صالح محمد القعيطيالاخلاق الحميدة اساسية لصحة الجسم الاجتماعي وهي قيم ثابتة في روحها ومثل عليا في اهدافها وغاياتها لانها صالحة للانسان في كل زمان ومكان بغض النظر عن جنسه ونوعه ومكانه وزمانه وهي ان كان مصدرها الوحي في الاسلام فهي لا تتعارض مع العقل البشري وما يتفق عليه الناس في مجتمعهم وعرفهم لذلك فهي غير متغيرة في شكلها وروحها من ناحية لكنها دوماً متأقلمة مع المجتمع متطورة مع مقتضيات العصر ومستجدات الطبيعة البشرية من ناحية اخرى.والأخلاق هي عنوان الشعوب وقد حثت عليها جميع الأديان، ونادى بها المصلحون إذ هي اساس الحضارة ورفعة القيم في الأدب. كما قال الشاعر احمد شوقي/ (وإنما الأمم الأخلاق مابقيت فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا) ولعل اول الأخلاق الحميدة هي ابعاد النفس عن التكبر والإعتلاء بالذات كان نعتبر أنفسنا اعلى وأكبر من غيرنا فهذا لا يكون من الصحة بمكان الا اذا كنا من الأتقياء او الأوفياء ولا شك ان التقوى هي اولاً وقبل كل شيء احترام الآخر حتى وأن كان كافراً في عرفنا مع العمل بمكارم الأخلاق حتى نكون له القدوة المثلى. ولا يكون ذلك الا في جو من الحرية التامة بدون تحريم تصرف او تجريم رأي هما من باب الحريات العامة التي يؤمن بها هذا العالم المتطور الذي يحيط بنا.وكما سبق ان قلنا ان مثل هذا التعالي ليس إزدراء للآخر المختلف او للمذاهب والمثل غير الإسلامية. إذ أن الإسلام اولا وقبل كل شيء أخلاق عالية وصفات حميدة فبقدر ماهو يؤمن بعلو منظومته الأخلاقية بقدر ما يقدر أحقية الغير في الإنتماء الى اخلاقية اخرى بل هو لا يرفض ماصلح منها إذا أثبتت فضلها على الذات البشرية التي هي مقدسة في ديننا إذ أن الأخلاق الحميدة في الإسلام هي أخلاق كونية تراعي الذات البشرية جمعاء فالأخلاق الإسلامية هي الأخلاق والآداب التي جاء بها القرآن ودعمتها السنة النبوية وقد عرفها الشيخ محمد الغزالي رحمه الله بأنها:(مجموعة من العادات والتقاليد تحيا بها الأمم كما يحيا الجسم بأجهزته وعدده).فمن مكارم الأخلاق الصدق والأمانة والحلم والأناة والشجاعة والمروءة والمودة والصبر والإحسان والتروي والأعتدال والكرم والإيثار والرفق والعدل والحياء والشكر وحفظ اللسان والوفاء والشورى والتواضع والعزة والستر والعفة والتعاون والرحمة والقناعة والرضى فهل يقع التنصيص عليها كلها بالقانون ؟ اليست هي قائمة بذاتها بدون تنصيص لأنها في الطبيعة البشرية؟لذا فإن أعظم الأخلاق الحميدة وأغلاها قدراً ليست تلك التي تقرها الدساتير والقوانين بصفة شكلية فلا تعبأ بها البشرية بل هي تلك التي تجد في نفوس الناس الصدى والقبول الحسن بالعمل على الاخذ بها واحترامها بحذافيرها في حياتها اليومية. فمصدر الإلزام في الأخلاق الإسلامية هو شعور الإنسان بأن الله يراقبه، وإن لم يكن هو يراه فخالقه دوما يراه ..
الأخلاق الحميدة
أخبار متعلقة