نجمي عبدالمجيدكغيرها من المناطق السابقة في عهد النفوذ البريطاني على الشرق الأوسط ، لعدن من المرجعيات والدراسات في التاريخ البريطاني الكثير من المصادر عبر أكثر من قرن من الزمان ما يعزز قراءة هذا التاريخ ويعطي لكل حقبة منه مكانتها من تكوين عدن في العصر الحديث.والعودة للأرشيف البريطاني في هذا الموضوع، تجعل عملية إعادة كتابة تاريخ عدن في العهد البريطاني، تغير عدة تصورات وأحكام منطلقة من رؤية سلطوية، أكثر مما هي وليدة نظرة المعرفة الموضوعية التي تضع التاريخ والسياسة عند درجات من الوعي الحضاري.في هذا الاتجاه صدرت في بريطانيا عدة بحوث ودراسات عن عدن في فترة الحكم البريطاني ونذكر منها كتاب (عدن واليمن) للمقيم السياسي وأول حاكم في عدن برنارد ريلي الذي كانت فترة حكمه من عام 1930م حتى عام 1940م وكتاب «عدن» لحاكمها البريطاني توم هيكينيو تام الذي حكمها من عام 1951م حتى عام 1956م وكتاب «اليمن والغرب» لمؤلفه ايريك ماكرو وكتاب الباحث الأمريكي الدكتور برايتون بوش «بريطانيا والهند والعرب، 1914 ـ 1921» وكتاب المؤرخ البريطاني الدكتور غافين صادر عام 1975م وعنوانه «عدن تحت السيطرة البريطانية 1839 ـ 1967».وفي عام 1981 صدر في لندن كتاب «تاريخ عدن» للدكتور زكي حناكور هو عن الحقبة البريطانية وما زالت الدراسات والبحوث في هذا الجانب واسعة المجال لقيادة الفكر نحو المزيد من الحقائق.لم تكن عدن في السياسة البريطانية موقعاً جغرافياً، بل هي كذلك مسارات حدود من خلالها تجدد المسافات الفاصلة بين خصوصية عدن واختلاف الجوار، فكانت المعاهدات والاتفاقيات التي أوجدت لعدن أرضية الاستقرار وهي تذهب بها رؤية الغرب نحو العصر الحديث، ومن أرشيف تلك الحقبة نقدم نص هذه المعاهدة التي حررت في فترة حكم بريجيدير جاي ـ بلير من عام 1882م حتى عام 1885م.عدن ـ العبدلي ـ رقم «11» ـ 1882م رقم «11» اتفاقية مع السلطان العبدلي لشراء الشيخ عثمان «1882م».(هذه مواد معاهدة قائمة حالياً بين السلطان فضل بن علي محسن فضل العبدلي، سلطان لحج وملحقاتها، عن نفسه وأعمامه وورثته وورثتهم وخلفائهم، من جهة، والميجور جنرال فرانسيس لوخ،حاصل على الوسام العالي «سي. بي» والمقيم السياسي بعدن، نيابة عن حكومة الهند، من جهة أخرى.ورجوعاً إلى المادة «5» من معاهدة سابقة وقعت في 7 مارس 1849م بين ستافورد بتسورث هينس، كابتن في سلاح البحرية الهندية، والوكيل السياسي في عدن، نيابة عن حكومة الهند، والسلطان علي محسن فضل عن نفسه وورثته وخلفائه، تلك المعاهدة التي تم الاتفاق فيها أن تمتلك الحكومة البريطانية خورمكسر والمنخفض بينهما وجبال عدن والمكونة من البرزخ.. وبما أنه قد تم الاتفاق أيضاً على دفع مبلغ 541 ريالاً شهرياً للسلطان المذكور علي محسن فضل وورثته وخلفائه طالما ظل ولاؤهم وإخلاصهم وصداقتهم للبريطانيين، وظلوا ملتزمين بأحكام الاتفاقية بشكل قاطع، وبما أن السلطان فضل بن علي محسن عن نفسه وأعمامه وورثته وورثائهم وخلفائهم قد اتفقوا على أن تدفع الحكومة البريطانية خمسة وعشرين ألف ريال، وإضافة ألف ومائة ريال إلى المخصص الشهري المحدد (541) ريالاً، جزء منها كمقابل أرباح بيع الماء، وهو 600 ريال، والجزء الآخر وهو (500) ريال للملح نظير شراء كل الأرض الممتدة من شمال شبه جزيرة عدن ومحددة بخط يبدأ بنقطة على الشاطئ 16 ـ 1.5 ميل شرق الطرف الشمالي من خورمكسر، ويمتد شمال شرق إلى الشمال 4 ـ 7.1 ميل إلى نقطة على الساحل.ومن هنا تمر الحدود 4 ـ 3.1 ميل من البحر غرباً إلى نقطة قرب العمادة، ومن هذه النقطة تمتد الحدود عبر نقطة وهمية على بعد ميل واحد شمالاً من وإلى الشيخ عثمان، وتمتد إلى نقطة على ضفة وادي تبن بعمق ميل إلى الداخل، وتستمر الحدود من هذه النقطة جنوباً إلى جنوب غربي البحر.المادة «1» هذا إقرار من السلطان فضل بن علي محسن فضل أن المبالغ التي تسلمها بموجب هذه الاتفاقية من الحكومة البريطانية، وهي 25500 ريال، منها 1100 ريال مقابل تنازله وأعمامه وورثته وخلفائه للحكومة البريطانية عن كل ذلك الجزء من أراضيه والمحدد أعلاه واعتباره ضمن الأراضي البريطانية، ويلزم السلطان فضل علي محسن نفسه وأعمامه وورثته وخلفاءه أن لا يطالب مستقبلاً بهذه الأراضي أو يطالب باي إيراد يتحقق منها.المادة «2» أن المقيم السياسي الميجور جنرال فرانسيس لوخ سي، بي، وبموجب الصلاحيات المخولة له، يعد وعداً قاطعاً باسم صاحب السعادة الحاكم العام في المجلس أن يدفع للسلطان فضل بن علي محسن فضل ولورثته وخلفائه مبلغاً شهرياً يقدربـ 1641 ريالاً.المادة «3» يعلن السلطان فضل بن علي محسن فضل، من جهة، والميجور جنرال فرانسيس لوخ، المقيم السياسي بعدن والمخول بكافة الصلاحيات اعتبار الاتفاق الموقع في 7 مارس 1867م بشأن شبكة أنابيب المياه بين الشيخ عثمان وعدن والموقعة بين السلطان فضل محسن من جهة واللفتنانت كولونيل دبليو ال مير بوتر والمقيم السياسي في عدن، من جهة أخرى، لاغياً.المادة «4» بما أن سلطان لحج يملك الحق في جباية الضرائب على البضائع التي تدخل عدن عبر أراضيه، فيسمح له بجباية ذلك «كما هو الحال الآن» داخل الأراضي التي خضعت لبريطانيا، وبنفس التعريفة الجمركية المنصوص عليها في معاهدة عام 1849م.المادة « 5» إذا فر أحد جنود سلطان لحج إلى الأراضي البريطانية، وطلب من قبل السلطان فعلى المقيم أن يعيده، وعلى المقيم أيضاً أن يعيد إلى لحج رعايا السلطان الذين يلجؤون إلى الشيخ عثمان أو العماد أو عدن لارتكابهم مخالفات جرت العادة لدى الحكومة البريطانية ترحيلهم بسببها بناء على طلب من السلطان.وتسري نفس المعاملة على الجنود أو الرعايا الفارين من عدن إلى لحج أو أي جزء من أراضي السلطان إذا ثبتت المسوغات المعقولة لدى السلطات البريطانية بطلب عودتهم إلى عدن. المادة (6) إذا طلب المقيم خدمات أي فرد من العبادلة، فيتم ذلك عبر السلطان. وفي حالة استقالة أو فصل من العبادلة وطلب استبداله بآخرين، فلا بد أن يتم ذلك عبر السلطان أيضاً .المادة (7) تخضع أراضي السلطان فضل بن علي محسن فضل وورثته وخلفائه للحماية البريطانية من تاريخ هذه الاتفاقية. حررت في الشيخ عثمان يوم الاثنين، السادس من فبراير 1882م، الموافق السابع عشر من ربيع الأول 1299هـ ، سلطان لحج وملحقاتها. بحضور: اف . ام. هنتر، ميجور، مساعد المقيم السياسي في عدن. عمر حسين محمد الوحش حررت في عدن يوم الثلاثاء، السابع من فبراير عام 1882م، الموافق الثامن عشر من ربيع الأول 1299هـ. فرانسيس لوخ، ميجور جنرال المقيم السياسي في عدن.بحضور: اف. ام. هنتر، ميجور، مساعد المقيم السياسي في عدن. ريبون، نائب الملكة والحاكم العام لحكومة الهند. تم التصديق على هذه الاتفاقية من قبل صاحب السعادة نائب الملكة والحاكم العام لحكومة الهند في كلكتا في اليوم السابع من مارس 1882م. سى جرانت، سكرتير حكومة الهند دائرة الشؤون الخارجية). لم تكن سياسة ترسيم الحدود الجغرافية مجرد وضع علامات على الأرض بل هي تحديد هوية وتأسيس كيان وذلك ما سعت إليه بريطانيا وهي تدرك أن لعدن من الصفات ما يجعلها صاحبة خصوصية في مشروعها السياسي والاقتصادي الذي تسعى إلى وضع ركائزه في هذه المنطقة ما بين الأعوام 1872م ـ 1876م حددت بريطانيا مناطق نفوذها في الجنوب عبر الحدود الجغرافية، وعقدت عدة معاهدات مع قبائل في المناطق الجنوبية، وبالعودة إلى خرائط تلك الحقبة ونظرنا لها سياسياً وتاريخياً، سوف ندرك السبب الذي جعل الرؤية البريطانية تعقد مع قبائل العبدلي والصبيحي والفضلي ويافع والعوالق والحوشبي وغيرها تلك المعاهدات، نجد أراضي هذه القبائل تشكل حماية قوية من جهة البحر لمستعمرة عدن الهامة من الناحية الاستراتيجية الحربية، وتعد منطقة عازلة تمر حدودها أساساً عبر جبال تمتد سلاسل فاصلة، الأمر الذي يحول دون التغلغل إلى عمق محمية عدن من ناحية المؤخرة، ويهيئ في نفس الوقت لبريطانيا أن تضع فكرة مد جسر للتواصل مع ابعد المسافات على الجغرافيا الأرضية، لذلك كانت عملية شراء الشيخ عثمان من أهم الأعمال السياسية في المشروع البريطاني حتى يتجدد شكل عدن القادم. في أواخر عام 1901م قررت حكومة بريطانيا والدولة العثمانية تشكيل لجنة لتحديد رسم مناطق الحماية لعدن والفاصلة بين ولاية اليمن ومحمية عدن، وحتى عام 1902م ظل النفوذ العثماني في اليمن يسعى لوضع يده على بعض الأراضي في الجنوب، ماعدا عدن والمناطق المتاخمة لها، غير أن حكومة عدن البريطانية أصرت بدورها على جعل حدود أراضي تلك القبائل ضمن نفوذها، وقرر المسؤولون في لندن ترسيم هذه الحدود، الاستفادة من نتائج المسح الطوبوغرافي الذي أجراه في اليمن ضابط بريطاني في 1891م ـ 1891م، حتى تضع مناطق القبائل سابقة الذكر في إطار العمق الجغرافي لعدن. حول هذا المصير يقول الباحث البريطاني جون ولينكسون في كتابه (حدود الجزيرة العربية قصة الدور البريطاني في رسم الحدود عبر الصحراء) وما لعدن وموقعها في تحديد حالة الوضع في الانتقال التاريخي ما بين القيادة والصناعة حيث يقول: (الاهتمام التركي بتلك المنطقة بدأ منذ القرن السادس عشر.. ثم تزايد الاهتمام وكانت أول مظاهره سنة 1840م وما بعدها .. حيث تطلع الأتراك إلى الساحل وفي سنة 1850م حاول الأتراك الاستيلاء على مقالة وشهر بقوة قوامها 800 رجل من أبناء العائلات والقبائل المحلية.. ولكن لم يكتب لتلك المحاولة النجاح. ومرة أخرى وبعد ما فشل الأتراك في الاستيلاء على صنعاء، حولوا أنظارهم باتجاه الساحل الجنوبي وحاولوا الاستحواذ على مقالة ونشأ عن هذا الوضع تعقيدات ومشكلات مختلفة وانتهى الميناء إلى أيدي حاكم المنطقة الذي وقع اتفاقية عدم انحياز مع بريطانيا في سنة 1882م وقبل وضع المحمية في سنة 1888م وأعترف بحاكم المنطقة كسلطان في سنة 1902. ومع نهاية حرب 1918م وحتى يتسنى مواجهة المكائد والدسائس التركية وأيضاً مواجهة إمام اليمن. وقبل أهل المنطقة الحل البريطاني والاعتراف بالحكم الذاتي على الكثيري ولكن في إطار الاعتراف بسيادة السلطان عليهم وأصبحت منطقة الكثيري تابعة من توابع بريطانيا وظلت منطقة حضرموت محل شكوك في نظر الخارجية البريطانية حتى عام 1933م عندما أمكن حل الموضوع بالاعتراف بالمنطقة كامتداد للاقليم التابع لسلطان مسقط وعمان في ظفار وكان للتوسع التركي والسيطرة على المناطق الحدودية لعدن في مطلع القرن تأثير إلى حد كبير على مستقبل محمية شرق عدن وحدودها. ولعل أحد تلك المظاهر ذات الدلالة لهذا الأمر، هو النزاع الحدودي الذي سيقع مستقبلاً مع اليمن).أما في كتابات هارولد انجرامز البريطانية والتي تقدم العديد من صفحاتها التاريخية معارف عن عدن في أطوارها السياسية، وهو الذي شغل عدة مناصب، ضابط سياسي في مستعمرة عدن عام 1934م، المستشار المقيم البريطاني في المكلا من 1937م حتى عام 1944م، حاكم عدن بالانابة عام 1940م، الوكيل الأول لحكومة عدن من 1940م حتى عام 1942م . مما جعل لكتاباته عن عدن مرجعية في التاريخ البريطاني فقد كان من الشخصيات السياسية البريطانية التي ساهمت في صناعة القرار السياسي المتصل بعدن وما تمتد حول المسافات في إدارة العمل. بينما كانت الدولة التركية تصارع من أجل السيطرة على عدة مناطق يمنية، بدأت عدن استعادة دورها القديم كموقع جغرافي تجاري بعد عام 1839م ، وقد أشار انجرامز في كتابته عن عدن،إلى انه منذ ذلك التاريخ أخذ قادة العمل السياسي في حكومة بومباي البريطانية يجدون في أثر مصالحهم المتصلة بتجارة الفحم ، وقد ساعدهم في ذلك التجار العدنيون، وعرف هينس منذ البداية كيفية التفاهم مع القبائل المحيطة والمسيطرة على المناطق القريبة من عدن، لانها قادرة على عرقلة التجارة البرية ووصول مختلف الحاجات المطلوبة في اسواق عدن، وبعد ذلك تأخذ الصورة فيها وجهاً آخر عندما تصل المسافات إلى ائمة اليمن ومناطق التصارع على محمية عدن.ونعود مرة اخرى إلى إحدى المعاهدات البريطانية التي شكلت خط دفاع وحماية لعدن وهذه المعاهدة هي: عدن، الفضلي، رقم (26) ـ 1888م رقم (26) معاهدة حماية مع الفضلي ـ 1888م.(لقد سمت وعينت الحكومة البريطانية البريجادير جنرال آدم جورج فوريس هوج، سي . بي، المقيم السياسي في عدن لابرام اتفاقية حماية، وذلك رغبة من جانبها وأحمد بن حسين الفضلي، سلطان شقرة وبلاد الفضلي وملحقاتها لتوطيد عرى الصداقة والأمن والاستقرار.ان البريجادير جنرال آدم جورج هوج، سي. بي، والسلطان احمد بن حسين الفضلي اتفقا على ابرام الاتفاقية بالشروط التالية:المادة (1): تتعهد الحكومة البريطانية ببسط حماية صاحبة الجلالة الملكة الامبراطورة على شقرة والاراضي التابعة للفضلي ومحلقاتها التي تقع تحت سلطنته على رغبة الموقع أدناه السلطان أحمد بن حسين الفضلي.المادة (2): يوافق السلطان أحمد بن حسين الفضلي ويعد عن نفسه وخلفائه ان يمتنع عن الدخول في أية مراسلات أو اتفاقيات أو معاهدات مع أية أمة أو دولة اجنبية إلا بمعرفة وموافقة الحكومة البريطانية، كما يعد ان يبلغ فوراً المقيم السياسي في عدن أو أي ضابط بريطاني آخر عن أية محاولة من أية دولة أجنبية للتدخل في شؤون شقرة أو ملحقاتها.المادة (3): يلزم السلطان المذكور أحمد بن حسين الفضلي نفسه وورثته وخلفاءه وإلى الأبد، بألا يتنازل عن أو يبيع أو يرهن أو يعهد أو يؤجر أو يتصرف بأية صورة في أراضي الفضلي أو أي جزء منها، في أي وقت لأية دولة ما عدا الحكومة البريطانية.المادة (4): يسري مفعول هذه المعاهدة من تاريخ تحريرها. وبحضور الشهود تم التوقيع ووضع الاختام في عدن اليوم، الرابع من اغسطس عام 1888م. أ. جي. أف. هوج، برديجادير جنرال المقيم السياسي.الشهود: أي. في. ستاس، ليفتنانت كولونيل مساعد أول بالوكالة للمقيم السياسي. أحمد بن حسين.الشهود: عبدالله بن ناصر، حسين بن احمد، أم. اس. جعفر، المساعد المحلي للمقيم السياسي.لانسد اون نائب الملكة والحاكم العام لحكومة الهند.تم التصديق على هذه المعاهدة من قبل نائب الملكة والحاكم العام لحكومة الهند في المجلس في فورت وليام في السادس والعشرين من فبراير 1890م.دبيلو. جي كننجهام، السكرتير لحكومة الهند ـ دائرة الشؤون الخارجية).هذه المرجعيات تقدم لنا صوراً عما كانت عليه عدن في تلك المراحل من التاريخ البريطاني في المنطقة وهي مساحة من الزمن جرت فيها من الاحداث ما غير اتجاهات ومواقف وهي بحاجة للعودة إلى الارشيف البريطاني حتى نصل إلى اكبر قدر من الوثائق لندرك عمق التحول الذي جرى في عدن بدخول بريطانيا.
|
ثقافة
عـدن فـي الـتـاريـخ الـبـريطـاني
أخبار متعلقة