رهان «الإخوان» الفاشل في مصر
القاهرة/ محمد عبدالواسع:بعد إعلان خارطة المستقبل التي اتفقت عليها القوى المدنية في مصر ومؤسسة الأزهر والكنيسة وحزب النور السلفي والقوات المسلحة المصرية أصيب التنظيم الدولي للاخوان المسلمين بصدمة كبيرة. وبدأ بإعداد خطة لمواجهة تداعيات ثورة (30 يونيو) الشعبية - غير المسبوقة في تاريخ مصر الحديثة وفي تاريخ البشرية عموماً- على مستقبل التنظيم الدولي للإخوان في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي.ومنذ اللحظة الأولى لإعلان خارطة المستقبل والشروع في تنفيذها بعزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي وتسليم شؤون إدارة الدولة للمحكمة الدستورية العليا وتعيين رئيسها المستشار عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للجمهورية، وقع المعتصمون في محيط مسجد(رابعة العدوية) ضحايا للمعلومات المضللة التي تصل إليهم عبر منصة كبيرة يديرها ابرز قيادات الإخوان الذين جعلوا من محيط جامع رابعة العدوية مخبأ لهم.لم تكتف المنصة بمحاولة رفع معنويات المعتصمين في رابعة العدوية وتحويلهم إلى رهائن في مساحة ضيقة لا تتسع لأكثر من مائتي ألف شخص، بل سعت إلى تغييبهم عن المشهد السياسي في مصر من خلال الإيحاء بأن الشعب المصري والعالم بأسره يطالب بإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي، كما سعت كذلك إلى تغييب الوعي من خلال بث الخرافات والخزعبلات التي تزعم بأن جبريل نزل إلى محيط رابعة العدوية وأوحى لقيادة (الاخوان) في منصة رابعة العدوية بأن الله سيعيد مرسي، وان الرسول جاءهم في المنام بجوار محمد مرسي عندما حان وقت الصلاة طلب من محمد مرسي بأن يؤمه ويؤم المصلين، وغير ذلك من المغالطات والخرافات التي يتم فيها استخدام الدين لاغراض دنيوية وسط صيحات التكبير والتهليل، التي ارتفعت أيضاً عندما وقف أحدهم من على المنصة ليخبر الحاضرين بأن بارجتين أمريكيتين دخلتا إلى المياه الإقليمية للقبض على السيسي وإعادة مرسي، حيث انبرى أحد المعتصمين صائحاً: تكبير!!! وتعالت بعده صيحات التكبير والتهليل.أما أهم ما اشتملت عليه خطة الإخوان في مواجهة مخرجات ثورة (30 يونيو) الشعبية، هو الزعم بوجود انشقاق داخل القوات المسلحة المصرية والمراهنة على ان مثل هذه الإشاعات لن ترفع فقط معنويات المعتصمين المحشورين في تلك البقعة الضيقة حول جامع رابعة العدوية في مدينة نصر، بل أن الوهم ذهب بهم بعيداً إلى حد الاعتقاد بأن هذا الرهان ممكن أن يتحقق بانقسام الجيش المصري.لكن (الإخوان) لم يحالفهم التوفيق في هذا الرهان لانهم اختاروا في شائعاتهم اللواء اركان حرب أحمد محمود وصفي قائد الجيش الثاني المصري والذي تقع ضمن صلاحياته مدن القناة (السويس، الإسماعيلية، بورسعيد) ونسي (الإخوان) أن قائد الجيش الثاني رفض تنفيذ قرار منع التجول الذي فرضه الرئيس مرسي على مدن القناة كما ورفضه أيضاً مواطنو بورسعيد والإسماعيلية والسويس الذين أحالوا ليلهم إلى نهار وأقاموا فيه المباريات الرياضية والحفلات الفنية في مشهد غير مسبوق تحت حماية الجيش الثاني الذي رفض قائده أوامر مرسى بفرض حالة الطوارئ على مدن القناة، بل انه قام بتشكيل فريق رياضي يمثل الجيش الثاني للمشاركة في دوري كرة قدم أقامه أهالي السويس في الليل تحدياً لقرار منع التجوال.والثابت إن قادة الإخوان المسلمين انزعجوا كثيراً من الظهور العلني لأركان الجيش الثاني وهو ينفي صحة المعلومات التي تقول انه انشق عن الجيش المصري وانضم إلى الشرعية الدستورية فردوا عليه بمحاولة اغتياله الفاشلة، ثم روّجوا عبر الكتائب الاليكترونية للإخوان المسلمين بان محمد دحلان هو الذي قام بترتيب محاولة اغتيال قائد الجيش الثاني بالتنسيق مع السيسي!!! لكن الأمر لا يقف عن هذا الحد، لأن الرهان على وهم انشقاق القوات المسلحة والرهان على الجيش الثاني تحديداً كان ينطلق من الرهان على محاولة البحث عن جيش يحمي مشروع (الإخوان) من خلال قائد منشق. وحين يلقي المرء نظرة على تكوين الجيش الثاني ومهامه ونطاق انتشاره ويربط بينه وبين مشهد رابعة العدوية في التجمع الخامس بمدينة نصر سيخرج بالملاحظات التالية:1) أن التجمع الخامس في مدينة نصر ومن بعده التجمع السادس جعلا مدينة نصر الواقعة في شرق القاهرة ممتدة إلى تخوم محافظة السويس التي تقع في نطاق مسرح عمليات انتشار الجيش الثاني.2) ان مطار القاهرة الذي يبعد ساعة واحدة فقط من مدينة الاسماعيلية عبر طريق مسفلت تقع مسؤولية حمايته أيضاً ضمن مهام الجيش الثاني.3) ان قناة السويس وخليج السويس ومدن القناة تعتبر المنافذ البحرية الرئيسية لمصر جنوباً (البحر الأحمر) وشمالاً (البحر المتوسط).4) أن الجيش الثاني ينتشر في منطقة غرب السويس فيما ينتشر الجيش الثالث في منطقة صحراء سيناء سينا شرق السويس وهو خط الإمداد الرئيس للجيش الثالث بالدعم اللوجستي، وقد راهن الإخوان على سيطرتهم على المنطقة من مطار القاهرة إلى مدن القناة حتى حدود سيناء، حيث يتم التخطيط في تلك الصحراء لتنفيذ مشروعات امبريالية صهيونية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتهديد الأمن القومي العربي والمصري.ومرة أخرى يفشل الإخوان في هذا الرهان مثل ما فشل رهانهم على التدخل الخارجي وتقسيم وتفكيك مصر الدولة ومصر الوطن ومصر الجمهورية، حيث لا وجود لفكرة الدولة وفكرة الوطن وفكرة النظام الجمهوري في أدبيات المشروع الإخواني الذي يطمح إلى أحياء نظام الخلافة.والاهم من كل ذلك فقد نسي « الإخوان» ان بناء الجيش الثاني تم بأمر من القائد الراحل جمال عبد الناصر بعد نكسة 5 يونيو 67م حيث اصدر قراره التاريخي ببناء الجيش الثاني الميداني على الضفة الغربية من قناة السويس ومقره القصاصين تحت قيادة الفريق الراحل احمد إسماعيل أول قائد للجيش الثاني الذي شارك في العديد من المعارك، بداية من الاستنزاف إلى نصر أكتوبر المجيد وكان قائد الجيش الثاني الميداني في حرب أكتوبر هو اللواء سعد مأمون ومن أهم المعارك التي خاضها تدمير المدمرة ايلات ومعركة تبت الشجرة في مدينة القنطرة شر ق الفردان.وتعاقب على قيادة الجيش الثاني الميدانى عدد من أبرز القادة مثل اللواء سعد مأمون و اللواء عبد المنعم خليل اللذين قادا الجيش الثاني خلال حرب أكتوبر 1973 وكذلك اللواء فؤاد عزيز غالي و الفريق عبد رب النبى حافظ و الفريق ابراهيم العرابى و الفريق صلاح عبد الحليم و المشير حسين طنطاوي والفريق مجدي حتاتة والفريق حمدي وهيبة واللواء عبد الجليل الفخراني واللواء مصطفى السيد محافظ أسوان الحالي واللواء أحمد حسين واللواء إبراهيم نصوحي واللواء جمال إمبابى و اللواء محمد حجازي و الفريق صدقي صبحي واللواء أحمد محمود وصفي قائد الجيش الحالي واللواء محمد الزملوط رئيس أركان الجيش، وكلاهما أعلنا انحيازهما للشعب المصري منذ إعلان الرئيس المصري المعزول فرض الطوارئ على مدن القناة وحتى اندلاع ثورة 30 يونيو حين خرجت الملايين في مدن القناة وكافة المدن والمحافظات المصرية للمطالبة برحيل مرسي على نحو ابهر العالم.