كلمات
إعداد الأستاذ / علي بن حسين على المعلم أن يعتني بكل من جاءه ليتلقى عنه العلم صغيرا أو كبيرا موهوبا أو غير ذلك ويصبر عليه حتى يكتشف قدراته فيعامله بما يناسب له ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة ولقد روى البخاري رحمه الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خطب في حجة الوداع قال أبو شاه : اكتبوا لي ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اكتبوا لأبي شاه ) ويعني ذلك اهتمامه بالآخرين. ومما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد درس وعلم أصحابه وعرفهم حق المعرفة وعلم عن قدراتهم حينما قال : ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح ) رواه البخاري . فعلى الإخوة المعلمين أن يتأسوا بمنهج محمد صلى الله عليه وسلم ويقتدوا بهديه في التعليم وأن يحاولوا التعرف على قدرات تلاميذهم حتى يتسنى لهم العطاء كل على قدر استطاعته وحتى يستطيع كل طالب بما يليق له من قدرات تتناسب مع مهام يكلف بها ليؤديها ، فطالب يصلح أن يحفظ وجهين وآخر نصف وجه وطالب يستطيع أن يعين المعلم على كشف الحضور والغياب والتسجيل وآخر لا يستطيع فهنا لا بد من مخاطبة الطلاب ومعاملتهم على قدر عقولهم .ومن واجبات المعلم العدالة وتكون من صفاته الأساسية في التسميع والتأديب بين الطلاب ومراعاة فروقهم الفردية التي وضعها الله فيهم ، فعلى العدل قامت السماوات والأرض وبه أوصى الله عباده ، قال تعالى : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) فلذا علينا معشر المعلمين أن نتحرى العدل ونقصده ، ونسعى إليه بين طلابنا وأن لا تظهر الميول والتقديرات الشخصية قدر الإمكان فالمحاباة والتفريق في المعاملة مما يمقته الطلاب وينفرون منه ومن صاحبه . وهي قضية لم تكن تغيب عن علمائنا الأوائل فتوارثوا إيصاء المعلم بالعدل ، قال الإمام النووي:(وينبغي أن يقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأسبق فالأسبق ، ولا يقدمه في أكثر من درس إلا برضا الباقين) . وقال ابن القيم الجوزية : ( إن الطالب المتعلم إذا سبق غيره إلى الشيخ ليقرأ عليه لم يقدم بدرسين إلا أن يكون كل منهم يقرأ درسين ) ، وعقد ابن سحنون باباً في ذلك ( ما جاء في العدل بين الصبيان ) ، وأورد فيه بإسناده عن الحسن قال : ( إذا قوطع المعلم على الأجرة فلم يعدل بينهم - أي الصبيان - كتب من الظلمة ). ومن باب الأمانة الاعتناء بطالب العلم والإصغاء إليه ، ومن ثم يلزم ويحجب الاهتمام بالأفراد الأقل ذكاء وخاصة في تعليم القرآن الكريم بجانب الطلاب المتميزين بدليل قول الله تعالى لما عاتب رسوله صلى الله عليه وسلم حينما عبس في وجه عبد الله بن أم مكتوم فقال الله : ( عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ، وما يدريك لعله يزكى ) ، حتى لا يكون إعراضا ولا صدا عن ذكر الله . ومن خلال التجربة في الحلقة يوجد طلاب صغار السن ختموا ثلاثة أجزاء واختبروا وكان من بينهم الضعيف فكنت أبدأ بهم الحلقة تلقينا وعرضاً للآيات الجديدة حتى اطمئن على حفظهم الصحيح ثم أوكل أحد الطلاب أو أكثر يتناوبون عليهم بالترديد الفردي والجماعي إلى أن أفرغ لهم مزيدا من الوقت في آخر الحلقة وأثناء قراءتهم مع أحد الطلاب على المعلم المتابعة التوجيهية بأن راجع يا فلان واحفظ أنت وأنت لست أقل من فلان والله أعطاك نعما فاستغلها سمعاً ، بصراً ، لساناً ، حتى بفضل الله اجتازوا الاختبارات بتقديرات ممتاز ، وجيد جداً ، وجيد . ونموذج آخر في عدم الاستحالة ولزوم بذل الجهد والصبر ، طالب متمتم في القراءة وخافت صوته لا يدري عن اللغة العربية شيئاً ( بدوي) كالأعجمي وحفظه ضعيف بفضل الله ثم بالمتابعة المستمرة وكثرة الترداد أصبح في القرآن يتغنى وعنده الشجاعة مقبل على الحفظ إلى العشرة أجزاء ، وهذا الأمر صعب والأصعب منه المحافظة عليه لأنه ما كمل شيء إلا نقص ).