كلما أطل علينا يوم الثاني والعشرين من مايو، أحسسنا بأننا نتمتع بروح قوية، روح يملؤها الصمود والتحدي والنضال.. كيف لا وفي هذا اليوم العظيم حققنا ما عجز عنه الاخرون.. فحينما كان العالم يتجه للتفكك، اتجهنا نحن نحو الوحدة.في الايام الماضية وعلى مدى اسبوعين أحسست مجددا بحجم الوطن وانه غال على القلب، فعندما كنت في الجزائر في مؤتمر علمي، لم يفارقني وطني لحظة واحدة.. رغم انطفاء الكهرباء، ورغم التقطعات، ورغم رغبة البعض في الاقصاء.. رغم ورغم ورغم .... آهات كثيرة يئن من وطأتها الوطن، الا انه حبيب على القلب لا يمكن فراقه.إنه احساس كل يمني تربى على تربة وطنه المعطاء، ذلك الوطن الذي لم يرد له مواطنوه -بعد- جزءا مما يستحقه.. فالوطن اسمى من التناحرات، واكبر من الشخصيات، وابقى من الاحزاب.. إنه وطن المساكين الذين يحبونه من غير مصلحة، ويعشقونه بدون مقابل، ويدافعون عنه بروحهم لأنهم لا يملكون غيره.الوحدة هي الروح الخالدة التي لن تفنى، فهي تسكن قلوب الشرفاء في هذا الوطن.. إنهم الشرفاء الذين يشاركون وطنهم محنته، لا اولئك الذين يتاجرون به في كل محفل خارجي، وبطبيعة الحال ليسوا المتاجرين بدماء ابنائه وأقواتهم، من أجل أن يبقوا ولو فني جميع المواطنين.الوحدة قامت من أجل لم الشمل، وإزالة الفوارق، وبناء وطن يستطيع أن يعيش بين الكبار، لأنه يمتلك كل مقومات العيش الكريم.. ولهذا فإن العيب فيما وصلنا له الآن ليس في الوحدة كغالية سامية، بل فينا كأفراد أردنا أن نستأثر بخيرات الوحدة لنا وحدنا، فيما يذهب الباقون الى حيث لا أمن ولا عيش هانئ.علينا إن اردنا أن تبقى روح الوحدة متقدة في أرواحنا، أن ننسى الماضي، ولكن هذا النسيان لا يعني عدم رد المظالم لأصحابها.. فتصحيح المسار يبدأ بالاعتراف بالخطأ ويستمر حتى ازالته واستبداله بكل ما هو صحيح.. ولكن بالمقابل كما اعترفنا نحن في الشمال بأخطاء البعض فعلى الاخوة في الجنوب -البعض- الا يستمروا في إهانة كل ما هو شمالي، لأنهم بذلك يرتكبون نفس الخطأ الذي أخل بمبادئ الوحدة، ويعمقون الجرح الذي بدأ يلتئم.إن هذا العيد 23 الذي نحتفل به يأتي في حقبة زمنية صعبة ليس لليمنيين فقط بل للعالم كله، ولعل اليمنيين هم افضل حالا من غيرهم، كونهم استطاعوا ان يفهموا المعنى الحقيقي لما يسمى بالربيع العربي، فسايروه وفق نهجهم التسامحي، وهذا ما جعلنا نمضي نحو التغيير المرتكز على عدم الغاء الماضي لأنه استمرار للمستقبل.نكتب اليوم ونحن نعيش في ظلام اراد من خلاله البعض أن ننسى الفرحة بهذا اليوم، ولكن الظلام سيلفهم ومن يدعمهم، أما نحن فنور الوحدة الذي افرحنا قبل 23 عاما، هو ذاته من سيجعلنا نواصل الفرح، وسنرقص على رؤوسهم الظلامية... لأن المخربين يستطيعون أن يقطعوا اسلاك الكهرباء، ولكنهم سيعجزون عن بتر شرايين حبنا لوطننا.شكرا لكل من حقق الوحدة وحافظ عليها، وشكرا لكل من صبر على أذية البعض تحت مسمى الوحدة- وهي منه براء- وسحقا ثم سحقا للمأجورين والمخربين والفاسدين، ولكل من يظن أنه وصي علينا باسم الدين أو النضال أو المال... كل عام والشعب اليمني بألف خير.
|
مقالات
الوحدة .. روح اليمنيين
أخبار متعلقة