمام شديد ثم أغلق السماعة وهو يتلفت إلى هند قائلاً في ارتياح :-لقد هبطت الطائرة في مطار شرم الشيخ ... لحسن الحظ أنها لم تغادر الأجواء وهنا فقط ، قفزت هند من مقعدها ، وارتسمت على شفتاها ابتسامة ارتيـــاح كبيرةوالتقطت هاتفها المحمول تكتب رسالة سريعةوتضغط أزرارها في قوة.يتبع....