رواية
الفصل الأول / الجزء الثالث توقفت لدقائق في الردهة وأنا أتأملها في صمت مستعيدا كل ما حدث منذ دقائق ..ثم أسرعت إلى غرفتي لأخرج منها أحد ملابسي القديمة وأنا أتأملها مبتسما، ثم انتقيت جلبابا فضفاضاً، وخرجت من الغرفة إلى حمام المنزل العتيق ، ومددت يدي لأشعل المصباح لأدخل سريعا تحت رذاذ الماء الفاتر وأنا أدندن بإحدى الأغاني التي اعشقها لموسيقار الأجيال ( عبد الوهاب ) شعرت مع الوقت كأني أزيل كل الشظايا من حياتي وأنا أقف تحت الماء ، حتى فرغت تماما وأنا امسك بالروب الأبيض القطني وارتديته وأتأمل جسدي في المرآة ضاحكا فقد بدا قصيرا وصغيرا على شكل مضحك وخرجت إلى غرفتي لأرتدي ملابسي في سرعة وانظر إلى المرآة متأملاً وجهي وشعري المبللولسبب ما، بدأت أتأمل الشعيرات البيضاء التي بدت مبعثرة على جانب فودي ، ثم بدأت تصفيف شعري في عناية مطلقا ذلك الصفير المتابع لنفس الأغنيةحتى انتهيت فاستدرت إلى مكتبتي الضئيلة بركن الحجرة بعد أن فرغت معظم محتوياتها التي قمت بنقلها إلى منزلي ملتقطا احد قصص الخيال العلمي المحببة إلى نفسي ، وجلست اقرأها في حماس غريبحتى دق جرس الباب ..فاعتدلت في حدة ، وأنا انظر إلى القصة والى الباب في حيرة ، ثم ألقيت بالرواية على الفراش لأنهض متجها إلى باب الشقة فتعثرت بأحد الكراسي بشكل غريب وسقط على الأرض متعثرا في ضجيج عالِِِِِِ .وتوقف جرس الباب للحظة ، وسمعت طرقات إسراء على الباب وهي تصرخ :-مدحت ، هل أنت بخير ؟أجبتها في صوت عالِ وأنا أحاول النهوض من سقطتي :-اجل أنا بخير، لقد تعثرت في ذلك الكرسي اللعينوترنحت من فرط الألم وأنا اذهب إلى الباب لأفتحه وأشاهد وجه إسراء يظهر من خلف الباب وهي تهتف في قلق :-هل أنت بخيرأشرت إلى الكرسي في غيظ وأنا أتمتم بكلمات لم افهمها :فابتسمت في حنان وهي تضع يدي على كتفها وهي تساعدني للوصول نحو اقرب كرسي صادفها لتجلسني في رفق وأنا أتأملها .وجلست إلى جواري، وشعرت بعطرها يلفحني في حرارة وهي تقول في خفوت :-هل تريد الذهاب إلى الطبيب ؟ضحكت وأنا أشير لها أن الأمر لا يستدعى حضور الطبيب، فتأملتني قليلاً ثم مدت يدها تتحسس خدي وهي تهمس :-هل احضر الطعام إلى هنا ؟سرت قشعريرة صغيرة في جسدي من لمستها وان انظر إليها طويلا متأملا عينيها في حب واضح ثم أجبتها في صوت غير مسموع :-المكان هنا غير مناسب .أومأت برأسها ونهضت وهي تمد يدها إلي ، ولكنى اعترضت في حرج وقد أبت رجولتي أن استند عليها للذهاب إلى شقتها ، ونهضت وأنا اخفي الألم وأشاهدها تتأملني في دقة ثم أجابت في بساطة وهي تسبقني إلى الباب :-هيا بنا إذن قبل أن يبرد الطعام .دخلت إلى شقتها في سرعة وأغلقت أنا باب شقتي، ودخلت إلى الشقة وأنا أغلق الباب في توتر لأجلس على مائدة الطعام في نهاية الردهة لأتأمل جميع الأصناف وأنا أتساءل كيف استطاعت إن تحضرها في هذا الوقت القصير ، حتى سمعت صوت أقدامها وهي تضع طبق الحساء المفضل لدي وتجلس إلى جواريفتململت في مقعدي وأنا أتساءل :-ألن تشاركنا هند الطعامهزت رأسها نافية وهي تجيب :-لقد غادرت مسرعة للحاق بأصدقائها ، لتسليم أحد أبحاثها اليوم .تساءلت مجدداً :-وابنتك ؟نظرت إلي إسراء للحظات ثم أطلقت ضحكة طويلة :-أنها نائمة يا مدحت ابتسمت في حرج وكأني طالب بليد وبدأت في تناول الطعام ، وكانت إسراء تصر أثناء تناولي الطعام أن تطعمني بيدها بين الفينة والفينة، وهي تحلف انه يجب أن ( لا أكسف يدها )، دون أن امنع عيني أن تقعا بين فترة وأخرى على صدرها البارز أمامي حتى انتهيت ولكنها أصرت أن تطعمني بيدها قطعة من الدجاج المحمر ، فالتقطها بفمي وأنا انهض بسرعة لأدخل إلى الحمام واغسل يدي، وذهني يعمل في سرعة لأقرر ماذا سأفعل بعد قليل، وقد بدأت اشعر بضرورة مغادرتي لهذا المنزل وأغلقت الصنبور في عصبية وأنا ابحث عن شيئ لأنشف يدي المبتلتين .فخرجت بخطوات سريعة وأنا أهم بمناداة إسراء، وإذا بي أجدها تقف أمامي مباشرة وهي تحمل منشفة بيضاء، مزينة بوردة حمراء جميلة وهي تبتسم قائلة :-ها أنا ذا .تأملت المنشفة في صمت وأنا اقترب منها لأتناولها وامسح يدي في بطء، فقد كانت تلك المنشفة من صنع يدها ، منذ أن كنا سويا ... منذ زمن بعيدثم زفرت في قوة وأنا ألقيى المنشفة على الكرسي المجاور لي وأنا التفت إلى إسراء وارفع ذراعي تجاهها قائلاً :-اشتقت لك يا إسراء، اشتقت لك كثيراً وبدون مقدمات التقطها بين ذراعي، وأحسست بدفئها وأنا أتحسس شعرها الناعملأنحني كالمسحور على شفتيها الرطبتين لأطبع قبلة طويلة ، حملت كل ما أخفيه من حب واشتياق ولوعة، وأحسست باشتياقها هي الأخرى في أحضاني وهي تضمني إليها في قوةوفجأة علت صوت شهقة مكبوتة انتفض لها جسدي، وابتعدت إسراء عنى في عنف وأنا التفت إلى مصدر الصوتلأجد شقيقتها الصغرى هند تقف عند باب المنزل متسعة العينين وهي تضع يدها على فمها غير مصدقة ليتجمد الموقف .تماماً . يتبع......